سيف الجامعة

بقلم : نشأت الامام

 

سيف الجامعة افشل من يتحدث عن نفسه

في الغربة خسرت النبض اليومي للناس

الملاسنات لا تليق بالعملاقين وردي والحلنقي

ننتظر قانون نقابة المهن التمثيلية بفارغ الصبر

المستقبل برمته للشباب

عقد الجلاد أكثر الفرق صموداً على مستوى العالم

الفيديو كليب مهم.. ولكننا نفتقد الخيال .!

عاطف خيري يتعمد كتابة الشعر الصعب


سيف الجامعة.. رقم من الصعب تجاوزه في دنيا الغناء السوداني.. اكتحلت أغنياته بلونية محببة لدى الكثير من معجبيه.. ارتحل كثيراً.. وأخيراً.. ها هو يحط برحاله بين ظهرانينا.. وهو يحمل لنا من لدنه كل جديد وجميل.. هو فنان صاحب ثقافة عالية أكسبتها له جديته وتجاربه الثرة مع الآخرين.. نلتقيه هنا وهو على بعد ساعات من دخوله إلى القفص الذهبي.. ونترككم معه في هذه العجالة..

اصطاده: نشأت الإمام


عاد سيف الجامعة ، لحضن الوطن بعد سنوات من الغربة ، مكتملاً بالنضج وبالخبرة وبالوعي . فالغربة ، لم تكن خسارة كبرى ، فمنها أطلق أشهر البوماته (وصتني وصيتها) ، الذي خط شهادة ميلاد جديد لفنان كان وما زال واعداً بكل ما هو جميل . عودة سيف ، هي بمثابة وعد جديد بميلاد متجدد وبشرى على شرفاتها كان هذا اللقاء لاستقراء الآتي ، والاجمل حتماً ..

ولم يضن علينا بوقته وهو يستعد هذه الايام لمراسم زواجه ، التقينا به في أمسية امدرمانية ماطرة وكانت هذه الافادات.

# نتساءل عن الغربة .. لماذا خرجت من السودان .. ؟

- انا حتى العام 90 كنت أعمل في دار جامعة الخرطوم للنشر ، ولأسباب تتعلق بتغير الوضع في السودان وضغوط واستقطاب سياسي حاد كان في تلك الفترة ، اخترت الهجرة ، شأني شأن الكثير من السودانيين الذين هاجروا وشكلوا طيفاً واسعاً من المعارضة في تلك الأيام ..

# عودتك هل تدل على حدوث نوع من الانفراج السياسي ؟

- نعم، الآن يوجد الكثير من الانفراج وأمل في السلام والديمقراطية والحوار وتقبل الآخر .. إذن كان لابد من الرجوع إلى أحضان الوطن ، وأنا لست معارضاً من أجل المعارضة بل من أجل السودان .

# متهم بأنك «تطرح نفسك» كسياسي أكثر منك فناناً ؟

-لا .. ليس ذلك حقيقياً .. لأني حتى الآن لم أمارس مهاماً تنظيمية في حزب سياسي بعينه ، صحيح أنني قد اقتربت من تيارات سياسية متنوعة ولكن كل ذلك كان في اطار محاولة للتماهي مع أي فكر سياسي يستوعب طاقات وقدرات الانسان بشكل مؤسسي ،ولكن ظل رأيي هو ان يبقى الإنسان الفنان ملكاً لكل الناس ، هذا هو الخيار الأفضل.

# أغنيتك «طبل العز» رائعة الشاعر الحردلو .. استخدمت كثيراً كشعار للعديد من البرامج التعبوية ، ألم يكن يزعجك ذلك ، وأنت مصنف كمعارض سياسي...؟

- أنا كفنان ضد الحرب .. وطبل العز أغنية حماسية ووطنية وقومية مثلها مثل كل الأغنيات الوطنية الخالدة «عازة في هواك» «أنا سوداني» و «اليوم نرفع راية استقلالنا» وهي من نوعية الغناء الذي يوحد الناس ، واستخدامها في ذلك الوقت كان فيه نوع من الذكاء ، ولو كنت في أي جهاز اعلامي لكنت استخدمتها لأنها تخدمني كثيراً ، وأنا حينما قمت بغنائها فعلت ذلك من أجل أن يسمعها الناس ، بغض النظرعن أين ومتى ؟ لذلك لم يزعجني هذا الموضوع كثيراً .

