أعلامٌ ورجال من ودمدني-3-

بقلم / عمر سعيد النـور

 

من نعم المولى الكريم علينا أن زرع في أهل بلدنا الحبيب صفة التكافل والتراحم وحب الخير .... وكثيرة هي أعمال الخير بمدينة ودمدني ، فقد نشأ أهلها وقلوبهم متقاربة بالعطاء ، فالناس فيها جبلوا على حب الخير .. ويجسدون معنى التكافل الاجتماعي الذي يسود مجتمعنا بفضل الله تعالى ، شمل ذلك حتى أصحاب الإمكانيات المحدودة بالمدينـة ، فتجدهم يتسابقون إلى فعل الخير ، فالترابط الاجتماعي هو ما يميز أهل هذه المدينة ، فالجميع توحدوا على محبة وأخوة صادقة وترابط مع بعضهم البعض وأصبحت المدينة كأنها أسرة واحدة وذلك بفضل تمسكهم بأهداب ديننــا الحنيف ، لذلك فأن عمل الخير لم يتوقف أبداً . ومن أهل هذه المدينة الصالحين الذين عرفتهم ميادين الخير والعطاء في مدينـة ودمدنـي ، الحاج : حسين عوض الحاج ـ رحمه الله ـ الذي رحل وما زالت ذكراه الطيبة باقية بيننـا .

ولد بمدينة ودمدني ، من أسرة عريقة بالمدينـة وهي أسرة الرمضانيــة ، ومن إخوانه بله وحامد وعبد الله ونجم الدين ومدني عوض .. الحاج حسين عوض تلقى تعليمه الابتدائي من قراءة وكتابة وحفظ القرآن الكريم وبعض العلوم الدينيـة ، ثم سـافر في سـن مبكرة إلى ارض الحبشـة بمعيـة أخيـه ( بله عوض ) رحمه الله ، حيث عمل بالتجارة بين الحبشـة والكرمك ومدني ، وإبلاء فيها بلاءً حسـناً ، ثم غفل راجعاً لمسـقط رأسه بعد وفاة أخيـه بله عوض ـ عليه الرحمة ـ فأهتم برعاية وتربية عيال أخيه بله ( فيصل وإخوانه ) ، و تفرغ لإدارة أعماله الخاصة في تجارة مواد البنــاء ، ثم شيد مصنعاً للثلج شمال المنطقة الصناعية بمدني في مواجهة خط السكة حديد ، ولقد أنعم الله على أبي ( محمـد ) بما فاض في يده من ثروة ، فما زاده النعيم إلاَّ بساطة وتواضعاً .. و عرف في حياته محسناً باذلاً ضارباً باسهم في أبواب من الخير متنوعة ، ينفق نفقة من لا يخشى الفقر ويحرص أشد الحرص على كتمانها ، وما قام به من أعمال البر والخير والإحسان لا يخفى على أحد وبخاصة من سكان مدينة ودمدني ، فجهوده في هذه المدينة يعرفها الكبير والصغير ، ومن أعمال البر المشهودة بالمدينة بناءه لمسجده الشهير بحي الدباغة بود مدني على الشارع الرئيسي ، وهو مسجد كبير وجميل البناء ومزود بملحق ودورات مياه ، وكان ولوقت قريب يعتبر المسجد الوحيد للمنطقة الممتدة من المقابر وحتى النيـل ، حيث تم بناءه على أحسن صورة ، ولم يقصر اهتمامه ببناء هذا المســجد ، فقام ـ رحمه الله ـ بتوسـعة مســجد( البوشي ) من الجهة الجنوبيـة ،هذا إلى جانب صيانتة للمسجد صيانة كاملة ، وعرف عنه كذلك دعمه لحلقات الذكر والتلاوة بالمدينة بالإضافة إلى ما يقدمه من بذل ســخي لمشاريع متعددة فقد كان ـ رحمه الله ـ لا يبخل بأي شئ يرى فيه خدمة الإنسان وعمل الخير ، وله بصمات واضحة في كثير من مناطق الجزيرة ، حيث يستقبل متجره يومياً العشرات من أهل تلك المناطق ، وقد جاءوه لمساعدتهم في بناء مسجد أو مدرسة أو شفخانة ، فقد كان من خيار الناس في الأعمال الملموسة الخيرة والطيبة ، وكان ـ رحمه الله ـ يحرص على توزيع الزكاة للفقراء والمساكين وقت حصادها دون تأخير في كل عام ، حيث يشـهد متجره بالســوق الكبير بشارع الحرية ( بجوار علي الزبير ) ، تزاحماً شديداً ، فيجتمع إليه المئات من الفقراء والمساكين من مختلف أحياء المدينـة ، ويقفون في صفوف طويلة أمام متجره ، هذا طبعاً إلى جانب أن أياديه البيضاء كالريح المرسلة لا تتوقف عن العطاء طوال العام . هذا إلى جانب أن الحاج حسين عوض واحد من الأقطاب الاتحاديين بالمدينة ،ويحفظ له تاريخ هذا الحزب ما قدمه من دعم لمسيرته بمدينة ودمدني .

