أعلامٌ ورجال من ودمدني-4-

بقلم / عمر سعيد النـور

 

جمعتنا نحن نخبة من أبناء مدينة ودمدني مناسبة سعيدة في هذا الشهر المبارك بمنزل أخ كريم وصديق عزيز من أبناء ودمدني ، وكان بحق لقاءاً جميلا ورائعاً وممتعاً، وضمن ما تطرق إليه الحديث في ذلك اللقاء الجميل سيرة بعض أعلام المدينـة ، وعندما جاء دور الأمير محمـد عبد الرحمن نقد الله ، ما ذكروه إلاَّ بخير .. فكنت تسمع منهم عبارات مثل :\"رجل محترم / أمير اسم على مسمى / يجبرك على احترامه / كان عند زيارته لنا لا أستطيع أن أكلمه وأنا جالس ، بحركة لا إرادية تجدني وقد وقفت وأنا أحادثه/ رغم انتماءه السياسي كان يحظى باحترام وتقدير كل أهل المدينة / كان مواصلاً ،ويهتم بتفقد أحوال الناس والسؤال عنهم ..الخ \" ، هذه التعليقات التي قدمت جانباً منها صدرت من أشخاص يسكنون أحياء مختلف بمدينة ودمدني ، وبالطبع لهم اتجاهاتهم السياسية المختلفة أيضاً ،(وما كلهم أولاد أنصار) ،ولكنهم جميعاً أجمعوا على هذا الرجل النادر.

هذا الرجل الخلوق كان علماً وواجهة تتقاصر دونها المناكب والأعناق ،ومع ذلك كان ـ رحمه الله ـ يبتعد عن الأضواء وما تجر إليه من ذكر المفاخر والمظاهر الزائفة ولم أذكر أنه فخر بنسب أو حسب أو مطاولة من هذا القبيل ، وان كان في المنبر والناصية من الشرف والسؤدد ، وشهادتي هذه أذكر فيها ما عرفت به الأمير محمد عبد الرحمن نقد الله وما وعيت وحفظته عن سيرته العطرة ،وأقول فيه كما قال الشاعر :

المجد مجد الخالدين ورثتـــــه

وهززت أحلى طلعه الحانـي فطاب

نعم الوقود وقود عمرك كله

شـــرف وعلم لا يهيــن ولا يهاب

لا لم تمت كل الروائع حية

والمؤمنـــون لهم حكايـات عجاب

ولد الأمير محمد عبد الرحمن نقد الله بمدينة ودمدني وتلقى تعليمه الابتدائي بمدرسة البندر الأولية ثم أنتقل بعدها للدراسة بالمعهد العلمي بام درمان ، وبعد إكماله الدراسة بالمعهد سافر للقاهرة برفقة المرحوم حسين شريف الصحفي الشهير والعضو البارز بحزب الأمة وهناك التحق بالأزهر الشريف ، وبعد تخرجه عاد للسودان ليدير أعمال والده ، ثم كانت له أعماله الخاصة حيث أنشاء مشروعاً زراعياً كبيراً بســنار ( ود هاشم جنوب ).

ولئن كان في تاريخ هذه المدينة المتفردة أمثلة ساطعة عديدة فإن الأمير محمد عبد الرحمن نقد الله كان ـ رحمه الله ـ من أبرز وأنصع تلك الأمثلة وأعظمها نفعاً للناس ، تراه فترى فيه الوقار والسكينة والهدوء والتواضع الجم ، والأمير نقد الله ينتمي لأسرة حازت المجد بجميع أطرافه ، فوالده حاج عبد الرحمن نقد الله زعيم الأنصار بود مدني ، كان يحظى باحترام وتقدير كل أهل المدينـة ، وكان ـ رحمه الله ـ رجلاً وقوراً ، يتمتع بشخصية قوية وله مكانته الكبيرة ، ويعمل له ألف حساب ،(ورغم أن هناك حكومة ومسـئولين وشرطة ...)،إلاَّ أنه بين الأنصــار فـ ( ..الكلمة كلمته والشورة شورته)،لا يعقد أمر يخص الدناقلة والأنصار إلاَّ بعد أخذ رأيه ، ويتم تنفيذه بالحرف ، من ذلك مسائل الزواج وغيرها ، ... ففي الزواج مثلاً يرى أنه ( ينتهي بانتهاء العقد وإشهار الزواج ) ، وكان يحذر من الطبل والزمر ، وفي هذا الخصوص تحضرني قصة طريفة عن زواج أحد أبناء الدناقلة ، فبعد ذهاب حاج عبد الرحمن لمنزله فور الفراغ من إجراءات العقد ، وانصراف الكبار من الأهل والعشيرة .. أولاد الحلال أحضروا فناناً لإحياء ليلة العرس ، واستطاعوا إقناع العريس وأهله بعد جهدٍ جهيد وبعد مفاوضات وحديث من نوع : ( يا زول أفرح وخلينا نفرح معاك .. دي ليله في العمر .. وإذا ما فرحت هسع حتفرح متين .. وحاج عبد الرحمن في سابع نومه الآن ) ، ومازالوا يحاورونه ويجادلونه ويُلحون عليه حتى ظفروا منه بالموافقة في نهاية المطاف .. وكان لهم ما أرادوا .

وعلى الرغم من أن العريس تعامل مع الموضوع بمنتهى الحيطة والحذر ، فهو من جانب ظل يؤخر موعد بداية الحفل حتى أنتصف الليل ، ومن جانب آخرٍ جعله في أضيق نطاق ممكن( أقفل الباب وجعل الحفل قاصراً فقط على أقرب الأقربين ) ، وعلى الرغم من أن الناس في ذلك الوقت لم يكونوا يعرفون مكبرات الصوت والساون سيستم ، إلاَّ أن صوت الغناء وصل لأسماع حاج عبد الرحمن وهو يغط في نومه فهب منزعجاً وأخذ عصاه وخرج من منزله يتتبع الصوت إلى أن وصل لمكان الحفل ، فطرق الباب طرقاً عنيفاً ، فعلم من بالداخل أن ذلك هو حاج عبد الرحمن بشحمه ولحمه .. والذين حضروا تلك الواقعة ذكروا بأن المكان في لحظات قد خلأ تماماً من الناس ، وكان أول المختفين عريس الهناء ، فدخل حاج عبد الرحمن المنزل والشرر يتطاير من عينيه ، وهو يســأل بتركيز عن العريس(أمانه ما وقع راجل)،وبحث عنه بنفسه في كل ركن من أركان المنزل إلى أن عثر عليه متخفياً تحت أحدى الأسرة !! فنال المسكين علقة ساخنة من الشيخ جزاء سماعه لنصيحة أهل السوء فانقلبت ليلة عرسه لكرب بدلاً من فرح .وفي زماننا هذا إذا مد الرجل يده لابن أخيه تتصدى له زوجة الأخ كالكلب المسعور محتجةً ( زمن !! ).

ومما أذكره أيضا أن الأنصار يتجمعون من مختلف أحياء المدينة للصلاة في العيدين ( الفطر والأضحى ) وذلك بالساحة الواقعة أمام منزل حاج عبد الرحمن ـ حتى أيام الحكم العسكري ـ وأستمر ذلك حتى بعد وفاته والى يومنا هذا .

