قصة كنت قد نشرتها قبل سنوات مضت وقد علق عليها أشادة بعض ابطال العصر الذهبي امثال الفنان دريري كباشي والكاتب الرائع اشرف السعيد والاستاذ ابو خالد اتمنى ان يرجع هؤلاء وغيرهم للمنتدى لانه بالجد فقد عظيم فقدنا انتاجهم وعمق كتاباتهم
الثورة والعشق الخرافي
((قصة قصيرة))
كانت عينياي مفتونة بالنظر اليها ..... فيما أنها كانت تمارس نوعاً من الطقوس
على الشكل الذي يُظهرها كأنثى ،..فتدعي الغفلة وتُرسم ملامح الغضب الكاذبة و تتماهي
في كبرياء…... النظر اليها يأخذني بعيداً....وهي تحدق بوجهي كثيراً ..................وكلما أرخيتُ بصري عمقتْ نظراتها صوبي في غفلةٍ من كثرةِ الفضوليين الذين يكونون بالجوار ........... عيناها تثقبان القلب وتتركانه داميا وتمضيان دون أن تسعفاك بكلمة .............كنت انتظر لحظات مرورها على أحر من الجمر لأحدق فيها دون ان تراني ....ولكن دائماً تمضى تاركة خلفها عباراتي تتحشرج في حنجرتي
كانت تخطو بخطوات تُهز الأرض والقلوب الكل يلاحقها بنظرات متباينة000فهناك الطامع...... والرافض ......والعاشق ......وهى غير مبالية تركض في خفة وجمال الى ((حي القندرانيات)) 00كفراشة ضلت طريق الزهر000 الكُل متربص أما هي فجامحة كالمهر الاصيل يتهادى في كبرياء .............................ذات صباح لحقتها و اتخذتُ مجلساً قبالتها.
أردت ان أوجه إليها كل ما يقلقني من أسئلة..... ولكني صمتُ ..... وأحسست بمشاعر غامضة تغمرني وبفيضٍ هواجسٍ متدفقة، من العيون .....وكان ذلك ساحراً ..
نعم هي رأت فارسها الشاب............... فتيً أسمر اللون نحيل 00 عيناه جاحظتان ... وسامته ثورة" وجنون........مثقفٌ ..مسكونٌ بالعشقِ والسحرِ
((القندرانيات)) المكان الذي شهد أول اللقاءات، فقد شهد معي أجمل اللحظات التي لا انساها مع ((جدية )) تصورت أنني قد أقابلها في أي مكان غير هذا التجمع السافل السافر الذي يعجُ بالسائقين ومساعديهم القادمين من الشرق والغرب.... هذا القاع الغريب انه قاع مهمشٌ قصي ، و لم أتخيل أن يكون هذا المكان مناسبٌ لحبٍ عذري طاهر .......... بطلته ((جدية)) ست الشاي الارترية الفارعة الطول ست الحسن والجمال الذي يوحد الرجال ويجمعهم
كنت في اشد حالات الغيرة عندما أراها تُضاحك الرجال وتُباسمهم وهم ينتشرون يمنةً ويساراً وكانت تختلس النظر اليٍٍٍَ لتعرف تلك الحقيقة........ النظرات النارية الغيورة الصادرة مني ... لكي تقر بانني بطلها وانني احُبها كانُثى ...((جدية )) لم تكن لعوباً ...
كانت امراة ناضجة ...تحمل قضية وأمُـــة ........ ، والحب والثورة هنا و في هذا المكان فعل" غير مبرر 0000 وبائس" .....الحب هنا .....خطيئتي .......فكانت حرباً لا قبل لي بها ...... كنت الخاسرالوحيد .......... يرمون علي اللوم والغضب وسوء السمعة .... كيف تسول لك نفسك ان تقع في هذه الشباك التي لا تناسبك مقاماً........... وكأنهم يملكون خطايا ((جدية)) دليلاً قاطعاً 00 قصدوا ان يحولوا رائحة الورود الى رائحة كريهه تنتشر في المكان والزمان وتؤذيني....وتغتال((جدية)) 00ويتآمر الجميع لدفن هذا العبث كما يقولون ...أنتفض وأعترض وأقاتل بجرأة لم يسبقني أليها أحد .............. نعتوها بالفاجرة وحزنت ((جدية)) حزناً اسطورياً........
