الرئيس محمد نجيب
أول رئيس جمهورية لمصر
في ود مدني دخل الكتاب وتعلم اصول القران والكتابه
************
اقترب الان من النهاية .. واحزم حقائبي استعدادا للرحيل ..
انني في الايام التي يكون فيها الانسان معلقا بين الارض والسماء ..
في تلك الايام التي يختفي فيها تاثير الجسد على البشر ويبقى نفوذ الروح ..
ويبتعد فيها الانسان عن المادة ويغطي نفسه بالشفافية .. وينسى الالم والدنيا
والسلطة والمال والولد ولا يتذكر الا الحق والتسامح والصدق والخير ..
انام على فراش .. واقرا على فراش .. واجلس واكل واتحدث مع زواري
واقاربي واصدقائي .. انه ما بقي لي في الدنيا واخر ما ساراه والمسه فيها ..
احيا ايامي الاخيرة مع امراضي وشيخوختي .. جسدي نحيف شهيتي
ضائعة .. بصري ضعيف ..حركتي نادرة .. النوم يخاصمني والارق
يرافقني .. ومع ذلك فالذكريات تلاحقني .. التفاصيل الصغيرة والكبيرة ..
وذاكرتي لا تزال تعذبني بكل ما رايتة وعشته منذ طفولتي الى الان..
انني انام ساعات قليلة جدا .. لا اتناول في الصباح سوى بيضة واحدة
مسلوقة .. وفي الظهر كوب من العصير .. وفي العشاء كوب اخر من
العصير .. اما الادوية فلا حصر لها .. دواء لفتح الشهية .. ولتصلب
الشرايين .. وفيتامينات .. وقطرة للعين .. واقراص مهدئة .. ودواء منشط
للكبد .. وادوية اخرى لا احب ان اسرد اسماءها ولا وظيفتها ..
ويومي الطويل .. وليلي الاطول .. اقضي ساعاتهما في القراءة .. قراءة
المصحف الشريف وقراءة دفاتري القديمة التى نجحت في الاحتفاظ بها سرا
طوال اكثر من 30 سنة .. واحيانا في قراءة كتب اليوجا والفلك ..
وفي هذه الحياة الرتيبة التي احياها جاءني بعض الاصدقاء ورحبت بهم ..
وتساءلت عن سر زيارتهم لي فاجابوا بانهم يطا لبونني بمذكرات كاملة اودعها
صفحات التاريخ .. وقد حاولت الاعتذار في اول الامر بانني قلت كلمتي من
قبل .. ولكنهم لم يقبلوا الاعتذار قائلين ان الكثير من الاوراق والوثائق
والذكريات لا تزال حبيسة في حوزتك .. وهي ليست ملكا خاصا لك
وحدك .. ولكنها ملك الاجيال الجديدة وملك التاريخ ..
وتركني الاصدقاء لافكر في الامر وحدي .. انني في ايامي الهادئة هذه لا
اريد ان اجرح احد .. ولا اريد ان اعبث بسكيني في جرح قد التام ..
وقلبت في اوراقي الخاصة .. وذاكرتي .. وقرأت ما نشرته من قبل , وما
نشر عني .. واحسست فعلا ان عندهم حق .. فهناك وقائع لم اجد من
المناسب ذكرها , وهناك تفاصيل تجاهلتها .. وهناك اسماء لم انشرها ..
وادركت انه قد بقي على واجب لا بد من ادائه قبل الرحيل .. ان اكشف ما
سترته .. وازيح ما واريته واكمل الصور التي اشرت الى وجودها ..
وبدات رحلتي الشاقة في التفتيش عن الاوراق والذكريات .. وفي مواجهة
الاخطاء التي وقعت فيها .. والعيوب التي لم اتخلص منها ..
لم اكن اتصور ان اعيش واكتب هذه المقدمة ..
ولم اكن اتصور ان الله سيمد في عمري الى هذه اللحظة .. لحظة قراءة هذا
الكتاب قبل ان تبتلعه ماكينات الطباعة ..
يمكنني الان ان اموت وانا مستريح البال والخاطر .. والضمير ..
فقد قلت كل ما عندي .. ولم اكتم شهادة .. ولم اترك صغيرة ولا كبيرة الا
كشفتها ..
ان هذا الكتاب سيعيش اطول مما عشت .. وسيقول اكثر مما قلت ..
وسيثير عني جدلا بعد رحيلي اكثر من الجدل الذي اثرته وانا على قيد الحياة ..
ولا يبق سوى ان تؤكد صفحات الكتاب صدق ما اقول .. اسال الله ان
يتجاوز عما قصرت ويغفر لي ما اذنبت ويتقبل مني ما وفقت فيه .
