وعن الرق والحقيبة نحكي

بقلم : نشأت الامام

 

اغنية الحقيبة اختلف الناس حول تسميتها بهذا الاسم, فهنالك رأي يقول بأن اسطواناتها توضع في حقيبة, والبعض يقول بأنها تمثل حقبة معينة وهنالك أكثر من رأي أخر.
وكلمات أغنيات الحقيبة جميلة بما فيه الكفاية وأغلب أشعارها يغلب عليها الطابع البلاغي من جناس وطباق وتشبيه بأنواعه وتوريات واستعارات وكلماتها ذات جرس محبب ومعان –في احايين كثيرة- ملؤها الصدق والشجن المدنق.
وأيضا ألحانها عذبة وخفيفة على اللسان وكان الرق والكورس المصاحب يرددون خلف الفنان المؤدي وعلى ذات نسق الكوبلي الذي يردده.
وجاء ابراهيم الكاشف, ذلك الفنان الذي بدأ عهدا جديدا للأغنية السودانية, وأدخل الآلات الموسيقية وأخرج ألحانا متفردة يمكن أن ترس الى يومنا هذا.
وبعد ذلك تطورت الأغنية السودانية وتدرجت المفردات والأخيلة والمعاني وتبلورت افكارا وضروبا جديدة للشعر, ولعل ابرز تحول كان في الشعر الرمزي الذي صار يغني ويلحن, وتحضرنا هنا تجربة الأستاذ مصطفى سيد احمد الذي يعتبر رائدا في هذه اللونية الجديدة.
الآن سادتي.. آن الآوان لأن نقول وداعا للرق.. نعم يظل الرق ارثا وفلكلورا شعبيا يمثل تراث أمة, ويجب تقديره ووضعه بكل احترام في ركن قصي من ذاكرتنا, نستدعيه في مناسباتنا القومية والوطنية.
نعم.. ظلت كلمات أغنيات الحقيبة تأسر قلوبنا, ولكن ليس بالرق.. فهذا الجيل لم يكن ليسمع بأبو صلاح وعبيد عبد الرحمن وعتيق وعبد الرحمن الريح والمساح, لم يكن ليسمع بهم لولا صدور أسمائهم في ألبومات الفنانين وهم يرددون أغنيات الحقيبة بعد أن ادخلوا عليها بعدا مستحب وذلك بالموسيقى المصاحبة لها.. وبعضهم اجتهد واعاد توزيعها من جديد.
أغنية الحقيبة بشكلها القديم لا تصلح لهذا الوقت..وذلك وفق معطيات كثيرة, أهمها التطور الهائل في الموسيقى في العالم والتقنيات الحديثة المستخدمة فيها, ولا يمكن أن نأتي الآن برق وشيايلين يرددون –يا ليلى هوووووووووي- وجمهور يجلس مترقبا انتظارا لكسرة تتمايل معها رقبة المغني حتى تأخذك الشفقة تجاهه خوفا من كسر رقبته مع تلك الكسرة.

نشأت الامام

 

راسل الكاتب