مشاهير المدينـــة ( 3 )
 

بقلم / عمر سعيد النـور

 

 مقدمة
وكما ذكرت في مقدمة هذه الحلقات عن مشاهير المدينة أننا نعلم يقيناً أننا لن نستطيع ، ومهما بذلنا من جهد أن نغطي كل أولئك فهمُ كثرُ ، و أن ساحة هؤلاء المشاهير الذين عاشوا بمدني لا تزال في حاجة إلى المزيد من الاهتمام لتقديم الصورة واضحة أمام هذا الجيل ، وسألنا الله مخلصين أن نخرج من هذه التجربة بأقل نسبة نسيان للأفذاذ من أهل هذه المدينة المتفردة ، وها نحن نقع في المحظور فقد فات على ذاكرتي الخربة ذكر اسم أخي الأستاذ عبد الكريم أبو سالمة ، وغيره كثر ؟ فألف معذرة لأستاذنا أبو سالمة ولمن لم أذكرهم ، ولهم العتبى حتى يرضوا .

ونواصل ما أنقطع في الحلقة السابقة عن مشاهير المدينة ، ونبدأ بالمكتبات ، وأشهرها كانت مكتبة مضوي لصاحبها سيد مضوي الحاج ومكتبة الشيخ الطيب أبوقناية بجامع عثمان زياد وهي مكتبة دينيـة ، ومكتبة الفجر لصاحبها محمد سيد أحمد وبها الأخ محجوب الخضر وهنالك مكتبة سودان بوكشب المؤسس لهذه المكتبة كان العم إسماعيل زيدان وأشهر موظفيه أبو الاجمار ، ثم تحولت للعم عمر الكارب وابنه هشام الكارب ، والمكتبة الوطنية لصاحبها عيسى عبد الله ، وكان معه الأخ عبد المنعم الفكمي ، ومكتبة الفكر الإسلامي بعمارة الدمياطي جنوب حديقة سليمان وقيع الله وهي أول مكتبة إسلامية بود مدني يديرها أ. موسى أبو زيد ، هذا إلى جانب مكتبته الثانية بصف الجلود ( مكتبة الأمل ) ، وهناك مكتبة محمد الحسن بجوار الانديلس ، وأول مكتبة بالسوق الجديد كانت للأخ بابكر أبشر وشي .

وأشهر المراسلين الصحفيين بالمدينة كان عمنا عابدين حمدتو ـ عليه الرحمة ـ وحمل الراية من بعده ابنه الأخ المهندس عصام حمدتو وهناك أبو سيف ( قسم الله الأمين ) وأبو فائز وع.ساتي ( عبدالعال ساتي ) وبكري نور الدائم وحامد محمد حامد .

ومن الشعراء نذكر علي المساح ودكتور محمد عبد الحي والهادي أحمـد يوسف والصحفي المبدع الأستاذ / فضل الله محمد ، والذي غنى له الأستاذ محمد الأمين العديد من القصائد منها ملحمة( أكتوبر 21 يا صحو الشعب الجبار ) وأغنية محمد مسكين ( من أرض المحنة )وهناك عمنا ميرغني عشرية وعمر يوسف النمر ومحمد خير عثمان والأستاذ يوسف الكارب وأ. صديق فراج وأ. محمد عثمان عووضة ، والجيلي عبد المحمود ، وبدوي بانقا وكباشي حسون وجمال عبد الرحيم .. والقائمة تطول .