والذي خلد أثر هذا الرجل العظيم أن الله جلت قدرته قد جعل الخير والنفع والصلاح من بعده في أبنائه وأحفاده البررة الذين حملوا الرسالة من بعده ورفعوا الراية وساروا على درب والدهم صاحب التاريخ الناصع والسيرة العطرة . ويعتبر الأمير محمـد عبد الرحمن نقد الله هو الابن الأكبر للحاج عبد الرحمن نقد الله يليـه ( إبراهيم ) ، وكان تاجراً بام درمان ثم ( الأمير عبد الله نقد الله ) القيادي السابق بحزب الأمة ووزير الداخليـة الأسـبق ، ثم ابنه الأصغر المرحوم ( أحمد نقد الله )، رجل الأعمال وصاحب المشاريع الزراعية بجنوب النيل الأزرق ـ رحمهم الله أجمعين ـ ... أما حفيده من ابنه عبد الله فهو الأمير نقد الله المناضل الجسور والقيادي البارز بحزب الأمة ، ووزير الشئون الدينية والأوقاف الأسبق متعه الله بالصحة والعافية. أما الأمير محمد عبد الرحمن نقد الله فله من الأبناء (صلاح، وكمال ،والصادق ،ومصطفى ، وعبد الرحمن ، والهادي ، وعبد السلام ).

والأمير محمد عبد الرحمن نقد الله ـ عليه الرحمة ـ استطاع أن يملأ وعن جدارة الفراغ الذي نجم عن وفاة والده ، فصار من بعده أميراً بل زعيماً للأنصار وكبيراً للدناقلة يزور الصغير والكبير دون استثناء وبكل تواضع وأريحيه ، يتفقد أحوالهم وأوضاعهم ، وكان على اتصال دائم معهم يقطع المسافات من أجلهم ، وما رأت ـ عيناي مثل هذا الرجل ـ رحمه الله تعالى ـ في دماثة خلقه ولين جانبه وتودده للناس مع غناء عنهم .

إن في حسن الخلق نيل محبة الله ومغفرة الذنوب ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : \" أحب عباد الله إلى الله أحسنهم خلقاً \". فكان ـ عليه الرحمه ـ كثير الحسنات ، وعاش حياته عزيزاً كريماً يعطي ولا يأخذ وأذكر تماماً ونحن صبية صغاراً كنا نرى لوري الأمير المحمل بجوالات الذرة وهو يقوم بتوزيع حمولته على الأهل والأنصار ، بل والجيران كذلك دون تمييز ، ويتكرر هذا المشهد كل عام في موسم الحصاد ، كما أنه ـ رحمه الله ـ يتصف بالتواضع وحب الناس ورغبة شديدة في قضاء حاجات الآخرين وحل مشاكلهم والتوسط لدى من يملك اتخاذ القرار لمساعدة شخص ما أو قضاء حاجة محتاج ، لا يبخل بجاهه ، ولا يتبرم بالرغم من كثرة ما يطلب منه ، خاصة إذا كان لمساعدة إنسانا محتاجاً لخدمة معينة ، ومما يحكى عنه أنه في أحدى المرات كان يجلس أمام متجر ( الطيب نقـد ) بالسوق الكبير ، يتجاذب أطراف الحديث مع بعض الأشخاص ، فإذا بشخص يركب دراجه بالجانب الآخر من الشارع ، يلقى بالتحية على الأمير بالاسم ، ثم يترجل عن دراجته ويقف مكانه!!، الحاضرون ذكروا بأن الأمير بحث في جيبه بسرعة فلم يجد نقوداً ، فاستدان من الطيب نقد مبلغ خمسة جنيهات ، دسها في جيبه ثم ذهب إلى حيث كان يقف الرجل فسلمه المبلغ(بصوره خفيه)وعاد إدراجه ، حدث كل ذلك وسط دهشة الحضور وذلك لسببين:(أن المبلغ وقتها كان ضخماً ، والثانية أن الأمير هو الذي ذهب للرجل في مكان وقوفه بالطرف الآخر من الشارع)..وهكذا كان دائماً كريماً جواداً ، وهو يفعل ذلك عن قناعه بأن ما ينفق سيكون له رصيد خير عند الله مبارك فيه بإذنه ، وليس سراً حديث الناس عنه ولسان حالهم يردد قول الشاعر زهير :


تراه إذا ما جئته متهللاً كأنك تعطيه الذي أنت سائله

ولم لم يكن في كفه غير روحه لجاد بها فليتقي الله ســـائله

ويسجل التاريخ في أنصع أسفاره لهذا الرجل المتفرد صاحب السجل الحافل بالمواقف الإنسـانية البهية، كيف أنه استطاع بالحكمة وبُعد النظر أن يحفظ للأنصار وحدتهم وتماسكهم في أحلك الظروف ، وأصعب المواقف ، والكبار من أهل المدينة يذكرون تماماً تلك الأحداث المؤسفة التي أعقبت انقسام الأنصار بين مؤيدٍ للصادق المهدي ، ومؤيدٍ لعمه الهادي ، حيث أقتحم أنصار الهادي المهدي دار حزب الأمة بشارع النيل بجوار البلدية وهم يهللون ويكبرون ويرددون الهتافات المنددة بالطرف الآخر وتصفهم \"بالكفرة الفجرة ؟!! \" ، واحتلوا بالفعل الجزء الجنوبي من المبني !! ، فتصدى لهم نجل الأمير( الصادق ) مستنكرا فعلتهم هذه ، فتعرض للأسف للاعتداء من بعض المتحمسين ، الأمر الذي أدى لتدخل آخرين لنصرة إبن الأمير بقيادة بابكر حاج يوسف أبو الروس وآخرين ، وكادت أن تحدث كارثة يروح من جرائها العشرات .. وانتهت تلك الأحداث المؤسفة باعتقال تلك الجماعة المقتحمة للدار ، باعتبار أن المبنى كان أصلاً مسجلاً بالملك الحر باسم السيد الصادق المهدي ، وفور سماع الأمير للخبر حضر على عجل ، وقابل مدير مركز الشرطة ، ثم أرسل في طلب ابنه ( الصادق ) ليقدم تنازلاً عن البلاغ ، وبعد ما تم له ما أراد ، لم يغادر مركز الشرطة إلاَّ بعد أن اطمأن على إطلاق سراح الجميع وهم كُثر ، ولم يكتفي بذلك بل طلب من ابنه مُسامحة المعتدي وأن يُقبل رأسه!! ( كان أكبر منه سناً ) ، هذا التصرف العقلاني من هذا الشيخ الحكيم كان له وقع السحر في نفوس تلك الجماعة ، فسرعان ما تصافى الجميع وعادت المياه لمجاريها ، ونتيجة لذلك لم تأخذ العلاقة بين أنصار الصادق وأنصار عمه الهادي بمدينة ودمدني تلك الصورة الحادة التي كان عليها الحال في بعض المناطق الأخرى .

جانب آخر حرص عليه هذا الرجل الحكيم ، وهو علاقته الحميمة بكل ألوان الطيف بالمدينة ، وأصدق مثال على ذلك اللقاء اليومي الذي يجمعه بالعديد منهم ، عند المكتبة الوطنية بعمارة الدمياطي ، حيث يهيئ لهم صاحب المكتبة المرحوم عيسي عبد الله المكان بالكراسي مع \" قهوة \" جورج الحلواني الشهيرة، فيجتمع في هذا المكان كوكبة من الشخصيات الهامة بالمدينة نذكر منهم أحمد دهب المحامي والأستاذ عمر محمد عبد الله وعزت أبو العلاء ودكتور عبد الرحيم أبو عيسي ، وينتظر الأمير بهذا المكان حتى وقت وصول البص السريع ( بص الخواجة ) وهو يحمل الصحف والمجلات فيتناول طائفة منها ويغادر ، وهناك لقاء آخر بمتجر شقيقه ( أحمد ) \" نقد الله بازار \" ، إذ بمجرد وصول الأمير يتجمع في لحظات كل جيران المرحوم أحمد نقد الله ، فَيكوِّنون شبه ملتقى أو ندوة يومية ، نذكر منهم حسن هاشم وأحمد دهب وحامد البوشي ودكتور يوسف الحضري إلى جانب نائب مدير بنك باركليز ومحمد علي حسونه ـ رحمهم الله أجمعين ـ ، حيث يستمر اللقاء حتى موعد أذان الظهر .

