بين الغناء والمديح.. هل ضاعت ملامح الفنانين..؟

بقلم : نشأت الامام

 


خلط وصفه البعض بأنه غير محبب، وبدأ يمازج بين ملامح فن الغناء وأدب المديح، فاتجاه الفنانين نحو ترديد المدائح النبوية هاجمه البعض بضراوة بناءً على اختلاف المشارب وتباين نوعي الأداء، لذا فالبعض اتجه لاتهام الفنانين بأنهم يبحثون عبر المديح عن نجومية أفلت في مجال الغناء، بل مضى البعض قدماً في منحى يصور اتجاههم لأداء المدائح الخطوة الأولى في خطة بعيدة المدى تستهدف فن الغناء.. إذن مع بعض الفنانين المادحين نحاول التفاكر في محورين هما الاتجاه للمديح لماذا..؟ وهل ينسحب هذا الأمر على النشاط الفني الغنائي؟..

تحقيق: نشأت الإمام

كابشن:

1/ عصام محمد نور

2/الامين عبد الغفار

3/محمود عبد العزيز

4/ محمد حسن

5/ معتز صباحي

6/ خالد الصحافة


مختلف الفنون

عن اتجاهه للمديح ينفي خالد الصحافة أن يكون الأمر جديداً عليه، فهو أصلاً من أسرة توارثت فن المديح النبوي، ويقول خالد:

المدح النبوي ارث نفاخر به دوماً، ونحن نمدح اشرف الخلق عليه أفضل الصلاة والتسليم نجد أنفسنا نهيم محبة بنبينا الكريم، وربما من قبل ضيق المنابر لم يتح لنا هذه الكثافة في التواجد بصورة شبه يومية، ولا يتعلق الأمر بأفول نجومية ما، لكن الابداع لا ينحصر في مجال واحد، فحتى في الغناء، نجحت من قبل في تقديم الأغنية الحديثة، وأتبعتها بتقديم أغنية الطمبور، والتي حققت فيها نجاحاً لا يقل عن نجاحي في الأولى، لذا ان كان لدى الفنان ما يقدمه في مختلف ضروب الفن، فما المانع من ذلك..؟


المدح تعبُّد

ويوافقه محمد حسن في أن تجربة المديح ليست بالجديدة عليه، ويذكر: مدحت في بداياتي عن طريقة فرقة المواهب الغنائية، ومن ثم اتجهت للأداء الفردي، وسجلت مدائح في تلفزيون السودان، وتعاملي معها كان من منطلق أني مسلم، فبجانب الفرائض التي أؤديها. تأتي الصلاة على الرسول عليه السلام شكلاً من أشكال التعبد الواجبة على كل مسلم، فالمدح النبوي شكل مهم من أشكال الفنون، والفنان هو انسان في المقام الأول، له معتقداته وأحاسيسه الخاصة تجاه ما يؤمن به، لذا من الخطأ بمكان أن نحاول عزل الفنان عن بيئة التصوف وأن نجعل عطاءه وقفاً على فن بعينه.


محبة للنبي«صلى الله عليه وسلم»

حب الشعب السوداني للمديح وتعلقه به، أشار اليه الفنان عصام محمد نور، وأردف عصام: فن المديح النبوي سبق فن الغناء بكثير، فمحبة النبي عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، تربينا عليها منذ نشأتنا الأولى، وأذكر أني في المولد النبوي من كل عام، كنت لا أبرح خيم المديح، وكنا نحفظ المدائح ونحن في سن مبكرة، ونتبارى في ترديدها، لذا قدمت عدداً من المدائح النبوية منذ زمن بعيد، عبر عدد من البرامج التلفزيونية، وأصدرت ألبوماً في مدح النبي« صلى الله عليه وسلم»، ووجد نجاحاً وقبولاً من المستمعين.


أثر صوفي

ويصف الأمين عبد الغفار علاقته مع المديح بـ (القديمة)، حيث ذكر: منذ ثمانينات القرن الماضي قدمت عدداً من المدائح عبر تسجيلات رسمية للاذاعة والتلفزيون، هذا بخلاف تقديم المدائح في الجلسات الخاصة، والتي يرتبط بعضها بمناسبات دينية معينة، وبيني ونفسي أردد مقاطع من المديح وأترنم بها دوماً، وأذكر أن هناك اخوة سبقوني في هذا المجال أمثال صلاح بن البادية واسماعيل حسب الدائم، ذلك مرده في اعتقادي لأنه لا يخلو فنان من أثر صوفي فكلنا من بيوت تصلي ليل نهار على الرسول الكريم «صلى الله عليه وسلم»، وربما وجود اذاعة الكوثر اخيراً شجع الكثيرين لتقديم ما عندهم في مدح الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، اذ انها منبر يفتح ذراعيه دوماً لمحبي المصطفى «صلى الله عليه وسلم».


آن الأوان

نجومية الفنان محمود عبد العزيز تجعل حديث بحثه عن شهرة، حديثاً شائهاً، ويوضح محمود اهتمامه اخيراً بالمديح قائلاً: ليس في الأمر غرابة، خصوصاً وأني أنتمي لأسرة صوفية، وهي أسرة السناهير بالمتمة، وربما عرفت مغنياً أكثر مني مادحاً لكن ربما |آن الأوان لكي أقدم ما عندي، ربما ابتعدت لفترة عن المديح النبوي، لكني الآن أحس بأني أحب أن أفعل ذلك كثيراً..