هذه بعض مآثره رحمه الله بقيت بعد رحيله عن هذه الدار ذكرى عطرة ، وشاهداً مشرقاً تهتف له الألسن والقلوب محبةً وتقديراً.. وعرف عنه كذلك أنه شخص قليل الكلام هادئ لن تسمع منه كلمة جارحة أو غيبة لأحد .. مع شدة بذله وتناســيه ما يبذل ، وبعده عن الأضواء وحب الإطراء .. ، فسبحان واهب الأخلاق والنعم ، قال صلى الله عليه وسلم : ( إن هذا المال خضرة حلوة ، فنعم صاحب المال ما أعطى منه المسكين واليتيم وأبن السبيل ) ، أو كما قال صلى الله عليه وسلم . وأنه من يأخذه بغير حقه كالذي يأكل ، ولا يشبع ويكون شهيداً عليه يوم القيامة . فالشيخ يحب المساكين والفقراء ويبذل لهم ، ويحبه المساكين ، متبع لسنة حبيبه وقدوته محمد صلى الله عليه وسلم .. كذلك أحسبه ، والقصة التالية تحكي جانباً من حب أهل المدينة وبخاصة المساكين منهم لهذا الرجل المحسن :
\" يذكر أهل المدينة حادث الحريق الشهير لمتجره بسوق ودمدني الكبير ، حيث أتت النيران على الأخضر واليابس ، خاصة وأن معظم بضائع المحل كانت من مواد قابلة أو سريعة الاشتعال ( أخشاب ودهانات وثنر ، .. وخلافه ) ، وقدرت الخسائر بمئات الآلاف من الجنيهات ... وكانت أرقاماً كبيرة في ذلك الوقت ، وهو أمر تأثر له أهل المدينـة وتألموا ، حيث أنتشر الخبر بسرعة البرق ، الكل كان يحكي عن الحريق والحزن بادياً عليه ، والعشرات منهم خفوا لموقع الحدث يقدمون يد المساعدة لرجال الإطفاء في همة عالية لإخماد النيران المشتعلة ، وشهد المكان زحاماً شديداً عاق حركة المرور بالشارع نتيجة لتزاحم الناس ، مشاعر أبت إلاَّ أن تعبر عن نفسها بتلقائيـة ، ذلك أن الشيخ حسين عوض ـ رحمه الله ـ محظي بمحبة أهل المدينــة ، ويقال أن أحد فقراء المدينـة أتي للمتجر في اليوم التالي للحريق ، فسـأل عن الحاج حسين عوض فقيل له أنه لم يحضر بعد ، فظل مرابطاً أمام المتجر لساعات انتظاراً له ، وعند حضوره تقدم منه الرجل في استحياء ، وبعبارات مؤثرة وصادقة ذكر له : \" بأنه سمع بما حدث ، وأنه تأثر جداً \" ، ثم أدخل يده في جيبه وأخرج مبلغاً متواضعاً من المال ، وقال له : \" هذا كل ما عندي ، ولو كنت أملك غيره لما بخلت به \" ، وكان من الطبيعي أن يشكره ويعتذر له عن قبول المبلغ بقوله : \" مستورة والحمد لله \" ، والذين حضروا المشهد ذكروا بأن الرجل كان يُلح على الحاج حسين عوض إلحاحاً شديداً ليقبل المبلغ ، لدرجة أنه بكى تأثراً عندما أصر ( الشـيخ ) على الاعتذار ، وقال للرجل ليهون عليه : \" إن مجرد مشاعره تكفيه وأنها أبلغ تعبير \" ، فما كان من الرجل إلاَّ أن رفع يديه للسماء ودعا للشيخ دعاءً عريضاً تعبيراً ومشاركةً وترجمةً لمشاعر أراد التعبير عنها بأي شكل من الأشكال !! ..... وحقيقة ما كان لله فإن الله قد يظهره في الدنيــا ، وقد يظهر أثـاره من المحبــة والإجلال في قلوب الناس .. وهكذا كان أبو ( نور الدين ) في قلوب الكافة ، يدعون له على ظهر الغيب في كل لحظة تذكر ، وفي كل مناسبة تجر إلى ذكره ، وبدعائهم له بعد وفاته . وتدول أحاديث الرجال وتنقضي ، ويبقى الفضل والحسنات .... فهنيئاً له هذا الذكر الحسن والثناء الطيب . يقول الشاعر :

