شمعة ضاوية
بقلم : نشأت الامام

 


يظل الفنان محمد الأمين الرقم الصعب في تاريخ الأغنية السودانية، كما تضحي تجربته الموسيقية من أكثر التجارب تفرداً بما تحمله من غنى معرفي وابداعي خلاّق، جعل لود اللمين هذا المكان القصي الذي تبوأه في أفئدة محبيه..

فبين القلق، والترقب، والشوق، كانت مشاعر معجبيه تتأرجح وهي تتابع ساعة بساعة حالته الصحية في القاهرة، ومن ثم في لندن، وكانت الدعوات الصالحات يزاحم بعضها بعضاً وهي تسعى متوضئة نقية لعرش الرحمن، كلها تدعو بأكف مبللة بالرجاء أن يمنحه الله الصحة والعافية، وأن يسمعهم صوته من جديد..

عودة أبو اللمين معافىً، قابلها الشعب السوداني وعلى مستوياته الرسمية والشعبية كافة، بكثير من الاحتفاء..

فمنذ أن وطئت أقدامه أرض مطار الخرطوم، مروراً بتكريم زملائه له باتحاد الفنانين، وكذلك ما تم له في احتفالية مركز راشد دياب التي أقيمت على ذات المناسبة، جاء موجز الاحتفاء عبر حفل الختام الذي تشرفت ولاية الجزيرة باقامة مراسمه..

هذا التكريم بمدينة ود مدني اهتز له أبو اللمين وهو يعانق أعطاف مدينته، وهي تستقبله باذرع ملونة -وحنجرة تغتسل بماء الوفاء والعرفان- استقبال الفاتحين.

مدني تجلى ابداعها وهي تهدي ود اللمين أريجها الصوفي وعبق مآذنها، ونشيج أوتارها، فختمت له القرآن شكراً لله وحمداً على سلامته، وكسته من هيبة الذكر والذاكرين دثار الطمأنينة والأمان، فكانت تلكم الأمسية غير المسبوقة، سياحة روحية حملت دفء هذه البلدة المبدع أهلها..

إعتلاء محمد الأمين لخشبة مسرح الجزيرة بعد سنوات طويلة، كانت اجابة للأسئلة الكبيرة: كيف تحتمل هذه المنصقة رهق هذا الكائن العذب؟، بل جسد حضوره آنئذٍ عودة الابن الغائب لحضن أهله، فكانت الدموع في تلك اللحظات هي المتنفس الطبيعي لهذا الكم الدافق من الانفعالات الصادقة، فبكى الجميع حباً ووجداً، وتمني..

شكراً مدني.. شكراً نبيلاً وآنتِ تهدين الوطن «شمعة ضاوية في كل دار» يوقدها هذا الفنان كلما داعب أوتار عوده بأنامل من ذهب..







 

نشأت الامام

07/06/2007

 

راسل الكاتب