غاية ما هناك أن الحديث عن مناقب هذا الرجل ومآثره التي لا تحصى عددا ومكاناً لهي من أصعب الأمور ، فنحن مهما تحدثنا عنه فلن نستطيع أن نوفيه حقه ، ونقول لأبنائه وأقرباءه أن يفرحوا بسجاياه الكريمة ، وفعاله الحميدة ، وأن يرجوا له من ربه خيراً .

توفي الأمير / محمد عبد الرحمن نقد الله في عام ( 1973م ) رحمه الله رحمة البررة الأتقياء ، وتغمده بواسع رحمته ونسأله تعالى أن ينزل على قبره الأنس والغفران ، وأن يثبته بالقول الثابت ، اللهم أرحمه ونقه من الخطايا كما يُنقى الثوب الأبيض من الدنس ، اللهم أسكنه فسيح جناتك ، وأجعله من الفائزين يوم الدين يأرب العالمين كما نسأله أن يجمعنا به ووالدينا بالجنات ( إنا لله وإنا إليه راجعون ) .



والشخصية التالية تتلمذت على يديه أجيال متعددة ، اعتاد الجميع على مناداته بالأستاذ فهو بحر من العلوم ويندر أن يحضر أحد مجلسه دون أن ينهل شيئاً من علومه ومعارفه ، ذلكم هو الأستاذ والرياضي المطبوع عمر محمد عبد الله ـ رحمه الله ـ ولعل الجميع ممن يعرفون أستاذنا عمر محمد عبد الله أو تعاملوا معه يتفقون على أنه صاحب قامة رفيعة ، وأننا والله لنقف أمامه فخورين ونحن نراه صورة من صور الأعلام والرواد في بلادنا الحبيبة ، وأن أتحدث عن واحد عملاق في أدبه وعلمه وأخلاقه ، فلا أعتقد أنني أستطيع أن أوفيه حقه أو بعض حقه ، ويصعب علي أن أتحدث عن أبو محمد ، ذلك أن شعوري نحوه يجعل من المستحيل علي أن أتحدث بموضوعية ولكني مع ذلك سوف أساهم بجهد متواضع في هذا الموضوع .

و أبو محمـد أخ أكبر وصديق عزيز ، تربطني به علاقة الأخوة والتلمذة ، فأنا أعتبره أستاذي في الحياة ، تعلمت على يديه معاني الوفاء والإخلاص والتفاني في العمل ، فمعرفتي بالأخ عمر محمد عبد الله تعود لنادي النيل شيخ الأندية بمدينـة ودمدني عندما كنت نائباً له في السكرتارية ، وكان النادي وقتها يعج بالعمالقة أذكر منهم : ( شيخ بله ، والمهندس محمود جادين والمهندس محمد عبد الكريم عساكر والمهندس حسين عبد الرحمن وسعد أحمد زكي ومعاوية السناري وعبد الرحيم فقيري عبد القادر والأستاذ الزبير تميم الدار وسيد الليثي وحسن علقم ( شيخ العرب ) ، والأستاذ سليمان جيبتي وبروفسير نصر الدين محمد نصر الدين ودكتور إبراهيم عبد الرحيم والحاج عبد الله أبو عاقلة والمهندس أحمد لطفي الخانجي والمهندس عبد العزيز عبد المنعم حافظ واللواء شرطة إبراهيم علي شرف الدين واللواء شرطة أحمد السيد محمد صالح واللواء أمن أحمد موسى واللواء شرطة عبد المنعم محمد السيد واللواء شرطة عثمان الخواض والعميد سجون عبد القوي الطيب نقد والعقيد شرطة محمد إبراهيم خليفة ( مُوني ) وعيسى البدوي ( شنكل ) وابنه عبد المنعم وأحمد محجوب وعبد المنعم أحمد سليمان جيبتي و عمر علي الحوري وجمال أبو عاقلة وإبراهيم صابوني والأستاذ الهادي أحمد يوسف والأستاذ محي الدين الحضري والمهندس عباس مدني حميدة ،وقاسم أبو عاقلة ومشيل ونيس شنودة والخواجة دميتري وسيد العوض وحاج إسماعيل إبراهيم الريح والمهندس ميرغني عساكر وحسن أبو رأس وعبد الباقي حاج البشير والعم عبادي والعم علي فرح وبروفسير يوسف قمر و المهندس أحمد عبد الحليم خليفة ومحمد عبد الحليم خليفة والمهندس عابدين آدم والأستاذ / مبارك عبد الوهاب والأستاذ /هاشم عوض ومحمد أحمد المقدم وعبد الباقي الليثي والأستاذ كمال محمد علي الليثي والعم محمد سليم حامد وأخيه يسن والعم احمد حميده وأخيه سليمان ومحمود فتح الله شندي والعم أحمد إبراهيم عمر والعم عبد الله شمت والعم طه شرف الدين والعم علي مرجان والعم يوسف محمد الحاج وسليمان محمد الأمين وأحمـد محمد عثمان وموريس الأطرش وحشمت وعنتر محمود وحميده ساتي ومحجوب البدوي دشين ومبارك محمد يوسف والدرديري محمد سعيد والأساتذة معتصم وصلاح وحمدي الفيومي ومحمد يوسف السناري وجعفر مصطفى(سلطان)وعمنا إسماعيل وسعيد ومامون قديم وعلي جيلاني آدم ,وإبنه طارق والمهندس جيلاني درويش ومصباح الطاهر وحسن إدريس ومحمد حوفي ومصطفى الزبير وإبراهيم الطيب نقد والأستاذ بشرى الأمين حمد وعثمان حسين عدلان ومحمد يوسف العربي وصلاح محمد مختار وطلال أحمد سـتيبة والطيب حمدين ومحمد لأظ والجيلي مهدي وعمر محمد أحمد وعوض محمد إبراهيم وابنه المهندس مرتضى والمهندس سعد أبو عاقلة خوجلي والزاكي عبد القادر ومنير عوض الله وخالد علي الحناوي ومحمد إبراهيم محمد علي ومحمد الريح أبو صفر ومدثر يوسف (القطر)والعالم/هشام محمود وحسان ابوبكر ابوعاقلة ومالك محمد عثمان ابوعاقله وعابدين عبد الرحيم (يَكَا)وعلي بريقع والأمين الدايش والريح أبوصفر والعقيد عبد الوهاب محمد علي وعثمان ورشاد بدوي والأستاذ سيف الدين عيسى والعم علي محمود وسليمان عوض ،وأ.عمر يعقوب المرضي ومدثر يوسف موسي عبدالناصر(الشيخ)وعبد الرحيم جبتي وعبدالله (النقيح)ومعاوية ومصطفى عبد القادر والطيب وقاسم جقود ومحمد كبشوره وعلي وعادل وعماد سيد الليثي وجلال ونادر وياسر الريح أبو إدريس وإبراهيم وماهر الجزار والمهندس عبد الله وسليم عبد الله وعز الدين بور وصلاح الصادق أبو عاقلة ويوسف العمري وهاشم نوري وعبد الله عبد الهادي والأستاذ موسى اللورد وكابتن محمد عبد الرحمن خدوري ومحمد ابوالعلاء وحسن الحضري وابنه ممدوح وحمزه بلدو وبيومي طه ونصر الدين شاني ومحمد عثمان الطاهر عساكر وصلاح البوشي وفاروق العبد والأخير عضو نشط بالنادي وأهلاوي على السكين !!ومثله كذلك الصادق بابكر بدري وعابدين بحر فهما أعضاء بالنادي نشاطهما ملحوظ وحضورهما يومي إلاَّ أنهما يشجعان فريق الاتحاد ، كما أن النادي كان يضم قبل تولينا إدارته لاعبين أفذاذ أمثال : العم سعد محمد إبراهيم والأمين محمد الأمين ( محيرقه ) وأخيه الحاج محمد الأمين وإسماعيل قديم وجلال عثمان وتنه وحسن صغيرون وأبوجرفل وبشرى وهبه وقاسم ميرغني ومرحوم الحارس الذي أشتهر وقتها بلقب الساحر ، ثم هناك داموك وسيد سليم وعبده مصطفى الحناوي والطيب الحوري وصديق عثمان ومحمد بُابكر ومحمد محمود جلودي وعبد الجبار محي الدين وأحمد اسكوب وحسن المجاهد وجعفر الحارس ودفع الله النويري ( قرز ) والرشيد عباس ومعاوية السناري (القرود)ومنصور الشيخ وأحمد الحوري وعبدالعال ساتي ، وفي عهدنا كان سمير صالح وعُلَماَ وصالح ياي وجلال النور وعز الدين خورشيد وصالح عبد الله وعز الدين الجعلي والأسيد وإبراهيم بدوي والجيلي يونس وعبدالعظيم الروسي والريح محمد الحسن وعصام محجوب والهادي سليم والليح والعوض والفاتح الريشة وعبد الغفار جبارة وعبد الغني ، والطاهر يوسف فرح وصلاح(كاتنقا) ويوسف صغيرون وصلاح التكيشا ومحمد علي جوكي وصلاح جوكي وشريف ود الصين ومحمد عباس وعبد المتعال محمد عبد الله وشيخ إدريس بركات وحكيم علي مرجان وفيصل ربيع وسانتو المناقل والنيل حسين فضل وحجو وعادل يسن ومحمد محمود حموري والإمام محمد البشير وعبدالفضيل الكريبه وعوض الكريم الريح وأمير حفره ووالي الدين وعبد الله عبد الله والحارس حافظ والحارس هشام الريح ، وغيرهم مما لا تسعفني الذاكرة بهم ـ رحم الله من كان ميتاً ، وأطال عمر من كان حياً منهم ـ .

