تمت كتابة هذه الاستراحة قبل الانفصال
المؤتمر الوطني والحركة الشعبية
(المديدة حرقتني)
المؤتمر الوطني والحركة الشعبية واتفاقية نيفاشا الجبرية والحب من طرف واحد.. لا المؤتمر الوطني يحب ناس الحركة.. ولا ناس الحركة يطيقون المؤتمر الوطني هذا ما قرأناه وما يدركه كل الشعب السوداني.. أما باقي القوة السياسية بالبلاد فالذي يعجبني فيها (غامته يدها بالتراب) ولسان حالها يقول (المديدة حرقتني) والكل يريد أن يكشح التراب في وجه الآخر لكن خايفين من البعشوم!! فأمريكا تراقب في الموقف من بعيد وناس المؤتمر الوطني لو بمرادهم ينسفون الحركة وكل الحركات.. والحركة الشعبية لو الأماني بإيدها لاستلمت السلطة وسيطرت على الوضع تماماً.. والعالم يراقب في الموقف من بعيد.. وأوكامبو يتحيّن مثل هذه الفرص (ماسك ليهو ورقة وقلم) والأحزاب السياسية الأخرى ماسكة في جلاليب ناس الحركة الشعبية رغم إنهم يلبسون بناطلين وكرفتات (أي بدل فل سوت).. وبالسودان عدد من الأعلام.. علم الحركة الشعبية.. وعلم حزب الأمة وعلم السودان القديم للاتحادي الديمقراطي وأعلام أخرى لا أدري عنها.. غير آبهين بعلم السودان الذي يرمز للوطن رسمياً والقصة ما معروفة ماشة على وين.. والشعب السوداني بدأ في التساقط.. جزء منه تساقط بالوجع والألم.. وجزء تساقط بالغبن والتهميش.. والجزء الأكبر مات بالجوع والمرض! وناس المؤتمر الوطني يصفهم الشعب السوداني بتلك المقولة (لا بدورك ولا بحمل براك) وناس الحركة الشعبية يعتقدون إنهم الأمثل لحكم الوطن بالرغم من إن 75% من سكان الجنوب غير (الدينكا بور) لا يطيقونهم لحظة واحدة ويترصدونهم بين كل حينٍ وحين.. والمشاكل هناك مدوّرة ألف أحمر والموت بالجملة.. هذا هو الوضع الراهن بالبلاد.
طيب لو وجهنا سؤالاً عاماً لكل الذين يتراشقون بالكلام الجارح على طريقة ما ذكرناه (المديدة حرقتني) ويتسابقون وراء السلطة وقلنا ليهم فيه: إن هناك نسبة كبيرة من هذا الشعب لا تعرف المؤتمر الوطني ولا تعرف الحركة الشعبية ولا تعرف أسماء الولاة بالخرطوم أو الجزيرة أو نهر النيل أو النيل الأزرق أو الجن الأزرق! وجلهم لا يعرف (هيثم مصطفى) ولا يعرفون (العجب) ولا يفرقون بين (حسين خوجلي وعثمان ميرغني) ولو سألتهم عن هذه الأسماء قد يقولون لك (والله الأسماء دي زي التقول سامعين بيها) لكن وين.. وين.. وين.. والله ما عارفين.
إذاً نحن نريد أن نعرف ماهو مصير هؤلاء؟ المؤتمر الوطني يسيطر على وسط الملعب تماماً وبحرفنة شديدة والحركة تجيد حرفنة المراوغة بعدة طرق وبقية الأحزاب تنتظر صافرة الحكم النهائية.. والشعب السوداني يتطلع للأكل والشرب والأمن والطمأنينة منذ خمسين عام أو أكثر من ذلك ولا هناك بصيص أمل في تحقيق هذه التطلعات ومن يقرأ الوضع قراءةً جيدةً يستنتج خطورة يكتنفها شيء من الغموض الغريب!! وقد تنشب معركة الكسبان فيها خاسر + خسارة الشعب السوداني (الفضل)!!.
* أنا عن نفسي حلمت حلمة عجيبة وغريبة وجميلة وتحتاج لتفسير وأتمنى أن أجد لها تفسيراً من المختصين في تفسير الأحلام.
