شفرة دافنشي وهدم المقدسات

بقلم : نشأت الامام

 

«التاريخ يكتبه الأقوياء» هذه هي العبارة التي ربما ارتكز عليها الكاتب دان براون حينما حاول كتابة التاريخ من جديد، إذ يرى أن ما كتب ليس هو كل ما حدث، وذلك عبر عدد من الافتراضات والتحليلات التي قامت عليها حبكته الروائية في روايته «شفرة دافنشي» والتي لا تزال تثير الكثير من الغبار والتساؤلات.

وقصة الفيلم الذي جسد الرواية، تتحدث عن بروفيسور أمريكي يدعى لانغدون «توم هاكنس» يتم استدعاؤه بواسطة الشرطة الفرنسية للمساعدة في حل طلاسم مقتل أحد المسؤولين عن متحف اللوفر، وتساعده فتاة «صوفي» من الشرطة الفرنسية، متخصصة في علم النفس، وهي حفيدة القتيل، وبينما التحقيق يسير في اتجاه اتهام «لانغدون» في هذه الجريمة تساعده الفتاة على الهرب ثم يبدأن في رحلة البحث عن الحقيقة، والتي توصلهما أخيراً إلى أن القتيل ليس جدها.. لكنه أحد المنضوين تحت لواء جمعية «سيون» وهي الجمعية التي آلت على نفسها حماية السر المقدس والكأس المقدسة.. والذي يفترض أن المسيح تزوج من مريم المجدلية، وأنجب منها سلالة لاحقها رجال الدين المسيحي لأنها تزحزح الاعتقاد بألوهية المسيح، وتعطي ورثته الحق في المطالبة بالعرش، وهذا ما لم ترده الكنيسة، ولم يرده الملك قسطنطين، لذا حاولوا افناء ذريته، ولكن حراس الكأس المقدس نجحوا لحد بعيد في حفظ نسل المسيح وسرهم المقدس.

ويكتشف «لانغدون» بعد بحث دؤوب يقودهم لأحد المختصين في فك الشفرات التاريخية، أن «صوفي» من سلالة السيد المسيح، لذا يحاول البعض النيل منها، وتعمل الجمعية على حمايتها منهم.

والفيلم تدور حبكته الرئيسية التي بني عليها قصته، حول لوحات الفنان ليوناردو دافنشي، وعلى وجه الخصوص لوحة العشاء الأخير، والتي تظهر فيها بجانب المسيح مريم المجدلية، ويرى المؤلف أن للوحات دافينشي شفرات خاصة ربما تعيد كتابة التاريخ من جديد، ومن بينها «سر» زواج السيد المسيح الذي لم تعترف به الكنيسة.

الفيلم حتى الآن يحقق أعلى الايرادات في شباك السينما، وسبقته الرواية التي طبعت أكثر من 10 ملايين نسخة، وترجمت لأكثر من اربعين لغة..

والغريب أن الفيلم يبعد تماماً عن أية اشارات جنسية، وحتى مونتاج الفيلم يخلو من الخدع السينمائية وينأى عن التهويل والمبالغة.. لكنه يصيب صميم العقيدة الدينية، ويحاول أن يقودنا إلى أن ما كتب ليس كل شيء، فهناك أشياء حدثت ولكنها لم تدون، لأن الذين كتبوا أرادوه هكذا!!

إذن نحن في مرحلة جديدة من الاثارة، تنتقل بنا من مرحلة «الجسد والآكشن» إلى عتبة المساس بالمعتقدات ومحاولة خلخلتها، متوغلة بنا إلى مناطق طالما تمتعت بهيبة المسكوت عنه.. والشعار الذي تحمله هذه الأعمال مثل «آلام المسيح» وغيرها، هو شعار: لا قداسة في الفن..

وهذا الشعار يخبرنا أنه طالما أن المعرفة لا تنتهي، يجب علينا أن نبحث دوماً عن الحقيقة وراء كل ما نعتقد.. لكن نخشى أن تهتك هذه الموجة من الروايات والأفلام ستر كثير من الثوابت والمعتقدات التي نسلم بها بيقين تام..





 

نشأت الامام

 

راسل الكاتب