القنوات الغنائية.. ليست ترفاً!

بقلم : نشأت الامام

 

وها هو العد التنازلي لاذاعة الرابعة يقترب من الصفر, معلناً اطلاق صافرة البداية لهذه المحطة الاذاعية, لتبدأ رحلة السباق مع مثيلاتها من المحطات الفنية المتخصصة والتي انداحت عبر فضاءات الخرطوم, وهي تخصص جزءاً كبيراً من برامجها للأغنيات.. تبث أنغاماً على مدار الساعة, تتخللها برامج خفيفة, وبعض النشرات الاخبارية.

والسباق بين المحطات الاذاعية في جذب أكبر عدد من المستمعين, نريد له أن ينتقل الى الفضائيات التلفزيونية عندنا, إذ أنه في ظل زخم القنوات التي تمنح لثقافاتها وفنونها خاصية الإنفاذ عبر محيط بثها, نريد تخصيص قناة غنائية سودانية, تحمل أغنياتنا بعيداً وتخترق بها أثير الآخرين, وتفسح لها موطئ قدم بين رصيفاتها =من الأغنيات العربية= على أقل تقدير.

وفي حوار سابق أجريته مع الفنان سيف الجامعة, نادى فيه =وبشدة= لأن تتنحى الدولة عن احتكارها للتلفزيون, وتفتح الباب للقطاع الخاص, ولتكن لها في تجارب كثير من الدول حولنا أسوة حسنة, فمعظمها السيادة فيها للقنوات الخاصة.

ونحن مع طرح الأستاذ سيف في دخول القطاع الخاص لمجال القنوات الفضائية, مادامت الدولة تصدر التشريعات والقوانين التي تنظم عملية التعاطي مع الإعلام, ووجود قناة متخصصة في الأغاني =كما ذكر سيف= لا يعد ترفاً, بل يدخل في عصب الأشياء المهمة, لأن الأغنية قادرة على صنع موقف سياسي وثقافي, بل حتى اجتماعي.

ونحن نرى أن هناك اعتقاد خاطئ يسود معظم الأوساط بأن الأغنية لا علاقة لها بالسياسة, ولعل هذا الانطباع هو ما يجعل بعض الأنظمة تتخلى عن تسيس الأغنية (كمضمون) وتركز على تسيس (الأطر الغنائية).

الأغنية اليوم تحتل مكانة هامة, ليس فقط بالنظر الى جماهيريتها المتأكدة والمتزايدة, وانما باعتبار نجاعتها في تكوين مبادئ المجتمع من جهة, وتدثرها بأهداف وشعارات نبيلة من جهة أخرى.

وقد فطنت الحضارات المختلفة الى التأثير العام والسريع للأغنية على الانسان, لذلك لعبت الأغنية منذ القدم أدواراً في جل المناسبات الاجتماعية, سواءً كانت عامة (حروب, عبادات, زراعة, حصاد.. إلخ), أو خاصة (زواج, ميلاد, وفاة..).

إذن نحن الآن في أمس الحاجة الى قنوات فنية وثقافية متخصصة تتبنى الكثير من المشاريع, والتي أهمها –الآن على الاطلاق- السلام, إذ يحتاج الى قنوات تتبناه كفكرة لتحرير مفهومه في أذهان الناس بعيداً عن سلطة الدولة, ليكون أكثر مصداقية, وقبولاً..

 

نشأت الامام

 

راسل الكاتب