# خلال وجودك بالقاهرة .. ماذا استفدت من التطور الموجود .. وماذا قدم سيف للأغنية السودانية .. ؟

- أنا أفشل من يتحدث عن نفسه .. ما قدمته للأغنية في الخارج والداخل سؤال ينبغى أن يوجه للجمهور .. أما ما استفاده سيف من الغربة.. فهي ليست فائدة كبيرة .. فالفنان يتضرر كثيراً بالغربة .. خسرت الابتعاد عن الجمهور وخسرت النبض اليومي للناس والالتصاق اليومي مع معاناتهم ، فقدت خاصية الأغنية الطازجة التي تخرج من الفنان للجمهور مباشرة.. صحيح كسبت معارف جديدة وثقافة وعلماً وتجارب ثرة ونجحت تجربتي الفكرية والفنية والثقافية والفكرية .. لكن الخسارة كانت أكبر .

# حسناً.. كنت هناك قريباً من الاعلام العربي ماذا قدمت ؟

- بكل صراحة الأغنية السودانية تعتبر على تخوم العالم العربي ، جهد فرد واحد أو مغني واحد لايقدم ولا يؤخر كثيراً ، صحيح اشتركنا في مهرجانات وفي النشاطات الفنية ، لكنها نشاطات وقتية ، نشر الفن عمل يومي ، يفترض أن تكون له مؤسسات ، ولا يوجد بلد مهما كانت درجة صداقته وقربه منك يتبني ثقافتك السودانية وأغنيتك السودانية لكي ينشرها بشكل يومي .. لايزال القصور مسؤولية جهات عديدة ، ومازالت الأجهزة الإعلامية قاصرة ، والمساحة المتاحة للأغنية السودانية في زمن البث مساحة ضئيلة لا تساوي المجهود الذي نبذله كفنانين في تطور أغنياتنا.

وشركات الكاسيت في السودان ضعيفة ، بالمقارنة مع شركات خارجية ، وما تبذله من جهد على قلته ، يواجه الكثير من المشاكل والمعوقات أهمها ضعف رؤوس الأموال ، وحتى حينما يأتي رأس مال من خارج الأوساط الفنية أو من خارج السودان ، تتم محاربته من عد ةجهات ، إذاً لابد من ايجاد أسلوب أو طريقة تسهل عملية انتاج الغناء ونشره . لدى مقترح أنادي به هو أن السودان بحاجة إلى قناة متخصصة للغناء .. و

# مقاطعاً :

ولكن حتى التلفزيون وبشكله الحالي يشكو حاله لطوب الأرض من ضعف الأمكانيات وقلة الموارد .. ؟

- إذا الدولة ليست لديها الامكانيات لتسيير حركة الإعلام ليصبح مواكباً ..فلتفسح المجال للقطاع الخاص ، ولنأخذ تجربة لبنان في هذا المجال كمثال.. فتلفزيون الدولة متوقف تماماً، لكن توجد العديد من القنوات اللبنانية وهي كلها قطاع خاص.

#ألا ترى أن ذلك قد يجعل هناك انفلاتاً في شكل الخطاب الإعلامي الذي يفترض أن الدولة تسعى لنشره في هذه الفترة بالذات .. وألا يعد ذلك ترفاً والسودان يمر بهذا المنعطف الدقيق ؟

- على الدولة أن تصدر التشريعات والقوانين التي تنظم عملية التعاطي مع الإعلام ، ثم إن وجود قناة للموسيقى والغناء ليس ترفاً .. ويدخل ضمن الأشياء المهمة ، لأن الأغنية يمكنها صنع موقف سياسي أو ثقافي ، كمثال السلام الذي بدأت تباشيره تلوح في الأفق .. هذا الموضوع - السلام - يحتاج لقنوات ثقافية وفنية متخصصة تتبناه كفكرة ، وبعيداً عن سلطة الدولة ، وبذلك يكون أكثر مصداقية وأكثر تقبلاً لدى الآخر ..