كم مات قوم وما ماتت مكارمهم وعاش قوم وهم في الناس أموات

واستمرار لمسيرة الخير التي كان يقوم بها الشيخ حسين ـ رحمه الله ـ ، نجد أنه قد جند أبنائه ورباهم على هذه الأعمال الخيرية التي تخدم المحتاجين ، وجعل في ( محمد ) وإخوانه خير خلف لخير سلف .. ( رحلت وخيرك المعطاء باق ٍ ) .
ونقول لمحمد ونور الدين وأخوانهما أن يستمروا في المسيرة التي نأمل إلا تنقطع ، ( من يعمل الخير لا يعدم جوازيه ) ، فمن البر به بعد موته ـ غفر الله له ـ السعي في استمرار أفعال الخير التي يكون أجرها متصلاً به بعد وفاته ، ( وما مات من خلف ) فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : \" إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له \" .... فعلى هؤلاء الأبناء البررة الحرص على استكمال مسيرة والدهم عليه الرحمة ، وأن لا يتوقفوا عن بذل العطاء والسخاء كما كان يفعل والدهم عليه الرحمة ، فلن يثابوا إلا الأجر والثواب . لقد خلق الله هذه الدنيـا وجعلها مزرعة للآخرة ، لذا فإن السعيد من يزرعها بالطيبات لينال برحمة الله تعالى الأجر والثواب في الآخرة ، والحمد لله الذي وفق من شاء من عباده لعمل الخيرات ، واسأل الله عز وجل أن يثيبهم على برهم بوالدهم ، وأن يجعل ذلك في موازين حسنات الشيخ حسين عوض وأن يخلف عليه ما أنفق من خير في حياته وبعد مماته بالفوز بالفردوس الأعلى في جنات النعيم ، وأسأله تعالى أن يرزقه مرافقة النبي صلى الله عليه وسلم في جنة الخلد.
اللهم انه كريم وأنت تحب الكرماء ، وهو رحيم وأنت تحب الرحماء ، اللهم فأكرم نزله وارحمه برحمتك الواسعة واجعله من عبادك المقبولين .

وشخصيتنا التالية رائد من رواد التعليم بمدينـة ودمدني نشأ نشأه علميه وأحب العلم وأهله ، وهو أستاذ الأجيال أحمـد محمـد علي ـ رحمه الله ـ .

احمد محمد علي لمن لا يعرفه هو رجل وهبه الله الكثير من المزايا والخصال التي جعلته محبوباً لدى الجميع ، ويعتبر أحد رواد التعليم بمدينة ودمدني ، حيث عاش حقبه مهمه من تاريخ التعليم بهذه المدينه بل بالإقليم الأوسط ( ثلاث ولايات حالياً ) ، واستمر في هذا المضمار لأكثر من أربعين عاماً قبل أن يتقاعد .. عمل معلماً ، ومديراً لعدة مدارس متوسطة منها فيما أذكر الأميرية، فكانت من أقوى المدارس المتوسطة بالمدينة ، وأكثرها نظاماً وأستمر الحال على ذلك على عهد من خلفوه في إدارتها أذكر منهم الأساتذة الأفاضل / الزبير تميم الدار علي وكمال عبد العزيز وحيدر أحمد صالح وعبد الباقي وغيرهم من الأفذاذ ، ثم عمل ـ رحمه الله ـ مفتشاً بالوزارة ثم موجهاً تربوياً لأكثر من عشرين عاماً، وكان مخلصاً لعمله بشكل كبير ( أول من يحضر للوزارة ، وآخر من يغادرها ) ، بل أنه يعد مرجعاً فيها ، إذ جمع بين المعايشه القريبه والحرص على المتابعه ، فقد تقلد منصب مدير المرحلة المتوسطة بالإقليم ، ثم مدير التعليم ، وأخيراً مدير عام الوزارة ، ويحفظ له تاريخ هذه الوزارة أنه وضع اللبنات الأولى لنظام الترقيات وفق قرار مجلس الوزراء بجعل الإقليم الوحدة الأم للترقيات من الدرجة الخامسة فما دون بكل ثقة ومسؤولية ، وكان هذا القرار يمثل تحدياً كبيراً يبدأ من الألف ولا ينتهي عند الياء واستطاع وفريق العمالقة الذي كان ينتظم الوزارة في ذلك الوقت إنجاز المهمة كأروع ما يكون الأداء ، وبصورة نالت تقدير وثناء وإشادة الوزارة المركزية بالخرطوم ..... وخطأ بالتعليم خطوات للإمام فترة تقلد تلك المناصب ، فكانت البدايات القوية هي الزاد والأساس لما تبعها من تطوير وتحديث ، ساعد في ذلك أن هذه الوزارة وبولاية الجزيرة على وجه الخصوص حظيت بعمالقة من الإداريين الأفذاذ ، نذكر منهم على سبيل المثال الأساتذة محي الدين دياب وأحمـد خالد ومحجوب على عمر جانقى ويحيى وداد أحمد وعبد الحميد عديل وصفية محمد علي بخيت وصديق فراج وعباس أحمد محمد وعباس وحسين شدو والزبير تميم الدار علي وطه عابدين وإبراهيم محمود ابوعيسى وسليمان وعبد الباقي أحمد سليمان جيبتي ومحمد علي قشي وبثينه عمر مصطفى والشيخ كارا وغيرهم ممَّن لا تحضرني أسماؤهم .

