لو تعرف يوم في دنيا غيابك !

بقلم : نشأت الامام

 

لو تعرف يوم في دنيا غيابك !

خمسون عاماً وهو يملأ أفق الغناء السوداني بالروائع الخالدة، أحب الفن منذ نعومة أظافره، وترك المدرسة الأولية وزهد فيها لأجل الفن، مكتفياً بما ناله في «الخلوة».

في «حي العرب» بأمدرمان كان ميلاده، نشأ في هذه البيئة المترعة بالغناء، رافق العملاق عبد الرحمن الريح فانسابت الألحان عذبة بين يديه، وامتلك القدرة على اختيار الكلمة الصادقة الجميلة، تعلم العزف على آلة العود باكراً وترنم بأغنيات الكاشف «الحبيب وين.. قالوا لي سافر»..

بصوت شجي وألحان براقة بدأ مع رفيق دربه عبد الرحمن الريح الانطلاق في عوالم الفن الرحيب، تعامل مع عدد كبير من الشعراء تقدمهم عبد الرحمن الريح وسيف الدسوقي ومحجوب سراج وابراهيم الرشيد وحسين جقود وعوض أحمد خليفة ومصطفى عبد الرحيم وغيرهم من النجوم الزواهر، وكان هو واسطة العقد بصوته الدافئ..

تعامل مع ملحنين امتلكوا ناصية الموسيقى، منهم ود الحاوي وبرعي محمد دفع الله والطاهر ابراهيم..وكانت له أيضاً قدم راكزة في مجال التلحين «قاصدني ما مخليني، لو قلت ليك، تذكار عزيز» وغيرها من الألحان الوريفة التي تنقل بينها عبر مختلف الايقاعات، كيف وهو ابن امدرمان تلك المدينة التي رسمت ملامح السودان بمختلف قومياته، فجاءت ألحانه على ايقاعات السامبا والتمتم وعشرة بلدي والرومبا.. بالاضافة لإيقاع السيرة..

بهذه المسيرة الدفاقة تمكن مطربنا من القلوب وصار اكسيراً للمحبين، فخلدت أغنياته وازهرت فناً ووعداً وتمني، أغنيات زاهيات المتون، رقيقات الحواشي.. وكذلك حياته كانت مشواراً حافــلاً بالعطـاء، لم تـزده الســنوات إلا أصالة وتعتقاً..

أمس الأول رحل الفنان الذري ابراهيم عوض عن دنيانا، بعد معاناة طويلة مع المرض..نسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته ويلهم محبيه وأهله ومعجبيه الصبر الجميل على فراقه، وسنظل نردد ما أهدانا إليه ابراهيم ذات يوم مهما طال الزمن وتتابعت الأجيال:

ولو تعرف عايش على عطفك كل حياتي من أملاك

وتعرف يوم في دنيا غيابك يساوي سنين في دنيا هناك

يا أعز عزيز..

إنا لله وإنا إليه راجعون..

 

نشأت الامام

 

راسل الكاتب