الفنان منير حسن

بقلم : نشأت الامام

 

الفنان منير حسن يبوح لـ(ود مدني) ويقول:
مشاركتنا في العاصمة الثقافية فاشلة!!
من حق الفنانين الكبار حجر أغنياتهم من الشباب
المصنفات الفنية مسؤولة عن فوضى الكاسيت
مدني لا تقبل أنصاف الموهوبين لذا نحن أمام مسؤولية كبيرة


عندما اعتلى خشبة المسرح لأول مرة ذات خريف في العام 1994م وهو يغني (لقيتك في زمن قاسي) تنبأ له الكثيرون ممن استمعوا إليه بأن شأناً عظيماً في انتظاره.. وكان دخوله لاتحاد فناني الجزيرة للغناء والموسيقي في ذات العام - وهو لم يكمل بعد العقد الثاني من عمره- حدثاً في مدينة تتنفس فنياً.. لم يركن لترديد أغنيات غيره من الفنانين، إذن كان يرى أن ما حباه الله به من صوت أجدر به أعماله الخاصة.. ولذا دأب على تجويدها.. الآن تراءت لنا خطواته بوضوح في صعودها نحو أفق شاهق الروعة.. ذلكم سادتي الفنان منير حسن.. فتابعوا معنا كيف يفكر وكيف يرى..
                     
