مأساة الحاج عدلان ( قصة من الواقع )
لم يعد الحاج عدلان قادرا على المشي, فقد اهلك جسده هذا المرض اللعين, وأوهنت قواه تلك العقاقير والعلاجات التي كانت تضخ في شرايينه وتذاب في جسمه, وأرهق تفكيره بحثه لتذكر تسع أيام انقضت من حياته دون وعى ولا دراية.
لم يشعر إلا والسائق يقول له وصلنا المستشفى, سلمه أجره, ونزل لاهثا وراء, قدميه, يحثها على المشي, ويجبرها على الحركة, دخل إلى الصيدلية يحمل وصفات لابد من متابعتها بعد خروجه من المستشفى, ولفترة لا تقل عن العشرة أيام أخرى كما قال له الطبيب المعالج.
حمد الله كثيرا إن العلاج ضمن بنود عقده, وانه لم يتحمل شيئا من تكاليف العلاج التي بلغت مبلغا, لو باع كل ما يملكه لما قضى عشره.
وسال نفسه: كيف لعامل بسيط غير مضمن في عقده بند العلاج أن يتحمل مثل هذه المصاريف لو الم به مثل هذا المرض لا قدر الله ! !! !
من أين سيأتي بتكاليف العلاج التي تثقل كاهل الأثرياء دعك من فقير غلبان لا يقوى على إكمال شهره بلا دين أو استدانة ! ! !
حمل كيس العلاجات بيد وجهز اليد الأخرى تأهبا لسقوط محتمل, فالدوار يحيط به, والغثيان لا يزال يسيطر عليه, وهو في وسط هذه الأمور لم يتوقف رأسه عن التفكير فيما حدث , محاولا تجميع بنات أفكاره ليتذكر . . . . ولكن هيهات
وهو يضغط على الجرس لاحظ وكأن باب البيت قد تغير, وكان أول سؤال يوجهه لزوجته بعد أن فتحت له باب البيت : وكمان المفاتيح ضاعت ؟ ؟ ؟
قال : ايوة, وأنا في زحمة المرض لم أجدها وقد استبدلنا قلب الباب بآخر جديد, خذ نسخة منه, استلم نسخته وهو يبتسم هازئا, واتكأ عليها ناظرا ومتأملا في بيته وكان شيئا ضائعا منه.
جلس على الكرسي أول الصالة وتلفت يمينا ويسارا, يتحدى فتوره ويتمادى فجورا على ضعفه وغثيانه, ساخطا على ذاكرته التي عجزت عن إرجاع الأيام التسعة أو يزيدون.
وفجأة انتفض ووقف متجها نحو الباب ليقول لزوجته: سأذهب إلى العمل, قالت: أنت مريض ومتاح لك أن ترتاح أسبوعا
قال : هناك أشياء لا يعرف احد عنها شيئا وهى مسئولية ولابد أن اطمئن على الوضع
قال: هم لم يغادروا المستشفى يوما, كانوا يعرفون أخبارك أولا بأول, ارتاح فأنت لا تقوى على المشي.
لم يلق لها الحاج عدلان بالا وخرج يبحث في جيبه عن مفتاح السيارة, وفجأة يبتسم ضاحكا, لا سيارة ولا مفاتيح ولا محفظة.
عندما دخل الحاج عدلان إلى العمل هلل كل من رآه وفرحوا بعودته, ولاموه على حضوره إلى العمل, دخل إلى مكتبه, وجلس يقلب الدفاتر ويفتح الملفات, لفت انتباهه تاريخ التقويم, وجد أن الورقة لتاريخ قبل عشرة أيام, استوعب انه غاب عن الدنيا لمدة عشرة أيام.
ويتواصل
المفضلات