صفحة 3 من 7 الأولىالأولى 12345 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 51 إلى 75 من 155

الموضوع: أسرار صغيرة وأشياء أخري........(متعدد الصفحات)

     
  1. #51
    فخر المنتديات
    Array الصورة الرمزية ودتابر
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    قطر - الدوحة
    المشاركات
    639

    أستاذي .. صلاح سرالختم

    أطوف ,اجول .. بل واسرح عبر حروفك

    تتناوشني كثير من الأسئلة

    وتغمرني في أوقات كثيرة غبطة خفية ..

    وفي أحيانا أخري بسمة مكتومة ..

    ولا اخفيك سرا أنني أريد أن أغوص في كل تفاصيل الموصوع

    وأن ابحر في عبابه

    وأتنسم عبيره بكل عمق

    ولكنها الظروف يا صديق الحرف



    أستاذي .. صلاح

    يقيني بأن هناك المزيد يدفعني للتصبر والصبر

    وأنتظر المزيد لأنداح في التعبير

    وإلي ذلك الحين .. لك مني كل الود والتقدير والاحترام


    وحتما سنلتقى يا ودود الحروف .

    حنبنيهو البنحلم بيهو يوماتي .. وطن شامخ وطن عاتي
    وطن خير ديمقراطي
  2.  
  3. #52
    عضو برونزي
    Array الصورة الرمزية صلاح سر الختم علي
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    ودمدني سابقا 114 ومايو
    المشاركات
    1,436

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ودتابر مشاهدة المشاركة
    أستاذي .. صلاح سرالختم

    أطوف ,اجول .. بل واسرح عبر حروفك

    تتناوشني كثير من الأسئلة

    وتغمرني في أوقات كثيرة غبطة خفية ..

    وفي أحيانا أخري بسمة مكتومة ..

    ولا اخفيك سرا أنني أريد أن أغوص في كل تفاصيل الموصوع

    وأن ابحر في عبابه

    وأتنسم عبيره بكل عمق

    ولكنها الظروف يا صديق الحرف



    أستاذي .. صلاح

    يقيني بأن هناك المزيد يدفعني للتصبر والصبر

    وأنتظر المزيد لأنداح في التعبير

    وإلي ذلك الحين .. لك مني كل الود والتقدير والاحترام


    وحتما سنلتقى يا ودود الحروف .

    الحبيب ود تابر
    سعيد انا بكل حرف قرأته اعلاه
    ولا املك سوي ان اعدك بالمزيد
    وافصح لك
    انني مثلك انتظر جديد هذه الرواية التي بدأت هنا
    وتكتب هنا
    وما زالت تمور بدواخلي بقيتها ولا ادري بعد الي اين تسير
    مثل اي قارئ تماما
    واقول لمن يظن ان هناك مسودة
    ان الرواية مازالت بقيتها في رحم الغيب

  4.  
  5. #53
    فخر المنتديات
    Array الصورة الرمزية moh_alnour
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    الدولة
    جدة - السعودية
    المشاركات
    7,687

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صلاح سر الختم علي مشاهدة المشاركة
    و أقول لمن يظن أن هناك مسودة أن الرواية ما زالت بقيتها في رحم الغيب
    إن أجمل الأماكن هي التي لم نزُرها بعد و أجمل الروايات هي التي لم تُكتب بعد
    أهنئك أستاذنا صلاح على هذا الإرتجال الرائع و الذي نُحس فيه بتماسك خيوط القصة
    و نهنئ أنفسنا أن كانت صفحات منتدى ود مدني شاهد على هذا المخاض الأنيق
    و مكان لميلاد هذا العمل الجميل و الذي جمله حضورا ً نفر كريم من أعضاء هذا الملتقى الطيب
    يتزعمهم أستاذنا عصام الدين ود تابر أبن مدينة الحديد و النار و التي تُنبت الإبداع كل مناخاتها
    دوما ً تجدنا حضور و ترقب و إنتظار

    إننا نحب الورد رغم الأشواك التي تعانقه وهكذا الحياة
    abu ze yazan

    جزيرة الفيل الأصالة و العراقة
  6.  
  7. #54
    عضو برونزي
    Array الصورة الرمزية صلاح سر الختم علي
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    ودمدني سابقا 114 ومايو
    المشاركات
    1,436

    تحياتي ومودتي لك اخي الكريم محمد النور

  8.  
  9. #55
    عضو برونزي
    Array الصورة الرمزية صلاح سر الختم علي
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    ودمدني سابقا 114 ومايو
    المشاركات
    1,436


    8
    داوم عاصم علي التجمعات الثقافية بانتظام حسده عليه روادها وخص نادي القصة بجل وقته واهتمامه فقد كان هو مورد ماء يمامته التي واظبت علي الحضور بشكل اقل انتظاما منه لكنه متواتر ومتصل، تعمد ان يمكنها من ملاحظته وتجنب الاحتكاك المباشر او اللقاء المباشر حتي يعطي انطباع الصدفة غير المدبرة مجاله وحتي تستوي طبخته علي نار هادئة قائلا لنفسه الصياد الماهر حقا هو الصبور غير المتعجل والعصفور لايلج القفص الا حين يطمئن .. تظل الاجنحة مشرعة للطيران ولكنه لا يستطيع مغالبة فضوله فيقترب دائما بما يكفي..... ) ابتسم بلا تعبير علي وجهه وهو ينظر الي ندى بضفيرتها الطويلة الملقاة علي ظهرها بتسريحة ذيل الحصان التي تميزها عن غيرها.. كانت تأتي وحيدة الا في حالات نادرة تحضر معها صديقة لها تدعي نوال الكاشف ، كانت نوال نقيضا لندى في كل شئ، جرئية ذات شخصية مقتحمة وصوت عال رغم انوثته البادية وكانت ترتدي الثوب السوداني بطريقة تجعل أشد مناصريه يخرج في مظاهرة تطالب بمنعه فورا، أما عطرها فكان يحتل المكان حتي موعد الليلة الثقافية القادمة وكانت حين تقرأ نصا من نصوصها القصصية القصيرةتنشر في المكان روحا غريبة تجعل كل رجل يشعر ان النص وانفاسها المتصاعدة مع الكلمات كأبخرة تتصاعد من فنجان شاي في الشتاء هو شأن خاص به وحده... كان حضور نوال طاغيا الي حد ان نفسته نازعته وقالت له : (دعك من ندى فهي في حضور نوال كالظل لصاحبه ينظر الناس الي الاصل ولايهتمون بالظل، تلك أمرأة تجلب البريق والضجيج وأشياء أخر أينما حلت وهي تهتم لأمرك وتقدرك حق قدرك وتجذبك اليها بخيوط غير مرئية، فلماذا تلهث خلف شمس وشيكة الغروب كثيرة النفور والاحتجاب؟!)... بلا مقدمات وجد اهتمامه بندى يخبوء ويتناقص وفي المقابل وجد نفسه منجذبا الي عوالم نوال باحثا عن موطئ قدم وسط اللاهثين خلف عطرها وصوتها وحضورها
    العنكبوتي في سطوته وقدرته علي الانتشار... تري هل بات الصياد الفريسة؟!

