حنتوب مدرسة حكمت السودان .. وشكلت تاريخه الحديث..!!
مدرسة حنتوب الثانوية ، وادي سيدنا الثانوية ، وخورطقت الثانوية ، مدارس لها تاريخ تليد ، كان له اكبرالاثر في تشكيل الحياة الساسية ، والاجتماعية ، والثقافية ، والدينية ، وكانت سوداناً مُصغراً جمع الطلاب من مختلف بقاع السودان..
اثناء تصفحي في الشبكة العنكبوتية وجدت هذه المقالة التوثيقية التاريخية الهامة بالصدفة في صحيفة الامارات اليوم ، ودهشت لهذا السرد التاريخي الشيق ، الذي استفدت منه الكثير من المعلومات التي كانت غائبة عني ...
لذلك آثرت نقلها اليكم هنا لتنالوا منها النفع والفائدة ، وكذلك من اجل التوثيق لهذا المرفق الحيوي الهام ، الذي اصبح بصمة في تاريخ السودان الحديث...
هيا بنا معاً لنبحر في قلب هذا المقال الشيق...
مدرسة حنتوب الثانوية لعبت دوراً كبيراً في تاريخ السودان، وشكّل خريجوها ونظيرتاها (وادي سيدنا) و (خورطقت) ، قادة الطيف السياسي، الحاكم والمعارض، وكانت سوداناً مُصغراً جمع الطلاب من أقاليم الشرق والغرب والشمال والجنوب.
في النصف الثاني من أربعينات القرن الماضي أنشأ المستعمر الإنجليزي مدرستي حنتوب في مدينة مدني (وسط السودان) وخورطقت في الأبيض (غرب السودان) وقبلهما مدرسة وادي سيدنا (شمال الخرطوم)
*.. في حنتوب مش حنتوب ..*
إسماعيل الأزهري أول رئيس حكومة وطنية للسودان (1954-1956) بعد الاستقلال، ورئيس مجلس السيادة (1965-1969) ، كان يعمل معلماً ، وأراد المستعمر إبعاده عن بؤرة الضوء في العاصمة لأنه يشكل خطراً سياسياً ، فتم نقله إلى مدرسة حنتوب الوليدة ، فقال الأزهري قولته الشهيرة (في حنتوب مُش حنتوب) إصراراً منه على مواصلة النشاط المناهض للاستعمار..
حنتوب التي بناها المستعمر على نسق معسكرات الجيش في عزلة عن ضجة المدينة وصخبها ، متجذرة في ذاكرة وجدان الشعب السوداني منذ تأسيسها.
خرّجت أغلب القيادات التي قادت السودان في الحقب المختلفة ، وتبوأت الذرى في مجالات السياسة والطب والقانون ، أسماء عريقة وذائعة الصيت ارتبطت بالمدرسة...
حينما تُذكر حنتوب يذكر اسم الرئيس السوداني السابق جعفر نميري الذي حكم السودان 16 عاماً (1969-1985) ، ورئيس حزب المؤتمر الشعبي حسن الترابي ، والسكرتير العام للحزب الشيوعي محمد إبراهيم نقد (أخطر ثلاثة من قادة السياسة والفكر والجدل في السودان) ، وأيضاً رئيس الوزراء في الحكومة الانتقالية بعد انتفاضة 6 أبريل( 1985-1986) الجزولي دفع الله ، والمقدم بابكر النور الذي عين رئيساً في انقلاب الشيوعيين في يوليو 1971م ، وأحمد ابراهيم دريج حاكم إقليم دارفور السابق ، ورئيس التحالف الفيدرالي المعارض ، وميرغني النصري عضو مجلس رأس الدولة السابق ، ومحجوب محمد صالح شيخ الصحافة السودانية ، والصحافي والمفكر عبدالله زكريا ، وغيرهم من القائمة الطويلة.
حنتوب وحدها التي دفعت بثلاثة من طلابها ليصبحوا رؤساء القضاء بالسودان ، هم خلف الله الرشيد وفؤاد الأمين ، وعبيد حاج علي..
ودفعت بأربعة آخرين تقلدوا منصب وزير العدل هم حسن الترابي ، وعبدالسميع عمر ، وعبدالمحمود صالح ، وعبدالعزيز شدو..