حاوره: نشأت الإمام
ü مشاركتكم الأخيرة في إطار نشاطات المنطقة الوسطى المشاركة في فعاليات الخرطوم عاصمة للثقافة العربية 2005م كان باهتة، خصوصاً إن قارناها بمشاركتكم في مهرجان الأغنية للعام 1997م..؟
- تجربتنا مع العاصمة الثقافية كانت غير ناجحة تماماً، على الرغم من تقديمنا لأعمال جميلة وراقية، لكن ربما يعود ذلك لسوء في التخطيط والتنظيم، وضعف في إعلام العاصمة الثقافية، إذ لم نشعر بأننا نشارك في مهرجان، الفعالية كانت أشبه ببروفات ليس إلا، أنا شخصياً أصبت باحباط وقفلت راجعاً لمدني، وفرق كبير من مهرجان الأغنية في العام 1997م -الذي حقق نجاحاً كبيراً- من حيث التنظيم والتخطيط.
ü شهدت الفترة الأخيرة تطوراً ملحوظاً في اتحاد فناني الجزيرة، كفنانين شباب كيف تنظرون الى علاقاتكم بالاتحاد، وماذا أفدتم من هذا التطور..؟
- الجهد الكبير الذي بذل في دار اتحاد الفنانين انعكس علينا ايجاباً، إذ توافرت لنا فرص اجراء البروفات والتواجد الدائم بالاتحاد، مما يعمق الوشائج الفنية بيننا في الاتحاد، ويقوم الاتحاد بعدد من الأعمال التي تنصب في ترقية الأداء الفني بالولاية، وآخرها كان لجنة المصنفات الفنية التي أتت وأجازت عدداً من الأصوات لعدد من الفنانين.
ü بمناسبة الحديث عن اتحاد فناني الجزيرة.. ترى ما هو تأثير بيئة مدني الفنية في تكوين شخصية الفنان منير حسن..؟
- مدني لا تقبل أنصاف الموهوبين، فجمهورها ذواق، ولقد أخذت منها الكثير من حبي واحترامي للفن، ومدني تضع على عاتقنا مسؤولية كبيرة وذلك نسبة للأفذاذ الذين خرجتهم في مجال الفن، إذ يتحتم علينا أن نكون امتداداً لجيل العمالقة.
وأذكر أن الفنان أبو عركي البخيت قدم أغنية (يا قلب) لأول مرة على خشبة مسرح الجزيرة، وقال حينها أنها يغنيها ليستفتي حولها هذا الجمهور الذواق.
ü وهل تعاملك اقتصر على شعراء مدني وملحنيها..؟
- إلى الآن الاجابة هي نعم.. اذ تعاملت مع الشاعر الجميل جمال عبد الرحيم (كتاب الريدة) وهي الأغنية التي حمل ألبومي الجديد اسمها، وله أيضاً (عيون حبيبي)، ولدي تعامل مع د. حاتم حسن (فارق علي)، ود. مزمل (نبضة شوق)، وعدد آخر من الأغنيات والشعراء.
ü منير حسن.. أحد عشرة عاماً من التواجد.. ماذا أفاد من ذلك وما هي المحصلة..؟
- هناك تطور واضح في الأداء خلال هذه الأعوام.. وأيضاً ذخيرة من الأغنيات الخاصة -خمسة عشرة أغنية- وخبرات تراكمية بفعل العمل المتواصل..
ü أنت تلحن لنفسك.. أهي نتاج تراكمات غنائية أم هي موهبة قائمة بذاتها.. وعندما يلحن الفنان وحده.. ألا يكرر نفسه في ألحانه..؟
- التلحين موهبة قائمة بذاتها.. وألحان الفنان الخاصة تكون قريبة من احساسه وبالتالي تنعكس ايجابا على شكل أدائه، ولكل فنان بصمته الخاصة التي تميز ألحانه، لكن ليس بالضرورة أن يكرر نفسه، خاصة إذا كانت الفترات اللحنية متباعدة، وهذا لا يمنع خاصية التعامل مع ملحنين آخرين.
ü حتى الآن لم تلتحق بالمعهد العالي للموسيقى والمسرح والذي تحول إلى كلية بجامعة السودان.. هل تحس بأنه لن يضيف إليك شيئاً..؟
- الدراسة بالمعهد صارت أكاديمية أي أنها تعتمد على على النجاح الأكاديمي فقط.. دون مراعاة للموهبة.. و..
ü مقاطعاً: ولكن هناك امتحان قدرات للمتقدمين..؟
- نعم ولكن الأساس هو الشهادة.. كم من موهوب أقفلت في وجهه أبواب المعهد وفقد فرصته؟.. الموهبة وحدها لا تكفي.. ولكن على الرغم من ذلك هناك ظروف أسرية تحول دون التحاقي بالمعهد، متى ما انقضت سألتحق به..
ü صراع مستعر هذه الأيام يقوده الجيل القديم من الفنانين ضد الفنانين الجدد الذين يرددون أغنياتهم.. كيف تنظر إلى هذا الأمر..؟
- لهم الحق في ذلك، لقد تعبوا وسهروا حتى يخرجوا هذه الأغنيات ولتظل خالدة إلى اليوم، يفترض بالشباب أن يجتهدوا في أعمالهم الخاصة..
ü مقاطعاً: لكن ألا ترى معي أن ترديد الشباب لهذه الأغنيات يخلق لها تواجداً وبعثاً جديداً..؟