    التعديل الأخير تم بواسطة صلاح سر الختم علي ; 14-09-2011 الساعة 08:59 AM
  10.  
  11. #56
    عضو برونزي
    Array الصورة الرمزية صلاح سر الختم علي
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    ودمدني سابقا 114 ومايو
    المشاركات
    1,436

    9

    قالت نوال الكاشف لندى وهي تقود السيارة الصغيرة علي مهل عابرة جسر امدرمان الجديد بعد ليلة ثقافية صاخبة بنادي القصة ندى .. هذا الرجل لايري غيرك حتي عندما تكوني غير موجودة..كيف لاترين كل هذا؟!) هزت ندي رأسها بلا اهتمام وقالتلايعجبني يانوال...he is not my taybe ) ساد صمت قصير تخلله صوت مزعج لبوق سيارة عابرة من الاتجاه المعاكس ومن خلال حركة ماسح الزجاج فيها أدركت ندى ان ثمة مطر يهطل بالخارج فقالت بفرح: المطر يانوال.. المطر....)ضحكت نوال ومدت يدها اليسري عبر النافذة الصغيرة واعادتها مبللة وهي تردد: (يامطيرة صبي لينا في ايدينا يا مطيرة صبي لينا في ايدينا...) ارتفع صوت ندى معها بذات الحماس مرددة ذات النشيد: (يامطيرة صبي لينا في ايدينا)...عادتا بالذاكرة الي ايام جميلة مع المطر والعاب الطفولة واناشيدها المرتجلة... مضت السيارة تشق الشوارع المغسولة بالمطر وندى ونوال يغتسلن بالذكريات الجميلة من عسف الحاضر. سرحت نوال مع نفسها انه ليس نوعك فعلا يا ندى...شاب رياضي وسيم يقود سيارة تساوي قيمتها عشرات الملايين وتبدو آثار النعمة الموروثة في أصابعه الرشيقة وهو طبيب وعازب ومحب للشعروالقصة...أي نوع تفضلين ايتها المغرورة؟! ابن الحطاب وعيشة العذاب وابني عشك يا قماري؟!) نظرت الي ندى في المرآة كأنها تخشي ان تكون قد سمعت افكارها وكلماتها مع نفسها عنها ولكنها وجدتها غارقة في تفكير عميق ولاهية عنها تماما. فعادت من جديد الي افكارها وتذكرت وجه عاصم وابتسامته ونظراته التي تكاد تخترقها عندما استدارت بدلال متعمد مودعة الجميع بطريقة تجعل كل سامع يظن التحية خاصة به.

    وتذكرت اللقاء الثاني وعاصم واضطرابه الواضح ويدها الممتدة للتحية ويده المتوترة التي ترفض اطلاق سراح كفها..

    همست لنفسها بصوت ظنته خافتا: حكاية!!!!. وحين جاءها صوت ندى متسائلا: حكاية شنو؟ اضطربت قليلا ثم تمالكت نفسهاو ضحكت وقالت: حكاية المطيرة الصبت لينا في ايدينا!!!!

    التعديل الأخير تم بواسطة صلاح سر الختم علي ; 30-12-2010 الساعة 10:22 AM
  12.  
  13. #57
    عضو برونزي
    Array الصورة الرمزية صلاح سر الختم علي
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    ودمدني سابقا 114 ومايو
    المشاركات
    1,436

    10
    كان المطر لايزال يتساقط لكن بشكل أقل حين ترجلت ندى من السيارة ورفعت يدها مودعة نوال التي أخرجت رأسها من نافذة السيارة ضاحكة وهي تقول يا مطيرة صيى لينا........) فضحكت ندي وهي تمد يدها للمطر المتساقط ووقفت ترقب العربة الصغيرة حتي غابت عن بصرها ثم استدارت علي مهل في طريقها الي البيت وصوت نوال يرن في أذنيها: ( هذا الرجل لايري غيرك.. كيف لاترين ذلك؟) عبست حين تذكرت الجملة وابتسمت وهي تقول لنفسها: (اللعنة عليك يا نوال لابفوتك شئ حتي لو غاص بباطن الارض) وضحكت وهي تتذكر قولا أضحكها حتي أبكاها قالته رشا عن نوال الكاشف وهي تصف قدرتها العجيبة على معرفة الاسرار (دي تلقى عندها خبر العقرب والدبيب) وأغرورقت عيناها بالدمع اكثر حين سألت رشا عن معني المثل فهزت الأخيرةرأسها ببرود وهي تقول لها( العرفني بيهو شنو .. سمعتو كدة وعارفا استعمالوا هنا....غايتو للمبالغة...) كانت ندى قد وصلت باب المنزل الصغير الغارق في الظلام فدفعت الباب ودخلت. كان صوت المطر علي سقف البرندة الصغيرة المصنوع من الزنكي عاليا بخلاف صوته الناعم الخفيف بالخارج. وكانت أختها سلوي المصابة بفوبيا الاماكن المغلقة نائمة في البرندة وحدها كعادتها وهي ملتفة ببطانية سميكة . تجاوزتها ندى بخطوات حرصت علي ان تكون بلا ضجيج بقدر الإمكان متجهة الي غرفتها الصغيرة في آخر البرندة.وقبل أن تبلغها جاءها صوت أمها متبوعا بخطواتها وهي تتساءل تساوءلها المعتاد أن كانت قد عادت فتوقفت ندى حتي اطلت أمها براسها من داخل الغرفة فحيتها بمودة معتذرة عن تأخرها ومتسائلة ان كان المطر قد احدث ضررا فردت عليها أمها بابتسامة واسعة محببة نافية حدوث ضرر وحامدة شاكرة وهي تسأل ندى بلهفة ان كانت ترغب في عشاء فضحكت ندي وهي تقول : (الفول حبيب الشعب يحلو تحت المطر...نوال قامت باللازم ياحاجة..)وهرولت راكضة نحو غرفتها مغلقة باب الأسئلة التي لن تنتهي

  14.  
  15. #58
    عضو برونزي
    Array الصورة الرمزية صلاح سر الختم علي
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    ودمدني سابقا 114 ومايو
    المشاركات
    1,436


    [font="comic sans ms"
    ]11


    و ضعت ندى حقيبتها الصغيرة علي المنضدة الصغيرة وأستلقت علي سريرها بملابسها كاملة بعد ان خلعت حذائها الصغير بحرص باد ووضعته في مكان مخصص له، وضعت كفيها مشبوكين خلف عنقها كأنهن وسادة وثنت ركبتها اليسري ومددت ساقها الاخري في وضع مستقيم ، كانت تلك وضعيتها المفضلة عندما تكون سعيدة وراغبة في التفكير بعمق في شأن ما، كانت تستعرض شجرة صداقتها مع نوال الكاشف وتتذكرها فتاة نحيلةطويلة القامة يميزها شعر طويل ناعم مصفف بطريقة مختلفة ومتميزة جعلت منها نفسها شخصية مختلفة برغم ان ملامح وجهها الذي لايخلو من نمش وبعض حب الشباب كانت أكثر من عادية ولكن تسريحة شعرها وطوله ونعومته وشئيا فيها ربما يكون مشيتها أو صوتهاأو طريقتها في الحديث أو سرا غامضا مودعا فيها، شيئا ما كان يعطيها شخصية طاغية تجذب اليها الآخرين كما يجذب المغنطيس المعادن،كن في نهاية دراستهن الاساسية ميممات صوب المرحلةالثانوية حين توطدت صداقتهن برغم الفوارق الكثيرة التي منعت نشوء تلك الصداقة فيما سبق من سنين الدراسة ، كانت نوال بطبيعتها من ذلك النوع من الأناث الذي لاتحبه النساء ويشعرن نحوه بمزيج من المشاعر المسبقة المتفاوتة بين عدم القبول والنفور والغيرة غير المبررة لاسباب تبقي مجهولة في أغلب الاحوال ولكنها تبقي في الاعماق ، وفي ذات الوقت تجد الواحدة منهن من يدرن حولها كما يدور فراش حول زهرة وكما يتحلق جوعي حول مائدة عامرة،كانت ندى لاتحب الضجيج بطبعها فقد كانت منذ خطواتها الأولي ميالة الي الهدوء وتمقت الصخب والضجيج ، لذلك ظلت بعيدة عن نوال الكاشف وشلتها الصغيرة بعد غزال عن أعين الصيادين،وكان يمكن ان تنهي دراستها الاساسية وتفترقا دون ان تمثل كل منهما شيئا للاخري، كانت ندى تنحدر من أسرة فقيرة وأب مكافح وتقيم في حي شعبي صغير في أطراف المدينة بينما كانت نوال الكاشف تنحدر من أسرة ثرية معروفة بامدرمان وأبوها صاحب محلات تجارية ترتفع حواجب النساء ويشهقن حين يرد اسمها في الحوار ويتباهين بانهن من روادها.كانت نوال تأتي للمدرسةوتعود منها بعربةوسائق،بينما تأتي ندى ورفيقاتها ويعدن سيرا علي الاقدام. لكن الشعر كان قادرا علي أذابة الفوارق بينهن ومسح الانطباعات والهواجس.
    كانت القصائد والخواطر المكتوبة سرا والمحفوظة بعيداعن أعين الاهل هي بوابة ندى الي عالم نوال الكاشف وجواز مرور نوال الي عالم ندى وهكذا ألقيت البذرة في الأرض ورويت شعرا وخواطرا وأحاديث هامسة في بيت فخم في قلب الملازمين وبيت آخر صغير بحي الهاشماب حتي طويت الثانوية وولجن الجامعة وباتت نوال تقود سيارتها بنفسها
    [/font].