# «وصتني وصيتها» أول أشرطة سيف الجامعة بعد هجرته ، أحدث نقلة كبيرة في شكل أداء ومضمون الأغنيات والتقنيات المستخدمة . هذا الألبوم لم يأت بعده إلبوم مقنع .. ما رأيك في هذا الاتهام ؟

- المشكلة في أن هذا الألبوم نجاحاً ساحقاً ، لذلك كل النتاج الذي جاء بعده كان مختفياً في ظل «وصيتني وصيتها» .. لكن هناك انتاجاً كثيراً ، وموجوداً في السوق أعتبره أكثر أهمية من هذا الألبوم ، خذ كمثال ألبوم «وجه القمر» الآن حصل على المركز الرابع على مستوى الألبومات في السودان ، وجاء ترتيبه بعد «طفل العالم الثالث» و «أرحل» و«الحزن النبيل» ، وجه القمر أنتج بعد «وصتني وصيتها» بثلاث سنوات، وفي تقديري أيضاً أن ألبوم مثل «مريم ومي» الذي أنتج خارج السودان هو أكثر أهمية كذلك .

والآن يوجد داخل العلب ألبومين ، أحدهما لدى شركة المساء الدولية ، والآخر أيضاً حبيس لشركة الروماني ، وهناك ثلاثة ألبومات لدى شركات أخرى..

# تردد أن لك ألبوماً كاملاً من ألحان الأستاذ علي أحمد .. نتساءل هنا عما وجده سيف الجامعة في ألحان علي أحمد ؟

هذا الألبوم لايزال في مرحلة الاختيار ، وحتى الآن تم اختيار ثلاث أغنيات ، وبإذن الله حسب خطتي سوف يصدر مع مطلع العام المقبل ، وبخصوص ألحان علي أحمد ، أولاً أنا لا أحبذ أن أقول علي أحمد ، بل صلاح الدين أحمد ادريس ، وعلاقتي به تمتد من مدينة شندي وذلك لأننا أبناء منطقة واحدة ، ومنذ مطلع التسعينات استمعت لكثير من تجاربه وهو يجيد العزف على العود ويغني ، والتلحين بالنسبة لصلاح هواية أعطاها الكثير من وقته مؤخراً وهي تجربة بدأت صغيرة وتطورت بعد ذلك ، وعندما تناولت أعمال صلاح أحسست بها وشدتني إليها ، وأنا لا أرى سبباً للهجوم على هذه التجربة ، ولا أعتقد أن هناك مانعاً في أن يكون رجل أعمال وصاحب هوايات ، وهناك الكثير من الأمثلة لرجال أعمال وأمراء ووزراء لديهم علاقة بالكثير من الأعمال الفنية..

وفي اعتقادي الخاص أن مقابلة تجربته بالصد والرفض فيه إجحاف لا يشبهنا نحن كسودانيين ، وألحانه مشاعة وليست مفروضة ، فمن يحس باللحن يستمع إليه ، ومن لم يعجبه فلن يسمعه .. إذن هناك حرية وهناك تقييم يأتي من المتلقي تجاه هذه الألحان.

# لكن ألحان علي أحمد متهمة بأنها لم تأت بجديد .. وتعود لعهد أغنية الستينات حيث الرومانسية المترفة ، وهذا ليس زمنها ؟

- هذه التهم جاءت حسب آراء كثير من الفنانين وعلى رأسهم محمد وردي ، وأنا لا أعترف بلحن جيد ولحن سييء ، لأن اللحن في الأساس هو فكرة ، إما أن تقبلها أو ترفضها ، وعلة الألحان تكون في التشابه ، لكن هذا غير موجود في أعمال صلاح ادريس ، حتى ألحانه لا تشبه بعضها بعضاً ، يمكن أن يكون الحس أو الصبغة واحدة ، ولكن الأفكار تختلف من أغنية لأخرى ، هو ينتمى بذوقه وحسه لمرحلة أغنيات الستينات ، وهي مرحلة خصبة جداً من ناحية النص وناحية اللحن ، وهذا لا يضير هذه الألحان ولا يعيبها ، ونحن نرى الآن في العالم العربي نجاح كاظم الساهر وأصالة وماجدة الرومي مرده أساساً لعودتهم للأغنية العربية في مرحلة الستينات والسبعينات لمرحلة عبد الحليم والأطرش ، وعبد الوهاب وأم كلثوم ، والناس الآن يغنون أغنيات الحقيبة ، وهي من الأربعينات ، فلماذا لا يردد أحد بأن هذه الأغنيات قديمة ؟ وأنا أرى ألحان صلاح ادريس وعلاقتها بالأغنيات القديمة تحسب له وليست عليه.