و همست في أذني بعذوبة ...وألم
لا أستطع...!
......................................
وحدثتني ((جدية)) مرات عديده عن الثورة الارترية بأشفاقٍ وجسارة .... و بلغة شغوفة وساحرة.... حول جهود أنثوية أصيلة في صنع الثورة ..... ثم حدثتني خلسة عن عشقها ((لتشي غيفارا)) وشبهتني به....... لذا أعترفت بقوة ونضوج ..... انها تعشقني بجنون وقديماً كانت لدي مقدرة بهذه العاطفة الموحية المسترسلة أستمد منها نشوة انتصاري
وكانت(( جدية)) هي بداياتي الصاخبة للثورة والعشق و رغم هذه الاحداث العظيمة التي هي عمر ثورة التحرير الارترية لم يذهب ذلك بنبضها أو نضارتها او أمنياتها بل كانت تشعر بنوع من الغبطة النادرة والخوف من النكسة تقول ((جدية)) في حماسٍ وبريق
... قررنا التحدي كشعب ..أمتهن النضال وأرهاقاته المفرحة والمأساوية ...., الحياة كانت قاسية في معسكرات الحرب , كنا أطفالاً ثم مراهقات وفتيات ناضجات الأنوثة والأنفعال.... لا نعيي ما علينا وما لدينا, الآن ضاع كل شيء ... وهأنذا أمراةٌ تجلس على هوامش المدن وتحمل تصريحاً للعبور وآخراً للاقامة ... صنعنا بقايانا و أشلاءنا وطناً.... غير ما نهوى , وصرت كلما أمر بذكرياتي , أسأل نفسي : متى سأعود ادراجي , أصلي و منبعي ,
وفي يوم بائس لم تأتي..... وهرولت كالمجنون ووصلت في المكان والزمان الآخير
وأقتربت من الشاحنة المكتظة بشرا وأرتالاً من قطع الأثاث المهترئ والبراميل البلاستيكة .
أرسلتُ نظرة إلى ((جدية))، إلى تلكم المراة المنتصبة .......في شموخ... إنها حائرة، ....نعم ...انها تبدو كذلك.... ياترى ماذا تريد؟............ تنتظرني أتي لأ جلس بجوارها ؟ لا لن أُغادر وطني من أجل أمراة احببتها ............ جاءتكِ لحظة الفرح المرتقبة يا حبيتي وأخذتك مني الى الابد .. هكذا حدثت نفسي سراً حتى أبدو متماسكاً وصلباً
انها تغادر الى الديار ............غداً ستنسى ....وتجد حبيباً آخر ....هكذا النساء دوماً لا يصبرن كثيراً
وبينما أنا في أفكاري ، لحظتُ ...كِلتا يديها ترفعها بتدرج جميل ثم ما فتأ واصبح هتافاً ونطقتْ ثم صرختْ عالياً . شعرت أنها حبيبتي هي. هي. نعم ...
لا بد من أن تأتي..
من أن تعود....... مَن يشرب من نيل بلادي مرة ....لا بد أن يعود ......وأرسلتْ ابتسامة حائرة
وهاهي الشاحنة العملاقة تتحرك وتتجه شرقاً الى ديار ((جدية ))
بعد ان اهدتني ثورةٌ.... وسحرٌ ... وسلسالاً رخامياً رائعاً
فدسست يدي في جيبي واخرجته وقبلته ،ثم لوحت به صوبها.... لتفهم أنها ستأتي
جدية))ستعود))
نعم...........
. لا يمكن إلا أن تعود.. فقد تركت سلسالها هنا
المفضلات