يحيى أدروب

بقلم : نشأت الامام

 

*نفى أن يكون جهوياً..

يحيى أدروب: الايقاع يجمعنا

حوار: نشأت الإمام

الفنان والباحث في الثراء الفني لشرق السودان يحيى أدروب، غني عن التعريف ويكتفي دوماً بالقول: «أنا سوداني» أدروب استطاع من خلال مبحثه أن يصل الى اللغات الشعبية لكل السودان تعتبر تعدد ألسن، ووحدة احساس، وعرف «أدروب» إننا أمة ذات قيم مشتركة وذات ثراء في أشكال التعبير من خلال اللحن والكلمة والإيقاع. إذن.. فلنستمع لإفادات يحيى أدروب

التراث الشرقي والارث الضخم الموجود هناك، انكفأ عليه يحيى أدروب وترك ما دونه.. أهذا صحيح؟

- أنا جئت للمركز ودرست بالمعهد العالي للموسيقى والمسرح وتخصصت في الصوت والبيانو ليس لأصبح مغنياً فقط، بل كيما استطيع أن أوثق للتراث البجاوي، ولأقوم بدور تعريفي بهذا الموروث الضخم الموجود بالشرق، ولم أتوقف عند هذا فحسب، بل عرفت من ذلك أننا امتداد لبعضنا البعض، وأشياؤنا بها سمات كثيرة متشابهة، فحتى الرقصات والإيقاعات، قد يختلف التعبير في الشكل الحركي لكن الإحساس بالإيقاع يبقى نفس الاحساس تقريباً، وبالرغم من اختلاف اللهجات، لكن يجمعنا ذات الإيقاع الذي يدوزن عصب التمازج بيننا، لذا أنا أهتم بتراث السودان ككل، ولدي عدد من الدراسات التي أقوم بها الآن حول عدد من مناطق السودان المختلفة.

* انت تنفي إذاً شبهة الجهوية عن فنك..؟

- ليس في الأمر جهوية، وإنما أدعو كل الفنانين الناطقين بالعربية وبغيرها في هذا الوطن الفسيح لتوثيق تراثهم، والحفاظ عليه، ويحاولوا قدر ما استطاعوا نشره، ليس تعصباً بل في سبيل منع شبهة الاندثار عنه، ومن ثم نحاول أن نصهر كل هذه الإبداعات في بوتقة الوطن الواحد..

* اختلاف اللغات في حد ذاته يعد عائقاً في نقل الثقافات..؟

- هناك وعاء جامع تصب فيه قنوات مختلف الثقافات السودانية، هذا الوعاء هو اللغة العربية، فعبرها يتم التواصل بين جميع جهات السودان، فهي لغة مفهومة لحد كبير في الجنوب وفي الشرق والغرب، ولا سيما في الشمال، هذه اللغة تساعد كثيراً في نقل الثقافات وخلق نوع من التواصل الحميم.

* إذن فيما تكمن أوجه اختلافنا وهذا التنافر الذي نراه الآن..؟

- نحن لدينا مقدرة عالية على استيعاب بعضنا البعض، ويجب أن نستغل ذلك في توحيد الإحساس والرؤى تجاه هذا الوطن، ومشكلتنا تكمن في أن كل منا يظن أنه أكثر سوداناوية من الآخر، فيجب علينا ان نعرف ثقافات بعضنا البعض، وبالتالي علينا احترامها، وأن لا نحاول أن نعلي ثقافة على أخرى..

* هذه المساحة الكبيرة هل يمكنك عبرها إيصال صوتك للآخرين..؟

- السودان بلد مترامي الأطراف، وكانت هناك إشكالية في الوصول والاتصال، لكن ثورة الاتصال التي أطلت أخيراً جعلت التواصل من السهولة بمكان، فأصبح متاحاً ان يصل كل فن منتج الى جميع أجزاء الوطن، ويساعد في ذلك احساسنا بأن لنا نفس الانتماء مهما باعدت المسافات بيننا، ولكن يجب على الدولة ان تدعم مثل هذا العمل، وذلك بعمل رحلات وتبني مهرجانات تجمع بين هذه الأصقاع البعيدة.