عرف عن الأستاذ / أحمـد محمـد علي قوة شخصيته وجديته في العمل ، وكان يجوب المدارس التابعة لأدارته موجهاً ومتابعاً ومشرفاً ومفتشاً طوال العام الدراسي من كل عام ... ولقد عرف عنه زملاؤه وتلاميذه وجميع من عايشوه النزاهة والصدق والموضوعية والجدية والالتزام والحرص على العمل .. وهي صفات لمسـتها فيه عن قرب عندما كنت معلماً بنفس المرحلة بالجيلي بنات ، ثم عندما عملت منسقاً للجان الاستشارية للترقيات برئاسة الوزارة ، وكان وقتها مديراً للتعليم .. فكانت هنالك بوابة للوزارة تفتح وتغلق ... ومحاسبة للمتأخر في الحضور في المواعيد المحددة للعمل ، فتراه يقف أمام مكتبه بالطابق الثاني وهو يراقب بجدية وحزم حركة حضور الموظفين للوزارة ، ويستحيل أن ترى أحداً من الموظفين أو حتى المفتشين خارج مكتبه ، وهو أمر إن حدث فيكون لسبب يتصل بالعمل ، كما اختفت تماماً ظواهر مثل الإفطار الجماعي و\" فول كشك \" \" وأم فتفت \"، .. ومراجعات طالبي الوساطة لقبول الأبناء والأقارب ،وغيرها من مظاهر الفوضى التي كانت تعج بها الوزارة، فقرار لجنة القبول نهائي وغير قابل للمراجعة ، ومدراء المدارس مفوضون بسلطات كاملة في إطار المهام المكلفين بها.

وللأستاذ / أحمـد محمـد علي إسهاماته الكثيرة خارج نطاق الوزارة فقد اشترك ـ رحمه الله ـ في عشرات اللجان المالية والإدارية ، سواء التابعة لإدارة التعليم أو الولاية أو مطبعة الإقليم ، أو الجهات الأخرى ، فسبق محاضر اللجان بجديته ودقته والتزامه واستشعار المسؤولية والأمانة الملقاة على عاتقه ، وكان شديد الحرص على الالتزام بالأنظمة واللوائح يطبقها بكل دقة ومسؤولية ، وكان يغضب ويضيق إذا سمع أي مخالفة أو خطأ يحصل من أي شخص حوله ، وكان زاهداً لم تجذبه ولم تستهوه الدنيا ببهرجها وزينتها أو أي شكل من أشـكال ( المظهرية ) ، فهو قد رهن حياته لما تبقى من حياته تحت ظل من القناعة ... والزهد والرضا بما هو متاح .. كان مترفعاً عن بهرجة الشكليات ومظاهرها .و محب للعلم والثقافة ، وشغوف بالقراءة ، ولم يترك القراءة إلا بعد أن ضعف بصره ولم يترك القراءة مع ذلك بالكلية فالمصحف الكريم إلى جواره دائماً وأبدا وهو كثير القراءة .
وتخرج على يديه أجيال كثيرة من أبناء ودمدني فهو أب روحي لهم ، من هنا كان له الآلاف التلاميذ الذين ملؤوا مقابر ودمدني يوم وفاته .. قال الشاعر :

إن المُربي إذا أدَّى رســـالتَهُ
أهلٌ لتكريَمنـا شـيباً وشـُبَّانا
إن المُعلِّم إنسَانٌ سَــما خُلُقـاً
وجَلَّ قَدراً وصَــانَ العلم إيمانا
أكرِمِ بِه مشــعلاً أنوارُهُ سَطَعت
مَرحَى لهُ هَادياً أعظم بِه شـانا
عُصَارة الفكر لم يبخَل بِهَا أبداً
وحَسُــبُنا أنَّها أغلى هدَايَانَّا
حَيوا بَني وَطني في السِّــرِّ والعلَن
مَن رَفعُو الصُروح العلم بُنيَانا
قُولوا معي بلسَانِ الحالَ تهنئة
وَرَدّدُوها زُرافات وَوحَدانـــــا
شُكراً لَمن يَبذُلُ المجهُودَ مُحتسباً
مَرحَى لمِن يَجعَلُ التَّعليمَ مَجَّانـا

من إخوانه المرحوم / محمود محمد علي نائب المحافظ ، المدير العام الأسبق لمشروع الجزيرة ذلك الإداري الفذ في السبعينات والذي عرف عنه الجدية والحرص في العمل والأمانة،وهناك أيضاً أمين محمد علي المفتش بمشروع الجزيرة والحكم الشهير للكرة بمدني ، ثم هناك المحاسب المهذب الخلوق محمد محمد علي نائب مدير الإدارة المالية الأسبق بمشروع الجزيرة .

و لأن الأستاذ أحمد محمد علي كتلة عطاء ، لا يعرف الماديات ، ربى أولاده على الجدية والالتزام والمسؤولية ، لم يتركهم حتى رآهم وقد حصلوا على أعلى الشهادات العلمية بنين وبنات ، أما رفيقة دربه ( زوجته ) هي الأخرى إحدى أميز النساء خلقاً وتهذيباً وورعاً .

ونختم مقالنا برفع أكف الضراعة أن يغفر الله لأستاذنا أحمد محمد علي ويسكنه فسيح جناته وأن يجزيه خير الجزاء ، ويجعل ما قدم للبلد وللناس في ميزان حسناته أنه ولي ذلك والقادر عليه .

