قليل من الرجال يتم تكريمهم في هذا
الزمن القريب ، ولكن هذا الرجل يستحق مليون تكريم ... فهو شخصية عامة وهب
نفسه للعمل العام فكان همه الرياضة والنهوض بها .... تدرج في العمل الرياضي
عبر أندية مدني ، وفي عام 1970 تقلد رئاسة نادي المدينة أقدم أندية ود مدني
ثم تدرج صعوداً حتى أصبح رئيس إتحاد كرة القدم المحلي في عام 1973 استمر
يبدع عبر موقعه حتى عام 1990 وشهدت سنوات عمله الكثير من الطفرات على مستوى
الأندية ومنتخب الجزيرة وأنتعشت الحركة الرياضية كثيراً في عهده .... وهو
صاحب الثنائيات والتضامنيات حيث أسس كيان قوي جمع إتحادات مدني و بورتسودان
والأبيض في دورة رياضية عرفت باسم دورة التضامن التي لفتت إليها الأنظار من
كافة القطاعات الرياضية داخل السودان وخارجه وهي بمثابة فكرة تبلورت فيما
بعد لمنظومة الدوري الممتاز الذي ظل حلم يراوده كثيراً إلى أن تحقق بعد
غيابه .
ظل هذا الهرم يحقق النجاح تلو النجاح عبر إتحاده المحلي القوي وعبر الإتحاد
العام من خلال اللجان التي عمل بها وتمثيله السودان في أكثر من بعثة رسمية
للخارج ، فهو دبلوماسي من الطراز الفريد .... وقيادي نادر ... صبور .. قوي
.... محنك .... فذ ...عندما يتحدث يجبرك على الصمت لتنال قسطاً وافراً من
حسن الكلام ورصانة اللغة ودقة المعاني والمضامين ... حديثة عن الحركة
الرياضية وديمقراطيتها ودور المؤسـسات فيها حديث العارف بتفاصيل كل جوانب
الرياضة مع إشكالاتها العديدة ، لا يخالجك الشك بأنه أحسن من يجيد توصيل
المعلومة الصحيحة والدقيقة للرياضيين ... أسلوب واضح وتسلسل في الأفكار
وتدرج موضوعي في السرد والشرح .
وعندما غادر مدني زرفت عليه القاعدة الرياضية بكل ألوانها الدموع ، لقد ترك
محبوبته مدني متوجهاً للسعودية بدعوة رسمية للعمل في نادي النصر أكبر
الأندية السعودية في العاصمة الرياض في وظيفة سكرتير عام للنادي كفلت له
هذه الوظيفة العمل مع كبار الإداريين مثل المفغور له الأمير عبد الرحمن بن
سعود رئيس النادي ، ومن خلال موقعه ساهم في وضع لبنات إدارية راسخة المعالم
في ذلك النادي الكبير ونال ثقة الأمراء وأعضاء الشرف .
وبرغم من مشغولياته إلا أنه لم ينسى أبناء جلدته السودانيين وساهم بفكره
وخبرته في دفع مسيرة رابطة الصالحية بالرياض وهو رئيسها الحالي وقد عمل على
تطويرها حتى غدت من أكثر الروابط تنظيماً وأبرزها نشاطاً خارج السودان ...
ووجدت تلك المنافسات إقبالاً جماهيرياً منقطع النظير من الجالية السودانية
والجاليات العربية ومن الأخوة السعوديين ، وقد عمل على إستقطاب السعوديين
في الملاعب السودانية عن طريق سن القوانين والأنظمة التي تسمح بإشراك عدد
ثلاثة لاعبين سعوديين ، فكان لها مردود طيب حيث ضمت الفرق لاعبين كبار
يلعبون في الدوري السعودي أمثال علي هادي النصر ، يوسف الحيائي الهلال
وغيرهم .
كانت داره مفتوحة لكل أبناء السودان بصفة عامة وأبناء مدني بصفة خاصة وفي
أحدى المرات عدناه عندما كان مريضاً وأستقبلنا كعادته بكل بشاشه وترحاب
ووجدنا معه لفيف من أهل الرياضة يشاطرونه الألم ويخففون عنه المرض وكعادته
كان نجم تلك الجلسة الرياضي سلطان كيجاب الذي وزع القفشات يميناً وشمالاً
مما خفف على صاحب الدار مرضه وأدخل على الحاضرين السرور .
في أول سنوات إغترابي في منتصف التسعينات بالمملكة تشرفت بالعمل سكرتيراً
لفريقي الشهيد والجزيرة ممثلا ود مدني في منافسات الرابطة مما أتاح لي
اللقاء بهذا الرجل عبر الإجتماعات وكنت من المحظوظين وأنا أتلقى أحدث
الدروس الإدارية في العمل الرياضي منه شخصياً لكن مرضه حرمنا من التمتع
بلقائه ثم فيما بعد تم نقلي لمدينة جدة لتزداد حسرتي ويتوقف تزودي بفن
الإدارة الحديث من معينه الذي لا ينضب .
نتمنى أن يلتفت المسئولين في شأن الرياضة السودانية لهذا الهرم والعمل على
إقناعة بالعودة لأرض الوطن ليشارك في بناء لبنات رياضية مؤسـسة على أطر
صحيحة بعيدة كل البعد عن المكايدات والمهاترات ضد أشخاص أو جماعات خاصة في
ظل الصراعات الدائرة في الاتحاد العام وما يوجه إليه من لوم بسبب أخطائه
الكثيرة مما جعل كرتنا ( محلك سر ) .
نحسب أن تكريم الأستاذ الهرم / عبد المنعم عبد العال حميده ( أبو جمال ) من
قبل الإتحاد العام لكرة القدم في حفل قرعة الممتاز لهذا الموسم الجديد
2006-2007 قد صادف أهله تماماً فهو يستحق التقدير والإشادة والثناء .
|