( 4 )
كان يركض مسرعا ليلحق بالطائرة التي يفترض ان تقله لوجهته , فقد تآخر بضع دقائق اثناء محاولاته البائسة للاتصال (بالغالية ) ووداعها كما ودع ارض وطنه واهله ,اصاب قلبه الحزن لعدم تمكنه من الاتصال بها , وعبثا ظل يحاول حتى كاد يفوت موعد الرحلة
جلس في مقعده يمني نفسه بفجر جديد في بلاد الغربة , وكيف سيكون حال وطنه بعد سنوات ؟ , هل سيتغير الحال ويجد مايقنعه بضرورة اكمال مشوار حياته داخل ذاك الوطن الذي دمرته الحروب والاحزان ؟
اعلن كابتن الطائرة موعد اقلاع الطائرة متمنيا للركاب رحلة سعيدة , اغمض صحبنا عينيه وتخيل وجه محبوبته فاكتست معالم وجهه بحزن واضح لما تذكر اخر مرة رائها فيها وكيف اسودت الدنيا في وجهها ليلة وفاة والدتها
سمع صوت المضيفة تساله : تحب تشرب عصير شنو ؟ عصير برتقال والا فراولة
فاجابها : لا شكرا ...لو سمحتى عايز موية بس ...
فقدمت له المضيفة كوب ماء ومعه وجبة الغداء التي قاطعها صوت الكابتن يعلن ضرورة جلوس الجميع في اماكنهم بسبب وجود رياح قوية قد تفِقد الطائرة توازنها وبالتالي سقوط الركاب في حال كانوا واقفين
باءت محاولات طاقم الطائرة بالحفاظ على مسار الرحلة وتوازن الطائرة بالفشل لتسقط الطائرة بسرعة هائلة ويرتطم راس صاحبنا بشي قوي ايقظه من احلامه ونبهه لضرورة ربط حزام الامان فقد حان موعد هبوط الطائرة .... فادرك صاحبنا مدى سوء الحلم الذي رائه حتى بدد اجمل احلامه
تنفس بعمق واضح وقال : استغفر الله العظيم .واعوذ بالله من الشيطان الرجيم ..دا شنو الحلم المزعج دا ؟
فاجابه رجل عجوز يجلس بجانبه : عادي ياولدي كلنا اتخيلنا الطيارة تقع اول مرة نسافر بيها
اندهش صاحبنا لرد ذاك العجوز والتفت اليه وقد ارتسمت على وجهه علامات تعجب ازالها الرجل العجوز بقوله : ماتستغرب ياولدي .. عمك استغرب نومتك المن ركبنا لحد هسي , لدرجة اتوقع انه الشي القاطع نومتك دي الا يكون حلم مزعج ومابعيد تكون اتخيلت الطيارة وقعت
فضحك صاحبنا وقال للعجوز : تصدق ياعم ..انا فعلا حلمت بالطيارة وقعت .. واستغربت انك عرفتني حلمت بشنو ؟؟ ود شيوخ والا شنو ياحاج ؟
فابتسم العجوز واجاب صاحبنا : ابدا ياولدي .. لكن الحياة بقت لوحة مكشوفة المعالم .. حتى الوراء السطور اتعلمنا نقراه فما تستغرب اني اقراء احلامك بما انه ماف شي تحلم بيه في الطيارة الا لحظة وصولك او رجعتك للبلد , يبقى لازم عقلك الباطني يصور ليك صعوبة انتهاء احلامك في لحظة
ادهش حديث العجوز صاحبنا واعاده لارض واقعه الاليم مرة اخرى فقد تبددت احلامه سابقا باكمال دراسته وتحقيق حلما طالما راوده وهو الالتحاق بكلية الهندسة لما توفي والديه في صغره في حادث مروري اثناء زيارتهما لمسقط راسهما , قرية تبعد الكثير عن مدينة استوطناها حين ادرك والده اهمية البحث عن عمل يعيلهم بشكل افضل ,خاصة بعد ولادة شقيقه
اعطى العجوز رقم هاتفه لصاحبنا وابلغه بضرورة زيارته في منزله , وعرض عليه امكانية ان يساعده في ايجاد فرصة عمل ممتازة في حال كان يجيد اعمال صيانة السيارات ,خاصة وقد علم منه انه لم يكمل دراسته الثانوية حتى
فاستبشر صاحبنا خيرا وابدى اهتمامه بالفكرة وسعادته بمعرفة ذاك الرجل ( عم بشير ) الذي عرض عليه ايضا ان يقله لمكان اقامته مع بعض اصدقائه الذين رحبوا بفكرة سفره وكانوا من اقنعوه بوجود فرص عمل جيدة حيث اقاموا منذ سنين
يتبع
المفضلات