والشخصية التالية التي سنتناولها بالحديث من أولئك الرجال الذين أعطوا صورة مضيئة في الإخلاص والصبر والترفع عن الصغائر ، شخصية فذة حوى فوعى وحاز المجد من جميع أطرافه، ذلكم هو الأستاذ / عمر محمد عبد الله الكارب ـ رحمه الله ـ .

والعم عمر الكارب كان قريباً من كل مشروع ينطلق في مدينة ودمدني داعماً ومشاركاً، ومنح الكثير من وقته وجهده لعدد من المشاريع والهيئات والمؤسسات في مدينة ودمدني ، وإعطاءها بسخاء دون أن ينتظر غير أن يشاهدها قوية شامخة تؤدي دورها في ميدانها . لم يلتفت يوماً للماديات على الإطلاق ، ولم تكن تستوقفه أو تستهويه ولم ينبهر بها ولم تأخذ من وقته أو جهده أي مساحة ، ولهذا فقد كانت علاقته بالماديات علاقة شبه مفقودة ، فمنطلقاته تتكئ دائماً وأبداً على المشاركة في كل عمل بنَاء ، فهو يؤمن بأهمية العمل الشعبي والتعاوني القائم على روح المشاركة والمبادرة الخيرة من أجل الوطن والمواطن .

إن ما يميز الأستاذ عمر الكارب هو نظرته الواقعية وحسه الوطني وانتماؤه لمدينة ودمدني الذي يسعى لتجسيده واقعاً حياً ، فهو دائما يضع مصلحة ودمدني أولوية أولى بعيداً عن الأنانية والذاتية المقيتة ، وكان ـ رحمه الله ـ من أبرز قيادات الحركة الوطنية ومؤتمر الخريجين في ذلك الوقت .

وكان ـ رحمه الله ـ عف اللسان وقوراً لم يختلف مع أحد في يوم من الأيام ولم يؤثر عنه طوال حياته أي خصومة أو جدل أو خلاف ، يتحلى بالرزانة والهدوء والموضوعية مع سعة البال ومكارم الأخلاق كان يحتفظ بعلاقة طيبة مع الجميع ، بل كان لطيفاً رقيق التعامل لم يدخل في حياته على الإطلاق محكمة ، أو مركز شرطة من أجل مشكلة أو ليخاصم أحداً ، كما كان كتوماً قليل الكلام ، ينصت أكثر مما يتحدث ، وعرف عن الأستاذ عمر الكارب أيضاً أنه لا يحب المداعبات والمزاح ، وإذا ما وجدت في أي مجلس ، فإنه يغادره بحثاً عن حوار جاد مفيد .. وكان يحتفظ بشخصية هادئة وقورة ، وكان شخصاً محبوباً لكل من حوله .

والعاملون بمشروع الجزيرة فترة الستينات والسبعينات عندما كان مشروعاً عملاقاً برجاله وبعائداته ( الفترة الذهبية للمشروع ) ، كانوا في تلك الفترة يحمدون له أنه لم يؤذي أحداً طوال فترة عمله بالمشروع ـ مع حرصه الشديد على إعطاء كل ذي حق حقه دون مجاملة ـ فهو لا يجامل في الحق ولا يتهاون في العمل ، والكل ولاحترامهم للرجل ولمكانته العالية في نفوسهم يحرصون أشد الحرص على أداء أعمالهم على النحو المطلوب ، ومما يحكى عنه ـ رحمه الله ـ الروح العالية وسمو الأخلاق والترفع عن الصغائر الذي قابل بهما قرار السيد / مكي عباس المحافظ الأسبق للمشروع بتعيين السيد / محمود محمد علي مديراً عاماً ونائباً لمحافظ المشروع ، وهو الذي كان من المتوقع أن يشـــغل هذا المنصب بحكم الأقدميـة والترتيب الوظيفي ( كان يشغل وقتها منصب مساعد المدير العام للشئون الإدارية ) ، ويذكر الجميع ذلك الحوار العقلاني الذي دار بين الرجلين بعد تلك الزيارة الكريمة التي قام بها المرحوم محمود محمد علي لمكتب الأستاذ عمر الكارب عقب قرار التعيين ، حيث قال له : (( اختاروني لهذا المنصب ولست بأحسن منك ، وأنت أكثر مني خبرة ودراية ، ويمكن للخبرة أن تتحد بالعلم لنقدم معاً الخير لهذا المشروع ))، الأخ معاوية السناري مدير مصلحة الحسابات الأسبق للمشروع حكى لي عن هذا اللقاء فقال : \" إن العم عمر الكارب أحسن استقبال الرجل وهنئه بالمنصب وطمأنه إلي أنه لن يجد منه إلا كل خير \" ، وهذا ما حدث بالفعل فقد قدم العم عمر الكارب للرجل كل ما عنده من خبره وتعاون معه إلى أقصى حد ممكن !! ، الأمر الذي أنعكس إيجاباً على العمل ، ومعروف عن تلك الفترة أنها كانت من أعظم وأخصب الفترات الإدارية لمشروع الجزيرة ، وفيها تم تحويل نظام الحساب المشترك إلى نظام الحساب الفردي ، الذي حفزّ المزارعين أكثر وأزداد الإنتاج حيث أن هذا النظام يعطي المجد والمنتج ويحرم غير المنتج ، فانتعشت أحوال المزارعين ، وانعكس ذلك خيراً وبركة على مدينة ودمدني . ( فإذا أردتم أن يعود المشروع لسيرته الأولي ، لا توفروا لتلك الغاية الأموال وكفى ، ولكن أوجدوا لنا أمثال أولئك الرجال الأفذاذ لإدارته ، وسيبونا من حكاية الولاء قبل الكفاءة الودتنا في ستين داهية !! ) .