    التعديل الأخير تم بواسطة صلاح سر الختم علي ; 07-01-2011 الساعة 07:38 AM
  16.  
  17. #59
    عضو برونزي
    Array الصورة الرمزية صلاح سر الختم علي
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    ودمدني سابقا 114 ومايو
    المشاركات
    1,436

    (12)
    كانت العلاقة بين نوال وندي علاقة معقدة جدا، علاقة المتناقضات المتجاورة،فقد كان مايفرق بينهن اكثرمما يقرب بينهن، كانت ندي تجد في نوال امتدادا يمثل بالنسبة اليها كل ما ماكانت تفتقر اليه من صفات ومقدرات وبخاصة تلك القدرة علي التحكم بالاخرين بسهولة ويسر كمن يملك جهازا خاصا للتحكم في الاخرين عن بعد،فقد كانت نوال الكاشف صاحبة حضور قوي ومؤثر في أي مكان وزمان تحل فيهما.كان من حولها يتضاءلون رويدا رويدا حتي لايعود الناس يرونهم في حضورها.شئ ما في روحها ومشيتها وضحكتها وطريقتها في الكلام واختيار الملابس ، كان قادرا علي إحداث هذا الأثر الخاص، شئ بمقدورك ان تحسه ولكن يصعب عليك وصفه.اما ندي فقد كانت كالظلال لايتبينها الناس للوهلة الاولي ولاتترك الاثر نفسه ، بل أنها لاتحب ان تكون محور الاهتمام أو مركزه وأن كانت تتمني ذلك كأي انثي في أعماقها ولكنها كانت تدرك أنها لاتحتمل ذلك وتفضل دائما أن تجد الاهتمام ولكن بلا ضجيج ولا أضواء كاشفة تجعل منها مادة لألسنة الآخرين الحادة. كانت نوال الكاشف وحيدة والديها وكانت دائما تري في ندي ما حرمتها منه الحياة وتحسدها علي ذلك، ابتداء من التفاصيل الصغيرة مثل مشاوير الصباح والظهيرة من والي المدرسة مع رفيقات الدراسة سيرا علي الاقدام في شوارع امدرمان،الشراء من الباعة المتجولين والاستماع إلي كلمات الاعجاب الساذجة من الصبية وحتي نيل النصيب من نظرات خاصة من رجال كبار لايحول الزي المدرسي او فارق العمر بينهم وبينهن،كانت نوال أسيرة السيارة والسائق ولم يكن لها من تلك المشاوير نصيب الا همسات وحكايات زميلاتها التي تؤجج الفضول وتشعرها بقيمة ما تفتقد، وتسرح نوال مع الحكايات فتري نفسها بعين الخيال وسطهن تتثني وتستمتع بعبارات الاعجاب والتسكع في رحلة الصباح والظهيرة وتري فارسا يقود دراجة صغيرة بيده ويتمشي معها والبنات ينظرن اليها بغضب لايخلو من الحسد.ولكنها تفيق من الخيال لتعود إلي واقعها المسكون بالصمت والوحدة في القصر الخالي كما كتبت في مفكرة خاصة صغيرة خبأتها بين دفاترها المدرسية ولم تشرك أحدا في قراءتها الا ندى فقط. كان أبيها مشغولا دائما بتجارته ودكانه نهارا وعصرا وقسما من المساء وفيما عدا ايام الجمع والعطلات والاعياد لم يكن القصر الصامت يعرف المائدة التي تجتمع حولها الاسرة، وكانت أمها مشغولة هي الاخري بالتسوق والزيارات والمجاملات التي لاتنتهي وتنفق وقتا طويلا في التأنق والتزين والنظر إلي قوامها الممشوق في المرآة والثرثرة مع الحنانة التي باتت عضوا بالاسرة وكان دخان سيجارتها قد بات شئيا عاديا مثل حضورها الدائم إلي امها.كانت امرأة( متبرية ) من لسانها كما تصفها امها فهي تخوض في كل حديث تقوله النسوة سرا باعلي صوت وبأي مفردة تخطر علي بالها يساعدها في جهرها بالقول صوت أجش يشبه أصوات الرجال لكنه يصبح رخيما مطواعا حين تغني أغنية ما،كانت علوية الحنانة هي الضجيج الفرح الوحيد الذي يلج القصر الصامت فيحوله إلي خلية عامرة بالحياة وقهقهات النسوة اللائي يخترعن الأسباب للحضور إلي مجلس علوية الذي كن يسمينه (هنا امدرمان) فعلوية التي تدخل كل البيوت متي شاءت وتجهز العروسات الصغيرات والنسوة الشابات والمتصابيات جميعهن للافراح لاتخفي عليها خافيةولاتعجز عن تفسير أي حدث وواقعة حتي عن أناس لم تصافح يدها يدهم ولا تعرفهم ولكنها تعرف سيرتهم السرية بالتفصيل الممل. عدا جلسات علوية الصاخبة تلك كان القصر صامتا صمت القبور. وكانت روح نوال تحن دائما إلي ذلك المنزل الصغير المسكون بالضجيج والدفء الذي تتحلق فيه اسرة ندي باكملها حول مائدة صغيرة تذوقت فيها نوال أجمل طعم لاجمل ملاح شرموط بالقراصة وتحررت هنالك من أسر الشوكةوالسكينة المفروضتين عليها. وفي ذلك البيت الصغير بهرتها جلسة حاجة آمنة والدة ندي أرضا للمشاط مسلمة شعرها لجارة لها جلست علي العنقريب بينما جلست حاجة آمنة أرضا مستندة بظهرها علي العنقريب وهي تغني بصوت خفيض وفي يدها فنجان جبنة صغير فقد كانت الجلسة للجبنة والمشاط معا.في ذلك اليوم طلبت نوال بالحاح مشاطا مماثلا ولم تخرج الا وهي ممشطة مشاطا أشعرها بزهو كبير لم تشعر به من قبل.
    يتبع...................
    صلاح الدين سر الختم علي

  18.  
  19. #60
    وسام التميز الثقافي

    Array الصورة الرمزية مصطفى هاتريك
    تاريخ التسجيل
    Aug 2009
    المشاركات
    2,423

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صلاح سر الختم علي مشاهدة المشاركة
    ثرثرة

    كنت أحلم وأنثر الاحلام يمنة ويسرة في كرم غبي

    ربما لأنني لم أكن ادري أنني أنثر الاحزان والاوجاع المقبلة

    كنت صغيرا ولم يكن بمقدوري ان ادرك ان أقصر طريق للحزن هو الحلم

    وأن الحالمون هم الاغبياء الذين يكتفون بالحلم ويقفون عند الشط ظامئيين

    متشققي الشفاه....

    تذكرت بلا مناسبة تلك التي دفعتني بعيدا عنها بكل الاشمئزاز والسأم الذي في الدنيا

    لكي تتخلص من رقتي وبحثي عن حنان في جحر أفاع ولا زلت اذكر صوتها الآمر وخيبتي!!
    كنت صبيا وغبيا حينها

    وكانت هي مركب احزان مثقوب

    واكثر ما تكره في الدنيا

    هو ما يذكرها بالبراءة السليبة.....