من أشهر فناني الغناء الشعبي محمد عبد الحليم وعوض الجاك ومحمد سعيد والثنائي حمد النيل وأبو القاسم حتيته ، ويوسف حمد والأسـيد والثنائي ( مرسال وعمر ) وصديق سرحان ، أما الغناء الحديث فهناك المُبدع المرحوم / عمر أحمـد ( صاحب أغنية كان بدري عليك ) ، ومحمد سليمان الشبلي وكروان السودان إبراهيم الكاشف ومصطفى الشيخ ومحمد الأمين وأبو عركي البخيت ومحمد مسكين وعبد العزيز المبارك ورمضان زايد ورمضان حسن والخير عثمان ومحجوب عثمان وثنائي الجزيرة ( محمد عوض وأحمد شبك ) وإبراهيم مصطفى حجر وأ.علي إبراهيم علي وعادل هارون وعصام محمد نور وعمر مصطفى وحسن الباشا،وعباس جزيرة ( عباس عبد الرحمن النور ) ، ومحمد مصطفى (الحردلو) والتاج مكي وصديق متولي وحيدر الرفاعي ومحمـد ســلام ، وبلابل الجزيرة ( ثلاثة بنات ) ، وعلي وفتاح السقيد وعلي إدريس وعبد الوهاب تميم ويوسف التهامي وسعيد أبو الجيش وكمال شقي وفرقة ود أزرق (الكاروشة ) ومن أفرادها محي الدين محمد الحسن ( كرن ) وقاسم حسن أبو رز وعبود محمد مرسي وعبد الماجد تمام وعبد الرحمن أحمد عبد الله \" سوسو \" وعبده سلمان ) وأشهر مؤلف أغاني لهم كان الأخ عوض حسن عربي ، ومن العازفين كان عازف الكمان الشهير والسوري الأصل ( ميشيل تيروز ) وأنور الحلاق ، وبدر وأخيه التهامي مصطفى ، وبدر هذا كان عازف كمان من الدرجة الأولى ، وهناك المهندس محمود محمد جادين ( صار وكيلاً أولاً لوزارة الري ) ومن نفس المجموعة كان علي الحويرص وعبد المنعم عثمان الخليفة وعثمان بابكر وعثمان وأخيه محمد ابوبكر رجب ( كبير مهندسي البلدية ) وإسماعيل أبو السباع وعبد الرحمن العوسي والطيب الكارب والسر عبد الله ، جاء من بعدهم جيل آخر نذكر منهم عوض الله جابو ومحمد قسم الله مليجي ,واحمد عباس والتهامي خوجلي وصديق ، ويونس والفاضل السنوسني وعبد العزيز بير وبشرى صديق عشيري وعبد الماجد خليفة وإسماعيل وخالد عباس فيروز ودكتور الفاتح حسين ودكتور عثمان محمد عثمان النو ونصر الدين الطيب الملح والموسيقار الملحن أ. صلاح جميل والأمين جميل والفاتح فرج وعز الدين فضل الله .

وفي الكوميديا ذاع صيت فرفشة ، والزوحي ، وهناك المهرج عز الدين ( صاحب فكرة المسرح المتحرك ) ، وفي حفلات الأفراح أشتهر الأخ فاروق ود النقاش ، كمقدم ثابت لجميع حفلات أفراح أهل المدينة تقريباً ، وله عبارة شهيرة دائماً ما كان يرددها وهي : \" مازال الليلُ طفلاً \" .

وبفرقة الشرطة الموسيقية أشتهر قائد الفرقة العم ( كودي ) ، الذي قاد هذه الفرقة فترة طويلة ، وأرتبط اسمه بها فلا تذكر موسيقى الشرطة إلاَّ ويُذكر العم كودي ، وكان بارعاً في استخدام عصا المايسترو وأشتهر بابتكار تشكيلات رائعة وجميلة عند الاستعراضات بشكل يدعو للإعجاب خصوصاً في المناسبات الوطنية ، وعند زيارة الفرق الأجنبية باستاد ودمدني ، وكان بنفس الفرقة الفنان ( عوض بلبل )، والراقص المبدع ( منصور ) .