****************
هذه مقدمه لكتاب رات طبعته الاولى النور في سبتمر 1984 وكاتب هذه المذكرات ولد في يوم 7 يوليو 1902 بالخرطوم .
امه اسمها زهرة محمد عثمان من ام درمان تزوجها والده في عام 1900
كان جده لامه ضابط كبيرا في الجيش السوداني برتبة اميرالاي وكان قائد حامية بوابة المسلمية احدى معاقل الخرطوم الجنوبية ……..
والده اسمه يوسف وكان يعمل بالجيش السوداني برتبة ملازم اول الكاتب تنقل مع والده وهو في عمر الثلاث سنوات بين وادي حلفا وود مدني حيث كان الوالد مامورا للسجن .
في ود مدني دخل الكتاب وتعلم اصول القران والكتابه وبعدها انتقل مع والده الى سنجه وابو نعامه ودلقو .
في عام 1908 انتقل الى وادي حلفا حيث درس في مدرستها الاولية وكان ترتيبه في السنه الاولى السادس عشر وفي السنه الثانية الخامس عشر ورسب في السنه الثالثه بسبب عدم الاستقرار لتنقل والده من بلد الى بلد داخل السودان .
بعدها عمل والده بالرنك في اعالي النيل وعاد والده في 9 يونيو 1914 عن عمر 43 سنة برتبة يوزباشي .
***********
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
محمد نجيب
فترة الحكم: 23 يوليو 1953- فبراير 1954
سبقه: الملك فاروق / أحمد فؤاد الثاني (ملك صوري)
الرئيس الذي لحقه : جمال عبد الناصر
تاريخ الميلاد: 20 فبراير 1901
مكان الميلاد: الخرطوم ، السودان
محمد نجيب (1901 - 1984) هو أول رئيس جمهورية مصري (1953 - 1954)، لم يستمر في سدة الحكم سوى فترة قليلة بعد إعلان الجمهورية (يوليو 1953 - نوفمبر 1954) حتى عزله مجلس قيادة الثورة ووضعه تحت الإقامة الجبرية بقصر الاميره نعمه بضاحيه المرج شمال القاهره. بعيداً عن الحياة السياسية. وكان اللواء اركان حرب محمد نجيب هو أول حاكم مصري يحكم مصر حكما جمهوريا بعد أن كان ملكيا بعد قيادته لثورة 23 يوليو التي انتهت بخلع الملك فاروق . أعلن مباديء الثورة الستة وحدد الملكية الزراعية . وكان له شخصيته وشعبيته المحببة للشعب المصري . حتي قبل قيامه بقيادة الثورة لدوره البطولي في حرب فلسطين. مما أضفي للثورة مصداقية وحقق لها النجاح عند قطاع عريض من طوائف الشعب المصري.
نشأته
يعتبر محمد نجيب مصريا لأن أباه مصري رغم أن والدته كانت من أصل سوداني، إذ كان وقتها شعب وادي النيل يتكون من مصر والسودان معا، فيما عرف باسم مملكة مصر والسودان، ولم يكن يوجد وقتها ما يسمي بالجنسية السودانية. الجدير بالذكر أن الرئيس الراحل انور السادات كانت أيضا والدته سودانية، لأن السودان ومصر كانا شعب وادي النيل وقتها. ولد محمد نجيب في عام 1901 في السودان. ظهرت وطنيته أثناء دراسته الابتدائية، إذ دخل في نقاش مع أحد مدرسيه الإنجليز حول من يحكم مصر، فحكم عليه الأستاذ الانجليزي بالجلد، وفعلا تم تطبيق الحكم. اضطر محمد نجيب للعمل بعد وفاة والده ليعول نفسه وعائلته، ثم قرر الالتحاق بالكلية الحربية ، وعمل في ذات الكتيبة المصرية التي كان يعمل بها والده في السودان.اكتشف بعدها أنه لا يعدو كونه خادماً مطيعاً لأوامر الاحتلال البريطاني، ولذا آل على نفسه أن يكمل دراسته بمجهوده الفردي حتى حصل على البكالوريا. حاول الخروج من حياته العسكرية بالتحاقة بمدرسة البوليس، وفيها تعلم القانون واحتك بمختلف فئات الشعب المصري، لكنه قرر العودة إلى صفوف الجيش مرة أخرى.عاد بعدها إلى السودان، وهناك عمد إلى دراسة العلاقة ما بين مصر والسودان، وألف كتاباً تناول فيه مشكلات السودان وعلاقتها بمصر.تم نقله بعدها إلى الحرس الملكي، وحصل بعدها على ليسانس الحقوق، ثم تزوج بعدها وانجب أبنين أحدهما قتل بطريقة غامضة.
