رحلة البحث عن «خيال» ..!

بقلم : نشأت الامام

 

تجربتها لم تكن الاولى ..
عقد الجلاد تستثمر في الفن
الافضلية لا تتأتى إلا بإستقراء سليم لمنهج من سبقونا
يرافقكم في الرحلة : نشأت معاوية عمر الامام

الفن السوداني يعد من اقدم الفنون واكثرها تنوعاً وذلك نتاج التنوع الاجتماعي والاثني والجغرافي لهذا الوطن القارة .
ولعل الاغنية السودانية لم تجد حظاً من الانتشار برغم روعة وعظمة دلالات الاخيلة والمعاني لكلمات الاغنية السودانية ولكن ربما كان البعض يعزو ذلك للسلم الخماسي وذلك في تبريرهم لتقوقع الاغنية السودانية بين رصيفاتها من الاغنيات في نطاق الوطن العربي؛ ويعزون ذلك للسلم السباعي الذي تستسغيه الاذن العربية .
ولكن نقول: اين نحن إذن من شرق ووسط افريقيا ومن الموسيقى ذات السلم الخماسي ؟
الاجابة اننا مازلنا نراوح مكاننا ولم نستطع نشر اغنيتنا الا في نطاق ضيق ، وكان هذا الانتشار من محاولات واجتهادات فردية في احايين كثيرة، وخير شاهد على ذلك هو الفنان سيد خليفة الذي خلق جمهوراً عريضاً في بعض الدول الافريقية وبعض من اجتهاد قام به آخرون .
إذن ماذا ينقصنا ؟
ربما هو الخيال .. اجل الخيال الواسع المدرك لما وراء الاكمة والمتفحص بأفق بعيد يسبر به مجاهل المستقبل .
نعم نحن في اشد الحاجة للخيال؛ وفي اشد الحاجة للتخطيط الواعي المدروس فجل اشيائنا تعتمد على الارتجال ، واغلب افكارنا وليدة لحظات او مواقف بعينها .. فلا تخطيط ولا دراسة ولا خيال ..الآن تلوح في الافق بوادر صحوة فنية ستؤتي اكلها قريباً بإذن الله ، وهذه الصحوة تتمثل في الاستثمار في الفن ..
نعم فالفن اصبح تجارة رائجة ومربحة والشركات الفنية اصبحت ذات ثقل اقتصادي كبير .
فالاعتماد على دعم الدولة اصبح حديثاً لا يسمن ولا يغني من جوع وشماعة الامكانات المحدودة اصبحت حديثاً معاداً وممجوجاً لا يزيدنا إلا استسلاماً وخنوعاً لهذا الواقع البائس .
ونحمد كثيراً لفرقة عقد الجلاد هذا الخيال الطموح والذي قادهم لتأسيس شركتهم الفنية، فعقد الجلاد وهي اول فرقة غنائية جماعية ، ظلت وعلى مدى يربو على الخمسة عشر عاماً تكابد كثيراً كي تحافظ على تواجدها وبنفس الخط الذي انتهجته منذ خطواتها الاولى .
وفي اعتقادي انها جاهدت واجهدت وهي تتمسك بهذا الخط الذي ما حادت عنه ابداً رغم كل الظروف التي واجهتها ورغم الرهق الذي اصابها في احايين كثيرة .
الآن كان النتاج الاخير الذي يحكي عن عظمة عقد الجلاد وعن رشّها للملح على الجرح ، هذا الالبوم الاخير الذي انتجته شركة عقد الجلاد يعكس بجلاء حقيقة ان الاستثمار في الفن يؤتي اكله وهذه حقيقة؛ فعقد الجلاد بهذا التاريخ وهذه التجارب الفنية الثرة داخلياً وخارجياً اكتشفت ان «جحا اولى بلحم تورو» ورأت كيف ان العائد من الالبومات التي تنتجها لها شركات فنية الكثير منه يصب في جيوب هذه الشركات ويأتيها الفتات .
وحتى الحفلات التي تحييها عقد الجلاد يعود معظم ريعها للجهة المنظمة للحفل .
وهذا التفكير العلمي والتخطيط السليم لفرقة عقد الجلاد لم يكن السابقة الوحيدة فالاستاذ عبدالكريم الكابلي اسس شركة تحمل اسمه واصبحت تنتج له البوماته وكذلك فعل الموسيقار العملاق محمد وردي واصبحت له شركة فنية خاصة وهذا لعمري هو اسّ التقدم واساسه .
فالتحية لعقد الجلاد وهي ترنو بنظر ثاقب نحو غد لا يحفل بغير الافضل ، والافضلية لا تتأتى إلا بالتخطيط السليم .
وباستقرار للمنهج الذي ينتهجه العالم وهو يسير بخطوات وثابة الى الامام فكل الفنانين العالميين لهم شركاتهم الخاصة التي تتولى عن الفنان مسؤوليات كبيرة ولا ينحصر دورها في ابرام العقود فقط بل يتجاوز ذلك ليحيط بكل التفاصيل التي تهم الفنان وتؤثر على مسيرته الفنية .
نحن الآن نشد على ايدي فرقة عقد الجلاد ونأمل في مزيد من الخيال الذي يتخطى الحواجز والعقبات في سبيل رفعة الفن السوداني والترقي به الى مصاف العالمية .
وبرافو عقد الجلاد والى الامام دوماً بعيداً عن ادمان عشق الثوابت.. وحتماً الطريق ليس مستحيلاً .
 

نشأت الامام

 

راسل الكاتب