مقتطفات من التاريخ الثقافي :-

الموسيقى بمدينة ودمدنى في منتصف القرن التاسع عشر:-

مقدمة :-

 

تعتبر مدينة ودمدني المدينة السودانية الرائدة في شتى المجالات منها الرياضية والاجتماعية والاقتصادية ، ولكن هنالك إغفال تام لدورها الفعال في بدء ونهضة وتطور السودان وذلك للاهتمام الكلى والتركيز الإعلامي على مدن ثالوث العاصمة القومية دون غيرها من مدن السودان. فعليه لقد رأى الباحث توضيح بعض الحقائق والمعلومات الثقافية والتاريخية والموسيقية وكشفها حتى  تستفيد منها الأجيال الحاضرة والقادمة .

وقد قام الباحث بجمع هذه الحقائق من مصادرها الأولية وهم أناس أكفاء شهدوا أو فعلوا تلك الحقائق. كما اعتمد الباحث على بعض الأجزاء في الباب الثاني من رسالة الماجستير بعنوان( تاريخ آلة الكمان بالسودان,طرق استخدامها وأساليب عزفها )التي أعدها وأجيزت فى29/6/1992م من أكاديمية الفنون بجمهورية مصر العربية.

الهدف:- إبراز بعض الأدوار التاريخية والثقافية لمدينة ودمدنى وخاصة في مجال الموسيقى والتي لاقت إغفالا تاما حتى يستفاد منها في دعم تاريخ السودان الثقافي والتاريخي .

حدود البحث :-

المكانية :-مدينة ودمدنى

الزمانية :-من منتصف القرن التاسع عشر وحتى عام 1940م

مدخل تاريخي :-

لقد استوعب جيش محمد على باشا الغازي للسودان عام 1821ممجموعات من الأرمن والشراكسة والاليان والارنوؤط واستقر أكثرهم في مدينة ودمدني بعد أن أصبحت العاصمة الجديدة للبلاد في ذلك الوقت لموقعها المتوسط وأحاطتها بأراضي زراعية غنية تعرف بمنطقة الجزيرة وسكنوا في الأحياء التي تعرف بالسكة حديد والسوق والدرنية.

وبعد الفتح الثاني على يد كتشينر عام 1898م وفدت للبلاد هجرات جديدة من الأجانب وخاصة من بلاد سوريا ولبنان ومصر واليونان – وكان يعمل جل هؤلاء بالتجارة وموظفين بدواوين الحكومة وسكنوا كسابقيهم في تلك الاحياء المذكورة أعلاه .

لقد سلهم هؤلاء القادمون الجدد في إضافة معارف وثقافات جديده للمواطنين السودانيين وخاصة في مجال الفنون والآداب وشاعت مظاهر الحضارة والثقافة في كل مدن السودان التي استقروا فيها . ومما ساعد على ذلك ارتباط بعضهم كالشوام والمصريين مع سكان البلاد الأصليين برابطتي اللغة والدين وهم من أقوى الروابط , ومن تلك المظاهر السالفة الذكر استخدام الآلة الموسيقية العربية الوافدة في الموسيقي السودانية .

 مدينة ودمدني من أولى مدن السودان التي ظهرت واستخدمت فيها تلك الآلات لوجود عدد هائل من الآلات الأجنبية بها كما ذكرنا سالفا .

بعض الحقائق والمعلومات الموسيقية بمدينة ودمدنى :-

كان يوجد بمدينة ودمدنى عازف كمان سوري على مستوى عالي من الكفاءة والتقنية الفنية والتي اكتسبها بالدراسة الموسيقية العلمية يدعى ميشيل تيروز – كان يعمل نجارا ويسكن في الحي المسمى بالسكة الحديد حاليا . 