* حلمت بأن السودان تغيّر تغييراً كبيراً جداً وقد كنت أنا خارج البلاد ولفترةٍ طويلةٍ وعندما عدت.. ولا أدري عن الطريقة التي عدت بها.. فجأةً وجدت نفسي في قلب الخرطوم العاصمة المثلثة فأصابتني دهشة واعترتني لحظة فرح بلا حدود للجمال والنظافة والبنايات العالية وأدب الشعب السوداني.. وكلما تلفّت (لأبصق السفة) تواريت خجلاً من جمال المكان ونظافة الشوارع حتى إنتابني إحساس بأن (بصق السفة في سلات المهملات المعلقة على أعمدة الكهرباء بكل الشوارع وبعنايةٍ فائقةٍ) حرام أو قل عيب!!.
ولما أتعبتني الدهشة وشككت كثيراً سألت أحد المارة وقلت ليهو يا ابن العم (باللـه لو سمحت ده السودان ولا أنا غلطان)؟ فقال لي نعم هذا هو السودان.. قلت ليهو ما الذي حدث حتى تغيّر الوضع بهذا الجمال.. شوارع واسعة ومناظر خلابة والناس (سُمان ولونهم فاتح) وغايةً في الفرح والسرور... فقال لي هذا ما حدث.. فقد قمنا فجأةً ذات صباح ووجدنا السودان بهذا الجمال الذي تشاهده.. قلت له هذا الجمال وهذه النظافة وهذا الرقي بكل مدن البلاد؟ قال نعم.. قلت له حتى مدني تلك المدينة المعفنة أصبحت هكذا؟ قال نعم مدني وشندي وكوستي وأم روابة وكل مدن البلاد بهذا الرقي.
بعد أن فرغت من الرجل حاولت أن أتأكد من آخرين فالتقيت آخر وسألته عن مبنى الجوازات أين يقع؟ قال لي يا اخوي إنت سوداني؟ قلت نعم.. قال لي طيب إنت كنت وين؟ قلت ليهو كنت خارج الشبكة أقصد خارج الوطن.. فقال لي يا أخوي مبنى الجوازات وكل دواوين الحكومة أصبحت في مجمع واحد يطلقون عليه (المجمع الحكومي) ويقع في محطة المترو رقم (25) سألته عن إحدى الجامعات؟ فقال لي يا اخوي الجامعات السودانية كلها تراصت على ضفاف النيل.. ذهبت لأتأكد من ذلك فتفاجأت بمظلةٍ كبيرةٍ يجلس عليها عدد من الناس يفوق الألف نفر يرتدون بدلات فل سوت بلونٍ أسود وربطات عنق لونها أحمر وأمامهم ألف بص سياحي جديد لنج (شد بلادو) سألت عن هؤلاء فقالوا لي (هؤلاء سائقي هذه البصات مهمتهم نقل الطلاب والطالبات من وإلى جامعاتهم).. سألت أحد السائقين عن نادي الهلال.. فقال لي يا أبوي أنت كنت وين فكل الأندية تم نقلها وتشييدها جنوب العاصمة ومعها الإتحادات والإستادات وأيضاً دار قدامى اللاعبين وكل ما يعني النشاط الرياضي تجده هناك ذهبت إلى هناك فتفاجأت بمنظرٍ بديعٍ لكل الأندية التي جسمت جنوب الخرطوم وأدهشني كثيراً مبنى الاتحاد العام الذي يتكون من عشرين طابق.. لكن الذي زادني دهشة فعلاً (نادي الفريق القومي السوداني) فهو تحفة من الجمال.. سألت رجال الأمن الذين يحرسون هذا النادي عن رواده وسألتهم عن اللاعبين أين هم؟ فقال لي يا ابن عمي إنت نايم في إضنيك الفريق القومي سافر من شهر تقريباً لمنافسات كأس العالم وأظنه الآن تأهل لدور الأربعة.. لا حولةً ولا قوة يا جماعة ده كلام شنو.. المهم اندهشت وانصرفت.. بعد ذلك تلاقيت مع مجموعة من الشباب أنيقين في ملبسهم وفي هيأتهم سألت أحدهم عن موقع مطار الخرطوم؟ فقال لي يا أبو الشباب إنت كنت وين مطار الخرطوم ده تركب المترو من محطة رقم (17) بالصحافة أو من ميدان الأمم المتحدة المحطة الرئيسية وتقول ليهم أنا نازل محطة (22) تنزل هناك يلاقيك سلم كهربائي من أسفل النفق إلى أعلاه مجرد ما صعدت تجده أمامك واللوحات الإرشادية تؤكد ذلك .. فعلاً ركبت المترو ونزلت في المحطة المحددة ووجدت مطار الخرطوم آية من الجمال.. حدائق وزهور وورود ولوحات تشكيلية وصور لكل رؤساء الأحزاب السياسية تراصت بفنٍ جميلٍ حاولت الدخول للمطار وعندما وصلت لبوابة صالة القدوم أردت أن أفتح الباب ففتح أتوماتيكياً وكدت أن أقع على وجهي وانخلعت خلعةً شديدة من شدة العترة فكان هناك رجل أمن يراقب حركة الناس فسألني وقال لي ويحك يا أخي؟ فقلت له لا أعرف إن هذا الباب يفتح براهو!! فقال لي إنت أول مرة تجي المطار؟ قلت نعم.. قال لي ولا يهمك فالمطار كله يعمل أتوماتيكياً حتى لو كنت ترغب في ساندوتش تدوس هذا الذر وتكتب نوع الساندوتش على الشاشة التي أمامك بالجهاز كبده – كلاوي – أسكلوب باني أو غيرها من أنواع الساندوتشات وتعمل (ok) يطلع ليك ساندوتش حسب طلبك!!
سألت رجل الأمن عن موقع مباني الصحف القومية وماذا هي فاعلة.. فقال لي إن الصحف القومية السودانية تم تشييد بناياتها غرب الخرطوم داخل الغابة لكنني سمعت بأن هناك تغييراً سيطرأ على البلاد وتتحول كلها لصحف اجتماعية ورياضية وفنية وثقافية.. سألته عن (صحيفة ألوان) بالتحديد فأجابني بالآتي: (ألوان لازالت تدهش في القراء ولازال راعيها مدهشاً لكنها ستتحول إلي صحيفةٍ اجتماعيةٍ مثل نظيراتها) .
سألت رجل الأمن مرة أخرى عن موقع الأحزاب السياسية، فقال لي باللـه إنت بأمانة كنت وين؟ فقلت له كنت خارج السودان.. فقال لي طيب يا أخوي تمرق من هنا وتركب من ذات المحطة وبنفس المترو في الإتجاه المعاكس تنزل محطة رقم (7) وستجد كل دور الأحزاب السياسية هناك.. فعلاً ذهبت ووجدت كل الأحزاب السياسية هناك الحزب الشيوعي – المؤتمر الوطني – المؤتمر الشعبي – الحركة الشعبية – حزب الأمة - الاتحادي الديمقراطي – حزب سانو – حزب البهجة – ذهبت ناحية هذه الأحزاب وسألت عن الشيخ حسن الترابي وسيد الصادق والميرغني فقال لي رجل حسبته من حراس المكان أنت كنت وين؟ فأجبته.. فقال لي شفت الخيمة ديك؟ قلت نعم.. قال لي إذا ذهبت ناحيتها ستجد كل رؤساء الأحزاب هناك.. فعلاً ذهبت ووجدت الترابي وسلفاكير والبشير والسادة الاثنين وكل رؤساء الأحزاب يضحكون ويتسامرون بأريحية سودانية غير مسبوقة ويطلقون النكات.. جلست أراقب الموقف وأنا في حالة دهشةٍ عجيبةٍ.. بعد شوية جابوا الصواني حقت الأكل فنهضوا جميعهم لتناول هذه الوجبة حتى أتذكر إن سلفاكير دعاني للأكل وقال لي ويّحك يا أخي تقف بعيداً عن الحبايب؟ فقلت له أنا كنت خارج السودان باللـه الحصل شنو يا سلفا؟ فقال لي أما أنت فأمرك غريب وعجيب ثم أردف إنت ما عارف الحصل؟ قلت لا.. لا أدري ماذا حدث؟ فقال لي بالمناسبة السودان سلمناه لشركةٍ بخبراتٍ كبيرةٍ تدير أمور البلاد والعباد ونحن هنا بهذه الخيمة لا حديث لنا غير الضحك والنكات والقهقهة.. والتقريعات؟!
فقلت لنفسي..
لما تكون في حاجات عجيبة
فعلاً بتحصل حاجات غريبة.
ودّعتهم وانصرفت.