    محطات كثيرة في الحياة

    مشاوير عديدة

    وجوه سقطت من الذاكرة الي السكون

    ووجوه تأتي كل ليلة من العدم وتقض مضاجعي

    أحزان جفت

    وأحزان لاتزال ندية
    وأخر قادمات

    أفراح نتذكرها بأسي
    وأخري لانذكرها أبدا

    وثالثة نحاول محوها من الذاكرة عبثا
    وتضئ من جديد
    في كل ليلة


    الطفولة:

    كهفنا السري السحري الجميل

    موقد الشتاء

    كاسحة الالغام والاحزان

    ابتسامات الرضا

    وذكريات الصبا الباكر

    ولكنها لاتخلو من المنغصات

    بعض الشروخ الصغيرة التي ترقد هناك

    في ركن ما

    في وجه ما

    نكره صاحبه بكل ما تملك قلوب اطفال جرحي من قوة

    كلمة ما

    جرحتنا من الوريد الي الوريد

    وظلت كالسوس تنخر في الدواخل

    وتأخذ من خضرتنا خضرة

    ولاتترك سوي جريد شاحب

    وجذوع خاوية

    الي اولئك الذين تطفلوا علي براءتنا

    وآذونا في زمان لم نقو فيه علي الرد

    نقولها:

    مهما تباعد بيننا وبينكم السنون

    سيبقي ثأرنا حيا في القلوب وفي العيون

    وتبقي نارنا حية لاتموت!!!
    وتبقي براءتنا السليبة
    كابوسكم الذي لايموت!!


    صلاح الدين سر الختم علي
    يا الله
    ما أعمق هذه الكلمات

    مهما تباعد بيننا وبينكم السنون

    سيبقي ثأرنا حيا في القلوب وفي العيون

    وهل بعد هذا القول قول

    منو الزيك ولد وإستالد الأولاد
    منو الزيك بجيبم ديمة عشرة أنداد
    منو الزيك ببز الدنيا موية وزاد
    منو الزيك ضروع وزروع ونيل مداد
    منو الزيك بطانة وغـابة دون حداد
    منو الزيك سهول وادي وجبال أوتاد
    منو الزيك أصل موروث من الأجداد
    منو الزيك جراتق دم قُــدام وجداد
    قشي الدمعـة يا بت الرجال ما بحكموك أولاد
  20.  
  21. #61
    عضو برونزي
    Array الصورة الرمزية صلاح سر الختم علي
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    ودمدني سابقا 114 ومايو
    المشاركات
    1,436


    (13)
    كانت علوية الحنانة صاحبة الحضور الاكبر في حياة نوال الكاشف،أكثر من حضور أمها المشغولة بذاتها واستعادة ما مضي،كانت نوال معجبة بقدرة علوية في التحكم بالنسوة و شدهن اليها بخيوط غير مرئية، كن جميعا يخضعن لها وكانت تتعامل معهن كأنها السيدة وهن الوصيفات وكانت حريصة في مظهرها الا تقل عنهن في شئ ، كن يفرطن في الزينة وتعمد تحريك الايادي البضة حتي يسمعن الحاضرات شئيا من رنين الذهب، وكانت علويةتبدو بزينتها وانأقتها المفرطة وأساورها الذهبية التي تغطي معصميها كأنها واحدة منهن وكانت تحرص علي المغالاة في اسعار خدماتها وعطورها المحلية التي تصنعها بنفسها بل تتباهي بذلك حتي جعلت من نفسها علامة تجارية مميزة لنسوة مجتمع امدرمان المخملي يكتمل بها الاكسسوار مثل العربةوموضةالثوب ودقة الذهب وعياره ونوع الحذاء وبلده المصنع له.كانت تقول باعلي صوت: (الما قادر يشوف القدرو،والماعندو ما بنحوم بي عندو، لاصرمانة لاجيعانة احمد ربي غنيانة وعيني مليانة....) . وكانت النسوة يتحاشين الاصطدام بها أو مساومتها خشية ان يصبحن لبانة يلوكها لسانها السليط في المجالس المخملية فكن يخترن اختراع الأعذار وشغلها بشئ آخر أو الخضوع لما قررته دون جدال. وكانت تعرف ذلك وتجيد استخدامه في استخلاص حقوقها من المماطلات بتعمد احراجهن بالسؤال المباشر او بالتلميح في المجالس فيسارعن إلي تغيير دفة الحديث وسرعان ما تعود نقودها اليها اتقاء لشرها.
    وكانت النسوة يحرصن علي ان يغادرن المجلس بعدها حتي لايصرن عناوينا للنشرة التالية من (استديوهات علوية). نوال كانت مدينة لعلوية باشياء كثيرة ، فقد كانت أول من استطاع ان يجيب لها عن الاسئلة المسكوت عنها لفتاة في سن حرجة مرعوبة من تغيرات طبيعية حلت بها فجاة بلا مقدمات ولم تجد من يجيبها عنها.لم تكن تملك أختا ولم تكن أمها متاحة لها.وحدها علوية كانت تملك الاسئلةوالاجوبةوالقدرة علي قراءة الافكار الصامتة التي تفتك بنوال ،شعرت نوال ان الكهوف لم تعد كهوفا والظلام لم يعد ظلاما وفهمت الكثير من الاسرار ووجدت تفسيرا حتي لاشياء جرت في ماضي ايام حياتها واشياء جارية، فهمت كل شئ بأثر رجعي وفارقها الخجل والاحساس بذنب لم تقترفه كان ملازما لها ولربما كان لازمها حياتها كلها لولا علوية التي علمتها الفرق بين الحنان وادعائه . وحين بكت وباحت لها باسرار صغيرةعانقتها علوية بلطف ومسحت علي شعرها الطويل وقالت لها كلاما كثيرا خلاصته انها أمرأة وليس في ذلك ما يخجلها أبدا وانها يتعين عليها ان تعرف كيف تتعامل مع الاخرين. شعرت بطمأنينة ودفء لم تشعر بهما من قبل في ايام الكوابيس المتكررة والاحساس بالعاربلا سبب. كان السائق حامد هو اول من دفع ثمن فهم نوال باثر رجعي فقد شنت عليه حربا لاهوادة فيها بدأتها بالاهانات العلنية امام الاخرين والتعالي الشديد والاتهام المتكرر بالتقصير بسبب او بلا سبب ومضت في حربها حتي باتت تشكك باستمرار في امانته حتي اضطر والدها في خاتمة المطاف إلي طرده نهائيا، فتنفست نوال الصعداء فقد كان الانتقام من حامد هو أول ثمار المعرفة لما جري وكانت تلك اول معركة للقطة التي بانت مخالبها، معركة خاضتها بلا شكوي ولكن بهدف معلوم بلغته في الختام، فاكتسبت ثقة اكبر بالنفس وباتت الوردة تعرف كيف تحمي نفسها من القطف.
    صلاح الدين سر الختم علي

    التعديل الأخير تم بواسطة صلاح سر الختم علي ; 16-01-2011 الساعة 12:04 PM
  22.  
  23. #62
    عضو ذهبي
    Array الصورة الرمزية تغريدا
    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    المشاركات
    4,363

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صلاح سر الختم علي مشاهدة المشاركة

    8
    اقل انتظاما منه لكنه متواتر ومتصل، تعمد ان يمكنها من ملاحظته وتجنب الاحتكاك المباشر او اللقاء المباشر حتي يعطي انطباع الصدفة غير المدبرة مجاله وحتي تستوي طبخته علي نار هادئة قائلا لنفسه الصياد الماهر حقا هو الصبور غير المتعجل والعصفور لايلج القفص الا حين يطمئن .. تظل الاجنحة مشرعة للطيران ولكنه لا يستطيع مغالبة فضوله فيقترب دائما بما يكفي..... )
    *******************
    تلك أمرأة تجلب البريق والضجيج وأشياء أخر أينما حلت وهي تهتم لأمرك وتقدرك حق قدرك وتجذبك اليها بخيوط غير مرئية، فلماذا تلهث خلف شمس وشيكة الغروب كثيرة النفور والاحتجاب؟!)... بلا مقدمات وجد اهتمامه بندى يخبوء ويتناقص وفي المقابل وجد نفسه منجذبا الي عوالم نوال باحثا عن موطئ قدم وسط اللاهثين خلف عطرها وصوتها وحضورها
    العنكبوتي في سطوته وقدرته علي الانتشار... تري هل بات الصياد الفريسة؟!


