عبد العزيز المبارك
بقلم : نشأت الامام

 

عبد العزيز المبارك:

أغنياتي أضحت نهباً لطالبي النجاح السهل

الخرطوم: نشأت الإمام


دوافع خروجه عن السودان بداية التسعينات، وغيابه الطويل عن الوطن وأثر ذلك في مسيرته الفنية، اضافة إلى آرائه حول ترديد الشباب لأغنياته، ومناسبة عدد من أغنياته، كل هذه المحاور أجاب عليها الفنان عبد العزيز المبارك، عندما استضافه مقهى الصحافيين ببحري، وبدا المبارك متأنقاً وسيم الصوت كعادته دوماً.. معاً نستمع اليه.. وهو يتحدث، وكذلك يغني..

من كلمات محمد جعفر عثمان، وألحان عمر الشاعر، حيّا المبارك جمهوره عبر أغنية «الريدة خالدة»:

لما طيفك يوم غشانا

والظروف بلقاك حنّت

الحروف القاسية لانت

حتى دنياي اطمأنت

عقب هذه الأغنية سرى «اطمئنان» في الحضور، بأن عبد العزيز المبارك مازال هو الفنان صاحب الصوت الشجي، والذي لم تزده السنوات إلا تعتقاً، وتحدث المبارك عن أسباب خروجه، وقال:

ربما السبب الرئيسي لمغادرتي للبلاد يكمن وراء ما ظلت تمارسه السلطات في ذلك الوقت من محاربة للغناء والفنانين، فحظر التجول الذي فرض أثر كثيراً في ارتباطات فنية كنا نقوم بها كفنانين، والتشدد في اقامة الحفلات العامة إلا بعد جهد جهيد، وايقاف دعايات الحفلات من أجهزة الإعلام، كل ذلك فرض طوقاً سميكاً من العزلة بين الفنان وجمهوره، فكان لابد من المغادرة بعيداً، في محاولة للتواصل عبر سبل أخرى..

ثمن الغربة

ولكن للغربة ثمنها، وكان نتاجها المزيد من البعد عن الجمهور، هذا ما ساقه - من المنصة - الأستاذ صلاح الباشا مقدم برنامج الأمسية، وأمن عليه المبارك قائلاً:

يقول المثل: البعيد عن العين، بعيد عن القلب، وبرغم استماتتنا في التواصل، لكن يبقى النبض اليومي للجمهور مفقوداً لدينا، فنحن نستمد منه العزيمة على المتابعة، ونستعير من هذا الجمهور وفاءه لنا، واستقباله الجميل لما نقدم، فيساعدنا ذلك كثيراً على مواصلة الابداع، لذا كانت الغربة خصماً من رصيد الفنان في قلب جمهوره..

وعن كيفية تدارك ذلك، أوضح المبارك أن عكف في الفترة الأخيرة على انتاج عدد من الأغنيات الجديدة، وكذلك محاولة التواصل مع الجمهور عبر عدد من المنابر، المرئية والمسموعة، وكذلك المقروءة، وذكر أن الأغنيات الخالدة ستبقى مطبوعة في وجدان المستمع..

وتغنى المبارك بإحدى أغنياته الخالدات:

ليه يا قلبي ليه

تاني رجعت ليه

زي أيام زمان

عدت تحن ليه

فاقد فني

وحول مدى استفادة الفنان من التطور التكنولوجي الموجود في الغربة، ذكر المبارك أن الفنان هناك لا تتاح له الفرصة الكاملة لاحتراف الفن، وأردف: وجدت هناك مئات العازفين والموسقيين، لكنهم يمتهنون مهناً أخرى، لأن الجمهور هناك لا يعرفهم، وحينما استعنت بعدد منهم في اقامة الحفلات هناك، كنا نواجه صعوبات جمة، فكما ذكر الموسيقار العالمي ماكسرلي: «الموسيقى لو تركتها يوماً.. تتركك عاماً» فما بالك بمن غاب عن العزف سنيناً وسنيناً، وفي اعتقادي أن هجرة هؤلاء الموسيقيين، دفعت مسيرة الفن في بلادنا ثمنها باهظاً، لأنهم يعتبرون فاقداً فنياً، يصعب علينا تعويضه بين ليلة وضحاها..

حق مجاور

أغنيات عبد العزيز المبارك لم تسلم من موجة جديدة من التعدي «القانوني»، إذ يتغنى بأغنياته الكثير من الشباب، وعن ذلك يوضح المبارك: فوجئنا بقانون الملكية الفكرية الذي يجعل من الفنان صاحب حق مجاور، ويمنح الحق الأصيل لشاعر وملحن الأغنية، ليتجاهل القانون دور الفنان واحساسه الخاص الذي منحه للأغنيات، وكذا النجاح الذي أسهم به وهو يتغنى بها، فأصبحت أغنياتي نهباً لمن يريد أن ينجح دونما بذل للجهد، أو صبر على مشوار، كابدنا فيه سنين عدداً حتى نرسخ ما نقدم في أذهان المستمع..

أحلى عيون

وعن مناسبة أغنيته ذائعة الصيت «أحلى عيون بنريدها» أشار المبارك إلى أنها قدمت في مسرحية «جواهر» وكانت بطولة الفنانة المصرية فائزة كمال، فكتب الأغنية الشاعر محمد جعفر عثمان، ومن خلال المسرحية انتشرت الأغنية، وكان البعض يحضر خصيصاً ليستمع لهذه الأغنية فقط..

وانتقل ليحكي قصة لقائه بالشاعر الحلنقي في أغنية «يا عزنا» وأوضح أن اللحن كان للفنان الفاتح كسلاوي، لكن مضمون الأغنية لم يرتقِ لمستوى اللحن، فأخذت اللحن وذهبت به للحلنقي، والذي عاد إلىّ بعد ساعة من الزمن، يحمل هذه الكلمات الجميلة:

يا عزنا يا حبنا

يا عيون بتعرف قدرنا

يا بسمة ضوت عمرنا

يا عديلة لمّت شملنا

رقصت حمايم حولنا

أغنيات موعودة

الشاعران محجوب الحاج، واسحق الحلنقي شاركا في الأمسية عبر قراءات شعرية لعدد من قصائدهما، والتي نالت استحسان الحضور، وقدم الموسيقار عبد اللطيف خضر ود الحاوي اقتراحاً بأن يتم التنسيق بينه والحلنقي، ليقدما للمبارك عدداً من الأغنيات الجديدة، وتراءت ذكريات اللقاء الأول بين ود الحاوي والمبارك، ليقول عنها ود الحاوي:

أغنية «أحلى جارة» كانت تعاوني الأول معه، وهي أغنية خفيفة، تشبه شباب عبد العزيز في تلك الفترة، وقدمه لي أخوه أحمد المبارك، وأعجبني جداً أداؤه، فهو فنان صاحب صوت جميل، وكانت الأغنية جاهزة لدي من كلمات الشاعر الراحل عثمان خالد..

وتغنى ود الحاوي والمبارك «دويتو» بـ «أحلى جارة»:

أحلى جارة يا أحلى جارة

سالمينا بس بالعين

أو بالاشارة

وفي الختام تحدث المبارك عن نشأته الفنية بمدينة ودمدني، وعلاقته بصديقه الفنان علي السقيد، والذي كان يعزف العود منذ المرحلة الثانوية، مما حدا بالمبارك للاجتهاد على عزف العود، والاصرار

على تعلمه، وأبان أن مدني مدينة مبدعة تجبرك على التفرد وذلك بما تمنحه لك من فيض ابداعها..







 

نشأت الامام

 

راسل الكاتب