- ربما تكون سنة أن يبدأ الشباب بترديد أغنيات الكبار.. ولكن أن يستمروا في ذلك فهذا هو الخطأ، وما دام الفنان صاحب العمل الحقيقي قادراً على العطاء، فحري به أن يخلق تواجده بنفسه..
ü الآن شركات الانتاج الفني تشتري أغنيات قديمة من شعرائها وتقوم باعطائها لعدد من الشباب لترديدها.. ما رأيك بهذا..؟
- المصنفات الفنية وبقوانين الملكية الفكرية ربما أجحفت في حق بعض الفنانين، الأغنية أساساً تقوم على ثلاث دعائم (شاعر-ملحن-مؤدي) القانون يتعامل مع الشاعر والملحن على أنهم أصحاب حق أصيل، أما الفنان فليس له هذا الحق، مع العلم بأنه صاحب الحصة الكبرى في اشتهار هذه الأغنية أو تلك..
ü إذن الآن توجد فوضى إذ بدأت الأغاني تسمع كل يوم بصوت جديد.. مما قد يؤثر لاحقاً في مستوى السمع لدينا.. أم كيف تنظر لذلك..؟
- في الخارج لا يتم ذلك.. أي لكل فنان أغنياته التي يرددها والتي يسجلها في ألبوماته، لكن ربما للحالة الاقتصادية الضاغطة أثر في أن يباع العمل أكثر من مرة وأرى أنه يتوجب على المصنفات الفنية تقنين هذا العمل، تجنباً للفوضى.
ü الأغنية السودانية لا تزال غارقة في المحلية، إلا بعض الإشراقات هناك وهناك.. إلى ماذا يعزي منير عدم اختراق أغنياتنا أثير العالم حولنا..؟
- لدينا كلمات مترعة بالجمال، وألحان راقية جداً، ولكن تكمن المشكلة في التوزيع الموسيقي.. نحتاج لموهوبين أمثال المتفرد الموصلي، فخيالنا مغرق في المحلية، وإن كانت هناك اشراقات مثل تفرد توزيعات محمد حامد جوار، والتي حصدت الذهب مرتين في مهرجانات الأغنية العربية، وهذا النجاح لم يحالف أحد الموسيقيين على نطاق الوطن العربي سوى الموسيقار عمار الشريعي، وهنا يتبدى لنا بوضوح أثر الخيال الموسيقي الذي ينقصنا، فالتوزيع يحتاج للخيال وللموهبة والدراسة، فمشكلتنا تكمن في افتقارنا إلى الخلفيات الموسيقية الجاذبة.
ü إذن ما الحل للخروج من هذا النفق المظلم..؟
- يفترض أن تجاز نقابة المهن الموسيقية، وفي هذا العام الذي أعلن عنه بأن الخرطوم عاصمة للثقافة العربية، كنا نأمل أن تجاز نقابة المهن الموسيقية، ولكن تجاهل أولوا الأمر ذلك، فالنقابة ستصبح معقلاً قوياً لتخريج ملحنين وموسيقيين مهرة، إذ لن تقبل بأنصاف المواهب.. وسيكون لها صوتها الذي سيؤثر فعلياً في الحركة الفنية.
ü أنتم كإقليميين هل ترون هناك تقصيراً من الأجهزة الإعلامية تجاهكم..؟
- في الفترة الأخيرة أصبحت الأجهزة الإعلامية تعي دورها جيداً في عكس مختلف ثقافات هذا الوطن القارة.. ولا يوجد تقصير، هذا ما بدأنا نحسه منذ مدة.. ومن وقت لآخر تأتي فرق من الإذاعة والتلفزيون لتسجل لنا.. آخرها قبل ثلاثة أسابيع سجل معنا التلفزيون -معي الفنان عز العرب والفنان عمر جعفر- أغنيات جديدة.
الشباب بصورة عامة ينقصهم الجانب الإعلامي.. وأرى أن الأستاذ بابكر صديق قدم اسهاماً ثميناً للفنانين والمواهب الشابة بالفرصة التي أتاحها لهم خلال برنامجه (نجوم الغد).
ü سمعنا أن لك تجربة فيديو كليب جديدة.. هلا حدثتنا عن تفاصيلها..؟
- قابلت المخرج أمجد أبو العلا وهو مخرج عالمي سوداني الجنسية، وهو متخصص أصلاً في الأفلام القصيرة وأغنيات الفيديو كليب وسبق أن فاز بعدد من الجوائز العالمية في هذا المجال آخرها أغنية مصورة للفنان هشام عباس، وجاء هنا بغرض تصوير عدداً من الأفلام، المهم.. التقيته واستمع لألبومي الأخير واختار أغنية (كتاب الريدة) وتم تصويرها في الخرطوم، وطور فيها شكلاً غير تقليدي لقصة حب.. وسوف تقوم احدى الجهات بانتاجها ومن ثم عرضها على عدد من القنوات الغنائية المتخصصة.. وآمل بعد ذلك أن أقوم بعرضها على تلفزيون السودان اسهاماً مني في اثراء المكتبة التلفزيونية.
ü ختاماً ماذا تقول للفنانين الشباب..؟
- أدعوهم لأخذ الفن مأخذ الحياة.. إذ لا تستقيم الحياة في ظل التكاسل، علينا بذل واجتهاد حيال ما نقدم من أعمال.. وحتماً سيكبر الصغير يوماً ما.

 

نشأت الامام

 

راسل الكاتب