ودفعت حنتوب أيضاً بأربعة من خريجيها ليصبحوا مديرين لجامعة الخرطوم ، هم البروفيسور علي فضل ، والبروفيسور عمر بليل ، والبروفيسور التنقاري ، والبروفيسور عبدالملك..
*.. الرئيس والمطارد ..*
في عام 1973 احتفل خريجو حنتوب بالعيد الفضي للمدرسة ، ولبى الدعوة من بريطانيا مديرها الأول وواضع نظامها ، الإنجليزي مستر براون ، وامتلأت ردهات المدرسة بطلابها القدامى يتقدمهم الرئيس نميري في عهد زعامته ، وجاء زميل دفعته القديم وغريمه المطارد ، والمطلوب لدى الأمن محمد إبراهيم نقد من مخبئه مشاركاً في الاحتفال ، بعد أن أعطي الأمان وأدار المباراة الرئيسة مساعداً أول لحكم المبارة التي شارك فيها نميري لاعباً..
وفي واحدة من زيارات نميري الى لندن قدمت له ملكة بريطانيا الملكة إليزابيث ، الدعوة ليتناول معها وجبة الغداء ، وسمحت له بدعوة مواطنين إنجليز ، فدعا نميري ناظر مدرسته المستر براون ، الذي حين جاء ودخل على الملكة في حضور نميري بكى وقال ، (لم أصدق قط ان أدخل الى ملكة بريطانيا وأتناول معها الغداء، وأنا الذي كنت حين أسمع ان الملكة ستطل على الجماهير من فوق شرفتها أقف منذ الصباح حتى يتسنّى لى رؤيتها). واعتبر براون الدعوة بمثابة وفاء من تلميذه.
*.. والد غوردن براون ..*
يقول مؤلف كتاب (حنتوب) الأستاذ النور موسى إن مستر براون صاحب البصمات في الشخصية السياسية السودانية وعاشق حنتوب ، ربى ابناءه فيها ، ومنهم غوردن براون رئيس وزراء بريطانيا السابق ، الذي عاش طفولته بالمدرسة ، وعند تعيينه وزيراً للخزانة في حكومة توني بلير الأولى بعثت رابطة خريجي حنتوب بخطاب تهنئة بالتكليف لغوردن براون..
وكان منزل مستر براون في (حنتوب) هو المنزل رقم (10) وتم ترقيمه هكذا على غرار رقم مقر رئيس الوزراء البريطاني في شارع (داوننج) بلندن..
*.. أغداً القاك ..*
لم تكن حنتوب تخرّج سياسيين ، ومهنيين فقط ، لكنها خرّجت مبدعين أيضاً لعل أبرزهم الشاعر (نجار المدرسة) آنذاك حميدة أبوعشر الذي كتب أجمل أغاني الفنان الراحل إبراهيم الكاشف (وداعاً روضتي الغنّاء وداعاً معبدي القدسي) لحنتوب بعد نقله منها..
ومن الشعراء الذين ارتبطت أسماؤهم بحنتوب الشاعر الهادي آدم الذي عمل فيها أستاذاً للغة العربية وغنت له أم كلثوم قصيدته (أغداً ألقاك) ، وأيضاً محمد عوض الكريم القرشي الذي كتب كلمات (حنتوب الجميلة) ، والشعراء صلاح أحمد ابراهيم والنور عثمان أبكر ومحمد عبدالحي.
حنتوب كانت في زمانها مثل جامعة (أوكسفورد) البريطانية ذيوعاً وصيتاً ، في السودان وخارج السودان ، خرّجت طلاباً من أقاليم الشرق والغرب ، والوسط والشمال ، والجنوب على اختلاف أعراقهم وعاداتهم ، ولم تكن لأبناء السودان وحدهم ، كانت أيضاً لأبناء حضرموت ، واليمن ، والصومال ، وإثيوبيا ، ويكفي ان أول سفير للصومال بالسودان وهو عبدالرحمن محمد كان من خريجي مدرسة حنتوب.
مع خالص تحياتي .. ود..نقد ،،
المفضلات