البحث عن ايمان

بقلم : نشأت الامام

 

وها أنت وحيداً تحاصرك الأمطار من حدب وصوب.. يهز نوافذك -بعنف مطرد- عوي الريح في استماته لاختراق سكونك الجبان.. ليحيله الى مهرجانات موجعة من الضجة والصخب..!!
فبمن تلوذ!!
ألك من الايمان ما يباعد بينك والوحشة؟ أم هي التذكارات تفتح بها ثقوباً في ذاكرتك المهيضة أصلاً التي حاولت ترقيعها ببعض من ايمان.. حسناً حاول التذكر بما يتحيه لك عقلك من بين اسقاطاته التي اضحيت تعاني منها مؤخراً.. وهل النسيان حالة مرضية حميدة أم خبيثة..؟؟
عجباً لك.. تحاول الآن تناسي جميع خيباتك السابقة, مستعيضاً عنها بايمان يخبرك بأنك لازلت تتنسم عبير عافية فؤادك وقدرك..
أي قدر هذا الذي ساقها اليك.. او ساقك لها.. لا تألو على شيء سوى ان تستكين في حضرتها, متنصلاً عن كل اعتزازك السابق.. راضياً منها ببعض مما تتفضل به عليك؟؟
هي لا تأبه -أو هكذا يبدو عليها- كثيراً بكل شغفك بها, احتضارك الحزين امام عينيها.. احتراقك في بعدها.. احترافك عشقها وامتهانك له.. لم يشفع لك أمام جبروت احترازها منك..
أتخشاك.. أم تخشى زوابع وتوابع هواك؟؟
أنت لا تدري سوى انها تنفر فحسب.. أأنت لاهيتها وناغيتها بأكثر مما يجب؟؟ لكن ما هو الحد الفاصل بين الذي يجب والذي لا يجب؟
أنت لا تملك أن تفسر شيئاً.. حتى هيامك هذا, ناهيك عن سر صدودها..!
هل أصابك الوهن.. أم أثخنتك جراحات الزمان فاستنزفتك حتى اصابت كرياتك الدموية بهذه اللوثة من الاستسلام المريع؟
أتراها لا تحسك..كما ينبغي؟ وماذا تبقى لك انت من أدوات التعبير حتى تحاول أن تعتمد عليه.. وهل لازلت ذلك المملوء وعداً وأملاً.. أم عاصفات الليالي قد نثرت ما بذرته في دنياك من أمنيات شاهقات لم يبق منهن على جروفك المتشققة -بفعل العطش- سوى عروق أظمأتها مواسم الجفاف العتيقة؟
حتام أنت دائر في هذه الحلقة الجهنمية.. فلا أنت وصلت الى مركزها.. ولا أنت استطعت الى الفكاك منها سبيلاً..
أيؤرقك عويل الريح الذي يطرقك بعنف؟ أم يقلقك عدم تجاسرك على مواجهتها لوحدك..؟ وهل الايمان واستمساكك بعروته الوثقى سيقيك نزيف الجراحات العاصفة؟؟
حاول أن تكون أنت الريح مرة.. أين زمهريرك ورعودك واشتهاؤك للانفجار في بغتة من الحزن؟؟
ليس لك سوى آلامك تتوكأ عليها وهي حتما لن تجعلك تستطيع التجاسر على الركض بعيداً عن ايمانك.. لذا حاول أن تستصحبه معك.. مهما كان الثمن..
عندها.. ستشرع نوافذك مرحباً بمقدم الريح من دون الانحناء لها.. وستصبح حينها الأمطار رواءاً لكل ما بذرته في جروفك التي طالما صلت في قيعانها رقرقة السراب..
 


 

نشأت الامام

 

راسل الكاتب