وكانت له نشاطات فنية في ودمدني في العشرينيات والثلاثينيات. كما يوجد آخر وهو سوري أيضا يدعى أنور الحلاق صاحب صالون حلاقة بالسوق . وهو الذي درس معه عازف الكمان السوداني وابن مدينة ودمدني بدر التهامي مصطفى بعد فشله في إقناع ميشيل تيروزو الذي طلب منه جنيهاً مقابل كل ساعة يقوم بتدريسها له. ولم يتمكن بدر التهامي بالإيفاء بذلك لان كل راتبه لا يتعدي الثلاثة جنيهات .

كان لأنور الحلاق أسلوبا خاصاً لتدريس آلة الكمان إذ كان يستبدل أسماء حروف النوتة الموسيقية السبعة بحروف الهجاء العربية وكان يسمها (ص د لا ) بدلا من اللاتينية . وذلك لتسهيل حفظها للدارس ، وقد درس عازف الكمان بدر التهامي بهذا الأسلوب في العشرينيات وكانت الدراسة تختصر علي تدريب الأصابع بالأصوات الطويلة المحدودة عن طريق السلالم الموسيقية. وكانت آلة الكمان تضبط (تشد) بالطريقة العربية المعروفة الشرقية حالياً .

 مدينة ودمدنى من أوائل المدن التي ظلت بها فرقة موسيقية منظمة وقد قامت بها في أوائل الثلاثينيات فرقة موسيقية مكونة من عشرة عازفين وهم :-

1/ بدر التهامي مصطفى                          عازف آلة كمان

2/ على الحويرص                                    "     "    "

3/ عثمان بابكر                                        "     "     "

4/ عبد المنعم عثمان خليفة                           "      "     "

5/ محمود محمد جادين ((جون))                   عازف آلة الاورغن

6/ عبد الرحمن احمد البوشى                        عازف آلة الأكورديون والاورغن   

7/ محمد بابكر رجب                               عازف على الفلوت

8/ إسماعيل أبو الساع                                 عازف على الكلارنيت

9/ الطيب عبد الله الكارب                               عازف على العود

10/ آخر من الجيش                                      يعزف على الإيقاع (( طبلة ))

ومما يجدر ذكره انهم اشتروا آلة الاورغن بسبع جنيهات ونصف من كنيسة بحي ود ازرق . كانت هذه الفرقة تجتمع وتتدرب يوميا بعد الغداء في منزل العضو عثمان ابوبكر والذي خصصه لكل أغراض هذه الفرقة

وقد استمرت هذه الفرقة زهاء الخمس سنوات. وكانت تقوم بالعزف مع فناني مدني في ذلك الوقت محمد سليمان الشبلى ومصطفى الشيخ في الحفلات المسرحية والقومية على مسرحي نادى الخريجين والجزيرة . وكانت لا تقوم بالعزف في المناسبات الخاصة وبيوت الأعراس لارتباط الجزء الأكبر من أعضائها بوظائف قيادية في الحكومة. وإذا كانت هنالك مناسبة خاصة كان يقوم بمصاحبة المغنين بدر التهامي مصطفى بكمانه مفردا وفى بعض الاحايين يستعان بشقيقه احمد التهامي مصطفى يشاركه العزف بالة الالكسفون. لقد صحب احمد خير المحامى هذه الفرقة لحضور أول مؤتمر للخريجين في الخرطوم عام 1938م. وقدمت على مسرح نادى الخريجين بالخرطوم الغناء والأناشيد الوطنية وكانت مصدر استحسان الجميع. حتى أن المغنى حسن عطية طلب من إعطائها البقاء بالسودان وتقسيمهم بإذاعة السودان كأول فرقة موسيقية خاصة لتعزف وتسجل مع جميع المغنين السودانيين . وذلك لعدم وجود فرقة موسيقية بنفس الكفاءة والعزه الفنية ولكنهم رفضوا واصروا على الرجوع ألي مدني لارتباطهم بالعمل ...

لقد زارت كثير من الفرق الأجنبية في الثلاثينيات مدينة ودمدنى لتقدم عروضها في النادي  السوري ونادى الخريجين. ومنهم على سبيل المثال لا الحصر فرقة الفنانة اللبنانية بديعة مصابانى والتي زارت ودمدني وقدمت عروضها بنادي الخريجين. وكان من ضمن أعضائها الكوميدي بشارة واكيم وإسماعيل يس والراقصة حكمت فهمي .

