سيدي الكريم / أبا إيثار
تظل تطريني وأنا ابن امرأة
تأكل القديد؛علمتني إطلاق النضم
على غير عواهنه وكنت أرعى الغنم على
قراريط لأهل قريتي الضاربة سحيقاُ في عتامير الوعر.
بل أنا من وجب علي تهنئة نفسي بأن مذنباً بازغاً رأيته يلوح
في سمائي و يحمل في قطبيه بشرى بميلاد قلم رصين يعرف كيف
و أين يتخير لنطف مداده .كم تشدني حنكتك في تصيد المحاور الساخنة
ثم تنبري لإدارة دفتها بطروح في منتهي الرقي وتسبر بنا عميقاُ في مغاصاتك
و الدر النفيس في أحشائك قابعٌ. عادةً ما تبحث في مضابط حوارك الرزين وتمعن
في مقاصدك الرامية بعيداً عن أرانب أنوفنا. هذا ليس إغداقاً مني لعاطر ثنائك الذي
هو زخات تعبق من ثيابك و المجد محارب قديم يمشي في ركابك، و إنما ذلك من باب
أقراري لحقيقة شهدتها تسعى بين يدي على قدمين؛ وشحذ لهمتك كي تثري تواصلنا
بحديث منك شائق؛ عله يهيل حفنات من غبار النور جراء خفق نعليك في ردهات
جنة خلدنا. فكيف لا ونحن نسمع وقع حوافر قلمك الجموح وهي تعلو بنا
فوق حواجب الدهشة ..أعجبني حد الانبهار فهمك المتطور وملتزم
في آن واحد ل(أيتيكيت) التواصل بين الناس.. لدرجة أنني لم
أوفق بعد ولا مرة لإضافة نقطة بعد فواصلك.
***********************
تعلم سديي الكريم أنني لست أهلاً
لمعشار ما مدحتني به , لكنني أبوح لك بشعوري
بشرف الانتماء و احداً من ندمائك الخلص. و ما أن عثرت عليك
حتى "تأتأ" لساني يبحث عن نبرة تناسب هيبة اللقاء. فكان حالي أشبه
بحال تلك الشهرزاد و هي تهم بالارتماء في أحضان مليكها شهريار، قبل أن تستطرد في
سردها إدبار النجوم و إسفار الصباح، بأشياء لا تباح عن شهبندر التجار عباراتي التي تليق بك
من فرط رقتها إنما تخشي الظهور تحت دائرة الضوء؛ و تؤثر الاختباء وراء عتمات الأفق البعيد؛
كونها مخملية بحيث يزعجها النسيم.. في حين كونها عصية جريئة بحيث يستحي منها الغزل.هذا
مع رجائي بأن لا تتعجل الحكم علي بأنني شخص منكفيء على ذاتي أو أنني مفصلٌ خرقة من ظلي
الناحل على مقاس جلدي ..لكنني أفضل دوماً البقاء هكذا طي الكتمان، ليراني من يراني عن بعد فقط
كنعش(جثمان) غريق يحمله رهط من أشباح بين ضفتي نهر. فأنا لا أعدو أنأكون مجرد"ابن سبيل"عشت
هائماً على و جهي ،و فاقداً ظلي كحال شحيح ضاع في الزحام خاتمه.فلما اشتدت بي و طأة الهجير ،
أويت إلى ضُل حاحاية شامخة ها هنا، تظل تدهشني بصمودٍ عجيبٍ في وجه الريح ، مستعصية على
جملة إلحاحات ما فتئت تدعوها لتموت واقفةً فتسقط خاوية على عروشها.. فلما نظرت أسفل قدمَيَّ،
إذا بي أرى وجهي الضائع ينداح منعكساً على لجة نيل أزرق يجري في عروقدمي ودم أمثالي من
ذوي الجلحات الغائرة و السحنات (الغبش أبان مسوحاً موية).لكنك إن لم تلمسني دماً و لحماً
و شحماً أو تخاطبني كفاحاً فيكفي أن نتلامس أرواحاَ شفافة و خوطر جياشة تشاطرك
الإحساس بياب غربات ثلاث. و كل ما أخشاه على نفسي و عليك يا صديقي،
و رغم ما يبدو لك من تماسكي، أن تتاوق ذات يوم فلا تجدني .
و هذا لن يكون بقرارٍ مني و لكنهم ربما لأنهم :
أضـــــــاعوني.. و أي فتى أضاعوا؟!.
المفضلات