أسباب قيام الثورة
كانت مصر محكومة من الملك فاروق، والذي كان يتلاعب بالوزارات، يحلها تارة ويغيرها تارة أخرى، ثم جاءت حرب/نكبة فلسطين في عام 1948 ودار فيها ما دار من خيانات وتقاذف المسؤولية عنها، القصر تارة والمحتل البريطاني تارة والأحزاب السياسية تارة ثالثة . شارك محمد نجيب في حرب فلسطين وأصيب فيها ثلاث مرات وحصل على رتبة لواء أركان حرب ومنح لقب البكوية لما أبلاه في هذه الحرب الذي أصيب بها.عاد ضباط الجيش المصري بعد هذه النكبة مصدومين من كم الخيانات الصادرة من المحتل، فعزموا على إنقاذ مصر مما هي فيه من هوان ومذلة، وشاركوا اللواء أركان حرب محمد نجيب أفكارهم ونواياهم فوافقهم وشاركهم العمل لتخليص مصر من الاحتلال ولتحكم مصر نفسها بنفسها. وكان يرعي وقتها تنظيم الضباط الأحرار، وتحدي الملك فاروق وفاز في انتخابات رئاسة نادي الضباط رغما عن الملك الذي شعر وقتها أن الجيش أخذ يتحداه.
كانت مصر بعد حريق القاهرة في يناير 1952 تمر بفترة قلاقل سياسية متعاقبة، وكان المصريون يتطلعون للتغيير. نتيجة للشعبية التي نالها محمد نجيب وسط الضباط الأحرار. مما جعل الملك فاروق يرشحه ليكون وزيراً للحربية قبل أيام من إندلاع ثورة 23 يوليو 1952.
أول رئيس للجمهورية
بعد نجاح الثورة، رأي محمد نجيب أن يعود الجيش إلى ثكناته، وأن تعود الحياة النيابية لسابق عهدها و هو ما أشعل الخلاف داخل مجلس قيادة الثورة لخوف الضباط من سيطرة حزب الوفد و جماعة الإخوان على السلطة و عودة الأمور لسابق عهدها.
في نوفمبر 1954، قرر مجلس قيادة الثورة عزل محمد نجيب من رئاسة الجمهورية لأول مرة مما أثار سلاح الفرسان و طوائف عريضة من الشعب وطالبوا بعودته . فعاد ثانية يعد إسبوع من عزله.
وضع محمد نجيب تحت الإقامة الجبرية في قصر في ضاحية المرج المنعزلة وقتها، مع منعه تماماً من الخروج أو من مقابلة أياً من كان، حتى عائلته . وظل علي هذا الحال إلي أن أفرج عنه السادات بعد حرب 1973.ورغم هذا ظل السادات يتجاهله تماما.
كان يعتبر في نظر السودانيين رمز وحدة وادي النيل لأن أمه سودانية ولأنه عاش بينهم. و كان الاعتقال أحد أسباب ميل السودانيين للانفصال عن مصر. وكان مجمد نجيب يحكم مصر عندما وقعت اتفاقية الجلاء عام 1954. رحل محمد نجيب في عام 1984 وفي هدوء بعدما كتب مذكراته شملها كتابه المعنون: كنت رئيساً لمصر، في شهادته للتاريخ، ويُشهد له أن كتابه خلا من أي اتهام لأي ممن عزلوه.
يرى الكثيرون أن الرئيس محمد نجيب كان الواجهة البراقة التي استخدمها الضباط الأحرار بقيادة جمال عبد الناصر للإعلان عن أنفسهم و أنهم تخلصوا منه عندما استنفذ أغراضه و هو امر وارد في السياسة و الثورات في رأيهم, بينما يرى آخرون أنه ظلم ظلماً شديداً هو و أسرته من قبل عبد الناصر و رفاقه لوقوفه مع الديمقراطية و الحياة النيابية.
*************
07-25-2005,
يرحم الله محمد نجيب..
زرته في صيف عام 1975م.
وسألته عن الكلاب التي كانت تأخذ راحتها عنده بالكامل.. فقال لي: إنها أوفى من الإنسان!!..
وسألته عن علاقة جمال عبد الناصر بالإخوان المسلمين.. فقال لي: كلنا كنا إخوان مسلمين.. وأنا أعلم أن كلمة "كلنا" لا تعني معناها الحرفي..
وسألته عن أنور السادات.. فقال لي: طلع أشطر مني ومن جمال!!..