وخلال مخالطتي للأستاذ / عمر محمد عبد الله تعلمت منه الكثير ، فهو يحترم شخصك ورأيك ، وكان يدلني باستمرار على طرق الخير ويمنحني الصلاحية والثقة بالنفس والتشجيع ، وكان دقيقاً جداً في الأعمال حريصاً على أداء الواجب ، وأن يكون العمل متكاملاً وواضحاً .

وأقول أن شعوري نحو هذا الأستاذ والمربي الفاضل هو مزيج من المحبة .. والتقدير .. والإعجاب ، أما المحبة .. فحصيلة معرفة وثيقة تجاوزت خمسة وعشرين عاماً ، ومع المعرفة الطويلة تتكشف للمرء جوانب كثيرة من شخصية رفيقه .. يراه في حالتي غضبه ورضاه .. وحالتي حزنه .. وسعادته ، وحالتي يأسه .. ورجائه، واشهد الله أنني لم أره غاضباً قط .. الأدق أن أقول إنه كان دائماً قادراً على إخفاء غضبه ( وليس الشديد بالصرعة )، لم اسمعه يتلفظ بكلمة نابيه واحدة بحق أحد .. حاضراً كان أو غائباً ، وتلك خصلة تُحب وتُعشق ، وأشهد الله أنني لم أره يائساً قط ، ودواعي اليأس حوله كثيرة ، ومبررات القنوط تمور في كل مكان ، ولكنه خُلق متفائلاً بطبعه ، يرى الجزء الملآن من الكأس ، ويلمح الوجه المضيء من القمر ، ويرى الجوانب الإيجابية في الطبيعة البشرية ، وهو مع هذا يصل إلى حد العناد فيما هو حق ، ولهذا السبب فقد عانى ما عانى مع أمن نميري ، وكان ـ رحمه الله ـ دائماً مستعداً وجاهزاً( لكومر ) أمن الدولة ، وأذكر أنه في أحدى المرات قد أحضر معه مجموعة كبيرة من الصحف والمجلات ، وكنت أجلس إلى جواره ، فتناولت منه إحدى تلك المجلات أتصفحها ، في هذا الأثناء طلبني أحد اللاعبين فذهبت إليه وأنا أحمل المجلة في يدي ،.. ولم تمضي دقائق إلاَّ ورأيت أبو محمد ينادي على اسمي قائلاً : \" يلا يا عمر الجماعة وصلوا \" ، فألتفت ناحيته لاستبين من هم الجماعة الذين قصدهم في حديثه ، فإذا بي أرى أثنين من ضباط أمن نميري يقفون أمامه ، فعدت إليه وأنا أسلمه المجلة ، فوجه حديثه لي : \" يا عمر يا ولدي ناولني الشنطة ( كان يحتفظ في غرفة السكرتارية بشنطة صغيرة ( هاندباق ) يضع بداخلها بعض الملابس لمثل هذه المواقف ) ، وأستمر في الكلام : \" ما تنسونا من صالح الدعاء ، وابقوا عشرة \" وأخذ يتحرك ناحية الباب بصحبة رجلي الأمن وهو يوجه حديثه لي ووصاياه بخصوص موضوعات متصلة بالنادي .. واستمر يتكلم حتى والسيارة تتحرك به مبتعدة !! ، نوعية نادرة من البشر ، جاهدوا وناضلوا نضالاً لا هوادة فيه ، وعبر كل العهود ( من الاستعمار .. وحتى الإنقاذ ) ، والغريب في الأمر أنه لم يسلم من الجميع ، حتى صار السجن مكاناً مألوفاً بالنسبة له ، ومما يذكره عنه أهل المدينـة ، أنه والعم حسنين النصيري ، كانا سبباً وراء إلغاء الاحتفال السنوي الذي كانت تقيمه المديرية أيام الاستعمار الإنجليزي بمناسبة ( عيد جلوس الملكة ) وكان هذا الاحتفال يقام بميدان الحرية (الملك سابقاً) جنوب مصلحة المساحة والمحكمة الشرعية ، وشرق نادي الاتحاد ، حيث تنصب الخيام ، وتقام الزينات ويستعرض مدير المديرية الإنجليزي الطابور العسكري الذي يمر من أمام المنصة على أنغام موسيقى الشرطة ، وتوزع فيه المرطبات والحلوى على الحضور من المفتشين وكبار الموظفين والأعيان ... المهم هذه المرة اكتملت الاستعدادات تماماً بالميدان ، حيث نصبت الصيوانات وأزدان المكان بالأعلام والزينات ، وصُفت المقاعد وخُطط الميدان لمرور الموكب .. وكعادته في كل مره حضر مفتـش المركـز(الإنجليزي) بصحبة ضابط المجلس (البلدية) في الليلة السابقة للاحتفـال حيث وقفا على اللمسات الأخيرة للاحتفال ، وراجعا كل كبيرة وصغيرة عن الاحتفال ، وانصرفا وهما راضيان تماماً عن ما تم من تحضيرات ، ولكن الذي لم يحسـبا له حساباً هو أن يأتي الأستاذ عمر محمد عبد الله والعم حسنين النصيري في جنح الظلام ، ويقوما بفتح ماسورة ري الميدان ( على الأخر ) وكانت من نوع ستة بوصة ، وبينما كان المفتش الإنجليزي وزميله ضابط المجلس يغطان في نوم عميق كان الماء يتدفق بغزارة من حنفية ماسورة البلدية ، وعندما أصبح الصبح حضرا في الصباح الباكر ليكونا في استقبال مدير المديرية ، فإذا بهما يجدان الميدان وقد امتلأ تماماً بالمياه والمقاعد تطفو على سطح الماء، وهكذا ذهبت كل مجهوداتهم أدراج الرياح ،ومن عجبٍ أن مفتش المركز سارع على الفور بإصدار أوامره للشرطة بالقبض على الاثنين إضافة لثالث هو المرحوم محمد عبد الله موسى ، فهو بخبرته الطويلة قد توصل بالحاسة السادسة إلي أن الفاعل لابد أن يكون من بينهم ؟!! ، وبالفعل القي القبض على عمر محمد عبد الله وحســنين النصيري ومحمد عبد الله موسى .