وبعد أن تقاعد العم عمر الكارب عن العمل بمشروع الجزيرة ، لم يستسلم للكسل ولم يخلد للراحة ، وهو المحنك الذي صقلته التجارب وخاض غمار الحياة ، فقد ساهم في العمل الاجتماعي من أوسع أبوابه ، وشارك في العديد من اللجان والمؤتمرات فعرف عنه الدقة والحرص واحترام المواعيد ، ومن تلك الأنشطة الاجتماعية ترؤسه للجنة ( دعم جامعة الجزيرة ) ، فهو يرى في هذه الخطوة اتجاهاً رائداً في إطار المشاركة الشعبية والمساهمة والعمل من أجل المصلحة العامة. ومن ذكرياتي مع هذه اللجنة والتي تشرفت بالعمل مقرراً لها ، فتعرفت عن قرب على العم عمر الكارب ، فشملنا بعطفه ورعايته ولطفه ودماثة خلقه ، وكنا لا نمل من مجالسته للاستفادة من علمه وتجاربه الثرة في الحياة ، فقد كان ـ رحمه الله ـ ذا خلق عظيم ، لطيفاً من غير ضعف ، غزير العلم متقد البديهة ، يفرض احترامه وحبه على من يقابله ، ذا ابتسامة هادئة ، طيب الكلام ، عميق المعرفة وزودني ـ رحمه الله ـ بنصائحه الأبوية السديدة ، والتي استفدت منها كثيراً في حياتي .

وقد عرف عن القائمين علي أمر لجنة ( دعم الجامعة ) النشاط والهمة العاليـة والصدق ، فلعبت دوراً هاماً وداعماً لهذه الجامعة الوليدة ، حيث استقطبت لها الدعم من جهات عديدة من داخل وخارج المدينـة ، وكانت هذه اللجنة كالحارس الأمين أو فلنقل أنها كانت الأب الروحي للجامعة ، تعهدتها بالرعاية والعناية ، حتى شبت عن الطوق ، ومن أعضاء هذه اللجنة كان مدير الجامعة ـ بحكم منصبه ـ بالتتابع ( عبيد ، جحا ، حمور ) ، و الإداري الفذ والرجل الخلوق والأمين العام الأسبق للجامعة المرحوم الأستاذ / محمـد عمر أحمــد ، ثم هناك عميد الطلاب دكتور محمود عبد الله إبراهيم ورؤساء النقابات بالجامعة، والمراقب المالي الأخ عبدالرحيم عمر المبارك ، ومدير الخدمات الأخ الحاج مكي مدني ومن الرأسمالية الوطنية أذكر المرحوم / أحمد إبراهيم حمـد ـ رحمه الله ـ والسيد / علي الباهي والسيد / بابكر عوض الكريم الخواض أطال الله في أعمارهما ومتعهما بالصحة والعافيـة . ويحفظ تاريخ هذه الجامعة لهذه اللجنة أنها أقامت كيانها كجامعة شامخة وأسست أركانها على أسس راسخة حتى وصلت إلى ما وصلت إليه من مكانة عالية ورفعة بين مؤسسات التعليم العالي بالبلاد ، وكانت بصمات هذه اللجنة ونجاحاتها واضحة وكانت مهامها جسام وكبيرة وكانت والحمد لله في مستوى المسؤولية ، فساهمت في حل العديد من المشكلات التي جابهت الجامعة في مرحلة التأسيس مثل داخليات الطالبات وغير ذلك ، ومما ساعدها في أداء عملها على النحو المطلوب أن محافظ الجزيرة ، ثم حاكم الإقليم الأوسط في ذلك الوقت كان أحد أبناء ودمدني البررة وهو السيد عبد الرحيم محمود ـ أمد الله في عمره ومتعه بالصحة والعافية ـ فقد كان عوناً وسنداً قوياً لهذه اللجنة ، بل لا يخالجني شك من أنه كان وراء تكوين هذه اللجنة جزاءه الله خيراً.

