أما آن لك الترجل؟!

بقلم : نشأت الامام

 

على صفق العنب إسمين..

كتبناهم بدمع العين

ومرت بينا غيمة فرقه..

وإتفارقنا مجبورين

ولما رجعنا من غربتنا

فرحانين مع العايدين

لقينا الريح محا الذكرى

الجميلة.. وضيع الاسمين


لا وألف لا أستاذنا الحلنقي لم ولن ينسوك، كم من السنوات مضت وهم يذكرونك، كأنك كنت بالأمس، كأنك رافقتهم زمناً طويلاً لا ينقضي، كأنك قد بنيت لكل واحد منهم بيتاً من أمل وأعطيته وعداً من نوار، وفي ليال طويلة ناموا ليحلموا بك تغير أيامهم تحمل لهم البشارة والفرح، لن ينمحي إسمك عزيزنا الحلنقي.. ثق بذلك.

وأستاذنا الحلقني -الذي يحل بين ظهرانينا هذه الأيام- دوماً ما يذكر أن الترحال قد أخذ أجمل سنين العمر، ويقول عن الاغتراب: (الاغتراب كالشمعة التي تضيء في شارع لا يحترم نورها.. رحلة ضبابية إلىالحد الذي لا يرى فيه الإنسان إلا الظلمة في كل ما حوله).

والحلنقي الذي تشكلت بداياته الشعرية في المدنية الساحرة والتي يقول عنها -عن كسلا- «هي أغنية قبل أن تكون مدينة»، غادر مدينته التي أهدته كل ما يحب، ويذكر عن ذلك الرحيل الصعب: «لم أكن أتخيل أو يخطر ببالي أن أغادر هذه الجبال التي ترعرعت في حضنها وعشقتها، الاغتراب مقصلة تضغط على عنقي في الفرح وتقلته، ورغم ذلك نضع رقابنا عليها..».

وقد ذكرنا من قبل أن الانفصال عن الوطن - الأرض، ينتج شعوراً بالغربة، لكن الشعور بالغربة وحده لا ينتج الشعور بالاغتراب، إلا إذا امتزجت هذه الغربة بعناصر غربة الإنسان الوجودية والجغرافية والمعرفية، فتصبح الغربة الجغرافية اغتراباً أيدولوجياً شاملاً، أوسع من المعنى الوطني الجغرافي..

الآن آن الأوان أستاذنا الحلنقي لتحط برحالك بيننا، وأن تدع عنك الترحل وعنته جانباً، نحتاجك لتصنع لنا من لدنك حديقة تنمو فيها القصائد جنباً إلى جنب مع الياسمين، أن تعلم العصافير كيف تهاجر في موسم الشوق (الحلو), ان تمارس فينا خاصيتك المتفرد في افراز الشهد, نريدك أن تصرخ بملء فيك: «ها قد عدت إليكم».. غير عابئ بالغيوم التي تتجمع منذرة بالطوفان..

وتغني لنا ويغني معلك كل المتغربين عنا:

جيناكم يا حبايبنا بعد غربة وشوف..

نغالب في ويغالبنا..

سماع أهلاً من الأحباب شروق آمال

ووصف البهجة بالكلمات محال يتقال..


ونغني معاً حلاوة العودة في موال.. لا ينقضي بل يظل صداه يتردد محيلاً كل الأفق الواسع لترانيم وأهازيج لا نشاز فيها.. تأتلق أنت مثل موسيقار عظيم يحمل عصاً سحرية.. يدوزن بها موسيقاه.
 

نشأت الامام

 

راسل الكاتب