والمفتش الإنجليزي كان محقاً في حساباته عن المتسبب فيما حدث ، فالثلاثة عرف عنهم نضالهم ضد المستعمر ، حيث تعددت مرات القبض عليهم ، بسبب توزيعهم للمنشورات المناهضة للمستعمر ، أو بسبب تنظيم وقيادة المظاهرات المنادية بجلاء المستعمر عن أرض بلادنا الحبيبة ، وظل ( الثلاثة ) رهن الاعتقال لفترة ليست بالقصيرة ، ولكنهم قطعاً كانوا راضين تماماً من أنهم تسببوا في إلغاء هذا الاحتفال المهم بالنسبة للمستعمر .

وكانت هذه الواقعة سبباً لتهكم الناس وقفشاتهم الضاحكة للمقلب الذي شربه مفتش المركز ، ونسجوا قصصاً من الخيال عن المواجهة التي تمت بين مدير المديرية ومفتش المركز ، فالأخير كان ينتظر الإشادة على دقة التنظيم ، وروعة الإخراج ، فإذا بالأمر ينقلب لتقريع ونقد لأذع من مدير المديرية ، والذي عنفه لعدم وضعه حراسة على مكان الاحتفال .

وهكذا مدني دائماً وعلى مر العصور وعبر مختلف أنظمة الحكم كانت قلعة للنضال ، لا تعرف الانحناء إلاَّ لرب العالمين .

والأستاذ عمر محمد عبد الله كرس حياته لخدمة وطنه ، فكان نعم المواطن الصالح ، ذا تواضع وحنكة واقتدار ولقد خصه الله عز وجل بكيان إنساني متفرد معجون بطين الأرض وصلابة الأيمان .. لا تجده متكلفاً.. بسيط غير متحذلق .. ووطني غير منافق ورفيق بلا ضعف ، ذلك هو الرجل الأمين الذي عرفته ، يسبقه دائما نبله وإنسانيته !!، فهو لم يسعى طوال حياته لمنصب أو لجاه أو وجاهة اجتماعية ، وليس أدعاء أن بعض مواقع الإدارة العليا لا تعدم الفرص لجعل البسطاء وجهاء ،إذا عرفوا كيف يتقدمون الصفوف بسرعة الثعالب ونعومة الثعابين ! ولم يكن له من بين هؤلاء مكان وليس له في تقبيل المقامات نصيب ، فالوطن لديه محبة وولاء وتضحية وانتماء وتفاعل ، والمواطنة الصادقة عنده تنبع من الشعور والإحساس والانتماء العميق لهذا البلد المعطاء.

و أبو محمـد خدماته لبلاده كثيرة وشاملة سواء تلك التي قدمها من خلال عمله كمعلم بوزارة التربية والتعليم ، أو من خلال نضاله في مكافحة المستعمر الدخيل ، أو من خلال دوره المشهود في مؤتمر الخريجين أو عندما كان مسئولاً وقطباً بارزاً في الحزب الوطني الاتحادي ، أو من خلال عمله بمجلس الاتحاد المحلي لكرة القدم أو من خلال عمله كرئيس لتحرير صحيفة الأضواء الأسبوعية،والتي كان صاحب امتيازها في ذلك الوقت السياسي البارز في الاتحادي الديمقراطي الأستاذ / أحمد زين العابدين المحامي ، ولعل أحد أهم إنجازاته وهى كثيرة ، نجاحه في تلك الصحيفة بممارسة العمل الصحفي بأساليبه الصحيحة .. والتي كنا نطالعها بإعجاب ، فقد كانت تحمل في مضامينها رسالة هامة وهي بث الوعي لكافة شرائح المجتمع السوداني ، وأمتاز الأستاذ عمر محمد عبد الله بأسلوبه الصريح وبراعته في قراءة الواقع السياسي السوداني وكفاءته العالية في التحليل وقراءة المستقبل ، فهو يحسن التقاط الفكرة المفيدة ويصوغها بأسلوب أدبي رفيع ، وكانت المجلة شاهداً ثابتاً ، وذات قيمة ثقافية واجتماعية ، فضلاً عن كونها متخصصة في الجانب السياسي ، كما لمسنا التغيير من نمطية الإثارة المعهود في الصحف الحزبيـة والسياسية لأسلوب جديد من حيث المعنى والمضمون ، تتجلى من خلال مقالاته عبر الصحف ، أو من خلال الصحيفة التي يشرف عليها ، والواقع أنه بذل جهداً جهيداً وعملاً متواصلاً حتى تم له ما أراد ، وقد حاولت بعض الجهات الأخرى محاكاته والاستفادة من خبراته في هذا الجانب ، ومن الإنصاف الإشارة إلى مثل هذه الأعمال ، لأننا لو أغفلنا هذا التميز لأصبحنا جاحدين .

وباختصار شديد إن أبا محمد رجل فاضل كريم الأخلاق ، عف اللسان ، عفيف اليد ، لطيفاً دمث التعامل ، مثقف واسع الثقافة .. وواسع المعرفة ، سريع الجواب عرف عنه الشجاعة والشموخ ونقاء القلب ، ويتمتع بشخصية قوية ، وعلى درجة عالية من الذكاء ، والبراعة في الحديث ، ورجاحة العقل ، وصواب الفكرة ، وسعة الأفق ، صاحب مثل عليا ، وقدوة حسنة ، ومثالية التعامل ، ونوازع الخير لديه زينها بالإخلاص ، وسقاها بالعطاء ، وكان رحمه الله وأسكنه فسيح جناته مستمعاً جيداً ، و لديه القدرة على امتصاص انفعالات الآخرين وتقديم أبسط الحلول لأصعب مشكلات من يستشيره ، وهو دائماً حاضر البديهة .. سريع الجواب ، يقابل التعليق بالتعليق وأجوبته مفحمة ، وهو بطبعه إنساناً مرحاً يحب النكتة ، وكان محبوباً بين الناس ، وكانت نظرته للأمور مستقبلية وتخطيطاته بعيدة المدى ، ولم أدرك أو استوعب مغزى كثير منها إلا بعد وفاته ـ رحمه الله ـ واسكنه فسيح جناته ، والواقع الذي أعرفه جيداً أنني لن أستطيع مهما قلت أن أوفيه حقه .