ولأن طرح العم عمر الكارب يتسم بالتوازن ، متأثراً بالأساليب التربوية القائمة على التفاعل ، فقد أعطى وأبدع في هذا المجال ونذكر بالتقدير كله كيف أنه كان يتدخل لحل العديد من المشكلات التي كانت تحدث بين الطلاب في تنظيماتهم المختلفة ، وبين إدارة الجامعة ، من ذلك الاعتصام الشهير للطلاب بالكلية الاعداية في بداية الثمانينات ، وأذكر أن الطلاب كانوا قد احتلوا مباني (عمادة الطلاب ) بالكلية الإعدادية ، وأعلنوا الاعتصام بها ، وكان يتزعمهم طالب فيما أذكر اسمه ( ساجو ) ، و كنت وقتها أعمل ( بالعمادة ) ، وعند حضورنا لمكاتبنا في الصباح ، فوجئنا بالطلاب يحتلون المبنى بكامله ، ولم تفلح معهم كل محاولاتنا لإقناعهم بفك الاعتصام والعودة لقاعات الدراسة ، ولكن ... تدخل لجنة دعم الجامعة بقيادة هذا الرجل الحكيم ، أدى لانفراج الأزمة ، وحل المشكل بشكل مرضي للجميع ( إدارةً ... وطلاباً ) .

والأستاذ عمر الكارب أخ شقيق لأستاذ الأجيال / يوسف الكارب ومن أبنائه الأساتذة / صلاح ، والتجاني الكارب المحاميان ، والأخ هشام الكارب صاحب مكتبة ( سودان بكشوب ) الشهيرة بود مدني والأخ الدكتور / عباس الكارب استشاري الأطفال الشهير بود مدني ، والمحاضر بكلية طب جامعة الجزيرة سابقاً وأحد أبناء ودمدني المخلصين الذين قامت على أكتافهم هذه الجامعة الفتية ، والمحاضر حالياً بكلية طب الملك خالد بابها ـ رد الله غربته وغربتنا أجمعين ـ ولأن الذاكرة خربة فلم أذكر اسم الأخ الأصغر لهم لفارق السن بيننا فله العتبى حتى يرضى ، ( لله درك على غرسك ) ..

رحمك الله يا أبا عباس لقد شيعك إلى مثواك الأخير جمع غفير من أهل ودمدني وأحبابك وجيرانك ومعاونيك وهم يودعونك داعين الله لك بالرحمة والمغفرة .

وختاماً لا نملك إلا أن نقول : اللهم أغفر للعم عمر الكارب ، واجزه عنا خير الجزاء ، اللهم أرفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله يأرب العالمين ، وأبدله داراً خيراً من داره وأهلاً خيراً من أهله ، وأفسح له في قبره ونور له فيه ،اللهم شفع فيه نبيك وحبيبك ومصطفاك صلى الله عليه وسلم آمين .

في رحاب سيدة المدائن
( وهؤلاء محُّبوك ما أكثرهم )
 

