كثيرة هي الثروات المهدرة في بلدي ... وقفت شامخة تحكي عزة وشموخ اهلها السودانيين الشرفاء ...تتبرأ وتنفر من الخسة ومن كل من اتسم بالخسة والنذالة .... كانوا مجموعة ...يجمعها ضعف النفس ودناءتها ...استطاع الشيطان ان يجمعهم فزين لكل منهم هذا العمل الفظيع .... ولكن المروءة دائما تبقى دمغة على جباه الشرفاء ولا يخلو بلدي منهم على مر العصور ...
المكان ابتيقة ...غابة ابتيقة .... في منطقة السوكي .... في الصعيد في النيل الازرق ... الزمان في منتصف التسعينيات من القرن الماضي .... تداخلت المصالح...بين السلطات الفاعلة في تلك البقاع فهكذا تسير الحياة هناك ....
فقد احتاجت الشرطة إلى ان تطلب شجرة يقطعونها بخصوص اكمال العمل باحد السجون لديهم بالعائد من بيعها .... يرفض القائمون على تلك الجهة هذا الطلب ...فيضمر القائمون على الشرطة في نفوسهم هذا الرفض ويستنكرونه.... فقد كان الطلب للصالح العام ولكن تمثُّل النزاهة من الجانب الاخر حال دون تنفيذ الطلب ....
وتمر الايام... ويرصد رجال الشرطة كل حركة لتلك الجهة فحصلوا على احصائية تؤدي بهم جميعا إلى غياهب السجون ... شجرات وشجرات تم قطعها بلا قانون وبلا مصوغات ...
أما تلك المهوقنية فقد ظلت باقية.... تلك المهوقنية العملاق .... مشهورة تلك الشجرة فعمرها اكثر من مائة عام ... اذهب إلى غابة ابتيقة واسال عن المهوقنية ...يسرد الاهالي لك كل تاريخها ... شجرة عبارة عن ثروة .... جذعها وكمية الاخشاب التي بها تشتري لك ثلاثا من اللاندكروزات الجديدة اخر موديل .... محيط جذعها لا تحتويه اذرع عشرة من الرجال الاقوياء .... وتاجها عظيم ...صارت معلما بارزا في المنطقة ...هي الوحيدة مهوقنية وبقية الأشجار من السنط العملاق .... فهي ثروة قومية خاصة وان سجلها موجود في كثير من كتب ومذكرات الزوار والدارسين والعلماء من خارج السودان ...
اجتمع علية القوم من السلطات الثلاث بالمنطقة واذيالهم المستنفعين تحت زعامة ابليس وقرروا قطع الشجرة وتقسيم عائدها المادي بين مجموعة ثلاثتهم بالتساوي... فتسرب الخبر بفعل المباحث وحرص الاهالي ..رصدوا كل تحركاتهم منذ الرفض المشئوم حتى وصل إلى النيابة ... فتم تسجيل البلاغ ... وبسيارة من الشرطة هبت النيابة ومعها الشرطة إلى الموعد المحدد ولحسن الحظ عند اول ضربة فاس منهم على الشجرة الثروة العملاق تقف سيارة الوكيل بمعية الشرطة .... قف ....
الثلاثة بعمالهم وذيولهم تسمروا في اماكنهم .... تجمد الدم في عروقهم من شدة الخوف ...
الجميع موجودون لتقاسم العائد او في اسوا الاحتمالات تقاسم المسئولية عند الافتضاح ....
باي حق تقطعون هذه الشجرة وانتم تعلمون ان هذه الشجرة تعتبر ثروة قومية لا يجوز قطعها ولا يوجد أي تشريع يجيز لكم قطعها الا باذن من رئيس الجمهورية بعد تشريع من المجلس التشريعي ... وانتم لم تحصلوا حتى على اجازة ولو من وكيل النيابة بالمنطقة؟؟؟
لا رد .. فقد وجموا وحاولوا ايجاد أي مبررات او اعتذار دون جدوى
ناسف فقد لعب بنا الشيطان وسولت لنا انفسنا اقتراف هذا الفعل المشين
انتصر اهل ابتيقة وانتصرت الشرطة في النهاية وبقيت المهوقنية صامدة تحكي شموخ وعزة اهل السودان قاومت كل الخساسة وضعف النفوس ... وتم نقل ممثل الشرطة مرقيا إلى الخرطوم ولكن للاسف تم تسريحه وهو الان بالبيت بين الجدران
هناك ثروة قومية يحميها القانون الدفتري ... لو حصلت اية تجاوزات فعلينا ان نبحث في خلل الزعامات المسئولة عن تنفيذ قانون حماية الثروات
ماذا لو لم تتحرك الشرطة من منطلق الكيدية القديمة نتيجة الرفض المبيت سابقا ؟؟ ماذا لو كانت النيابة من بين المتامرين؟؟؟ ماذا لو لم يتعاون الاهالي في تنفيذ القانون ؟؟؟
ولكن في الاخر انتصرت المهوقنية لمعظم ثروات بلادي وانتصر القانون بوجود النيابة النزيهة .... فهل نحلم بوجودها في كل انحاء السودان؟؟؟ فكم من مهوقنية تتعرض للاغتصاب؟؟؟
ولك الله ياكل اشجار ومهوقنيات بلادي...لك الله يا جزيرتنا ومشروعها التاريخ
المفضلات