وقد عمل الأستاذ عمر محمد عبد الله لفترة بالمملكة العربية السعودية في مجال المقاولات ، وكانت لديه علاقات طيبة بالعديد من الأمراء والمسئولين هناك .. وفي مرحلة أخرى ، وبعد أن ضيق عليه رجال أمن نميري الخناق سافر إلى لندن ، والتحق برفيق الدرب والنضال الشهيد الشريف حسين الهندي ومكث بلندن فترة ليست بالقصيرة كان خلالها ملازماً ومعاوناً للشريف ، ولعب دوراً مهماً في تنســيق مواقف المعارضة وفي الاتصال بالاتحاديين بالداخل ( أيام حكم نميري ) .

ولعل أجمل مشاهد أ. عمر محمد عبد الله هو محبته الكبيرة للأطفال ومداعبتهم ، ومما كان يقوله ( بيت دون أطفال لا طعم له ) . وكان سليماً معافى في جسده ، لم يتعرض لأي أمراض مستعصية طوال حياته ، بل كان نشيطاً فاعلاً في المجتمع حتى قبيل وفاته بساعات ، إذ تعرض لنوبة مفاجئة توفى في إثرها على الفور ، وأعظم شئ أحزنني أنني لم أكن موجوداً فأحضر جنازته وأقوم بأداء ما يريح قلبي من صلاة عليه ودعاء ، فقد كنت وقتها بالخرطوم وعدت مسرعاً لود مدني في فجر اليوم الثاني للوفاة على أمل حضور جنازته ، فعلمت بدفنه ليلاً وفق رغبة بعض الجهات الأمنية التي انصاع لها شقيقه ـ سامحه الله ـ ، وكنت على يقين أن مدني كانت ستخرج عن بكرة أبيها لوداع هذا الرجل لمكانته الكبيرة في نفوس جميع أهل المدينـة .
وهكذا ودع هذه الدنيا الفانية بعد حياة حافلة بالجد والعطاء والترحال والنضال في سبيل السودان ، جزاءه الله خير الجزاء وجعل ذلك في ميزان حسناته ، فقد رحل ـ رحمه الله ـ ورصيده من هذه الدنيا الستر والسمعة الطيبة والدعاء له من الآخرين ، وبقى القول إن الحزن على فقده لا يقتصر على أسرته بل يعد فقيد ودمدني ـ رحمه الله ـ رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته والهم أهله الصبر الجميل (إنا لله وإنا إليه راجعون ) .

وشخصيتنا التاليـة يعتبر من الرجال المتميزين الذين أنجبتـهم مدينة ودمدني المعطاء فسيرته والحمد لله سيرة عطرة من أصل كريم ، عرف عنه الحكمة والشــــجاعة والشموخ ونقاء القلب ، ويتمتع بشــخصية قوية ، وعلى درجـة عالية من الذكاء، والبراعة فـي الحديـث ، ورجاحـة العقـل ، وصواب الفكرة ، وســـعة الأفق ، صاحب مثل عليا ،وقدوة حسنة ، ومثالية التعامل،أنه الرياضي المطبوع وابن مدني البار المرحوم / بهاءالدين عثمان بحيرى .

والمتتبع لمسيرة هذا الرجل العملاق ، يقف بتقدير على مسار متألق خطَّه لنفسـه ، وهو بحق مفخرة لأبناء هذه المدينة المعطاءة ، وهو من المسئولين القلائل الذين سخروا عطاءهم لخدمة هذه المدينـة ، فمدني لديه محبة وولاء وتضحية وانتماء وتفاعل ، هذه المشاعر الصادقة تنبع من الشعور والإحساس والانتماء العميق لهذا المدينة المعطاء ، ونوازع الخير لديه زينها بالإخلاص ، وسقاها بالعطاء ، فتجد قلبه كبيراً حنوناً عطوفاً ، فما أروع صور العطاء التي يجسدها شـخصه الكريم في أروع صور الإخلاص والوفاء . ونحن حقيقة نفخر ونعتز بشجاعته ، لنصرة الحق وحب الخير ومروءته وأصالته ونخوته وغيرته على هذه المدينـة ودفاعه المستميت عنها وعن أهلها بكل جسارة ، فهو يستحق الثناء وسمو المكانة ورفعة المقام ، بما حباه الله من خصال كريمة ، وفكر ناضج .

ولد بهاء الدين بحيرى بمدني ، ودرس بالمدرسة الأهلية ومن زملائه المرحوم عباس أحمد الطيب شيخ العرب في الخمسينات ،ثم التحق بعدها بحنتوب الثانوية وكان صديقاً وزميل دراسة للرئيس السابق جعفر نميري ، ومن زملائه أيضاً محمد إبراهيم نقد و سيد سليم .

التحق بالعمل بمشروع الجزيرة بالسلك الكتابي ، وتدرج به حتى وصل لمفتش السلك الكتابي ، وهي أعلى درجة وظيفية في السلك الكتابي بمشروع الجزيرة ، وكان في نفس الوقت رئيساً لنقابة الكتبة ، ثم نقل لشئون الموظفين ، حيث تقلد فيما بعد منصب مدير شئون الخدمة ( هذا المنصب كان يشغله من قبل المرحوم أمين عبد الله الفكي رئيس النادي الأهلي الأسبق ) ، وآخر وظيفة له بمشروع الجزيرة كانت المدير التنفيذي لمكتب المحافظ في عهد حسن عبد الله هاشم ، وكانت له شخصية قوية ونافذة ، حتى ليقال أنه كان المحافظ الفعلي للمشروع .ومن الأنشطة الاجتماعية للأخ بهاء الدين بجيري أنه كان أحد الأقطاب البارزين لنادي الإتحاد بمدني إلي جانب السادة ( عبد الرحيم محمود ودكتور عوض محمد أحمد \" عوض القون \" ومحمد فضل وأولاد كرار وعابدين عبد الرحمن ) فكانت لهم مقاعد ثابتة عند مدخل النادي ، يديرون منها كل أمور هذا النادي العملاق ، ( مع وجود لجنة للنادي ) ، ففي نهاية المطاف لهم (الكلمة الفصل) ، كما شغل المرحوم بهاء الدين عدة مناصب إدارية باتحاد الكرة منها منصب رئيس الاتحاد ، وكان لي شرف العمل معه ( ســكرتيراً للإتحاد المحلي ) في الأعوام ( 92/93م ) .. وصدقوني أنني تعلمت منه الكثير فقد كان ـ رحمه الله ـ مدرسةً في الإدارة ، ويمثل قمة التعامل الراقي فهو يضع ثقته فينـا وفي الوقت نفسه يتابع أعمالنـا بدقة ويبدي لنا ملاحظاته وكان دقيقاً جداً وحريصاًً وواضحاً ، و يتأنى في اتخاذ القرار حتى الإلمام بجميع تفاصيل وخلفيات الموضوع والاستماع إلى آراء المعنيين حياله قبل اتخاذ أي قرار ، وهو لا يحب أن يستفرد بالرأي أو يفرضه علينا ، وكانت له رؤية خاصة ومع ذلك يستمع ويحاور لتكون قراراتنا متزنة تراعي المصلحة العامة ، وكان يتسم ببعد النظر ، وهذا ما يتضح لنا في العديد من القرارات بعد تنفيذها أنها كانت تصب في المصلحة العامـة ولخير ودمدني ،وقد ساعد على ذلك خبراته المتراكمة في مجال العمل الرياضي وإلمامه التام والكامل بخفايا هذا المجتمع وخلفيات العاملين فيه ، ولذلك كنا نسترشد بآرائه فهو ـ رحمه الله ـ يمتلك خبرة مميزة ونظرة عملية ناضجة ودقيقة للكثير من الأمور المتعلقة بالحركة الرياضية ، وكان يقابل ملاحظات الرياضيين برحابة صدر ويعالجها بكل حكمة ورويه وبعد نظر ، حيث يتحمل لوحده الكثير من تبعات قرارات مجلس الاتحاد ، ويؤكد لنا دائماً أن العمل العام هم لابد من تحمل تبعاته .

