ندى العنبر

بقلم : نشأت الامام

 

صوت من الكريستال.. شديد الوضوح والنقاء، يأخذك في لحظات الفرح ويحلق بك بعيداً، ويحتويك بحنو بالغ في لحظات الحزن، صوت يألفه قلبك ويبوح له بالكثير من القصص المماثلة التي عاشها ويجدها في الكلمات التي تغنت بها، حتى لو لم يكتب لها شعر جميل، فان صوتها كفيل بأن يجعل أي كلام شعراً جميلاً، وكذلك اللحن، ففي صوتها من الشجن ما يصبغ الروعة على اللحن الذي تؤديه..
حضورها الطاغي يبهر كما البرق تماماً، ويستولى على الناظر إليه كما يستولى الكنز على الباحث..
ببذخ تدهشك وهي تغني.. فلا تكتفي بالسماع فقط، انما بالتحلق بعيداً مع ذلك الصوت نحو فضاءات أرحب من الفرح..
وحينما تجوس بك في أغنيات التراث، يدفعك الحماس -دون ريب أو شك- للوثوب عالياً، ويشتهي -حينها- ظهرك معانقة (العنج) في نشوة شاهقة..
يوم الجمعة الماضي، سمعتها في راديو الرابعة، وكان صوتها يزداد تهدجاً، لكأنه مغموس في أتون من الزفرات الحرى، تعاند البكاء الذي تقف غصته في الحلق لا تراوحه، وتضحك.. وتفرح.. وتغني أيضاً، وتعلن التحدي لحالة الحزن وتجدد بينها ونفسها عزمها على المضي في بث أشواقها، وأشجانها، وأغنياتها، تطلق صوتاً مسترسلاً مليئاً بالمشاعر، متحرراً قليلاً من الزفرات، فتنساب دمعة في خلسة وهدوء، علها تطفئ بعضاً من أتون الوجع المشتعل.
ندى القلعة فنانة شابة، لها جمهور عريض استطاعت أن تكسب حبه وتعلقه بها لدرجة الوله، ولكن ولأن للشهرة ثمنها، هاهي ندى تدفع ذلك الثمن، ليس نقداً، ولكن بشيك معتمد من أحاسيسها، وظن من أرادوها أن تدفعه أنه يخصم من نجوميتها الساطعة، ولكن خاب مسعاهم، فها هي الحفلات الداخلية، والمشاركات الخارجية لندى تنبئ الجميع، بأنها مازالت تلك المحبوبة الأثيرة لدى جمهورها العريض..
جميع المكالمات التي وردت عبر حلقة الجمعة الماضية في برنامج «نجم الأسبوع» براديو الرابعة، كانت تحمل التشجيع والمؤازرة لندى، وما يجعل انتباهك يبلغ ذروته، أن المتحدثين عبر الهاتف ليسوا شباباً فقط ممن يتابعون هذه البرامج، لكن نساءً، ورجالاً، من مختلف الأعمار لم يجمع بينهم سوى محبة هذا الندى الزاهر..
ما تعرضت له ندى خلال الفترة الماضية ليس بالأمر اليسير، لكنا نثق تماماً في أنها بدأت في اجتياز هذه المحن المترادفة، والتي أصابتها من العامة ومن بعض خاصتها، وحتماً ستظل (ندى العنبر) الأقحوانة التي تنفح حتى أنوف سارقيها بالشذى.



 

نشأت الامام

 

راسل الكاتب