جذب الجمهور

معتز صباحي، أثار اقدامه على تقديم تجارب في المديح تساؤلاً حول السر في ذلك، لكنه أوضح بهدوء أنه أحب مدح المصطفى عليه الصلاة والسلام، وواصل قائلاً: ليس في السودان فحسب، بل في كل العالم العربي، أصبح الفنانون يقدمون الأدعية والابتهالات الدينية، ودوماً ما يتم استدعاء الفنان لجذب جمهوره الذي يحبه، وبذلك نقرب الناس إلى الرسالة الحميدة التي نحب تقديمها.


نشاط زائد

وحول أثر تناول المديح النبوي على ما يقدمه ويطرحه الفنان من أغنيات نفى معظم الفنانين أن يكون هناك أثر سلبي، على ما يقدمونه من فن..

وابتدر الحديث عصام محمد نور الذي استغرب من أثر سلبي يجره المديح على من يقدمه وقال: نشاطي الغنائي لم يتأثر أبداً وأنا أقدم المدائح النبوية، بل أصبحت الأعمال التي أقدمها تأخذ مني المزيد من الوقت وذلك لصقلها واخراجها بالتجويد الأمثل، وحالياً لدىّ عدد من الأعمال التي أباشر طرحها على المدى القريب.

ويلتقط القفاز الفنان محمد حسن الذي يقول: المديح أثره إيجابي في مسيرتي الفنية، بل بسبب المديح جودت مخارج الكلمات التي أتغنى بها، فالمديح يحتاج إلى نفس أطول، وبه كلمات صعبة، فحينما تجتاز ذلك، يصبح من السهولة بمكان أن تغني، وفي الفترة الأخيرة زاد نشاطي الفني بصورة ملحوظة ولدىّ ألبوم أعده هذه الأيام يحتوي عدداً من الأغنيات الجديدة لشعراء مثل د. شادول وصديق مدثر، وايهاب الأمين، وصورت اخيراً أغنيتين من أغنيات الألبوم هما «شفتو الحصل» و«استنيتك»..


جمهور جديد

ويوافقه الأمين عبد الغفار ويمضي أكثر من ذلك حين يقول: المديح أضاف إلى جمهور جديد، وأذكر أن أول تجربة مديح خضتها كان معي المرحوم خوجلي عثمان، فقال لي: الليله حيسمعوك ناس جداد، وقد كان، والآن لدىّ عدد من الأعمال الجديدة منها «فراق» لمختار دفع الله، و«جيتنا باش» لعثمان يوسف، وثلاثة أعمال لعبد الباسط عبد العزيز، وهو نشاط فني يسير موازياً لنشاطي في المدح النبوي.

وفي سياق موازٍ يرى خالد الصحافة أنه كوّن جمهوراً جديداً وهو لم يعرف خالد من قبل، ومازلت أواصل نشاطي الفني برغم الارتباطات الكثيرة بعدد من المؤسسات لتقديم المدائح خاصة خلال هذا الشهر المبارك، لكن أعمالي الفنية لم تتأثر أبداً بذلك، والدليل أني الآن أعد لانتاج ألبومين جديدين أحدهما لأغنيات حديثة، والآخر ألبوم لأغنيات الطمبور، وذلك بعد النجاح الذي حققه الألبوم الأول، ولم أحس خلال الفترة الماضية أن اتجاهي للمديح خصم من عطائي الفني..


حب الغناء

ومن زاوية أخرى يرى محمود ان نجاحه في المديح أسهم في رضائه عما يقدمه من فن، وشرح ذلك قائلاً: القاعدة الجماهيرية التي تبعت مدائحي ورأيت تفاعلهم معها، ثبت لدىّ مدى محبة المستمعين لما أقدم، وأفادني ذلك في أني آليت على نفسي أن أنتقي أعمالاً ذات مضامين جيدة، تليق وهذا الجمهور الذي غمرني بحبه، والآن لدىّ ألبوم سوف أطرحه عقب عيد الفطر المبارك، وبه مجهود كبير في التنفيذ الموسيقي، ويصبح هذا الألبوم مؤشراً على أني وبرغم كثافة تقديمي للمدائح في الفترة الأخيرة إلا أنها لم تحل بيني وبين فن الغناء الذي أحبه..

ويختتم معتز صباحي هذا التحقيق واصفاً استفادته من ترديد المدائح بالقصوى، قائلاً: الأثر الروحي الذي يتركه المديح في نفسي يحفزني على تجويد ما أقدمه من أعمال غنائية، والمديح خلق للتواصل مع جمهور محبي هذا الفن، وأحس أني في الفترة الأخيرة صرت أكثر ترتيباً من ذي قبل، ولدىّ الآن ألبوم أضع لمساتي الأخيرة عليه، وسوف أسافر قريباً لتصوير عدد من أغنياتي على طريقة الفيديو كليب، وكل هذا النشاط لا أعتقد أن المديح أقعدني عنه..


 

نشأت الامام

 

راسل الكاتب