    أستاذنا القاص المبدع صلاح سر لختم عندما أقراء هذا السرد المنساب كالماء العذب بكل رقة وسهولة أحس أننى كأنما أرتشف كوباً من الشاى أو القهوة فى ليلة باردة وأشاهد فيلماً يحمل كل الوجوه من تراجيدية إلى كلاسيكية أوكوميديا وبين جمال طعم مذاق القهوة إلى جمال مناظر ذلك الفيلم تلك هى كلماتك
    فى ظنى أنه أجتمع كيد النساء ومكرالرجال أستاذى لك دوماً ودى وأحترامى ولى عودة


    اللهم صلى وسلم على النبى الكريم وآله وأصحابه الطاهرين وأجمعنا بهم يوم الدين
    (ماندمت على شئٍ ندمي على يومٍ غربت شمسه, فنقص فيه أجلي, ولم يزد فيه عملي)


    كن فى الحياة كعابر سبيل
    وأترك وراءك كل أثر جميل فما نحن فى الدنيا إلا ضيوف
    وماعلى الضيوف إلا الرحيل



  24.  
  25. #63
    عضو برونزي
    Array الصورة الرمزية صلاح سر الختم علي
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    ودمدني سابقا 114 ومايو
    المشاركات
    1,436

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تغريد عبد العظيم مشاهدة المشاركة
    أستاذنا القاص المبدع صلاح سر لختم عندما أقراء هذا السرد المنساب كالماء العذب بكل رقة وسهولة أحس أننى كأنما أرتشف كوباً من الشاى أو القهوة فى ليلة باردة وأشاهد فيلماً يحمل كل الوجوه من تراجيدية إلى كلاسيكية أوكوميديا وبين جمال طعم مذاق القهوة إلى جمال مناظر ذلك الفيلم تلك هى كلماتك
    فى ظنى أنه أجتمع كيد النساء ومكرالرجال أستاذى لك دوماً ودى وأحترامى ولى عودة
    تشجيعك وقراءتك العميقة وتوقفك عند دلالات النصوص تسعدني وتحفزني للمزيد فشكرا لك اختي الكريمة

  26.  
  27. #64
    عضو برونزي
    Array الصورة الرمزية صلاح سر الختم علي
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    ودمدني سابقا 114 ومايو
    المشاركات
    1,436

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مصطفى هاتريك مشاهدة المشاركة
    يا الله
    ما أعمق هذه الكلمات

    مهما تباعد بيننا وبينكم السنون

    سيبقي ثأرنا حيا في القلوب وفي العيون

    وهل بعد هذا القول قول
    اخي مصطفي لك كل التقدير والود

  28.  
  29. #65
    عضو فعال
    Array الصورة الرمزية الاستاذة
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    الدولة
    الجزيرة - مدني - مايو نص
    المشاركات
    273

    شكرا الاستاذ المبدع صلاح سر الختم
    على هذا السرد الرائع الذي اخذني الى حالة من الذهول والدهشة
    وانا اغفز بين الكلمات واجري بين السطور متسارعة اسابق الزمن خشية ان يفوتني شيء
    فلك كل الود والتقدير

    سطر إسمك في القلوب قبل التاريخ
  30.  
  31. #66
    عضو برونزي
    Array الصورة الرمزية صلاح سر الختم علي
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    ودمدني سابقا 114 ومايو
    المشاركات
    1,436

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الاستاذة مشاهدة المشاركة
    شكرا الاستاذ المبدع صلاح سر الختم
    على هذا السرد الرائع الذي اخذني الى حالة من الذهول والدهشة
    وانا اغفز بين الكلمات واجري بين السطور متسارعة اسابق الزمن خشية ان يفوتني شيء
    فلك كل الود والتقدير
    شكرا علي الكلمات الطيبات

  32.  
  33. #67
    عضو برونزي
    Array الصورة الرمزية صلاح سر الختم علي
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    ودمدني سابقا 114 ومايو
    المشاركات
    1,436


    (14)

    ظل عاصم يلاحق نوال الكاشف بأصرار والحاح بالاتصالات التلفونية المتلاحقة والصدف المفتعلة والتقرب الي اصدقائها المقربين وسقطت ندي من ذاكرته تماما ولم تعد تشكل شيئا بالنسبة له الا وصيفة من وصيفات أميرته الكثيرات، كانت نوال الكاشف زلزالا هز عرش عاصم وبدد سكينته فلم يعد ذلك الفارس الممسك بكل الخيوط في ثقة والمدرك لكل خطوة يخطوها، بل وجد نفسه لاول مرة في حياته منجذبا بخيوط غير مرئية الي تلك المرأة التي توزع ضحكتها وابتساماتها وكلماتها ونظراتها واهتمامها علي جيوش مصطفة علي جانبي الشوارع بالعدل كأميرة من اميرات الاساطير
    وبات هو فردا من العامة يزاحم في الصفوف لكي ينال نظرة من أميرته في موكبها الملوكي المثير،لم يحدث له ذلك من قبل الا في الجامعة مع تلك المتغطرسة التي داست علي مشاعره كما يدوس فيل علي نملة دون ان يراها حتي ومن يومها اقسم وهو يمسح جراحه انه لن يكون نملة مرة أخري أبدا ولن يستمع لدقات قلبه الذي جعل منه موضعا للسخرية والشفقة بل سيكون فيلا يبحث عمدا عن نملة مختالة ويدوسها ويمضي، استهوته اللعبة الجديدة التي أعادت اليه ذكريات قديمة عديدة في طفولته الباكرةوصباه كانت تأتيه غامضة مشوهة ومعها صوت أبيه غاضبا،كانت اكثر الصور بشاعة بين الصور التي تتلاحق في شاشة ذاكرته هي صورة ذلك القط الصغير مشنوقا علي شجرة وعيونه جاحظة جحوظ الموت،صوت ابيه يهدر( من فعل هذا شيطان رجيم.... من فعل هذا شيطان..... ) كان عاصم في العاشرة حينها لكنه كان يفهم معني النظرة في عيني والده ويتذكر اطراقته وصمته الناطق واضطرابه وهو يتذكر كيف تحولت لعبة الي حقيقة بشعة عبثا يحاول طردها من الذاكرة. يداهمه ضعف ووهن ولكن وجه امه وهي تتوسل وتتضرع الي ابيه بصوت هامس يأتي من مكان ما فيطرد الوهن ويملأه بقوة غريبة مسيطرة غاضبة لاتعرف الوهن.يتصبب عرقه غزيرا حين يتذكر ذلك الصوت المسكون بالقنوط وذلك الوجه الصغير الباكي وتلك الاحضان الدافئة التي انتزع منها بقوة حتي آلمه ذراعه... كان أصغر من ان يستطيع فهم ما يجري ولكن الذي ادركه هو ان تلك اللحظة كانت خطا فاصلا بين حياتين وان ذلك الحضن لم يضمه ثانية وانه لم ير وجهها ثانية أبدا.

