( 7 )
في صبيحة اليوم التالي باشر صاحبنا العمل في ورشة لصيانة المركبات والمعدات الثقيلة التابعة لشركة صديق عم بشير الذي كان قد اصر على توصيله في اول يوم حيث ودعه بوصايا الوالد الغائب واعطاه رقم هاتفه متمنيا دوام التواصل
لم يجد صاحبنا صعوبة في التعامل مع زملاء عمله بقدر ماواجه مشاكل مع ابناء وطن الغربة ممكن كانوا يشعرونه ومن معه بالدونية وبانهم مجرد ( خدم ) مُوكلين باعمال لايجب ان يتاخروا فيها ساعة
كان صاحبنا ذكي جدا في تعامله مع مثل هؤلاء فقد تجنب خوض عراك معهم وحاول بقدر المستطاع كسب ثقتهم اكراما لعم بشير الذي كفله بينهم واكراما لوطنا ينتظر عودته عالي الراس لامنكصه بسبب خلاف قد يقوده للهاوية
تعرف صاحبنا على بعض زملاء العمل من ابناء جنسه وسعى جاهدا ليختار من بينهم من يقاربه في العمر فلم يرد ان يصاحب من يكبره بكثير ويكون طابع التعامل بينهما الاحترام الذي ينفي وجود اريحية التعامل احيانا كثيرة , كان من بين من تعرف عليهم شاب يدعى ( حمزة ) وكان حمزة حينها يبلغ من العمر 21 عاما يعيش في ديا الغربة مع والديه ويعولهما نسبا لمرض والده الذي منعه من العمل منذ مدة , وقد وجد في تلك المهنة الشاقة مايعول بيه والديه بعد ان تخلى عنهما اشقائه الذين تزوجوا واختاروا الهجرة لبلدان اجنبية هربا من ضيم الاغتراب في ديار العرب , ولعل السبب الاضهاد الذي يعيشه غالبية من يختارون الدول العربية وطنا بديل !!
مرت الايام بطيئة تعلم صاحبنا خلالها الكثير حتى اجاد مهنته الجديدة واصبح من اشهر عمال ذاك المكان , خلال تلك المدة اتصل صاحبنا (بالغالية) اكثر من مرة وكان يخبرها بكل مايحدث معه بادق تفاصيله , وتعلم خلال تلك الفترة اهمية التواصل مع من يتمنون له الخير وينتظرون تقدمه في العمل دائما وكان من بينهم عم بشير الذي لم يغب عنه يوما بالاتصال والسؤال عن حاله وكيفية سير امور العمل هناك
عشرة اشهر وصاحبنا يتعلم في كل يوم شي جديد , استفاد خلال تلك المدة من بعض اوقات فراغه في حفظ القرأن في مسجد مجاور لسكنه , احبه في الله شيخ يزور ذاك المسجد وطلب منه في ذات ليلة ان يزوره في بيته ليعرفه على بعض اهل الدين ممن اتخذوا الدعوة الاسلامية عنوان لحياتهم الدنيا , مهاجرين بها لشتى انحاء العالم , معلمين كل من يرغب في دين محمد (صلى الله عليه وسلم) شي من تعاليم دينهم وسنته عليه السلام
اصبح من شباب تلك الحلقة العطرة بذكره جل جلاله , وحفظ خلال عام القرآن كاملا لتفتح عقله وينوع افكاره التي لم يلوثها تيار يخوض فيه بعض معارفه هناك , كان شيخ تلك الحلقة ياخذه معه في بعض رحلاته الداخليه لبعض المشاعر المقدسة , وهناك بكى عشرات المرات لحزن اعتصر فؤاده في كل مرة لفراق والديه الذين تمنى ان يحضرهما لتلك الاماكن ولو مرة لولا منية وافتهما وهو صغيرا
يتبع
المفضلات