دياب.. ورحيل الفراقد
بقلم : نشأت الامام

 


ü كثيرون مثله رحلوا عن دنيانا، غادرونا ولم تعرفهم كثير من أجيال شبابنا، بل وربما لم يسمعوا بهم، ولا يفرقون بين شاعرهم وكاتبهم.. رغماً عن أن كلاً منهم يمثل رقماً كبيراً في تجربتنا الوطنية الثقافية، لاذوا بالصمت، وحتماً سيكون ارتحال كل منهم في ذات الصمت والهدوء، والخاسر في ذلك كله هو الأجيال القادمة، بل والراهنة من شبابنا في هذا الوطن..

ü محمد سعد دياب رحل بدون صخب، وهو هناك في البعيد، ولم تبق لنا منه سوى ذكرى لصورته المنشورة في ديوان «عيناك والجرح القديم» وكلمات الديوان التي لم يقرأها الكثيرون ممن شبوا الآن على طوق الصبا، وتوارت منذ زمن قصائد مثل «عندما تتوهج الحروف، اني أضعتك من يدي، وأسأل عنك حبيبتي» وغيرها من قصائد الحب الشفيف..

ü ونرى أن أمثال شاعرنا ظلموا ولا يزالون ، كما حكى لي أستاذنا الشاعر عبد القادر الكتيابي، والذي حدثني عن بحثه في بعض مقررات الطلاب في مدارس الأساس والثانوي، بل حتى الجامعة، عن نصوص لعدد من عمالقة الشعر السوداني، ولكني أحبطت جداً - والحديث للكتيابي- احبطت حينما فكرت في مأساة غياب نماذج من أعمالهم، وكانت المأساة مركبة بسبب وجود نصوص ضعيفة لغيرهم اتسم اختيار بعضها بالمجاملة والولاءات غير المؤسسة، والتي افتتنت بها أجيال هرمت من نزاهة الاختيار لنصوص المقررات..

ü لاشك في أننا نقدر رموزنا في المجالات كافة وخاصة في مجالات الدعوة والارشاد على اسلوبيتنا المحلية، ولكنا في الوقت ذاته نطمح إلى مزيد من الصدق، خاصة حينما يكون المجال مجال علم في العربية والأدب، والذي تشترك فيه معنا أمة عريضة..

ü وربما كان الكتيابي يرمي باللائمة على الذين اختاروا بعض النصوص لبعض مشائخ الصوفية الذين نقدرهم، لا لشيء إلا لأنهم في موضع التقدير الروحي وليس لجودة نصوصهم، فهو يرى أن تلك النصوص المختارة ضعيفة في ميزان اللغة والأدب، ونحن أصحاب ارث كبير وعميق في هذا المجال، من أمثال شاعرنا الراحل، وغيره من شعراء الأجيال الذين يتوارون مع الأيام عن دنيانا فرقداً إثر فرقد..

ü وقبل ان نفترق نتساءل في سخرية مريرة، بأبيات كتبها الكتيابي يوماً:

هل الفقراء إلا نحن والطير

نصوغ لقمحه لحناً

ويأكل لحمنا الغير

هل الغرباء إلا نحن والشمس

نغيب فتضرب الدنيا سرادقها لتذكِرنا

كأن رحيلنا العُرس








 

نشأت الامام

27/05/2007

 

راسل الكاتب