كما زارها عازف الكمان المصري المشهور سامي الشط واقام حفلا منفردا لآلة الكمان بالنادي السوري في الثلاثينيات من هذا القرن .

كان يوجد بمدني بالإضافة لتلك الأندية مطعم في العشرينيات تقدم فيه الموسيقى التي يقوم بعزفها عازفون أجانب وسودانيون. ومنهم على سبيل المثال العازف السر عبد الله الذي كان يعزف على آلة ((القرب )) هذا المطعم يملكه شخص يدعى السر دقيس مقره بالقرب من جنينة البلدية وعمارة إبراهيم طبج .

مدخل عام:-

 

كل دارس ومهتم يتتبع التطور السياسي في السودان ، والنهوض الثقافي ،والإنماء الاقتصادي لابد أن تأخذ منه مدينة ودمدنى، حيزا من الاهتمام ، فهي تشكل حضورا دائما ومهما على دفتر الوطن

وقد أصبحت منذ أوائل القرن العشرين الميلادي رقما مهما في معادلات السياسة والاقتصاد والفكر والفن والرياضة والتصوف

وفى مسيرتها الخصبة بالعطاء والتضحيات والمبادرات أصبحت رمزا يتطلع له السودانيون كلما ادلهمت الخطوب وكلما علا نداء السودان فهي قلب الجزيرة النابض ، كما اسماها جيل الحركة الوطنية.

سبب التسمية :

ترجح الروايات أن ودمدني التي تقع على الضفة الغربية لنهر النيل الأزرق بين خطى عرض 14ش وخط طول 14ق،اتخذت اسمها من اسم الشيخ العارف بالله الشيخ محمد بن مدني دشين قاضى العدالة الذى يقول عنه محمد النور ضيف الله فى كتابه الطبقات كان واحدا من اهل زمانه فى الورع والزهد والصدق مع الله وعلى ذلك انعقد اجماع الامة وقد لقب بودمدنى السنى التى استقر بها حوالى عام 1489م وبدا بها التعليم وتتلمذ عليه  مجموعة من الفقهاء.

وبعد سقوط سنار على يد الغزو التركى المصرى  اتخذها اسماعيل باشا قاعدة لقواته ثم اصبحت بعد ذلك عاصمة للسودان ثم انتقلت العاصمة منها الى الخرطوم واستمرت ودمدنى عاصمة للاقليم تحت الحكم الاستعمارى التركى المصرى ثم الانجليزى المصرى تحت مسميات النيل الازرق والان اصبحت ودمدنى عاصمة للولاية الوسطى وهى عاصمة لكل من

 1/النيل الازرق

2/الاقليم الاوسط

3/الولاية الوسطى

4/ولاية الجزيرة

المنشات الصحية :

1/ مستشفيان تعليمى واحر للاطفال ومستشفى ثالث مقترح بالضفة الشرقية للمدينة

2/ مستوصفان للعلاج

3/ سبعة مدارس للكوادر الصحية

4/ مركز للتدريب على الامراض المنقولة بواسطة المياه

5/ ثمانية ادارات صحية متخصصه

6/ ثمانية صيدليات شعبية

7/ ثلاثة واربعون صيدلية خاصة

8/  سته مخازن للادوية 

المنشات التعليمية:

يوجد بالمدينة المنشات التعليمية الآتية:

1/ جامعة الجزيرة

2/ كلية القران الكريم

3/ كلية ودمدنى الأهلية الجامعية

4/ عدد مدارس الأساس 70مدرسة

5/ عدد المدارس المتوسط بنين وبنات 34 مدرسة

6/ عدد المدارس الثانوية بنين وبنات 23 مدرسة 

المنشات الصناعية :

وهذه حصيلة المدينة من المنشات الصناعية

1/ اربعة مصانع للغزل والنسيج

2/ مطحنان للغلال والدقيق

3/ مدبغة الجزيرة

4/ ثلاثة مصانع للزيوت والصابون

5/ ستة وثلاثين منشأة للبلاط والمزايكو

6/  66 منشاة للثلج والمواد الغذائية

7/ 59 منشاة للمطابع والمصنوعات الجلدية

الزراعة :

تزدهر بالمدينة أنشطة الزراعة البستانية على ضفتي نهر النيل وتعتبر المدينة من المراكز الأساسية في إنتاج المحاصيل البستانية كذلك بها مجموعة كبيرة من مزارع الدواجن .