# على ذكر صلاح ادريس وألحانه واللغط الدائر على الساحة الفنية ، هناك قضية شغلت الرأي العام والوسط الفني على وجه الخصوص وهي تلك الملاسنات بين الفنان محمد وردي والشاعر الأستاذ اسحق الحلنقي .. ما رأي الأستاذ سيف الجامعة في ذلك ؟

- أنا عبركم أوجه رسالة للأستاذين العملاقين وردي والحلنقي وأقول لهما : نحن نحترمكما ونقدر تجاربكما ، ونرجو أن يتم لم هذا الصراع اذ ليست هناك جهة تستفيد منه ، وأنتما أسعدتما الناس بـ «صورة» و «أعز الناس» و «عصافير الخريف» و «أقابلك» وغيرها من الأعمال التي نعدها خرافية ، ومازلنا ننتظر منكما الكثير . وهذه المعركة لا تشبهكما ، ولا تليق بكما ، وهذه الأيادي الخفية التي تدير هذا الصراع يجب أن تفوتا عليها تلك الفرصة».

# حسناً أستاذ سيف .. هناك فجوة بين الجيل الذي سبقكم والجيل الذي تلاكم.. في رأيك هل يعد ذلك سبباً في افراز بعض الأصوات النشاز والأغنيات الهابطة في الفترة الأخيرة .. ؟

- نعم هناك فجوة أسبابها متنوعة ما بين السفر كحالتي وحالة الأخ الموسيقار علي السقيد والموصلي ، وتوقف البعض عن الغناء مثل الخالدي وعثمان الأطرش ، ورحيل البعض كمصطفى وخوجلي عثمان والعميري ، ولكن المشهد ليس أسود بالكامل ، هناك الكثير من الاشراقات ، والمواهب التي تحتاج إلى رعاية ،وأنا كفنان لا أضن على زملائي بألحان أو بأفكار ، فقد قمت بالتلحين للأخ معتز صباحي «الخلاني أحبك أكتر» ، ولخالد محجوب أغنية «حنينات» وهي من أشعار مدني النخلي ، وآمال النور «يا نسمات» ، وللصوت الجديد اعتدال سليم وهي صوت واعد أعطيتها 3 أعمال من أشعارالسر أبو العائلة. رد الله غربته.
# نبدأ بالزواج.. لماذا سيف الجامعة الذي يغني للعيون وللحب وللحبيبة الوطن والوطن الحبيبة.. يأتي زواجه متأخراً..؟

- هذا هو الزواج الثاني.. وهو لم يتاخر ، بل أن لكل أجل كتاب والزواج خاضع للقسمة والنصيب، وانا انسان قدري من الدرجة الأولى.. الزوجة الأولى مصرية لدي منها بنت جميلة جداً وعلاقتنا طيبة، وكان زواجاً موفقاً لكن ظروف انتقالي للسودان حتمت وجود بعض التغيرات، وكثير من التضحيات التي لم تقدر عليها.. وعليه اخترت أن أتزوج للمرة الثانية..

# شخصية سيف الجامعة.. لا تكتمل إلا بوجود هذه الطاقية التي يرتديها على الدوام.. ترى ما سر تلك الطاقية.. ؟

- أجاب ضاحكاً: لهذه الطاقية.. الكثير من المسوغات، فقد ظهر لي «صلع مبكر» لا يتناسب مع عمري، ولا تتناسب مع نوعية الرسالة التي أؤديها، فالطاقية بهذا الشكل تقربني من الشباب الذين أخاطبهم عبر أغنياتي، خاصة طلاب الجامعات.. لذلك ظللت متمسكاً بها، لكن في مرحلة ما «حتطلع» الطاقية ويتفاجأ الناس بصلعة «ضخمة جداً جداً».