والمرحوم بهاءالدين تقلد أيضاً عضوية مجلس إدارة الإتحاد العام لكرة القدم السوداني ، وكان يشغل منصب نائب رئيس الإتحاد العام ، واستطاع بقوة شخصيته وخبرته أن يجعل لمدينـة ودمدني مكانة عالية ومتميزة بين المدن الأخرى ، فكانت لها الريادة والقيادة للإتحادات الإقليمية ، وكان ( إتحاد الكرة بمدني ) بعبعاً مخيفاً لاتحاد الخرطوم ، فقد كان إتحاد الخرطوم وقتها يضع يده على كل شئ بما في ذلك الاتحاد العام لكرة القدم السوداني ، والقوانين كانت مفصله عليه ولخدمته ، فظهرت اتحادات الأقاليم لتطالب بتصحيح الأوضاع ، وبدأ النضال من أجل التصحيح في عهد هذا الرجل الفذ والذي يمتاز بقوة الشخصية والثقة بالنفس ، وعدم التفريط في الثوابت ، حيث عرف عنه أنه كان ينتزع حقوق الأقاليم ومدني على وجه الخصوص انتزاعاً من بين براثن الأســد ، وأستمر النضال من بعده ليتوج في عهد الاتحاد الذي ترأسه الأخ الصديق / عبد المنعم عبدالعال وكان لي شرف الانتماء إليه كأحد ضباطه الثلاثة ، ويرجع لهذا الاتحاد الفضل من بعد المولى الكريم في تنظيم صفوف الاتحادات الإقليمية وكانت ضربة البداية تكوين اتحاد تضامن والذي بدأ أول ما بدأ باتحادات : ( مدني ـ بور تسودان ـ الأبيض ) ثم لحقت بالركب ( سنار ـ كسلا ـ كوستي ) فكانت اللقاءات المكثفة والاجتماعات المطولة ، والذي ساعد على نجاح المقاصد وجود قيادات واعية ، فإلى جانب قيادة مدني نجد العم الخلوق الحاج سليمان دقق (الأبيض )وعلي عيسى موسى والمرحوم حسن طويل (بور تسودان) والمرحوم الأستاذ / حسن الماحي المحامي (كسلا) ، والأخ الصديق / أحمـد الحاج المعزل (سنار) و الأخ الصديق /علي بين رفاي ( كوستي )، وفي مرحلة لاحقة انضم الأخوة في شندي ، وعطبرة ، وغيرها من الاتحادات الإقليمية .. وهكذا قدر للقواعد العامة لاتحاد كرة القدم السوداني ـ والتي جاءت بمكاسب عديدة للأقاليم ـ أن ترى النور ، وكان ميلاد اتحاد ( عامر جمال الدين ـ دكتور كمال شداد ـ الأستاذ محمد الشيخ مدني )، وكان ... ( ختامها مسك ) . وهذه قصة نضال .. أمل أن أعود أليها بشئ من التفصيل ـ إن مد الله في الآجال ـ .

كما عمل ـ رحمه الله ـ أميناً لأمانات الإتحاد الاشتراكي في عهد مايو ، ومديراً تنفيذياً لمكتب حاكم الإقليم الأوسط في عهد السيد / عبد الرحيم محمود ، وتقلد أيضاً منصب رئيس مجلس منطقة وســط الجزيرة (عمدة المدينـة)،والمعروف للمتتبعين لأحوال المدينة أنه والسيد عبد الرحيم محمود شكلا ثنائياً متناغماً ومتجانساً ، وهما اللذان عرف عنهما حبهما وإخلاصهما ودفاعهما المستميت عن مدينة ودمدني ، ولو قدر لهذا الثنائي أن يستمر في قيادة الإقليم لكان في ذلك خيراً كثيراً لود مدني ، وعندما إنشاء إتحاد مزارعي الجزيرة والمناقل شركة تجارية كان من الطبيعي أن يستعينوا بخبرات هذا الرجل المتفرد ، فكان المدير العام لهذه الشركة ( مقرها بعمارة الأوسط والأمارات بشارع اتجاه واحد )، حيث استمر بهذا المنصب حتى وافته المنية في عام 2001م ـ رحمه الله ـ .

والأخ بهاء الدين بحيري ينتمي لأسرة عريقة وكبيرة بمدينة ودمدني وهم ( البحيرية ) ، حتى أن أهل المدينة أطلقوا على الشارع الذي يمر غرب الجامع الكبير وينتهي عند شارع المحطة غرب دار رعاية الشباب اسم ( شارع البحيريـة )، لتمركز منازل أفرادها بهذا الشارع ، وقد أطلق مجلس المدينة على هذا الشارع اسم : ( صالـح بحيري ) تخليداً لهذا الرجل الذي يعتبر رائداً للتعليم بالمدينـة .

