النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: أطفال ولكن!!!!قصة قصيرة/صلاح الدين سر الختم علي

     
  1. #1
    عضو برونزي
    Array الصورة الرمزية صلاح سر الختم علي
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    ودمدني سابقا 114 ومايو
    المشاركات
    1,436

    أطفال ولكن!!!!قصة قصيرة/صلاح الدين سر الختم علي



    أطفال ولكن!!!!
    قصة قصيرة/صلاح الدين سر الختم علي
    كان احمد دمبارة طريحا علي بساط احمر قان من دمه وهو يئن في هجير لافح وبندقيته مرمية علي مبعدة منذ طارت من يده عاليا كحمامة وسقط هو وتعالي دوي الانفجارات واستحال المكان كتلة حمراء من اللهب، أرتطم شئ ما بصلبه بقوة فصرخ باعلي صوته من الألم ، كان شئيا يشبه عبور لهب من النار بداخله،طار مثل بندقيته وارتطم بجذع شجرة محترقة وسقط علي الارض. هناك في المنطقة الفاصلة بين الموت والحياة مرت حياته بذهنه كومضة خافتة،لمعت قريته الصغيرة بريفي (الطينة) في الذاكرة أكواخا صغيرة من القش وسط بساط أخضر ورمال ، وجه جدته النحيلة الفارعة الطول ملتمعة العينين وهي تمتطي حمارها المحمل بقش اصفر شاحب وأسنانها البيضاء تلتمع، يتداخل وجه جمل يمتطيه والده ويهتم به أكثر من اولاده، كان ثمة شبه بين وجه الجمل ووجه جدته، شئ ما في العيون يبدو مشتركا، شئ ما في االقدرة علي الاحتمال يبدو مشتركا، كان ابيه يحكي عن جمله قصصا اقرب إلي الخيال، عن لصوص واجههم معه وعن حروب قبلية خاضها معه وعن قدرته علي معرفة الاخطار الكامنة وكيف انه يميز صوت السيارات ويعرف الاختباء منها وكيف انه كان يكفي ان يصفر بشفتيه فيأتيه راكضا كالسهم ويحمله بعيدا من وسط الاعداء،ويتذكر احمد صديقه اب قرشين ذي البنية الضئيلة، لايعرف احد في القرية اسمه الحقيقي ولا سبب تسميته ولايستنكر هو علي أحد مناداته بذلك الاسم،كان رفيقا دائما لاحمد في رحلاتهما سويا مع بهائم اهلهم بحثا عن مرعي صالح، كان الرعي مخاطرة اكثر من مخاطرتهما الحالية، الاودية والصحاري ملئية بالاخطار والعيون الكامنة ومن تغفل عينه عن ماله أو عن نفسه يهلك، هكذا قال لهم الكبار: ناموا وعيونكم مفتوحة!! قال اب قرشين ببراءة: وكيف ننام وهي مفتوحة؟ لم تجبه سوي ضحكات ساخرة. ولكن القرية لم تدم لهما طويلا، عادا ذات يو م من رحلة رعي طويلة إلي القرية فلم يجدا سوي أرض محروقة يتصاعد منها الدخان وتحوم حولها الغربان، حيوانات نافقة واعواد متفحمة وأواني محترقة ودجاج مذعور،ليس هناك أثر للحياة التي كانت،جالا في المكان طويلا ولم يجدا شئيا. فقط شئيا واحدا استطاعا تمييزه، كان جمل والده ممددا جثة هامدة تحتل حيزا ضخما مثلها وكانت أحشاؤه بارزة والذباب متجمعا فوقه لايزال كأنه متجمع فوق أناء طعام, كانا لايزالا في الثانية عشر من عمرهما حين باتا بلا بيت ولا اهل بهذه الطريقة ، ركضا أبعد ما استطاعا عن المكان ولم يتذكرا البهائم الا بعد ان بات المكان لايري لهما، لم يكن بوسعهما الرجوع او التمهل فقد كانا يدركان بخبرتهما القليلة أن من فعلوا بأهلهم ذلك ليسوا بعيدين وأنهما أذا لم يلزما جانب الحذر هالكان لامحالة، كانت تطوف بمخيلة كل منهما عبر حكايات الجدةوالاهل صور اطفال بقرهم المهاجمون بالحراب وعن أطفال قطعت أيديهم وجعلت أداة لضرب النوبة* المصنوعة من الجلد، فتحسس كل منهما عنقه ويده دون ان يشعر ونظر كل منهما للاخر وقد ادرك ماجال بذهن رفيقه دون كلام و أطلقا ساقيهما للريح وهما يتلفتان يمنةويسرة وخلفا واماما. كان مكتوبا لهما ان يعيشا وان يبلغا( الطينة)* اشعسين أغبرين جائعين وظامئين. ولكنهما باتا بامان. فالطينة ليست ارضا معادية وقد تمكنا من الالتحاق بالعمل في قهوة تقدم الطعام والشاي والقهوة ومكانا للمبيت للهاربين من الحرائق.بدت الحياة تبتسم وصار احمد دمبارةواب قرشين من معالم الطينة ولكن كل شئ سرعان ما تبدل حين وقفت ذات يوم عربة زدواي صفراء اللون أمام القهوة ونزل منها رجال يلبسون زيا عسكريا، ركض بعض رواد القهوة بعيدا واطلقوا سيقانهم للريح وركض خلفهم بعض من كانوا بالعربة ولم يفهم اب قرشين واحمد شئيا الا حين اجبرا علي الركوب في العربة وتحركت العربة بهما مع اخرين فعلموا ان العربة تقوم بجمع الشباب للانضمام إلي حركة التحرير من الحكومة. همس اب قرشين في أذن احمد: اخيرا سيكون لي بندقية. لم يرد احمد . انتهت الرحلة وسط غابة صغيرة، ثمة عربات مسلحةورجال مدججون بالسلاح ووجوههم ملثمة ومغطاة بالغبار. كان ثمة قدور علي نار وثمة ضجيج وضحكات وكأن المكان دار عرس أو عزاء. وهكذا صار احمد دمبارةواب قرشين جنودا في حرب لايعرفا عنها شئيا الا انها ضد من أحرقوا قريتهما وان الحكومة معهم. لكن اب قرشين لم يحصل علي بندقية كما اراد ، فقد اوكلت اليهما مهام مماثلة لمهامهما في القهوة من صنع للطعام والشاي مضافا اليها مهام أخري مثل نقل للجرحي والقتلي اثناء الاشتباكات علي نقالات خشبية إلي عربة الزدواي التي تستخدم في نقلهم إلي مكان بعيد، كانت الايام الاولي قاسية جدا خاصة عيون الموتي حين نكون نعرفهم قبل موتهم كما قال له اب قرشين كانه قرأ افكاره.
    يتذكر احمد الآن عيون اب قرشين بعد موته ... كم كانت عيونك باكية يا صديقي وكم كان موتك قاسيا وفاجعا؟! تري من سيري عيني حين أموت؟