# حسناً أستاذ سيف.. من من الأصوات لفتت انتباهك عقب عودتكم ودوركم في الربط بين الأجيال..؟

- أنا لست متوقفاً وهناك دور منوط بي يجب عليّ القيام به وهو محاولة الربط بين الشباب وبين من سبقونا، ومحاولة الحركة بين الناس بالخير، ونحن نحتاج كفنانين أن نعيد الود القديم والمحبة القديمة التي وجدناها، في من قبلنا أيام أحمد المصطفى وعبد العزيز داؤود وعثمان حسين، وأعتقد أننا كنا سعداء الحظ بأننا عاصرنا هؤلاء العمالقة، ووجدنا منهم كل محبة وكل تقدير، وإن لم يكن بالألحان فبالكلمة الطيبة..

والساحة مليئة بفنانين نعقد عليهم آمالاً عظيمة، نادر خضر، محمود عبد العزيز، وليد زاكي الدين، فرفور، عصام محمد نور، معتز صباحي، أبو طالب، أمير حلفا، نميري حسين، الصوت جديد اعتدال سليم وهي صوت واعد أعطيتها 3 أعمال من أشعار السر أبو العائلة وتقول احداها:

لو خاطري صحيح عندك غالي

علشان خاطري سيبني في حالي

امكن ارتاح من حبك والدنيا في بعدك تحلالي

انت في حالك.. وأنا في حالي

وأخرى باسم «قوس قزح» تقول:

بعرف مكان في قوس قزح

لامن تغيب شمس الفرح

يهدي الفرح لكل زول قلبو انجرح

وهم شباب يبشرون بخير كبير للأغنية السودانية ويحتاجون لأن يقف الناس معهم ويمدونهم بالألحان والتوجيهات، واتحاد الفنانين يجب أن يفتح أحضانه للشباب من الموسيقيين والفنانين، لأنه لا يصح إلا الصحيح، والمستقبل برمته للشباب.

# ما هي رؤيتكم لاتحاد الفنانين، والدور المنوط به في خدمة أعضائه وخدمة الأغنية السودانية؟

- أجاب بعد أن حرك طاقيته الشهيرة : الاتحاد بالامكانات المتاحة لديه والظروف المحيطة به، يحاول جاهداً أن يوفر ضمانات للفنانين ليستمروا في عطائهم ولكن تكتمل هذه الجهود بصدور قانون «نقابة المهن الموسيقية»وهذا حلمنا جميعاً كفنانين.

# تجارب الغناء الجماعي في السودان تجربة فاشلة تماماً ما عدا تجربة عقد الجلاد.. وان كانت قد صاحبتها الكثير من الصعاب لكنها لا تزال.. رأيك في فرق الغناء الجماعي واستمراريتها..؟

- تجربة الغناء الجماعي في العالم كله تجربة صعبة جداً، وأي نشاط فني جماعي خاضع لظروف الجماعة، فالبعض قد يسافر والبعض قد يمتهن مهنة لا تمكنه من المشاركة، وظروف اجتماعية مثل زواج عضوة في هذه الفرقة أو تلك قد يبعدها عن مزاولة نشاطها. وهذا ليس في السودان وحده بل في العالم اجمع أعتقد أن عقد الجلاد أكثر فرقة جماعية استطاعت الصمود والتماسك في وجه هذه المتغيرات، لانك تجد فرقة مثل «الاسبايس» و«البيتلز» و«الفور كاتس»، كلها فرق لم تعمر كثيراً، صحيح أنهم قد يحدثون أثراً ضخماً، لكنهم في الآخر يعجزون عن التماسك.

# نرى أنك مقل تجاه الأجهزة الإعلامية إذ لا توجد لك أغنيات مسجلة بالتلفزيون.. هل هي الجفوة لا تزال أم هناك أسباب أخرى..؟

- السبب مرده التغير الذي حدث في طريقة حفظ المواد من نظام الـ «V.H.S» إلى نظام «البيتي كام» ثم الآن إلى «ديجيتال»، هناك الكثير من الأعمال التي لم تنقل، وهذا الشيء حدث لكثير من الفنانين ولم أنفرد به وحدي، ولكني أسوأهم حظاً إذ لا يوجد لي عن طريق التسجيل المباشر سوى أغنية «طبل العز» ولكن شاركت في عدة برامج وتمت فيها تصوير الكثير من الأغنيات، والتي تبث الآن بين الفينة والأخرى.