وفي بيع الصحف من أشهر هؤلاء على الإطلاق المرحوم عمر أبو مدينة، وكان عبقرياً في الترويج لصحفه حيث يقرأ المثير من الأخبار بصحف الصباح ، ثم يقوم بعرضها بطريقة مشوقة في شكل تلغرافات أو عناوين أخبار ، وهو هنا يخاطب اهتمامات كل طائفة بما يناسب اهتماماتها ، فهو عندما يمر بمجموعة من الرياضيين تراه يرفع صوته بخبر تسجيل الهلال لأعب النيل الفاتح الريشة مثلاً ، أو يشير للهزيمة النكراء التي ألحقها فريق الأهلي بخصمه التقليدي الاتحاد ،وهكذا ... فيتخاطف الناس الصحف ، وفي مرات عديدة تراه يؤلف بعض الأخبار من نسج الخيال ، و كان خياله خصباً فيخرج الحبكة بشكل يلفت الانتباه ويثير الفضول ، من ذلك مثلاً أنه في أحدى المرات أعلن عن وفاة عيسى عبد الله في حادث مروري بطريق مدني الخرطوم ( صاحب المكتبة الوطنية وهو الذي يزوده بالصحف )، وفي دقائق نفد ما بيده من صحف ، وغفل راجعاً فرحاً لتوريد الحصيلة ، والذي لم يحسب له حساب أن أولاد الحلال قد سبقوه لصاحب المكتبة ونلقوا له تفاصيل الإشاعة التي أطلقها ( أبو مدينة ) ، وعند وصوله للمكتبة فوجئ بعيسى ـ رحمه الله ـ وهو يردد:\"حادث مروري أأهَ .. طيب مادام أنا مُت وشبعت موت جأيني ليه ، أمشي شوف ليك واحد غيري يديك جرائد تبيعها!! \" ، وأستمر قرار المقاطعة هذا لفترة ليست بالقصيرة ، حرم خلالها ناس السوق من ظرف (أبو مدينة) وقفشاته المضحكة ، ولكن سرعان ما ذهب غضب صاحب المكتبة ، وعادت المياه لمجاريها بين الاثنين ـ يقال أن المرحوم عزت أبو العلا كان حمامة السلام بين الرجلين ـ ، ومن طريف ما يحكى هنا أن البعض من عشاق فنه وبعد أن افتقدوا جولاته بالسوق الكبير ، وعلموا بقرار صاحب المكتبة ـ الذي كان يحتكر بيع الجرائد بالمدينة في ذلك الوقت ـ كانوا يشترون الصحف من المكتبة ليعطوها لعمر أبو مدينة ليبيعها ويسترزق بقيمتها دون أن يكون لهم عائد من ذلك سوى المتعة ،المهم أن عمر هذا كان أسرع من يبيع الصحف ، فلا تمضي سوى ساعات قليلة إلا وتراه وقد باع جميع ما معه من صحف ، والمدهش في الأمر أن هناك كثيرين من ناس السوق أدمنوا سماع قفشات (أبو مدينة) وكانوا ينتظرونه بفارغ الصبر ، ليمازحونه ، ويضحكون ، بل أن البعض منهم كانوا يشاركونه في تأليف المثير من الأخبار للترويج لبيع صُحفـه ـ رحم الله أبو مدينة فقد كان من أظرف ظرفاء المدينة ـ .

وفي مجال شبيه تقريبا نجد العم محمود رضوان ( محمود برميل ) والذي كان يُروج لمباريات كرة القدم ، مستخدماً لهذه الغاية جرساً( للتنبيه ) فتراه يطوف بشوارع المدينة ( على رجليه )، وهو يقرع الجرس لجذب الانتباه ثم يعلن عن مباريات الأسبوع أو المباريات الهامة ، وفي الاستاد يقوم بنفس المهمة بين الشوطين للإعلان عن مباريات الأسبوع والمباريات الهامة، وكان صوته جهورياً يسمعه بوضوح تام كل من بالاستاد ، والعم محمود نفسه كان يروج لأفلام السينما ، وبعد ظهور الميكرفونات حل محل العم محمود المهذب الخلوق الأخ هاشم الخليفة ـ رحمه الله ـ بسيارته المعهودة والمعروفة لجميع أهل المدينة مستعيناً بالأخ مدثر يوسف ( القطر ) ، صاحب الصوت المتميز والإثارة في التقديم للمباريات ، حيث يعطي المناسبات الرياضية نكهةً وطعماً .

هذا الجرس الذي يستخدمه العم محمود للفت الانتباه ، كان يستخدمه الدلالين للترويج لدلالة معينة ( الواقع هم الأصل في استخدام الجرس ) ، ومن أشهر الدلالين بالمدينة عمنا تميم الدار علي والد الأستاذ الزبير العلامة المضيئة في التعليم ، عليه الرحمة ، عمنا تميم الدار كان دلال المحكمة والمديرية وكل الدلالات الرسمية للدولة أو تلك التي تحكم بها المحكمة كانت تنفذ على يديه ، فكان رحمه الله يطوف أيضاً بالسوق وبجرسه الشهير ليعلن عن قيام دلالة ما ، وكذلك كان يفعل عمنا بركات الدلال ، وفي يوم الدلالة كان هنالك دليل بالجرس يقف عند مفترق الطرق ليدل الناس على مكان الدلالة . ومن الدلالين أيضاً فلحقلي وعم يوسف ( ابوفائز ) .