من البريد
حمل إلينا البريد عدة رسائل من أخوة أفاضل .. كانت أولى تلك الرسائل من روما.. فالأخ سيف الدين إبراهيم محمود لم تغره روما بمروجها وحدائقها الغناء ولا المباني الشاهقة التي تأخذ بالألباب ، عن مدينته التي أحبها ، فذكرنا تلك الأغنية الشــهيرة لفرقة ( الكاروشة ) والتي تقول : ( ود أزرق بقبورها أخير لي من جنة .. جنة تغرد بطيورها ) يقول الأخ سيف الدين :
تصفحت اليوم ، ولأول مره هذا الموقع القيم الهام الذي جعلني أعيش ذكريات طيبة لا تنمحي أبداً من الذاكرة ، فأنا من أبناء مدني ، ولدت في حي ( ود أزرق ) بالقرب من جامع أبو زيد وحوش أبوعموري الذي تربطنا به علاقة نسب ، وتربطنا الآن مع أولاد الطيب شيخ العرب ، وقد شهدنا الشبر ـ ونحن صغار ـ وهو يلعب الدافوري ، والحاج أبو زيد وهو يشرب القهوة عصراً في ظل الجامع مع والدي وآخرين ، ولا أنسى أبداً تلك الطاحونة ومخازن السمسم التي كان يملكها أحد الأجانب بالقرب من الجامع ، وبيوت كعورة ، وأحد التجار اليمنيين أيضاً ، لا أذكر اسمه الآن ، وفوق كل ذلك مدرسة البندر التي درست فيها مع شقيق البروف عصام البوشي ( عارف عبد الرحمن ) ، وعبد الحليم شقيق إبراهيم الكاشف الأصغر ، وأولاد وأقارب أسرة سيد سليم ، اللاعب المشهور وقتها .. ثم المدرسة الأهلية الوسطى والأساتذة من أسرة الليثي ، ثم مدني الثانوية حيث شهدنا آخر عام للطالبين ( عصام البوشي .. وعبد الباسط سبدرات ) ، وهما يتناظران في الندوة الأدبية عن الاتجاهات العلمية التي كان يمثلها البوشي ، والأدبية التي كان يمثلها سبدرات ، ثم الانقلاب العسكري لإبراهيم عبود ، والتظاهرات التي خرجت من المدرسة والعساكر على الخيول يجلدوننا بالسياط لتفريق المظاهرات ، وقصيدة عصام البوشي بعنوان ( الليل تسلق نافذة الأحباب ) في هجاء الحكم العسكري ، ولا أنسى أبداً سينما كولوزيوم في عهدها الذهبي ، عندما كانت ملاصقة لها عمارة الدكتور الإغريقي ( متروبوليس ) ، الذي كان والدي ـ رحمه الله ـ يعمل مساعداً له ، كنت أصعد السلم إلى شقة الدكتور وأنا طفل ، لأشاهد من بلكونة منزله المطلة على الشاشة ، كل الأفلام دون مشقة الدخول إلى السينما !! أذكر أيضاً حيدر قطامه ـ رحمه الله ـ وخدوري الملاكم ، وحلواني ( جورج ) الإغريقي ، الذي يقدم أروع أنواع الآيس كريم ( الدندورمة ) التي لم أذق أفضل منها في حياتي حتى الآن ، رغم أني أعيش في إيطاليا لأكثر من عشرين عاماً . هذه مداخله سريعة ، أرجو أن أعود بعدها للكتابة في نواحي أخرى مع أطيب التحايا والتمنيات .
* المحرر : شكراً أخ سيف الدين ، ونقول ما شاء الله على هذه الذاكرة الحديدية ، ونحن حقيقة مهما كتبنا من كلمات تعجز عن إيفاء أولئك العمالقة حقهم فجميعهم أشترى الباقي بالفاني. ونتوقع منك المزيد من المشاركات فقد حلقت بنا في أجواء تلك الأيام الجميلة ، وأود أن أضيف على معلوماتك القيمة عن دكتور ( متروبوليس ) أن عيادته كانت بموقع فندق ( سنترال ) حالياً وكان مُصرحاً له بتنويم المرضى ( مستوصف )، ويمكن القول أنه المستوصف الأول من نوعه بالمدينة ، أمتاز بالنظافة العالية والتنظيم ، وكان ( د. متروبوليس ) طبيباً معتمداً للعديد من البنوك والشركات الكبيرة بالمدينة مثل سودان مركنتايل ، وبنك باركليز ، ومن غرائب الأشياء عن هذا الطبيب الإغريقي الشهير أنه كان يضع صوره كبيرة خلف مكتبه لشيخ( المكاشفي )!!، والعديد من أهل المدينة يذكرون أنه يبدأ الكشف على المريض بالبسملة ، وفيهم من يذهب إلى أبعد من ذلك فيضيفون أنه كان يقول : \" بسم الله .. يا لمكاشفي \" !! ـ والله أعلم ـ.

#  ومن مدني الحبيبة وصلتنا أيضاً رسالة الأخ عوض يوسف صقير / حي المدنيين ، يقول فيها :
قرأت مقالك عن أعلام ومشاهير مدينتنا الفاضلة ، ومن خلال تصفحي عرفت ما لم أكن أعرفه من قبل ، والشكر لك أولاً لمدنا بهذه المعلومات الغالية عن أبناء هذه المدينة الحبيبة ، ونسأل الله أن يعطيك الصحة والعافية ويكثر من أمثالك لأنك وبكل فخر مفخرة لهذه المدينة ، وبالتوفيق والى الأمام بإذن الله تعالى.
* المحرر : شكراً لهذه المشاعر الطيبة أخي عوض ، وشكراً لهذا الثناء الذي لا أستحقه ، والحقيقة نحن نحاول من خلال هذه الكلمات المحدودة مجرد محاولة أن نقدم صورة مختصرة عن أولئك الأفذاذ ـ وإن كانت لا تفي بالغرض ـ .

#  وتلقينا أيضاً العديد من الاتصالات الهاتفية ، تعبر عن مشاعرهم الفياضة ، ونخص منهم بالذكر الأخ الأصغر الأستاذ / ياسر أحمد علي البدري المحامي ، والذي أبدى استعداداً طيباً للتعاون معنا ، وطالب بالاستمرار في كتابة هذه السيرة العطرة لإعلام مدينة ودمدني .
* المحرر : ونقول شكراً أولاً على نبل مشاعركم ، ونعد الجميع بأننا سنعمل ما نستطيع والتوفيق من عند الله ، ونتطلع لمعاونة الجميع فهذا الأمر يهم كل أبناء ودمدني ، ونقول للأستاذ ياسر مرحباً بمشاركتك فنحن مهما كتبنا من كلمات تعجز عن إيفائهم حقهم ، وليس هذا من باب المبالغة وإنما من باب أن يقال للمحسن أحسنت ، ثم لتبقى سيرة هؤلاء الأفذاذ وهاجة تضئ بنورها درب السعادة والأمان لإنسان مدينتنـا الغالية أم المدائن ( ودمدني ) ، فمجتمعنا الفاضل لا يستغني أبداً عن التأسي بالأخيار والإقتداء بهم وإشاعة قبس من سيرتهم حتى يسود منهجهم الصالح ، ويعم مسلكهم القويم .
.

 .

عمر سعيد النــور
رئيس جمعية أبناء ودمدني الخيرية
الرياض

 

راسل الكاتب