قام المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بخطوة كبيرة حين طلب إصدار مذكرات توقيف بحق قادة في إسرائيل وحركة حماس.
لكن ماذا يعني ذلك من الناحية العملية وما هي احتمالات محاكمة هؤلاء الأشخاص في لاهاي؟
ما تأثير ذلك؟
وجه مدعي المحكمة الجنائية الدولية كريم خان تهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية تشمل «التجويع» و»القتل العمد» و»الإبادة و/أو القتل، ضد اثنين من كبار المسؤولين الإسرائيليين: رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت.
كما طلب خان إصدار مذكرات اعتقال بحق ثلاثة من كبار قادة حماس هم يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي للحركة في غزة، ومحمد دياب إبراهيم (ضيف)، قائد كتائب القسام الجناح العسكري للحركة، وإسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي للحركة، بتهم «الإبادة» و»الاغتصاب» و»العنف الجنسي» و»احتجاز رهائن». وحول الطلب المتعلق بمسؤولين اسرائيليين والذي نددت به الدولة العبرية وحلفاؤها، أشارت إيفا فوكوسيتش، الأستاذة المساعدة في جامعة أوتريخت الهولندية، إلى أنها «المرة الأولى التي يجد فيها صديق للغرب نفسه في هذا الوضع».
وأكدت كيرا ويغارد، الباحثة في القانون الدولي بجامعة لوفان البلجيكية، أن «التأثير الحالي (...) ملموس بالفعل: فقد أصدرت العديد من الدول بيانات أعربت فيها عن تأييدها أو معارضتها لإعلان المدعي العام».
وأوضحت أن «التأثير الحقيقي لن يتحقق إلا عندما تقرر الدائرة التمهيدية إصدار مذكرات التوقيف».
ما الخطوة التالية؟
أحيل الطلب الآن على لجنة مكونة من ثلاثة قضاة لتقرير ما إذا كانت الأدلة تفي بالمعايير المطلوبة لإصدار مذكرات توقيف.
ويستغرق اتخاذ مثل هذا القرار بشكل عام شهرًا على الأقل وربما أكثر نظرًا لحساسية الأمر.
وأشارت فوكوسيتش إلى أن إصدار مذكرات التوقيف تم بالاستناد إلى «أسباب وجيهة» لكنها، بحسب الباحثة، «ضعيفة للغاية».
وأكدت «أنتظر بالتأكيد أن يجتاز المدعي العام هذه العقبة» فأعضاء النيابة «ليسوا أغبياء» مضيفة «من المؤكد أنهم جعلوا الملف مضموناً، وإلا سيشكل ذلك احراجاً كبيراً لمكتب المدعي العام».
توقيف؟
ليس لدى المحكمة الجنائية الدولية شرطة خاصة بها لتنفيذ أوامرها.
وفي حال قرر قضاتها إصدار مذكرات التوقيف هذه، إلا أن ذلك لا يعني من الناحية النظرية إلزام أي دولة من الدول الأعضاء الـ 124 في هذه الهيئة القضائية بتوقيفهم في حال زاروا أراضيها.
ونادرا ما تقوم الدول الأعضاء بتنفيذ مذكرات التوقيف، خصوصا عندما يتعلق الأمر برئيس دولة.
على سبيل المثال، تمكّن الرئيس السوداني السابق عمر البشير من زيارة عدد من الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية بما فيها جنوب إفريقيا والأردن رغم أن المحكمة كانت قد أصدرت مذكرة توقيف ضده.
ورغم إطاحته في العام 2019، لم يسلّمه السودان.
وإسرائيل، مثل الولايات المتحدة والصين، ليست عضوًا في المحكمة الجنائية الدولية.
واشارت فوكوسيتش إلى أنه سيكون من الصعب على الأفراد المستهدفين السفر إلى إحدى دول الاتحاد الأوروبي.
هل سبق إدانة قادة؟
تمت محاكمة العديد من القادة السياسيين والعسكريين بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
ففي 2012، دانت المحكمة الجنائية الدولية رئيس ليبيريا السابق تشارلز تايلور بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وتوفي الرئيس اليوغوسلافي السابق سلوبودان ميلوشيفيتش في زنزانته في لاهاي عام 2006 أثناء محاكمته بتهمة الإبادة الجماعية في محكمة جرائم الحرب اليوغوسلافية.
