السينما السودانية

بقلم : نشأت الامام

 

السينما السودانية
هل هي مشروعات «ساكت»؟

كيف يستطيع السودانيون ان يتكلمون وهم «ساكتين»؟
هكذا تساءل المخرج الكويتي خالد الصديق في كتاب نشره يحكي فيه تجربته بعد اخراجه لفيلم «عرس الزين» حيث اضطر للإقامة في السودان لفترة طويلة اصطدم فيها بجدار «السكوت المتكلم».. يتأخر ممثل ما عن التصوير وحين يسأله المخرج، تأتيه الاجابة:
- إتأخرت ساكت!
يرتفع الضجيج في استديو التصوير وحين يستفسر عن الأمر، يكون التبرير:
- بيتكلموا ساكت..
امطار «السكوت السوداني» لم تتوقف قط عن الهطول، في عرس الزين أو أحزان أهل السينما.. فكل شيء يحدث «ساكت» بلا منهج أو تخطيط أو دراسة مسبقة.. هذا يستورد الأفلام الهندية «ساكت» ومحليات تغلق دور السينما «ساكت» وتمويل يتوقف «ساكت» وأفلام وثائقية ملقاة في العراء.. أيضاً ساكت..
كمن يبحث عن ابرة في كوم قش، نحاول تشريح القضية بمباضع النقاد والمختصين والمخرجين وقبيلة الفن السابع، غير أننا نخشى أن تتوه بنا تشعبات القضية، فتفضي بنا إلى كلام «ساكت» ، نخشى ذلك..

حصاد السنين
أقيمت أول وحدة للانتاج السينمائي في السودان في نهاية الاربعينات، وسميت بوحدة أفلام السودان، وانتج أول فيلم روائي طويل بمدينة عطبرة في استديو للتصوير الفوتوغرافي يملكه الرشيد مهدي واسم الفيلم «آمال وأحلام» بامكانات محدودة دون أية مساعدة فنية أو مادية، وفي السبعينات شيد المخرج جاد الله جبارة الذي أنجز «31» فيلماً وثائيقياً و«4» أفلام روائية طوال تاريخه الفني هي «تور الجر في العيادة»، و«مبروك عليك» الذي يقبع تحت سيف المونتاج، و«تاجوج»، و«بركة الشيخ» ، أنشأ استديو على أرض حكومية جنوب الخرطوم، علماً بأن مجمل الأفلام الروائية السودانية الطويلة «6» أفلام، وهي (تاجوج، وتورالجر وبركة الشيخ) لجاد الله جبارة، (ويبقى الأمل) لشركة عليوة، (رحلة عيون) لأنور هاشم، اضافة لفيم الرشد مهدي كما تقدم.
وفي الانتاج المشترك وبتمويل واخراج كويتي أنتج فيلم عرس الزين عن رواية الأديب العالمي الطيب صالح واخراج الكويتي خالد الصديق.
.هذه ملامح عابرة لمسيرة سينما السودان يضاف إليها استيراد الأفلام من الخارج والتي بلغ مجموعها في العام 200 كمثال 105 فيلماً هندياً و 14 عربياً و39 فيلماً أجنبياً، والواقع يقول بتدهور مريع للسينما السودانية وعلي كافة الصعد.

فن وصناعة
يرجع المخرج جاد الله جبارة سكرتير الانتاج باتحاد السينمائيين الأفارقة، والذي كرم في جنوب أفريقيا مطلع ابريل الحالي، أسباب هذا التدهور المريع إلى الإدارة، فعبر كل العهود كما قال لم تكن من أهل السينما، ويعتبر هذا سبباً رئيسياً ويضيف أن السينما صناعة يسرى عليها ما يسري على ايه صناعة، ويؤكد بأن السينما موجودة ولكن أين دور العرض؟ يضيف جاد الله لقد كان بالسودان 64 داراً للعرض السينمائي، والآن لا يوجد منها 14، وهناك أسباب أخرى مثل ارتفاع تكلفة انتاج الفيلم السينمائي ولكن مع نظام الحاسوب قلت التكلفة، واضافة لتخوف الرأسمالية السودانية من انتاج الأفلام وهم بالأصل لا يعرفون شيئاً عن السينما، وضرب مثلاً بفيلم تاجوج ووعد منهم بالتمويل ذهبت ادراج الرياح حين دارت ماكينات التصوير، ويؤكد جاد الله أن السينما فن صناعة وتجارة.

غياب السياسات
ومن جانبها أكدت عضو اتحاد السينمائيين الأفارقة المنتجة والمخرجة السينمائية سارة جاد الله أنه لا توجد سياسات واضحة أو غير واضحة لصناعة السينما في السودان، اضافة لغياب مؤسسة الدولة للسينما، وهو ما أعاق توزيع الفيلم السوداني، وهذين العاملين أديا لاحجام رأس المال عن دخول مجال الانتاج السينمائي، اضافة للضرائب المفروضة على دور العرض، وعدم تشجيع قيام دور للعرض، والنظرة للفيلم السينمائي كترفيه وليس صناعة.

تشريعات محافظة
ويرجع الأستاذ صلاح عبد الرحيم الناقد السينمائي تدهور السينما إلى العامل السياسي، ويضيف: طوال تاريخ العهود السياسية لم تلق السينما المكان اللائق كأهم الفنون والوسيلة الأقدر على تلبية احتياجات السودان الثقافية والفن الأجدر بالاحترام، والدولة -كما قال- رفعت يدها تماماً عن هذا الأمر، وأشار الأستاذ صلاح إلى مسألة التشريعات المحافظة والوهن الاداري، كما لا يمكن فصل الانتاج السينمائي عن مجمل البنية الاجتماعية والسياسية، اضافة لعامل الاختلال التمويلي غير القادر على الانفاق على كافة متطلبات الأنشطة السينمائية من انتاج وتوزيع وعرض.
 

نشأت الامام

 

راسل الكاتب