وعن الإدارات التي تعمل في مجال الزراعة والري فبالمدينة :

1/ رئاسة وزارة الري بالسودان

2/ المؤسسة العامة لأعمال الري والحفريات

3/ هيئة البحوث الزراعية

4/إدارة مشروع الجزيرة

5/ محطة البحوث الهايدرولوكية

المؤسسات الحكومية :

توجد بالمدينة مؤسسات حكومة الولاية :

1/ رئاسة حكومة الولاية

2/ وزارة الزراعة والموارد الطبيعية

3/ وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية

4/ وزارة الإسكان والمرافق العامة

5/  وزارة المالية والتجارة والتموين

6/ رئاسة محافظة الجزيرة.

الطرق والمواصلات :

تنتظم بالمدينة حركة نشطة في مجال المواصلات والطرق فالمدينة مربوطة ب:

1/ طريق مدني – الخرطوم

2/  "        "   _ بورتسودان

3/ طريق مدني -  سنار – الدمازين

4/ طريق مدني –ربك -   كوستى

5/ طريق تحت التنفيذ مدني – المناقل

كذلك بالمدينة شبكة للاتصالات السلكية اللاسلكية ومحطة المايكرويف وهيئة البريد والبرق .

6/ يجرى حاليا إعادة بناء مطار المدينة لربطها بالعالم الخارجي ومدن السودان .

7/ إضافة لإدارة السكة حديد .

الرياضة :

تتميز المدينة بنشاط رياضي متميز , وتأتى فرقها في المرتبة الثانية في الأهمية بعد الخرطوم والمنشات الرياضية هي :

1/ إستاد ودمدنى لكرة القدم

2/ 9 أندية درجة أولي

3/ 8 أندية درجة ثانية

4/ 6 أندية درجة ثالثة

5/ اتحادات لكرة القدم والطائرة والسلة والمناشط الأخرى

السياحة :

من أهم الملامح السياحية بودمدنى :

1/ حديقة ام بارونة السياحية

2/ ثمانية فنادق

3/ 7 دور للسينما

4/ منشات سياحية على طول كورنيش النيل

5/ كازينو البلدية السياحي

6/ ثلاث حدائق عامة ومنتزه

التجارة والبنوك :

      المدينة تعد من المدن الاقتصادية الهامة إذ أن موقعها يشكل عنصرا هاما لتلعب دورها التجاري بالسودان .. حيث تجاه المحاصيل وغيرها من الأنشطة التجارية المختلفة بجانب وجود عدد كبير من البنوك العاملة بالمدينة أربعة عشر بنكا وهذا من ما يؤكد مكانة المدينة التجارية.

الشئون الدينية .

توجد بالمدينة المؤسسات الدينية الآتية :

1.      154 مسجدا

2.      11 كنيسة

3.      348 زاوية

4.      20 خلوة

5.      57 قباب

6.      19 دار المؤمنات

7.      واكثر من مائتي حلقة قران كريم بالمساجد والدور يقوم على رعايتها الشيخ عبد العال خوجلى  ومجموعة كريمة من المهتمين بعلوم القران الكريم كذلك هنالك عدد من مشايخ الطرق الصوفية بالمدينة , والذين تنتظم بها حلقات الذكر معمورة مثمرة ومتجددة .

خاتمة :

هذه مدينة ودمدنى بعض سطور من فصول نقدمها لك أيها القاري لعقد قران الحب بينك وبينها فهي 

مدينة التاريخ....