هذا العائلة الكبيرة كما أسلفت أنجبت العديد من الأفذاذ فإلى جانب المرحوم صالح بحيري ، هناك وزير المالية الأسبق والخبير الاقتصادي المعروف / مامون بحيري وشقيقه الرشيد بحيري ومن أخوانة عصمت ( كان ضابطاً بالقوات المسلحة وأستشهد بالجنوب )والتيمان (المرحوم حسن بحيري) وأبنائه : سفيان وأ. بكري ومعز والواثق ، و(المرحوم حسين بحيري) ، والذي أشتهر وقتها بالعزف على (الهارمونيكا) بفمه طوال اليوم ، وكان مشهوراً بالمدينة وقتها ، ومن أولاد الخبير الاقتصادي مامون بحيري : ( علي وأحمـد ) ، وله ثلاثة بنات : ( هدى ، وسلوى ، وهند والأخيرة هي زوجة والي الخرطوم دكتور عبد الحليم المتعافي ) ، وهناك البكباشي يوسف بحيري ومن أولاده حافظ ومحمود والمرحوم دكتور صيدلاني/ عز الدين بحيري، صاحب أجزخانة بحيري الشهيرة بشارع الدكاترة بمدني ، وفتحي بحيري صاحب ( طلمبة أجب فتحي ) بالسوق الجديد شرق مركز شرطة مدني جنوب وعصام بحيري ، ومن أبناء حافظ : ( ياسر وثلاث بنات ) ولفتحي بحيري : ( الصادق ، ويوسف ) ، وعصام له : ( عز الدين ، يوسف ، محمود ، محمد )ومن أبناء أختهم (نعيمة) محمد صديق حسين (لاعب الكرة الطائرة) وإخوانه يوسف وعادل ورشدي ، وزوجة البكباشي يوسف من نفس العائلة أيضاً ( التومه محمد بحيري ) ، أما الأخت التوأم لها فهي والدة كل من أ. محمد وجلال وعبد المنعم أجعص ، ومن أبناء فاطمة بحيري : سليمان وقيع الله ( ابن ودمدني البار والمحافظ الأسبق ، والذي سميت باسمه الحديقة الشهيرة بود مدني جنوب البوستة ) ومن إخوانه عباس وعابدين وعبد الرحمن وقيع الله ، ..وقد تزوج عبد الرحمن وقيع الله بهانم أحمد بحيري وله منها ( سعد ) ، أما خالد محمـد أحمد ( سوسته ) والفاتح فأن والدتهم هي محاسن بحيري ،ولخديجه بحيري : عثمان وصلاح وعبد الكريم و أبناء نفيسة بحيري هم : حلمي وحليم ومحمد وعماد وصديق الفادني ، وهناك مصطفى بحيري ومن أولاده عبد المنعم والمرحوم كمال وله ( محمد ومصطفى ومنير ومحمود ) ،وعبد العزيز وله ( معاوية ومحمد ومصطفى وأسعد وضياء ) ومدثر وله ( سيف وحاتم ) ، وصلاح وله ( وائل ) ،ومحمـد وله ( إبراهيم )، أما أبناء محمد بحيري فهم :يوسف ومصطفى وأحمد واللواء عمر بحيري وأخيه الضابط الإداري الأخ الصديق /صـلاح بحيري ، وهناك المرحوم أحمد بحيري صاحب مطبعة الجزيرة ومن أبنائه الأستاذ عبد اللطيف وعبد الخالق وعبد العظيم والذي استقر بالخرطوم (توفي مؤخراً) وله من الأبناء ( أحمد وعاصم ومحمد )، والشاب الخلوق المهذب عبد الحليم و مامون ، وللمرحوم أحمد بحيري من البنات : ( هانم ، سعدية ، فتحية ، صفية ، وآمال ) ومن الأسرة أيضا اللاعب الفذ إبراهومة(سيد الاسم) الذي لعب لاتحاد مدني ثم سطع نجمه بنادي المريخ العاصمي ثم هاجر لدولة قطر ، وأخيه اللاعب حمد النيل والذي لعب في الأهلي القاهري وهناك لاعب نادي الاتحاد الشهير الرشيد محمـد علي وطه ، وهناك أبناء أختهم ( زهرة) : ( مامون ومجدي ومحي الدين السيد )، أما التاية محمد علي فلها : ( أ. قصي محمد الحسن الفكي المحامي المعروف بمدني ، وإخوانه أبو الحسن ، أحمد ، عادل ، عمر ، حمزة ، عباس ، وهبي ) ، وهناك صديـق عيسى بحيري وابنه الأكبر( خالد ) والذي جمع عدة مواهب ( فنان تشكيلي ـ لاعب كرة موهوب ـ وشاعر ) وأذكر أنه لعب لنادي الشاطئ مدني ، وقد سطع نجمه أيام الدورة المدرسية عندما كان كابتناً لفريق مدرسة مدني الثانوية ، ومن أبنائه أيضاً محمـد وأحمـد(بالرياض حالياً) والابن الأصغر لصديق عيسى هو اللاعب الموهوب والمتميز ياسر حداثة الذي لعب لاتحاد مدني ثم انتقل للعب لنادي الهلال ، ولصديق أخ شقيق اسمه عثمان وله أخوين آخرين هما ( أبو السعود ، وسفيان )، ومن أسرة البحيرية الأخ الأستاذ عبد القادر أبو سمره وهو ابن لنفسيه عمر بحيري ،ولديه أثنين من الأخوات فوزيه أبو سمره زوجة المدرب الكبير عبدالعال ساتي والأستاذة إنعام ابوسمره زوجة الأستاذ جعفر النقل والمقيمان حالياً باستراليا ،وهناك طارق وطالب وصلاح الأمين بحيري ( حي دردق محطة الشجرة ) ونذكر كذلك الرجل المهذب الخلوق الريس / التجاني كنين وأبنائه عصام وابوالقاسم وسيف ومحمـد وحكم مدني المتميز الأستاذ /أحمد التجاني ، ثم هناك أولاد محجوب البخيت ( المرحوم /عبد الملك ومروان ومامون ومحمد وعارف ).

للأخ بهاء الدين أثنين من الأبناء ( إيهاب .. وعثمان ) وثلاثة من البنات ، ومن أخوانة علم الدين عثمان بحيرى المفتش السابق بمشروع الجزيرة والأستاذ عبد الباسط بحيرى مدير المدرسة الأميرية الأسبق ، والذي شغل أيضاً منصب المدير الأسبق لتعليم المرحلة المتوسطة بوسط الجزيرة ، وعبد المنعم بحيرى ، وله أخت واحدة : ( صفية ) وهي حرم المرحوم أحمد البخيت ، ومن أبنائها الدكتور عثمان وعبد الحميد وعز الدين ، و بهاء الدين صهراً لمحجوب البخيت ـ عليه الرحمة ـ فزوجته هي حفيدة أستاذ الأجيال المرحوم / صالـح بحيري رائد التعليم المعروف بالمدينـة ووالدتها ( ليلي صالح بحيري ) من أميز النساء خُلقاً وتَهذيباً وورعاً ، ولها علاقات حميمة ومتميزة بكل أهل حي ود أزرق ، وتحظى باحترام وتقدير الجميـع ، وتعتبر كبيرة للبحيرية بود مدني ـ أمد الله في عمرها ومتعها بالصحة بالعافية ـ .

وهكذا .. سقطت الأقمار واحداً تلو الآخر .. ولا عجب فهذه سنة الله الجارية في خلقه ، ... ودع ( بهاء الدين بحيري ) هذه الدنيا الفانية بعد حياة حافلة بالجد والعطاء،والبذل ونكران الذات من أجل سيدة المدائن مدني الحبيبـة .. ونسأل الله أن يجزيه على ما قدم وان يجمعنا معه في الفردوس ـ أنه سميع مجيب ـ ، وإنني أوجه نداء من القلب للأخوة في بلدية ودمدني ، وأخص هنا الأخوين العزيزين أ. عبد المنعم محمد حمد رئيس المحلية وميرغني بيطري المدير التنفيذي ، وذلك لإطلاق اسم المرحوم بهاء الدين بحيري على أحد شوارع المدينـة ، وهو الذي أفنى حياته من أجلها وترأس مجلسها المحلى لفترة كانت عامرة بالإنجازات ، وجهوده في هذا المجال مشهودة ومشكورة .

ختاماً إن الحديث ليطول عن الأخ بهاء الدين بحيري ، ومهما كتبت عنه ـ يرحمه الله ـ فلن أوفيه حقه ، فخصاله عديدة ومواقفي معه كثيرة ، وما بيننـا كان علاقة حميمة ومتينة ، جعلت منزلته في نفسي راسخة ، ومحبته عميقة ، فكان لنا نعم الأخ ونعم الصديق ونعم الناصح ولذا فإنني افتقدته كثيراً ، ونقول إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وأنا لفراقه لمحزونون ، ونسأل الله أن يقبله في الصديقين وأن ينزله منازل الشهداء والصالحين ، وان يجمعنا به وجميع موتى المسلمين في جنات النعيم .. وأن يغفر له الخطايا والذنوب ويعظم له الأجر والثواب ويرفع له المنزلة في الدار الآخرة ويحشره مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً و.. الحمد لله رب العالمين .




 

عمر سعيد النــور
رئيس جمعية أبناء ودمدني الخيرية
الرياض

 

راسل الكاتب