الطاهر العولاق
الطاهر العولاق...رجل في قامة شجرة اللالوب الكبيرة التي تزين مدخل منزلنا الكبير الذي لا تحده حدود..ولا تدري من اين تلج له فكله ابواب..!!! تلج اليه من حيث تشاء وكانه يرحب بك فارد يديه ليحتضنك ترحاباّ....
الطاهر العولاق...من الشخصيات المرتبطة بقريتنا الصغيره التي يعشقها الجميع كبيرها وصغيرها..يعشقونها دون حدود ويقصون لنا القصص ونحن صقارها...من قصص بطولات رجالها...وبعض الخرافات المتناقله عبر الاجيال والتي كلما جاء جيل اضاف اليها شئاءاّ من عنده..لننقله نحن الي الاجيال القادمة..
الطاهر العولاق...رجل فارع القامة..نحيف الجسد..فحمي اللون..يمتاز بشفايف غليظة جافه..له عينين صغيرتين لامعتين كعيون النسر..اسنان بارزة الي الامام لونها احمر داكن..
أتذكره دائماّ حافي القدمين...متسخ الملابس...تسيل من انفه كمية كبيرة من المخاط الذي يلتف حوله الذباب..يحمل في جيب جلبابة المتسخ الذي لا ادري ما لونه نتيجة للاوساخ المتراكمة كمية من الاشياء والتي اتذكر منها انه يحمل فاكهة مانجو.
أتذكر أن جميع أهل القرية يطلقون علية الطاهر العولاق..لا أدري لماذا؟؟؟؟كنت أسمع من أبي أنه من أوليا الله الصالحين...ما كنت أدري ما معني ذلك..
الطاهر العولاق مسكنه شجرة اللاوب الكبيرة...لا يبارحها ليلاّ ولا نهار..لا خريفاّ ولا شتاء يجمع حولة مجموعة من الاشياء لا أدري ما هي؟؟؟أذكر منها مجموعة من الحجارة متراصة في شكل سور ولديها باب.
كان كل صغار الحي يخافونه ويتجنبون طريقه..كنت احبة كثيراّ رغم شكله المخيف..اجالسه كثيراّ العب باشيائه وهو في حديثه مع نفسه لا أدري عن ماذا يتحدث؟؟ أو في ماذا يتحدث؟؟
كانت تتدهشني حاجياته الكثيره...هو ينظر لي دائماّ والابتسامة لا تفارق شفتية..
حزرني منه الجميع أن ابتعد عنة لانه لامحالة مريض نتيجة للاوساخ المتراكمة فيه وحوله...دون جدوي!!!
كنت عندما أهم بمغادرة مسكنة يحملني ببعض الهدايا..من فاكهة مانجو وبعض حلوي السمسمية!!والتي لا يملك غيرهما علي ما أظن..ولكن الغريب الامر من أين ياتي بهذه الاشياء؟؟؟؟
كنت أذهب الي المنزل وانا في إنتظار أن تشرق ألشمس لاذهب الي منزل الطاهر العولاق..لاحمل له بعض الطعام وهكذا مرت السنون بيننا..
عندما دخلت الي المدرسة كان علي علم بكل مايدور من تفاصيل العام الدراسي إلا أن نصل الي نهاية العام حيث نتايج الامتحانات..كانت النتايج توزع في طابور الصباح...أراه يقف بعيدا ينظر...عندما يذكر إسمي من الخمس الاوائل أراه يصفق فرحاّ...لا أدري أيعلم أني من المتفوقين أم لا...كنت أذهب أليه واعطيه النتيجه واذهب للعب الكرة مع الاطفال فهذا هي نهاية العام فلن نلتقي إلا العام ألقادم...كنت لا أبالي إن أوصلها لوالدي أم لا...!!
الطاهر أحبه كثيرا...وهو كذلك..أري ذلك في عينه...عندما كنت صغيرا كنت كثير المرض وذلك لبنيتي الجسمانية الضعيفة..كنت عندما أكون مريضا ياتي صباح كل يوم وينظر الي وعندما أرد علية باني بخير يبتسم ويذهب في سبيلة فهو لا يتحدث إلا إلي نفسه..
الطاهر...كنت أحلم باني عندما أصبح كبيرا أن أبني له منزلا يحمية من البرد ومن المطر كنت أحكي له عن ذلك... كان يبتسم وينظر بعيدا ويتحدث بلغه لا أفهمها جيدا (أبي يقول أنها لغة سريانية..لغة أوليا الله الصالحين).
تتدرجت في المراحل الدراسية إلا أن وصلت المرحلة الجامعية...وذهبت الي الجامعة في المدينة..كنت لا أتي إلي القرية إلا في ألاجازة ألسنوية..وذلك تخفيفا لاعباء أبي ألمعيشية.
الغريب في الامر أن لاحد يكون علي علم بقدومي ولكني أتفاجا بالطاهر أمامي عندما أنزل من البص الذي يقلني إلي القرية...حتي أهل ألقرية أصبحوا يعلمون أني قادم عندما يرؤن الطاهر بالمحطه...
أظني أصبحت أسرتة..التي فقدها في ليلة شديدة العواصف وهوطفل في المهد...عندما سقط عليهم جدار المنزل المتهالك...واصبح بعدها بدون ماؤي بدون أب بدون أم بدون أسره (ما أقسي هذه الدنياء) واصبح.....الطاهر ألعولاق...
مرت السنون وتخرجت من الجامعة ووجدت فرصة ذهبية بالهجرة إلي أمريكاء وما زلت أذكر عندما نطق الطاهر بكلمة..!!! ذهبت لوداع الجميع وبعد وداعهم... ذهبت لوداع الطاهر تحت شجرة اللالوب..عندما راني بكي الطاهر...أحتضنته وبكيت كثيرا نظرت له مطولا ووصيته علي إخواني الصغار..ووصيت أخواني علي الطاهر..
وهممت بالرحيل وفجاة سمعت صوت رنان جميل اول مرة أسمعة في حياتي يقول لي: مع السلامة يا أمريكي.. ألتفت لاري صاحب الصوت رايت الطاهر رافعا يده بالوداع..عدت مرة أخري وإحتضنته وبكيت كثيرا وذهبت والدموع لا تبارح عيني.
أمضيت خمسة أعوام بامريكاء وعدت بعد أن جمعت مبلغ يحقق لي أحلامي التي كنت أنوي تحقيقها واولها حلمي بان أسعد صديقي الطاهر بمؤي ياؤيه من مخاطر الطبيعة..
لم أخبر أحدا بموعد قدومي..كان يساورني إحساس باني ساجد الطاهر في إنتظاري بالمحطة كما عودني دائما..
وصلت القرية لم أجده بالمحطة..!!!!أسرعت ألخطي نحو منزلة تحت شجرة اللالوب....!!!! لم أجد شجرة اللالوب..!!!!!!
ذهبت الي المنزل بعد أن سلمت علي الجميع سالت: أين الطاهر..؟؟؟
بكي ألجميع....وبكيت...
وتعلمت شيئاءّ..
(أنك إذا كنت تسعي لإسعاد ألجميع وتذهب وتاتي ولا تجدهم فالافضل لك أن تكون معهم).
المفضلات