وأوقف رئيس جمهورية صرب البوسنة السابق رادوفان كرادجيتش في العام 2008 ودين بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، فيما سجن قائده العسكري راتكو ملاديتش في العام 2011 وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة.
وشددت فوكوسيتش على أن «الإجراءات القانونية طويلة والأمور غير الممكنة اليوم قد تصبح ممكنة في المستقبل».
هل هناك خيارات أخرى؟
لا تستطيع المحكمة الجنائية الدولية محاكمة المشتبه بهم غيابيا، لكنها تملك وسائل أخرى للمضي قدما ببعض القضايا.
ولا يزال جوزيف كوني، زعيم مايسمى بجيش الرب للمقاومة الذي شن تمردا داميا في أوغندا، طليقاً منذ 20 عاماً.
وفي سابقة، أعلنت المحكمة التي أنشئت عام 2002 للحكم على أسوأ الفظائع المرتكبة في العالم، في مارس أنها ستعقد جلسة استماع غيابية في أكتوبر المقبل ما لم يمثل بحلول ذلك الوقت.
ما المحكمة الجنائية الدولية؟
قال مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إنه طلب إصدار أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي وثلاثة من قادة حركة (حماس) بتهمة ارتكاب جرائم حرب مزعومة وجرائم ضد الإنسانية.
فيما يلي بعض الحقائق عن المحكمة الجنائية الدولية:

  • تأسست المحكمة الجنائية الدولية عام 2002 للمحاكمة في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية والعدوان حين تكون الدول الأعضاء غير راغبة أو غير قادرة على الاضطلاع بذلك بنفسها. ويمكنها إجراء الملاحقات في الجرائم التي يرتكبها مواطنو الدول الأعضاء أو التي ترتكبها أطراف أخرى على أراضي الدول الأعضاء. وتضم المحكمة 124 دولة عضوا. وتبلغ ميزانيتها لعام 2024 نحو 187 مليون يورو.
  • تجري المحكمة 17 تحقيقا تمتد من أوكرانيا ودول أفريقية مثل أوغندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وكينيا إلى فنزويلا في أميركا اللاتينية ودول آسيوية، مثل ميانمار والفلبين، بحسب موقعها على الإنترنت.
  • يقول موقع المحكمة إن هناك حتى الآن 31 قضية مطروحة أمام الجنائية الدولية، وإن بعض القضايا بها أكثر من مشتبه به واحد. وأصدر قضاة المحكمة أكثر من 40 أمر اعتقال.
  • هناك 21 شخصا في مركز الاحتجاز التابع للمحكمة، وقد مثلوا أمامها. وما زال 17 شخصا لم يلق القبض عليهم. وأُسقطت اتهامات موجهة إلى سبعة أشخاص بسبب وفاتهم. وأصدر القضاة 10 إدانات وأربعة أحكام بالبراءة.
  • من بين الإدانات العشر، تعلق خمس منها فحسب بجرائم الحرب الأساسية وجرائم ضد الإنسانية نظرت فيها المحكمة، بينما تعلقت إدانات أخرى بجرائم مثل التأثير على الشهود. والمدانون الخمسة جميعهم قادة ميليشيات أفارقة من جمهورية الكونغو الديمقراطية ومالي وأوغندا. وتراوحت الأحكام بين تسع سنوات إلى 30 سنة في السجن. وأقصى عقوبة سجن ممكنة هي السجن مدى الحياة.
  • المحكمة تحظى بدعم كثيرين من أعضاء الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، لكن قوى أخرى مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا ليست أعضاء وتتذرع هذه الدول بأن المحكمة قد تُستغل في محاكمات ذات دوافع سياسية.
  • إسرائيل ليست عضوا في المحكمة ولا تعترف بولايتها القضائية، لكن الأراضي الفلسطينية أصبحت دولة عضوا فيها عام 2015. وفي عام 2021، فتحت المحكمة تحقيقا رسميا في مزاعم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وقال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان في أكتوبر العام الماضي إن للمحكمة سلطانا قضائيا على أي جرائم حرب يحتمل أن يكون مقاتلو حماس ارتكبوها في إسرائيل أو ارتكبها إسرائيليون في قطاع غزة.


---
جريدة الرياض
http://www.alriyadh.com/2076751]لقراءة الخبر كاملاً فضلاً اضغط هنا[/url]