فنان الشارع الغامض بصمت ولم يحتفِ بالرجل سوى مجموعة من التشكيليين الذين بدأوا عبر الفيس بوك في توثيق لوحاته المرسومة على الحيطان وسط الخرطوم، محتفية بقضايا الحرب والسلام في بلد يئن من الحروب.
ويجهل بعض الفنانين التشكيليين التاريخ الذي لقي فيه "حلفاوي" حتفه دهساً تحت إطارات سيارة قرب مستشفى العيون بالخرطوم، كما يجهلون اسمه الحقيقي، فكل ما تبقى من ذكرى رجل أشعث أغبر عاش بين المشردين في العاصمة السودانية، لوحات منثورة في شوارعها.
يقول الفنان التشكيلي مأمون أحمد لـ"شبكة الشروق" إن "حلفاوي" لقي مصرعه في حادث سير قبل شهر إلى أربعة شهور، موضحاً أن اسمه الحقيقي ظل مجهولاً للجميع فهو بين "منعم" أو "سوار" وغيرها من الاجتهادات لمعرفة اسمه.
يد مبتورة وساعة
|
حلفاوي اعتاد الإنكفاء على نفسه والإنهماك في الرسم |
ويؤكِّد مأمون أن "حلفاوي" فنان ذو شخصية، مستدلاً بالتوقيع الذي يحرص على تضمينه كل لوحاته والمتمثل في يد مبتورة تحيط بها ساعة، وكأنها -بحسب مأمون- دلالة على اليد المعطّلة ولكن بتوقيت.
من جانبه، يقول الفنان التشكيلي كمال جبر الله، إن "حلفاوي" لم يرسم تزجية للوقت، لكنه رسم بحب وشغف لأنه يحب الرسم.
ويروي جبر الله لـ"شبكة الشروق" أن الرجل كان ينقطع عن الناس ويمسك بالألوان وينهمك في رسم لوحاته التي كانت تشكِّل له حياة من الانكفاء على الذات.
ويجزم مأمون أن "حلفاوي" يعد أهم فنان فطري سوداني يرسم مباشرة على الجدران وينطوي على نفسه ولا يكلّم الناس إلا لماماً لطلب حفنة جنيهات لشراء مزيد من ألوان الـ"بايلوت" ذات المادة الكحولية، حتى يستمر هائماً في دنياه.
مواقف جلية
|
حلفاوي عبر عن مواقف الحرب والسلام في لوحاته |
ويمضي التشكيلي مأمون أحمد قائلاً إن لوحات "حلفاوي" ذات قيمة فنية لجهة أن الرجل لديه موقف تجاه رفض الحرب والدعوة للسلام، كما أنه يلجأ أحياناً للأعمال الدعائية ببعض المناطق مثل أماكن الجزارين، لكنه لا ينسى أن يخلط الإعلان بالموقف ووجهة النظر.
ويضيف أن الرجل عمد في كثير من لوحاته إلى تجسيد شخصية العسكري الضخم المسطحة، ما يدل على أنه كان فناناً يعبر عن أشيائه مباشرة بلا لف أو دوران، كما أن لوحاته ليس بها بعد ثالث بل بعدان فقط، وكأنه يريد ايصال أفكاره بلا مواربة.
ويذكر مأمون أن مجموعة من الفنانين التشكيليين يعملون على تجميع لوحاته بتصويرها فوتغرافياً من حوائط وأسوار في وسط الخرطوم وقرب مستشفى العيون وشارع الحرية والخرطوم بحري، إذ إنها كل ما تبقى من الفنان الرحال الذي عاش للوحاته بلا عشيرة أو أصحاب.
منقول من شبكة الشروق
المفضلات