( 16 )
تمام الثانية من منتصف ليلة سوداء , يغط صاحبنا في نوم عميق , حتى قاطع منامه صوت جرس الباب معلنا وصول ضيف مزعج او (منزعج), هرع صاحبنا ليفتح الباب لضيفه الذي توقف للحظات ثم تابع الطرق بكلتا يداه ,حتى كاد يوقظ باقي جيران صاحبنا الذين خرج احدهم وعلا صوته احتجاجا على اسلوب طارق باب جاره
فتح صاحبنا الذي غطى جسده بملاءة كبيرة باب شقته ونظر للطارق الذي التقط بقايا انفاسه بصعوبة قبل ان يسقط ارضا امام الباب , دقق صاحبنا النظر لضيفه الذي كان مصابا بطعن سكين في خاصرته وساله بهلع :
" حمزة !!! دا شنو ؟ الطعنك منو ؟ حمز..."
ليقطع سؤاله جواب حمزة متقطع الحروف:
" ابو سعيد.."
وابتلع بقايا ريقه الجاف واردف:
" رسل اتنين ,انا متاكد انه هو .. اعمل حسابك منه دا زول غدار, وخلي بالك من ابوي وامي يا...."
ولفظ اخره انفاسه مودعا بعينان خائفتان وجه صاحبنا الذي ذُهل وتسمر في مكانه قبل ان يركض صوب هاتفه ويطلب سيارة الاسعاف لعل وعسى ينقذوا بقايا ذكرى تحولت لكابوس مخيف تدور نهايتها حول سؤال محير عن قاتل حمزة وان كان فعلا هو ابو ناصر كما اخبر حمزة صاحبنا , فمامصير صاحبنا الذي يزداد غرقا في وحل ابو ناصر مجهول القاع , حتى يكاد خروجه من تلك المصيدة مجهول وفرصة نجاته من سطوته معدوم
محقق الشرطة الذي لم يصدق شي من كلام صاحبنا واصر على حبسه على ذمة التحقيق , كان قد اخبر صاحبنا بضرورة كشف سر مقتل حمزة ,حيث انه لم يقتنع بان مجهول تهجم عليه في الشارع ولجاء لشقته بحثا عن الامان
سُجن صاحبنا على ذمة التحقيق لحين كشف النقاب عن اسباب مقتل حمزة , وماهي الا ثلاثة ايام حتى خرج صاحبنا على كفالة :
" رجل لايُرد له طلب"
مشى صاحبنا وحيدا في شوارع مدينة تخنقه ابنيتها يوما فيوم , وخوف من مجهول ومصير لايرضاه للغالية من بعده يوقف التوقيت بداخله عند تمام الساعة التي تعرف فيها على ابو ناصر,فتحولت حياته لسلسلة من الاحداث الغامضة التي لاتتوقف ولاتنفك معطياتها المعقدة تزيدة حيرة, اغمض عيناه وتمنى ان يعود به الزمان لتلك اللحظة فيمحوها ,لعل تاريخ حياته منذ تلك اللحظة ..يتغير
قادته خطواته لمنزل عم بشير , فتردد في طرق باب منزله كثيرا قبل ان يدق الجرس ويقف على بعد امتار يتلفت يمنة ويسرى بحثا عن مراقبه الذي غاب منذ ايام ليست قليلة , لعله اقتنع اخيرا بان صاحبنا لايعلم اصلا بمايدور حول شيخ ناصر
فتح خالد الباب لصاحبنا الذي ارتمى على كتفه باكيا كطفل تاه عن منزل اهله ,اشفق خالد لدمع صاحبنا وربت على كتفه مطمئنا اياه بان كل شي سيكون على مايرام ,ظنا منه بان اسباب بكاء صاحبنا متاهة يعيش فيها وغربة لايعرف كيفية الخروج من وطئتها
رفع صاحبنا راسه ونظر لخالد قائلا :
" حمزة ..مات ياخالد"
عم بشير الذي كان قد وصل عند ذاك الخبر المحزن قائلا :
" اوعا تقول لي الود الشغال معاكم ؟"
صاحبنا الذي اندفع لاحضان عم بشير وقد ازداد بكائه :
" اااااااااااخ ياعم بشير , تخيل ابو ناصر مالقى غير حمزة , الطيب ..المسكين"
عم بشير وقد الجمته الصدمة :
" شيخ ناصر ؟؟ وعلاقته شنو بحمزة؟"
جلس صاحبنا في كرسي قريب مكفكفا دمع حرى احرق خده :
" ااااااه ,تصدق ياعم بشير , حمزة ضحية تجارة ومصلحة بين ابو ناصر واخو حمزة الكبير, المسكين دفع تمن انانية اخوه وتسلط ابوناصر "
خالد غاضبا :
" وكيف قتلوه ؟ ووين العدالة ؟"
صاحبنا هازا راسه في استهتار :
" هااا , عدالة ؟؟ ياخالد منو البقدر يثبت ان للعدالة وجه حق في موت حمزة , زول ماعنده سندولاضهر يثبته حقه؟..
ساد صمتا رهيب قبل ان يقطعه عم بشير قائلا :
" لاحول ولاقوة الا بالله , معقوله وحش زي ابوناصر دا ؟ العدالة ماقدرت تمسك عليه حاجة تخلص الناس من شره ؟"
صاحبنا معقبا :
" تعرف ياعم بشير انا لازم اتحرك , ماممكن نسكت على موت حمزة , مامعروف بكرة الدور على منو ؟ ابوناصر وحش في هيئة عالم دين , والناس مخدوعة فيه , واكيد لو قدرنا نكشف جزء من زيفه وخداعه باقي عبايته السوداء بكشف التحته من مصايب , والناس ماح ترحم راجل منافق زيه ماخد الدين وسيلة عشان يصل لسلطة وجبروت وطغيان وفاكرها سايبة , يقتل فيها زي ماعايز ويستفذ ضعاف خلقه الله عشان يلم ليه قروش يحقق بيها انتصاراته الوهمية , ويلبسها توب الجهاد وهي في الحقيقة عمليات مخالفة للقانون, ارهاب وقتل ارواح وذل وقهر معيش الحولينه فيهم , ومااظن عملياته دي قانونية بما انه الداخلين فيها اطراف ماراضين بيها "
خالد عاضً على شفته بغضب:
" اااااااخ بس لو نقدر نمسك طرف خيط يوصلنا لباقي اطراف مجموعته الارهابية او على الاقل يوصلنا لخيط نربطه حولين رقبته , ونخلص الناس من شره "
صاحبنا وقد ارتسمت على وجهه علامة رضا :
" انا عرفت الخيط الممكن يوصل ابو ناصر لحبل المشنقة "
يتبع
المفضلات