بدءاً...
وعندما نتحدث عن الطفولة باعتبارها واحدة من أهم المراحل العمرية التي يمر بها الإنسان،فإننا نقصد مرحلة من العمر يتصف بها الأطفال بخصائص وسمات معينة،ويكون لهم فيها تقاليدهم ورغباتهم وميولهم ونشاطهم وسلوكهم المميَّز الذي يعبرون به عن رغباتهم وانفعالاتهم،وكل ما من شأنه أن يؤثر في ثقافتهم،ولغتهم وقيمهم وإشباع حاجاتهم.
ولكل هذا.... نستطيع أن نقول إنَّ لهم خصائص ثقافية ينفردون بها،هي ما تعرف بثقافة الأطفال.. وثقافة الأطفال تأتي أهميتها من كونها شكلاً من أشكال الثقافة العامة للمجتمع،ولكنها كالطفل نفسه لها خصوصيتها وأنساقها المستقلة،بوصفها ثقافة ترتبط بفئة من فئات المجتمع،فلا تستقل رغم خصوصيتها عن ثقافة المجتمع بل ترتبط بها بوشائج عامة تؤدي في النهاية إلى تمثل الطفل من خلال ثقافته الخاصة،وللثقافة العامة للمجتمع إلي ينتمي إليه كعضو من أعضائه.
... وكما نجد أن الثقافة العامة للمجتمع تختلف من مجتمع إلى أخر،نجد أيضاً أن ثقافة الطفل هي الأخرى تختلف من مجتمع إلى أخر،كما تختلف من مرحلة عمرية إلى أخرى.. وقد ترتب على ذلك أن توفرت للأطفال في كل مرحلة من هذه المراحل ثقافة فرعية خاصة بها،تتوافق مع خصائص وحاجات الأطفال في كلٍ من أطوار نموهم.
بمعنى أن قيم الأطفال في مرحلة التعليم قبل المدرسي ووسائل إشباع حاجاتهم وحصيلتهم اللغوية تختلف عن تلك التي يختص بها الأطفال في مرحلة بداية التعليم الأساس،وهكذا...
والذي دفعني للخوض في هذا الموضوع،أو قل هذه القضية،والتي – إنْ لم تخني الذاكرة –قد تناولتها منذ أوائل التسعينات في صحيفة ( النفير )التي كانت تصدر في هذه الولاية تحت مسمى (أدب الأطفال قضية تحت المجهر)... وإنها قضية في نظري أصبحت من الأهمية بمكان أن نعمل لنشرها في عصرٍ أصبح الطفل فيه يطالع ثقافات أجنبية وافدة عبر القنوات الفضائية والإنترنيت وغيرها من وسائل الاتصال المفتوح.
ولا ننسى أن ثقافة الطفل وعناصرها المختلفة تمثل حصيلة من التفاعل بين الماضي والحاضر والمستقبل،حيث تتشكل وتتكون شخصية الطفل المستمدة من دروس الماضي أو التراث الثقافي للأمة العربية،مزودة له بما يجعل الطفل قادراً على مواجهة تحديات الواقع المعاصر واستشرافاً لمتطلبات المستقبل.
فكنا نرى (مركز ثقافة الطفل ) قابعاً خلف مسرح الجزيرة في بهْوٍ لا يليق بطفل اليوم،ورغم ذلك اندثر كما تندثر رسوم الديار الواهنة..ورغم ذلك كان يؤدي دوره في تحقيق ثقافة الطفل،ولكنها ثقافة موسمية ترتبط بإجازات المدارس (العطلات الصيفية) وكأننا نقول إن ثقافة الطفل موقوتة بعطلات الدراسة..
فأين مراكز ثقافة الطفل؟ ليس السؤال موجهٌ لولاية الجزيرة،فحسب، بل إلى عموم مسئولي الثقافة في بلادنا، فإن قلنا إن العاصمة القومية (الخرطوم) يوجد بها مركزاً قومياً لثقافة الطفل،هذا صحيح ولكن....بحثت عنه فإذا به يركن في ركنٍ خفي في (بحري) بلا لافتة وبدون عنوان..ونادراً أن تجد شخصاً يدلك عليه !
هذا هو حال ثقافة الطفل عندنا.. في عصرٍ تعتبر الثقافة فيه ... مفتاح العقول الناشئة.
نواصل"2"
المفضلات