دعوة لانسان خرافي

بقلم : نشأت الامام

 


ربما تنتفي بشدة خاصية الابداع المحدد بأفق معين, والمجال الأوحد للابداع, وذلك عند تناولنا للشاعر والناقد والكاتب التلفزيوني والاذاعي, والحائز على جائزة الدولة عن النص المسرحي لموسمين متتاليين, ومقدم البرنامج التلفزيوني الأشهر دراما 90, ذلكم هو الأستاذ هاشم صديق.. الرقم الصعب في الكتابة.
والأستاذ هاشم صديق شاعر ذو نتاج ثر, وأصدر ما يربو عن التسعة دواوين شعرية, ضمت بين طياتها وثناياها ألقاً, ورسمت نقشاً على جدار وجدان المتلقي السوداني يحكي عن عظمة هذا الشاعر وهو يخاطب الوطن, الحبيبة, الترحال, الزمن, باحساس حقيقي ووجدان أصدق ما يكون, ويأتي هاشم ليطرز أثواباً من الدهشة ويدثرنا بها من عُري الزمن الفاضح.
وتتراءى لك تلك الصور الناطقة التي يبدعها هاشم, بل وتكاد تلامسها إن مددت يدك قليلاً, لتشكل اخدوداً في وجدانك مليء بتلك الحياة التي يتناولها تناولاً لصيقاً وكثيفاً.
تشعر معه بدفء الوطن الذي لا يتكرر في أي مكان آخر, وفي قصائده تحس بأنك في مكان لك فيه حصة, ولك فيه نصيب من الاحتفاء, وتقودك مشاعرك -دون أن تدري- ودون استئذان لتمنح نفسك لحظة من الدهشة, ولُحيظات أُخر من استنطاق ما حولك..
والمفردة لدى هاشم صديق, هي كائن مكتمل النمو, يمنحها من لدنه اكسيراً للحياة, فتصبح نابضة ولها أبعاد حقيقية..
سوف أصنع لي فتاة من دمائي
كي تقدسني وتبكي عند موتي
دون زيف
سوف أصنع لي فتاة من دخان سجائري
لتلم عن وجهي غبار الاغتراب
وكي تقيني من مكابدة النزيف
سوف أصنع لي حبيبة
تفهم الوطن الذي أشقى به
وأخصها بالشعر والحُمى
أسميها نضال..
سبق وأن قلنا وفي هذا الملف.. أن الشعر الذي يغنى للأستاذ هاشم يمنحه كثيرا من تواجد لدى المتلقي البسيط.. وتبقى الدواوين فرضية لأُناس معينين.. ونحن الآن نقدمها دعوة باسم كل الشعب وكل الغبش وكل من تشكلت دواخلهم بنادر السجع والشدو المدنف الذي افتقدناه طويلاً.. باسم كل زخة من فرح زرعها بداخلنا عركي وابو اللمين, ومصطفى.. دعوة للأستاذ الأديب هاشم صديق بأن اوجاعاً خرافية تسد علينا منافذ الأفق,قد لازمتنا ونحن نفتقدك, وصارت الساحات مباحة لا للشعراء وحسب, بل لأشباههم, وللأدعياء.. وهي دعوة للدولة وللوزير المثقف الواعي المجتبى.. بان غياب اغنيات هاشم قد ازعجنا كثيراً, ولسان حالنا يقول لهاشم:
تمشي وتجي
زي شَعةَ الأمل العزيز
في عتمة العمر الشقي
تطرانا كل مليون مسا
وفي لمحة تنسى وتنطفي
يا غايب زي روح الزمن
يا حاضر فينا
ولا بتبين وتتلقي..

 

نشأت الامام

 

راسل الكاتب