وأشهر المطابع مطبعة نقد الله والتي تحولت ملكيتها للأستاذ أحمد إبراهيم حمد حيث تغير اسمها إلى ( النيل الأزرق للطباعة والنشر ) وهناك مطبعة الجزيرة لصاحبها أحمـد بحيرى ومطبعة عبد العزيز بالسوق الجديد ، ومطبعة علي الباهي ، وفي مرحلة لاحقة جاءت مطبعة الإقليم الأوسط بإمكانيات ضخمة وكان رئيس مجلس إدارتها أستاذنا/ محجوب علي عمر جانقي ومديرها العام الأستاذ/ عبد الحميد الفضل .

ومن المبدعين في مجال التصوير في ذلك الوقت فرح الأطرش وأبنه موريس وهناك محمد أناقة وعمر وعثمان محجوب حمد النيل وإبراهيم رشدي ، وأشهر رسام بالمدينة كان الفنان أحمـد سـالم محمـود ، وكانت لوحاته الجميلة تملأ مقاهي المدينـة، وهناك أيضاً الفنان المبدع أحمد بابكر ومن بعده ظهر الفنان مكرم نسيم الموظف بشركة السجائر والذي جاء بلونية جديدة مستخدماً فلاتر السجائر ، فأخرج لوحات في منتهى الجمال ، ولم أرى في حياتي ما هو أروع من لوحات فنان المدرسة العربية المبدع ( إبراهيم مهدي ) ذلك الفنان العبقري ، الذي كان يتمتع بأنامل لم يكن ينافسه فيها سوى الأخ الفنان أبو عيشة هاشم عبد الله ، وهناك المبدع الأخ بابكر صديق ، ذلك الفنان الذي ما فتأ يتحفنا بإبداعاته ، ونحفظ له الفضل أنا وأختي الأستاذة آسيا فرح فيما قدمه لنا من تعاون ، إبان مشاركتي المتواضعة للأستاذة آسيا في تقديم برنامج الأطفال عبر تلفزيون الجزيرة ، وهناك أيضاً الفنان المبدع الريح عطا المنان سنهوري ، وهو أيضاً كان ضمن كوكبة من المبدعين ضمهم تلفزيون الجزيرة في السبعينات ، ونذكر أيضاً الفنان الأستاذ فريد خليفة محمد ، والفنان المهندس بدوي يوسف خضري ومن أشهر الخطاطين أبوالاجمار والخلوق المرحوم فريد .

وشيخ الفندقة بالمدينة هو عمنا المرحوم خضري عيسى وابنه حاج بشير خضري ( لوكاندة النيل الأزرق شمال دار رعاية الشباب ، ولوكاندة المحطة بجوار أجب السينما ) ، أما قاسم الفرنساوي فيعتبر بلا منازع ملك الفنادق بالمدينة ( أمبريال وانترناشونال وكونتنتال والفرنساوي إن وسنترال ) يعاونه في ذلك أبناءه محمـد و يسن وعثمان وهنالك المجدد المبدع صلاح عبد الرحمن سعد ( فندق يوغسلافيا ) ، ومن أقدم الوكالات وكالة ضرار بالسوق الكبير والتي تحولت فيما بعد لابن أخته عثمان النور دياب ويديرها حالياً ابنه النور . وهناك أيضاً وكالة ( أبو ضلع )لصاحبها المغفور له عوض الكريم أبو ضلع ، ويديرها حالياً ابنه الزين بالسوق الجديد ، وهناك أيضاً وكالة حامد جوار المستشفى.


ونواصل في الحلقة الرابعة إن شاء الله .



 

عمر سعيد النــور
رئيس جمعية أبناء ودمدني الخيرية
الرياض

 

راسل الكاتب