  34.  
  35. #68
    عضو برونزي
    Array الصورة الرمزية صلاح سر الختم علي
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    ودمدني سابقا 114 ومايو
    المشاركات
    1,436

    (15)

    جائعا الي حنان حرم منه باكرا دون ان يفهم السبب، غاضبا بشدة دون ان يعرف لغضبه سببا واضحا ودون ان يتبين اتجاه غضبه، شب عاصم وحيدا (بروس) كما يقول لنفسه مشبها نفسه بالنخل البروس الذي يشب وحيدا دون رعاية مجرد نواة سقطت من فم أحدهم وتلقفتها تربة صالحة حتي اثمرت ورقة وحيدةكبرت وكبرت حتي باتت شجرة بعضهن يكن مثمرات بفضل جينات كامنة فيهن وبعضهن يكن عديمات النفع وبعضهن يصلحن فقط لتلقيح النخلات، وفي كل الاحوال يظل اللقب (البروس) ملتصقا بهن كالسبة أو الصفة الذميمة.كانت علاقته بابيه متوترة دائما ومختصرة عنده في ذلك المشهد الوحيد الذي تختزنه ذاكرته لوجه أمه الشاحب وهي تتوسل ويد ابيه وهي تنتزعه منها بقوة... كان يشعر في قرارة نفسه طوال سني طفولته الاولي ان ابيه مسؤول بشكل ما عن غيابها الطويل وعن تعاسته وغضبه
    لكنه لم يكن قادرا علي السير بالفكرة الي نهايتها أو مواجهة ابيه بأي وجه، بل احتمي مثل ابو القنفد بشوكه في مواجهة الاخرين فنشأ شرسا حاد الطباع عدوانيا الي ابعد الحدود مهابا من الصغار والكبار
    لما عرف به من شراسةوعدوانية و(مضرة) كما يقول الكبار والنسوة الغاضبات عليه بسبب ما فعله باولادهن.لكن الشئ الذي كان محيرا للجميع حتي ابيه كان هو جمعه بين تلك الطباع الحادة والنبوغ والتفوق في الدراسة، وحده كان يعلم السر فقد كان مهووسا بالتفوق وادراك الغايات، كان ثمة طاقة جبارة بداخله وأرادة لاتلين وعزم لايفتر.كان يشعر دائما ان اقرانه يتفوقون عليه بشئ ليس في مقدوره ادراكه بأثر رجعي،شئ لايوجد ضمن المقررات المدرسيةولا الالعاب التي يبددون بها اوقات الفراغ،شئ ذهب مع ذلك الحضن الدافئ حين ذهب مرة واحدة والي الابد.لم يكن سوى ابن وحيد
    وكانوا جميعا يملكون اخوةواخوات ويملأوون الديار ضجيجا، وحده كان مضطرا دوما للبحث عن الضجيج عند الاخرين ووحده كان يبقي في أمكنة اللهو الي أي وقت شاء دون ان تلاحقه أم ملهوفة أو شقيقة ملحاحة لتطلب منه العودة، كانوا يذهبون جميعا احيانا ويبقي البروس وحيدا حتي يدركه النعاس فوق شجرة تسلقها ثم ادركه تعب فغفا حتي حل الظلام وحين يصحو مفزوعا يتدلى هابطا الي الاسفل مرعوبا ويركض بلا توقف حتي الدار.

  36.  
  37. #69
    عضو برونزي
    Array الصورة الرمزية صلاح سر الختم علي
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    ودمدني سابقا 114 ومايو
    المشاركات
    1,436

    16

    قرأت نوال بصوت مسموع دون ان ترفع عيناها:
    (ما أقسي الوعي بالاشياء، ظللت ألهث عمري كله باحثا عن الحقيقة في الظلام ،كنت أحسب لجهلي انها ستحررني من ذلك العبء الذ ي حملته عمري كله راضيا ومتلهفا لازاحته ولكن!!!!!!ا)
    امتدت يدها اليه بالدفتر الذي كانت تتصفحه وعيناه متعلقتان بها في انتظار تعليق ما، لكنها لم تعلق وعوضا عن ذلك همست نوال( نمشي) وهي تنظر إلي النيل الذي ارتمي تحت اقدام الواقفين علي ضفته غير بعيد من مجلسها هي وعاصم محمود او (عاصم الحزين) كما كانت تسميه في مذكراتها الخاصة، قال عاصم بلهفة وأصرار (الوكت مر وسرقنا.. نقعد شوية يا نوال .....) ضحكت نوال ضحكة صافية يحبها كثيرا ويتصنع الاحداث كي يراها تعتلي صفحة وجهها وقالت:
    ما تبقي طماع ... كفاية ... خلي شوية لي بكرة... بالطريقة دي يوم يومين حنتونس في الطقس والسياسة بس)

    عبثا حاول استبقائها وباءت كل محاولات التحايل عليها بالفشل فنوال كانت مثل القادة العسكريين عندما تقرر شئيا ، لاتلتفت الى الوراء ابدا ولاتقبل الرجاءات. لذلك كان عاصم يشعر معها دائما بانه من المستحيل ان يتخذ أي قرار من أي نوع.لكنه كان سعيدا بذلك ، شئ ما كان يجذبه إلي نوال الكاشف بقوة ساحرةوغريبة، كان يلهث خلفها كما يلهث اطفال في ظهيرة حارقة خلف كرة صغيرة تلسعهم الشمس ويخترق الحصي أرجلهم الصغيرة الحافية ويتصببوا عرقا ولايكفون عن الركض خلف الكرة بسعادةمن ملك الدنيا وما فيها،مثلهم بات عاصم الذي جاء الي عالم القصة والشعر غازيا فطوي رايته واكتفي بالركض خلف نوال الكاشف ركضا في سباق غير متكافئ بين مهرة ممتلئة بالحياة وحصان عجوز تكاد أنفاسه تتقطع في أول السباق.كان يمسي طفلا في حضورها ، يشعرحيالها بشعور غريب لم يألفه ولم يعرفه أبدا، يشعر برغبة عارمة في أن يدفن رأسه في صدرها ويبكي كل دموع سنينه الماضية التي استعصت عليه، يشعر بالدموع دانية قريبة ويشعر ان نوال الكاشف أنثي يعرفها منذ الأزل، أنثي تعرف كيف تمسح شعره وتجعله مطمئنا وتمكنه من النوم بلا كوابيس، هذه المرأة من أين جاءت؟ من أين أتت بكل هذه السطوة عليه؟لم يشعر بالرغبة في الافضاء اليها بكل شئ، كل شئ ، حتي التفاصيل التافهة في حياته، حتي أفعاله القبيحة التي لا يعرفها أحد، حتي مشاعره التي لايعرف لها تفسيرا، كوابيسه ونزقه وجنونه وامنياته الشريرة واكاذيبه ودموع النساء اللائي سحقهن الفيل فيه كنملة لايستطيع رؤيتها ولايسمع عظامها وهي تتكسر تحت وطأة اقدامه .
    يتبع...............
    صلاح الدين سرالختم علي

    التعديل الأخير تم بواسطة صلاح سر الختم علي ; 14-09-2011 الساعة 09:08 AM
  38.  
  39. #70
    عضو ذهبي
    Array الصورة الرمزية تغريدا
    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    المشاركات
    4,363

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صلاح سر الختم علي مشاهدة المشاركة
    10
    كان المطر لايزال يتساقط لكن بشكل أقل حين ترجلت ندى من السيارة ورفعت يدها مودعة نوال التي أخرجت رأسها من نافذة السيارة ضاحكة وهي تقول يا مطيرة صيى لينا........)


    <!--[if gte mso 9]><xml> <w:WordDocument> <w:View>Normal</w:View> <w:Zoom>0</w:Zoom> <w:PunctuationKerning/> <w:ValidateAgainstSchemas/> <w:SaveIfXMLInvalid>false</w:SaveIfXMLInvalid> <w:IgnoreMixedContent>false</w:IgnoreMixedContent> <w:AlwaysShowPlaceholderText>false</w:AlwaysShowPlaceholderText> <w:Compatibility> <w:BreakWrappedTables/> <w:SnapToGridInCell/> <w:WrapTextWithPunct/> <w:UseAsianBreakRules/> <wontGrowAutofit/> </w:Compatibility> <w:BrowserLevel>MicrosoftInternetExplorer4</w:BrowserLevel> </w:WordDocument> </xml><![endif]--><!--[if gte mso 9]><xml> <w:LatentStyles DefLockedState="false" LatentStyleCount="156"> </w:LatentStyles> </xml><![endif]--><!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"جدول عادي"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
    **ماأجمل الحديث عندما تذكر فيه ذكريات الطفولة وأيام اللهو تحت المطر


    فضحكت ندي وهي تمد يدها للمطر المتساقط ووقفت ترقب العربة الصغيرة حتي غابت عن بصرها ثم استدارت علي مهل في طريقها الي البيت وصوت نوال يرن في أذنيها: ( هذا الرجل لايري غيرك.. كيف لاترين ذلك؟)


