... مستنداً بظهري
على سور قبة ود مدني السني وهي مكتظة بالزوار من كل المشارب ووممنياً النفس
بصيد يعبر الطريق في عصر هذا اليوم حيث تعتبر هذه النقطة التي أقف عليها
ذروة سنام المدينة وملتقى طريق عظيم يشرف على عدة إتجاهات على كافة نواحي
ود مدني ... كنت أصوب بصري نحو الطريق المؤدي لشاطئ النيل على سعدابي ...
وبصري يرنو ناحية الشرق شاهدته خارجاً من ناحية منزله من الزقاق غرب زاوية
الشيخ عبد السيد ... إذاً فليكن هو صيدنا لهذا اليوم ( يعقوب موسى النور )
.
عبر ( يعقوب ) شارع الأسفلت وأتجه مباشرة في الجهة الأخرى بالزقاق المؤدي
والمار بمنزل ( أمين بركات ) الترزي الأفرنجي الشهير ... حيث يؤدي هذا
الطريق بالطبع إلى سوق أم سويقو بكل ما يحمل هذا الاسم لذلك المكان
بعنفوانه وحيويته وحركته التي لا تهدأ ومقاهيه الصاخبة بكل أنواع الحياة
والأصوات المتداخلة في السوق ... لاعبي الطاولة وبائعي السمك والخضار
والمراكبية .
إذاً فلنسرع نحو سوق أم سويقو ..مُتخذاً الشارع النازل من ناحية قبة ودمدني
نحو قبة سعدابي ... ها هي مباشرة أمامي قبة الشيخ سعدابي الشامخة على شاطئ
النيل الأزرق ... ومن ثم أقف الآن في وسط الفسحة تحيط بي ثلاث قباب في شكل
مثلث على ساحة الميدان الشيخ سعدابي والشيخ أبو شبكة والشيخ أبودواية ...
نظرت على يساري شاهدت البطل حيدر حسين (قطامة ) أمام منزله ومعه عدد من
أصدقائه وأعضاء فرقة أكروبات الجزيرة سكرتيرها محمد عوض سابق ( ججين )
وعادل التهامي وكمال محمد عمر والحجاج وعبد الخالق وعلم حبشي وعلي أبو
رونجة حاولت إلقاء التحية والسير نحو سوق أم سويقو لكن خانتني محبتي لهؤلاء
الأحباب وقادتني نحو مجلس صاحبنا حيدر قطامة .... جلسة شاي عصرية وسيل من
الحكاوي والقفشات التي لا تنتهي وتواصل حميم لا ينقطع .
أستعجلت في الذهاب نحو سوق أم سويقو وجدت نفسي وعلى بعد خطوات من قبة الشيخ
سعدابي ود شرف الدين ومرت بخاطري الأغنية التي كانت تملاء سماء ودمدني :
يا يابا سعدابي
الفوقه الشجر كابي
كان هناك مهرجان من الحضور على ساحة القبة مادحون وبائعي بخور وعطور
ودراويش ونساء يحملن أطفال رضع وشفع يملآون المكان ... أقتربت قليلاً
لمشاهدة هذا التدافع اليومي والذي يشتد ويزيد عن الزيارة الأسبوعية للشيخ
سعدابي .
توجهت بعد ذلك مباشرة نحو سوق أم سويقو مستعجلاً للحاق ما جئت لأجله ماراً
على مسجد الدندراوية والذي تم بناءه على أنقاض سوق السمك القديم وعلى الجهة
اليمنى ظلت تلك الدكاكاين على حالها ... عمك جبريل مرعي يجلس على ماكينة
الخياطة وهو يعمل بنشاط وهمة تفوقان عمره والدكان ممتلئ عن آخره ببعض
الزبائن والأصدقاء وأبناءه وأحفاده ... مررت على الطاحونة في إذدحام من
البشر والجوالات والقفاف .
وقفت تقريباً في مكان يتيح لي رؤية كافة معالم سوق أم سويقو بحجمه الصغير
وصخبه وعالمه الكبير كانت كلها أمامي لوحة يومية هلال النقادي وطابونة عم
سعد اليماني ودعم فاروق وود النقاش باتوري والعنافي والعجلاتية وزنكي السمك
وعمك شاشوق وبائعي البخرات والحجيات والسمكرية والنقلتيه ومرتادي المقاهي
ولاعبي الورق والطاولة علي نواحي السوق ....
كان هناك يعقوب موسى النور حفيد ودمدني السني الرجل الفنان والساخر المرح
يجلس منفرداً مع الباشمهندس يوسف سليمان والذي يرجع الصدى والذكريات لسوق
أم سويقو .... يوسف سليمان يسجل ويدون ويشرح ويعقوب ينصت ويتأمل مرات ،
ألقيت تحيتي وجلست أنصت لسيل الذكريات والحكاوي الأغرب من الخيال التي جرت
على ساحة هذا السوق الصغير تفوق حكاوية ما يجري على ساحة باقي المدينة في
زمانه .
خرجت من أم سويقو على وعد من يوسف سليمان بحكاية الحكاية كلها
إلى الحلقة القادمة
,,,,,,,,,,,,,,, |