# أستاذ سيف الجامعة ألا تعتقد أهمية الأغنية المصورة في نشر أغنياتنا السودانية.. وهذا القصور لتجارب الأغنيات المصورة في السودان، برأيك هل هو نتاج لسياسة الدولة وتوجهها، أم لضعف في أمكانياتنا المادية والبشرية؟

- الأغنية المصورة مهمة جداً، وأنا لدي أغنية سجلتها لقناة الخرطوم وهي أغنية «يا نديدي» وأعتقد أنها خرجت بصورة جميلة، وأنا قررت منذ الآن، أن لا أطرح شريطاً إلا وتكون احدى أغنياته قد تم تسجيلها بطريقة «الفيديو كليب».

وهناك عدد من التجارب الناجحة في هذا المجال، ولكن المشكلة هي مشكلة خيال، لأنه ليس بالضرورة أن تكون الأغنية راقصة وبها الكثير من العري حتى تنجح، والسودان مليء بالأماكن الجميلة والساحرة التي تساعد على اعطاء الأغنية جمالياتها المطلوبة.

وفي الساحة الآن مخرجين بدأوا يتخصصوا في تصوير هذه الأغنيات، ولفت انتباهي المخرج لؤي بابكر صديق، ومعتصم الجعيلي، وحيدر البدري، وعدد من المصورين أمثال كشك.. وبإذن الله سوف تكون هناك اغنيات مصورة تخرج في صورة أقرب للناس وأقرب لتقبلهم.

# كانت هناك علاقة تعاون فني بينك وبين الشاعر عاطف خيري.. رأيك في هذه التجربة.. وأين تقف هي الآن؟

- لازالت هناك العلاقة بيننا قائمة، وعاطف بطبعه شاعر متمرد، قصيدته تتمرد حتى على اللحن، وهو يتعمد كتابة الشعر الصعب كي لا يلحن، وصارحني بذلك، وهو يرى أن القصيدة يجب أن تسعى بين الناس بمجهودها فقط دون معاونة اللحن لإيصالها، لكن هذا ضد طبيعة الأشياء، وأنا أختلف معه في ذلك، وغصباً عنه أنا قمت بتلحين «وصتني وصيتها»، وغصباً عنه أعطيت «نكر صوتك صداك» لمصطفى، وغصباً عنه الآن لحنت «رباب» وسوف تستمعون إليها قريباً..

# هل هناك نص جديد يستغرق سيف الجامعة الآن..؟

- أنا الآن أقوم بتلحين قصيدة للكتيابي.. اسمها «توب المدى».. تقول:

قدر توب المدى المفرود بلا أطراف

قدر موج السماء اللا بصب

ولا بينبع ولا معروفه ليهو ضفاف

أحبك ولمسافة العين

أقولها أقولها ما بخفيها في أوصاف

ولا بحبس حرف في الجوف

ولا بستني بيها الخوف..

كفاية أخاف..

أنا الصبر الصبرتو عليك

اطول من عروق النيل

وأعتى من الهرم والسيل

يا ريت لو الصبر بنشاف

بلاد صمتك

نفت أحلامي لعالم بلا أبواب

تسلمني الدروب لدروب

ولا أوصل ولا أرجع

ولا يعرف شبابي شباب

كفاية وكم سنين هيمان

ولا عارف ولا معروف

غريبة تكون عيوني معاي

وعندك انتي سر الشوف

# أستاذنا سيف الجامعة.. نستأذنك في الرحيل، ونشكر لك هذا الزمن الذي اقتطعته لنا.. على أمل أن يتواصل الحوار معك في أوقات أخرى..

- أنا أشكركم وأتمنى أن تمتد الحوارات علنا نثري القارئ السوداني بكل ما هو جديد، وأعد القراء بحوار مستفيض.


 

نشأت الامام

 

راسل الكاتب