    **ويا لغرور الأنثى نعم أقولها عندما تشعر بإعجاب الرجل


    عبست حين تذكرت الجملة وابتسمت وهي تقول لنفسها: (اللعنة عليك يا نوال لابفوتك شئ حتي لو غاص بباطن الارض) وضحكت وهي تتذكر قولا أضحكها حتي أبكاها قالته رشا عن نوال الكاشف وهي تصف قدرتها العجيبة على معرفة الاسرار (دي تلقى عندها خبر العقرب والدبيب)

    أعجبتنى جداً جداً

    وأغرورقت عيناها بالدمع اكثر حين سألت رشا عن معني المثل فهزت الأخيرةرأسها ببرود وهي تقول لها( العرفني بيهو شنو .. سمعتو كدة وعارفا استعمالوا هنا....غايتو للمبالغة...) (الفول حبيب الشعب يحلو تحت المطر...نوال قامت باللازم ياحاجة..)
    عن نفسى حبيبى فى كل الأوقات(الفول)
    أستاذنا دوماً لك ودى وأحترامى....لى عودة

    التعديل الأخير تم بواسطة تغريدا ; 23-01-2011 الساعة 06:02 AM

    اللهم صلى وسلم على النبى الكريم وآله وأصحابه الطاهرين وأجمعنا بهم يوم الدين
    (ماندمت على شئٍ ندمي على يومٍ غربت شمسه, فنقص فيه أجلي, ولم يزد فيه عملي)


    كن فى الحياة كعابر سبيل
    وأترك وراءك كل أثر جميل فما نحن فى الدنيا إلا ضيوف
    وماعلى الضيوف إلا الرحيل



  40.  
  41. #71
    عضو برونزي
    Array الصورة الرمزية صلاح سر الختم علي
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    ودمدني سابقا 114 ومايو
    المشاركات
    1,436

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تغريد عبد العظيم مشاهدة المشاركة
    عن نفسى حبيبى فى كل الأوقات(الفول)
    أستاذنا دوماً لك ودى وأحترامى....لى عودة

    شكرا علي المرور المضئ لجنبات النص اختي تغريد

  42.  
  43. #72
    عضو برونزي
    Array الصورة الرمزية صلاح سر الختم علي
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    ودمدني سابقا 114 ومايو
    المشاركات
    1,436

    [size="6"] (17)

    نوال الكاشف كانت دنيا مختلفة ، كانت بروسا من نوع آخر، بروسا لايشكو اليتم أو الفقر، كانت تشكو قلة الحنان في بيتها ، كان أبوها مشغولا بتجارته وتنميتها عنها،كانت تجارته تزدهر فتزداد ساعات غيبته عن الدار، ينمو رصيده في البنك وتقل لمساته الحانية لبنته الوحيدة، يزداد لباقة في التعامل مع الزبائن واهتماما بمظهره ويزداد غلظة مع أهل بيته، كلما بكت نوال لتستبقيه اشتري لها دمية او أسورة أو فستانا جديدا ،أما نعمات أمها فقد انصرفت عنها إلي عالم من صنعها، عالم من النسوة المتباهيات بثيابهن وعدد الأساور الذهبية في معاصمهن ونقش الحنة في أيديهن وإقدامهن وكانت أحاديثهن تدور حول هذا العالم الصغير وتوابعه من جلسات دخان ومشاوير تصفيف شعر وجلسات نميمة طويلة تبدأ بالغائبة عن المجلس منهن ولاتنتهي أبدا،كانت نوال هناك علي هامش ذلك كله كما مهملا حين تكون الجلسات خارج القصر الخالي وتكون كما مهملا حينما تكون الجلسة بالقصر فتبدو أمها مشغولة بكل شئ وكل شخص إلا نوال. وحدها علوية الحنانة كانت تلعب دور الأم الحاضرة الغائبة، وحدها علوية كانت تري فيها أنسانا له حق الاستماع إليه ومحاورته والإجابة علي أسئلته. والغريب ان نوال لم تحقد علي أمها أبدا، لم تلمها أبدا، فقد كانت تعرف بطريقة ما أنها كانت مثيرة للشفقة والتعاطف أكثر من أي شعور آخر،كانت( نعومة) كما تسميها صديقاتها تعيسة ووحيدة طوال حياتها ربما اكثر وحدة من نوال نفسها، لم تكن متعلمة ولم تكن تملك فرصة أكثر من ذلك العالم الذي دارت فيه كثور في ساقية،كانت جميلة وكانت تدرك ذلك وكانت طول عمرها تقاوم الجفاف والتصحر كما يفعل النخيل في الشمال، وكلما ازداد اهتمام احمد الكاشف بتجارته زاد خوفها من غروب شمسها الوشيك وزاد شعورها بالوحدة والاهمال فازدادت مجهوداتها في الاهتمام بمظهرها، كانت ست الودع الخبيثة تغازل مخاوف نعومة في جلسات الأنس بقصص عن( الوحييد الذي تحاول البيضاء الطويلة ان تأخذه) وتحدثها عن اشياء كثيرة تلهب خيالا جامحا وتشعل مخاوف نائمة . وكانت نوال غير بعيد تراقب وتستمع ولاتفوتها نظرات النسوة الخبيثة المتبادلة خلف ظهر أمها. بل انها في مناسبات عديدة سمعتهن يتحدثن هازئات عن أمها في لحظات غيابها القصيرة عن مجلسهن. كانت تتمني في أحيان عديدة لو انها صاحبة الدار حتي تتولي طردهن شر طردة بعد ان تهجم عليهن وتدمي أوجههن بأظافر طويلة تشبه المخالب تعدها لذلك اليوم حتي تسيل دماءهن،كان ثمة نار مشتعلة بداخلها ضدهن وهي تراهن ينفقن الساعات الطوال مع أمها يتصنعن المحبة والصداقة ويجملن القبيح وينهشن الغائبات ويقضين سحابات النهار معها والموائد والمشروبات تروح وتجئ وهن كالأميرات وما أن تعطيهن ظهرا حتي ينهشنها كنسور تجمعت في خلاء حول جيفة. كانت نوال تحب نعومة وتشفق عليها من نفسها الطيبة التي لاتري في الناس الا ما يريدونها ان تري منهم ،وكانت نوال تظن انها تكره نعومة لضعفها امام ابيها وامام الناس أجمعين، ولكنها حين كبرت أدركت انها تكره الضعف وليس أمها ، وأدركت ان تلك الطفولة القاسية هي التي صنعت منها نوال الكاشف التي لاتهزها ريح.

    يتبع.............

    التعديل الأخير تم بواسطة صلاح سر الختم علي ; 27-01-2011 الساعة 08:50 AM
  44.  
  45. #73
    عضو برونزي
    Array الصورة الرمزية صلاح سر الختم علي
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    ودمدني سابقا 114 ومايو
    المشاركات
    1,436

