نيل السلام.. نظرة عميقة!!

بقلم : نشأت الامام

 

# وبعض العلماء الآثاريون الآن وهم يمارسون استكشافاتهم الآثرية في شمال السودان، يكاد همسهم يصبح صراخاً، وهم يرددون الحقيقة العلمية التي مفادها أن الحضارة تنتقل في اتجاه حركة انسياب المياه.. وحضارة نبتة تصبح -حسب هذه القاعدة العلمية- هل المنشأ الأول والرافد الأساسي للحضارة الفرعونية التي ازدهرت في مصر بعد ذلك.. والأبحاث تتواصل.. والذي يحمل لنا صك أسبقيتنا الحضارية.. هو النيل!

# ودول حوض النيل -باستثناء السودان- تقيم الدنيا ولا تجلسها، ومن خلفها قوى الاستكبار العالمية، من أجل تعديل اتفاقية مياه النيل، التي تحدد حصص دول المنبع والمصب من هذا النيل!

# في المدارس الابتدائية -قبل ثورة التعليم (الحضارية) التي ابتلعت فيما ابتلعت هذه المرحلة- كنا ندرس أن السودان هو سلة غذاء العالم.. وكنا في اقليم الجزيرة، نحس بالفخر لأننا نرى مشروع الجزيرة -طيب الله ثراه- تشرئب سنابله ولوزات قطنه نحو السماء، دون أن ننتبه إلى ما فطن إليه اخواننا في شمال الوادي، أن كل هذه الهبة هي من النيل!

# والمصور السوري جورج عبد النور الذي وضع الخلفية ليوم (نيل السلام) بنادي الزوارق، حينما أتأمل صوره التي تحكي عن مختلف جهات السودان، وأسأله عن هذه الصور الجميلة، يجيبني بأنه حتى الآن قضى خمس سنوات وهو يتنقل بين أرجاء هذا الوطن القارة، حباً وعشقاً وشغفاً به، وذكر جورج -وهو يعض على حروفه بلهجته الشامية كيما يضمن فهمي لها- إن هذا البلاد يضم أجمل المناظر الطبيعية، وأعظم ما فيه.. هذا النيل!

# والاحتفال الرائع الذي أتاح دخول الناس العاديين لنادي الزوارق، هذا النادي وهذه الرياضة التي ما انفكت -بالاضافة لرياضة الفروسية- حكراً على أبناء الطبقات المؤسرة، وذلك لأنها من الرياضات المكلفة مادياً، هذا الاحتفال كان غاية في الروعة وهو يربط بين النيل والثقافة، إذ كان اليوم من تنظيم الإدارة العامة للسياحة ووزارة الشؤون الاجتماعية والثقافية، ومن ضمن فعاليات الخرطوم عاصمة للثقافة العربية 2005م.

# والفقرات التي تنوعت بين سباقات الزوارق والقوارب الشراعية، والتي تفاعلت معها الرياح وهو تملأ أشرعتها، وذلك بعد أيام من الأجواء الخانقة، والتزلج على الماء، وامتدت لتشمل مشاركات فرقاً قومية وشعبية تمازجت ثقافتها وأعراقها، وتلك العروض الرشيقة لأطفال (فلاح) التي اجتذبت الكبار قبل الصغار بنادي الزوارق، والفواصل الغنائية والفكاهية التي قدمت، جل هذه الفقرات كان قاسمها المشترك تمجيد هذا النيل..

# إذن الآن نحن بدأنا نعي تماماً أهمية النيل، وارتباطه بنا، وهاهي الثقافة توقظ فينا الانتماء لهذا النيل المندلق من فراديس الجنان، وهذا ما ننتظره من الخرطوم الثقافية.. هذه الملامسة الأنيقة لعصب الثقافة السودانية والتعريف بها، وإزالة ما تراكم عليها من إهمال، وإعادة بعثها من جديد..

ونغني مع نهر الغناء الخالد، الفنان عبد العزيز محمد دوائوود:

اجري يا نيل الحياة..

لولاك ما كانت حياة..

اجري يا نيل الحياة.
 

نشأت الامام

 

راسل الكاتب