* الآن هناك موجة ممن يستغلون هذه الأعمال التراثية وينسبونها لأنفسهم، كيف تنظر لذلك؟

- هذا عدم أمانة، وينافي تماماً رسالية الفنان، لأن أبسط ما يجب توافره في الفنان، هو الأمانة، لأنه ضمير لمجتمعه.. وأعزي ذلك التعدي لأن القائمين على أمر الأجهزة الاعلامية وربما بعض القائمين على أمر التراث يجهلون الكثير منه، لذا فمن السهل أن يأتي أحدهم بعمل تراثي فولكلوري وينسبه لنفسه، دون أن يفطن احد لذلك.

* والبعض يحاول أن يدخل على هذه الأعمال بعض التجديدات، هل ترى في ذلك تشويهاً لهذه المضامين..؟

- أكاد أجزم أن أغلب ما يقدم الآن من أعمال على الأجهزة الإعلامية ليست على الشكل الحقيقي الذي انتجت به، ربما بقصد أو بدونه يتم تحويرها وتبديلها، وهذا قصور وتشويه يجب أن يُساءل عنه من يرتكبه.. لأنه يفقدها معناها الحقيقي الذي أنتجت به..

* ألا يحدث ذلك جموداً في هذه المواد التراثية، إذ يحد من إمكانية تطويرها..؟

- الحفاظ على القوالب الأصلية مهم للغاية، يمكن إحداث بعض التطوير وليس التغيير، وذلك بإدخال بعض الآلات التي تضفي على العمل بُعداً جديداً، لكن حتى هذه المعالجة يجب ان نشير اليها حتى لا نسلب العمل القديم حقه.

* كيف تنظر الى مستقبل الأعمال التراثية في ظل الموجة الجديدة من أغنيات الشباب المحلية والوافدة..؟

- لكل فهمه الخاص به، أنا لا أعيب على الشباب ما يقومون به، لكن أقول إن الإنسان أسير ما ألف، ونحن سبقناهم وألفنا ما وجدناه أمامنا، لكن الفرق أننا ألفنا أشياء من صميم بيئتنا وتتماشى مع عاداتنا وتقاليدنا، أما هذه التقاليع الجديدة التي انجرف الشباب وراءها الآن هي أشياء في معظمها دخيلة علينا، ومنافية للكثير من اعتقاداتنا، لذا أدعوهم للبحث والتنقيب في كنوزهم التراثية التي تحفل بالكثير الذي علينا أن نعض عليه بالنواجذ، وحينها تأكد بأن هذا التراث سيستمر أبد الدهر لأن كل جيل سيوصله للجيل الذي يليه، وهكذا..

* يحيى أدروب، الى متى سيظل أسيراً للماضي، ألا يستحق الحاضر إنجاز أعمال جديدة..؟

- نعم يستحق ذلك، الآن بدأنا في تقديم لونية جديدة، وهي أغنيات باللغتين البجاوية والعربية، وخلق نوع من التمازج بينهما، مع محاولة الاحتفاظ بالقالب اللحني والايقاعي الموحد، مما يحقق نسبة انتشار جيدة لهذه الأعمال..

* وهل نتعشم في الانتقال بهذا الارث للعالم من حولنا..؟

- مقولة الطريق الى العالمية يبدأ من عتبة البيت، أنا أؤمن بها تماماً، الآن كل أنظار العالم تتجه الينا، وحتى المشكلات السياسية التي نعانيها، للعالم من حولنا اليد الطولى فيها، لذا كلما استمسكنا بعروة ثقافتنا الوثقى وحاولنا تقديمها للآخرين، كلي ثقة في أنها ستجد مكانها بينهم، لأنني أرى أن ثقافتنا بها زخم إبداعي سوف يدهش العالم بإذن الله..










 

نشأت الامام

 

راسل الكاتب