    18

    أحزان نعومة الكبيرة كانت تلك التي اعقبت ذلك ،فقد عاشت عمرها كله مع احمد الكاشف مستكينة قانعة بالظل والمناطق المظلمة وما يجود به عليها من وقت واهتمام حتي فقدت قدرة الانثي علي السيطرةووضع الحدود ،احمد الكاشف كان طول عمره أنيقا مهتما بمظهره الذي يجسد هيبة موروثة لاسرة تتميز بالوسامة والحيوية الدافقةواضاف احمد الي ذلك الغني والصيت والعلاقات الواسعة والثقافة العميقة التي لاتقول ابدا ان صاحبها توقف قطار تعليمه دون الجامعة،وكانت طبيعة تجارته تحتم عليه التعامل مع نجوم المجتمع كواحد متميز منهم ،لذلك كله لم تلق نعومة بالا لتغيرات مهمة حدثت في حياة زوجها واعتبرت ذلك جزءا مهما من واجبات تجارته ولم يدر بخلدها أبدا ان احمد بات هدفا للطامعات ولم تتصور يوما انه سيفكر في غيرها أو ان تفكيره سيصل حد جلب ضرة لها، كانت تضحك حين تلمح الوداعية الي ذلك وينتهي الامر بالنسبة اليها كمزحة عابرة لاتتوقف عندها ،علوية الحنانة لاحظت وأدركت ولمحت وحذرت ولكن نعومة كانت لاتقبل شئيا من ذلك، حتي نوال أيقنت ان ثمة شئ ما يجري ، لم تكن صغيرة حين حدث ذلك الزلزال، كانت تلك أول سنة لها بالجامعة وكانت الجامعة تعج بقصص البنات الصغيرات اللائي يصطدن الرجال بحثا عن الامان وهروبا من مشاعر التلامذة التي تنتهي بالمشاوير الخائبة التي تنتهي بانتهاء الدراسةاو ظهور المغترب أو (الخوة فرتك) بلا سبب. ولكن نوال لم تكن تتخيل ابدا انها ونعومة سيكن ضحية لاحداهن أو لشعور متأخر بالاهمال اجتاح احمد الكاشف ولكن ذلك حدث ، افقن سويا ذات صباح ليعرفن أن هناك أنثي ثالثة باتت شريكة لهن في ساعات احمد الكاشف القليلة. تباينت ردود افعالهن : نوال قررت ان هدفها القادم هو طرد الدخيلة طال الزمن أو قل، اما نعومة فقد تورمت عيناها من البكاء وظلت تحادث نفسها وتنظر الي وجهها في المرآة بلا انقطاع كأنها تبحث عن السبب فيما حدث في تقاطيع وجهها.أما أحمد فلم يخالجه اي شعور بالذنب او بالحاجة الي تقديم تفسير ، كل ما فعله كان ان قام بتسجيل القصر الصامت باسم نعومة ونوال كتعويض وسلوي ومضي فخورا بنفسه كولي صالح قدم نفسه قربانا.قالت نوال لنفسها في تلك الليلة حين استعادت المشهد بكل تفاصيله : وجه أمها الشاحب ودموعها ووجه أبيها الجامد وهو يبلغها بتعويضه لها عن حياة كاملة(... الرجال يتصرفون دائما كالآلهة... يعتبرون أنفسهم كذلك وهم في الحقيقةمحض أشرار يا نوال....). في تلك الليلة عاهدت نوال نفسها بان تنتقم لنعومة وانها لن تسمح يوما لرجل مهما كان أن يطعنها في الظهر كما فعل أبوها بنعومة.

    التعديل الأخير تم بواسطة صلاح سر الختم علي ; 17-02-2011 الساعة 08:23 AM
  46.  
  47. #74
    عضو برونزي
    Array الصورة الرمزية صلاح سر الختم علي
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    ودمدني سابقا 114 ومايو
    المشاركات
    1,436

    19

    لم تعد نعومة كما كانت أبدا،كانت الصدمة كبيرة عليها أكثر مما تصور أي شخص،لاذت بالصمت وأكثرت من الدموع حين تكون وحيدة أو تظن انها كذلك في البدء، ثم أخذت في الانسحاب من حياة كانت محور أهتمامها كله،أعتكفت بالدار وقل خروجها وقل أهتمامها باستقبال زائراتها والتواصل معهن ، الي حد انها باتت تفضل البقاء بغرفتها وترسل من يعتذر عن حضورها ولم تفلح محاولات نوال في اقناعها بوجوب استئناف حياتها كأن شئيا لم يحدث حتي لاتتيح مجالا للنسوة الشامتات،كانت قبل ذلك سهلة القياد ميالة الي الأخذ بأراء نوال في كل صغيرة وكبيرة ابتداء من اختيار الثياب وانتهاء باخطر القرارات، لكنها بعد ماحدث باتت علي النقيض تماما عنيدة متحفزة وعدوانية ومعتدة برأيها وكأنها أدركت انها انما دفعت ثمن التسامح باهظا، شحب وجهها النضير سريعا وصارت الحنة الأنيقة في الأقدام الصغيرة محض آثار باهتة لاتدركها الا عين فاحصة وخبيرة.ثمة شئ ما أنكسر في داخلها فباتت تبدو أكبر سنا مماهي حقا وباتت زاهدة في أشياء كثيرة كانت تتعلق بها وتشكل محور حياتها وازداد اهتمامها بجوانب أخري من حياتها ، أزدادت نزعتها الروحية أكثر من ذي قبل وأصبحت الصلاة عندها صلوات مستمرة متقاربةحتي ظنتها نوال تصلي صلاة مستمرة بلا توقف فكلما دخلت عليها لتحادثها وجدتها مستغرقة في صلاة أو دعاء،كانت علوية الحنانة هي الوحيدة القادرة علي استعادة نعومة التي كانت حين تجئ فقد كانت نعومة تحبها محبة خاصة وكانت علوية تعرف كيف تخرجها من دائرة صمتها الي دائرة الحوار والممازحة، حينها فقط كانت نوال تشعر بان نعومة مازالت كما هي أصلا شاحبا لكنه مطابق للصورة.

  48.  
  49. #75
    عضو برونزي
    Array الصورة الرمزية صلاح سر الختم علي
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    ودمدني سابقا 114 ومايو
    المشاركات
    1,436

    (20)
    القي عاصم بكل ثقله باتجاه الظفر بنوال الكاشف، وضع كل خبراته السابقة وكل حياته قبلها جانبا وعاد مراهقا صغيرا يفعل المستحيل من أجل الحصول علي كلمة أهتمام صغيرةأو ايماءة أو ابتسامة، كان منجذبا الي عالمها كمجذوب في حلقة ذكر، وجد نفسه رويدا رويدا يصبح شخصا آخر جديدا عليه كل الجدة، ودودا ولطيفا وساعيا الي خطب ود الجميع كأنه مرشح يسعي لكسب أصوات الناخبين في زمن وجيز، كانت دائرته هي عالم نوال وكل من وما تهتم به،طول عمره كان يفخر بأنه هو قائد سفينة عشقه الذي يقرر متي شاء تركها في عرض البحروالقفز منها الي زورق من زوارقه الصغيرة ولكنه في هذه المرة خالف كل تقاليده وبات السفينة التي تقاد ولاتقود، والغريب انه كان راضيا بالتحول في موقفه ومدركا له، كان يجتاحه شعور غريب بان نوال الكاشف هي السفينة الاخيرة التي بمقدورها ان تقوده الي ضفة آمنة
    وأنها تمثل فرصته الاخيرة للعودة الي دائرة الناس العاديين التي خرج منها منذ زمان بعيد، كانت مشاعره نحو نوال شئيا غريبا ككل شئ في حياته،كانت بشكل ما تمثل له الأمومة المفقودة في حياته، كان في يقظته ومنامه يشعر بأنه في حاجة الي تلك الأمومة الكامنة فيها: ضحكتها، تلقائيتها، اهتمامها عندما يتكلم الاخرون وقدرتها علي سحرأالبابهم عندما تتكلم،كانت أمرأة مهرجان،عاصفة لطيفة في كل مكان حلت به وسكون متأمل وممتلئ بصورتها وحضورها الطاغي حين تغادر،كانت قادرة علي جعل الكل يتعلق بها ويشعر بها بصورة خاصة ويتملك كل حاضر أحساس غريب بأنها تخاطبه وحده بلغة خاصة غير مرئية للاخرين، كان أكيدا أنها تحتل الصدارة في احلام الرجال والصدارة في همس النسوة .مع مرور الزمن اكتشف عاصم انها وسط مئات المعارف المحيطين لها صديقة أثيرة واحدة هي ندى.لهذا السبب بات عاصم شخصا مختلفا مع ندى فقد كان يدرك ان نصف الطريق الي قلب نوال يمر عبر انطباعات ندى عنه وكان يعرف بطريقة ما ان ندى لا تطيقه وان من الصعب عليه تغيير ذلك الانطباع ولكنه كان لايزال يملك بقية من ثقته القديمة بقدرته علي صنع انطباع معين يرغب في صنعه متي أراد ذلك.

    التعديل الأخير تم بواسطة صلاح سر الختم علي ; 25-03-2011 الساعة 09:33 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
by boussaid