وأهداني نسخة من كتابه (كلمتي للتاريخ). وصرح لي بأنه لم يكن راضٍ عنه لأن يد العبث امتدت إليه..ولذلك رفض أن يوقع لي عليه.. ولا شك أن عادل حمودة أضاف بتحريره كتاب (كنت رئيسا لمصر) كثيراً من التفاصيل ولكنها لم تخرج في مجملها عن الخط العريض لكتاب (كلمتي للتاريخ)..
وعدما قرأت عليه جزءاً مما كنت أحفظه من قصيدة أحمد محمد صالح.. انفعل وقال لي: أنت جئتني من أين؟؟.. قلت له لماذا؟. قال: أصلك ذكرتني أصدقائي وأثرت شجوني..
والقصيدة المذكورة كانت ممنوعة في عهد عبد الناصر.. وأشك ، ولست متأكداً ، أنها نشرت في مصر حتى بعد رحيل عبد الناصر.. وأنا لا أحفظها.. ولكن مما أذكره منها قول الشاعر:
ما كنت غـــــدارا ولا خوانا . . . كلا ولم تك يا نجيب جـــــبانا
يا صـــاحب القلب الكبير تحية . . . من أمة أوليتها الإحســـــــانا
الثورة الحـــمقاء كنت صمامها . . . من كل شائبة وكنت ضمانا
أخذت من اسمك روحها وحياتها. . . ومضت فكانت رحمة وحنانا
يا ويح مصر ما دهى أبناءها . . . فمضوا على أحقادهم عميانا
ركبوا رؤوســــهم فكانت فتنة . . . هوجاء ما تركت لهم إخوانا
باعوا رئيسهم ورمز كفاحهم . . . بيع السـماح وحالفوا الشيطانا
ومضى كبيرهم يفاخر جهرة . . . بصنيعه متبجحــا فــــــتانا
نشوان من خمر الشباب وحسبه... أن كان من خمر الهوى نشوانا
قالوا أردت تســــــلطا وتجبرا . . . ومشيت تبغي الحياة والسلطانا
كذبوا فعرشك في القلوب مكانه . . . أتريد من بعد القلوب مكانا
هل يحجبون الشمس في إشراقها . . . أو يطمسون جمالها الفتانا
ما حطموك و إنما قد حطموا . . . أمل البلاد وصوتها الرنانا
هذا جزاء المحسنين وقلما . . . تلقى على إحسانك الإحسانا
والأستاذ أحمد محمد صالح هو عضو أول مجلس سيادة (رئاسة الدولة) في السودان وهو شاعر فذ جارى الجارم عند زيارته السودان بقصيدته المشهورة التي قال فيها:أخلفت يا حسناء وعدي وجفوتني ومنعت رفدي
فينوس يا رمز الجمال ومتعـة الأيـام عــــندي
لما جلوك على الملأ وتخيروا الخطاب بعدي
هوعوا إليك جماعة وبقيت مثل السيف وحدي
استنجز الوعد النسيم وأســــأل الركبان جهدي
يا من رأى حسناء تخطر في ثياب اللازوردي
لو كان زندي واريـــا لتهيبوا كفـــي وزنـــدي
أو كان لي ذهب المعز لأحسنوا صلتي وودي
هذي اليراعة في يدي لو شئت صارت ذات حد
أو شئت سالت علقما سماً يري عند التحدي
ولعل الذي يهم هنا أنه كان من حزب الأمة الذي كان يتبنى الدعوة إلى الاستقلال الكامل في مواجهة الأحزاب الاتحادية التي كانت تتبنى خيار الاتحاد مع مصر ..عندما كانت الأيام أيام والآمال آمال.. وبالرغم من ذلك قال في نجيب ما قال..
كان نجيب المثال الحي على خذلان الإنسان لأخيه الإنسان وعلى الظلم الفادح تراه العينان.. وكان نجيب لي درساً في أن السياسة "ما تسواش"..
عندما توفي نجيب ، ذكرت جريدة الشرق الأوسط ، فيما أذكر ، أنه لم ينل تكريماً في حياته غير أن السودان سمى أكبر شارع في الخرطوم باسمه..
وأضيف أنا.. أنه لم تحقق له حتى أمنيته بعد الموت..فلقد تمنى ووصى في كتابه (كلمتي للتاريخ) أن يدفن في ساقية أبو العلا بالسودان بجوار قبر أبيه..
ولكن العزاء أن حبه مدفون في قلب كل سوداني..
يرحم الله محمد نجيب..
أبن زهرة محمد عثمان
المفضلات