    تري هل رأي احد عيني أبي حين مات؟!!


    صلاح الدين سر الختم علي


    1/4/ 2011

    * الطينة مدينة حدودية سودانية تقع في شمال دارفور علي الحدود السودانية التشادية * النوبة: اداة تصنع من الجلد وتستخدم كطبل لاستدعاء الجنود للحروب القبلية وتستخدم وقت السلم كاداة موسيقية.

    التعديل الأخير تم بواسطة صلاح سر الختم علي ; 03-04-2011 الساعة 11:46 AM
  2.  
  3. #2
    عضو فضي
    Array الصورة الرمزية انور النور محمد
    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    الدولة
    مدني المدنيين... اركويت
    المشاركات
    1,459

    كثيرا جدا ما اعشق رصف المفردات وتشكيل التفاصيل في كل ما تكتب
    ولكن ما اعجبني واثار حمية نهمي الى الاشباع حد التخمه ( قفلة ) القصه
    فعدت الى البدايه رغم عني اعيد المتعه التى قيدتني هنا

    ترى من سيرى عيني حين اموت

    استاذي الجليل
    الاديب المفن البارع
    صلاح سر الختم


    لك اجل التقدير على هذا الزخم الابداعي الذي لاينقطع
    دائما انتظر وغيري الق الضياء القادم من يراعك المتمكن

    لك دوما محبتي

    يا من لطفت بحالي قبل تكويني........ لاتجعل النار يوم الحشر تكويني


  4.  
  5. #3
    عضو برونزي
    Array الصورة الرمزية صلاح سر الختم علي
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    ودمدني سابقا 114 ومايو
    المشاركات
    1,436

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة انور النور محمد مشاهدة المشاركة
    كثيرا جدا ما اعشق رصف المفردات وتشكيل التفاصيل في كل ما تكتب
    ولكن ما اعجبني واثار حمية نهمي الى الاشباع حد التخمه ( قفلة ) القصه
    فعدت الى البدايه رغم عني اعيد المتعه التى قيدتني هنا

    ترى من سيرى عيني حين اموت

    استاذي الجليل
    الاديب المفن البارع
    صلاح سر الختم


    لك اجل التقدير على هذا الزخم الابداعي الذي لاينقطع
    دائما انتظر وغيري الق الضياء القادم من يراعك المتمكن

    لك دوما محبتي
    اخي الكريم طيب النفس والنفس انور
    مرورك شهقة ضو في كهف مظلم فلك عاطر مودتي وتقديري وسعادتي بكلماتك وقراءتك

  6.  
  7. #4
    وسام التميز الثقافي

    Array الصورة الرمزية مصطفى هاتريك
    تاريخ التسجيل
    Aug 2009
    المشاركات
    2,423



    الأستاذ

    صلاح سر الختم

    أذكر أن المخرج ( يوسف شاهين ) كتب في نهاية أحد أفلامه ما يلي:

    حاولت أن أقدم فيلما خيالي ولكن ( الطبع يغلب التطبع )

    أستاذي صلاح أنت تكتب كمن يوثق أو كناقل بالصورة حدثا حيا

    وهذا إبداع ليس بعده إبداع ............................

    منو الزيك ولد وإستالد الأولاد
    منو الزيك بجيبم ديمة عشرة أنداد
    منو الزيك ببز الدنيا موية وزاد
    منو الزيك ضروع وزروع ونيل مداد
    منو الزيك بطانة وغـابة دون حداد
    منو الزيك سهول وادي وجبال أوتاد
    منو الزيك أصل موروث من الأجداد
    منو الزيك جراتق دم قُــدام وجداد
    قشي الدمعـة يا بت الرجال ما بحكموك أولاد
  8.  
  9. #5
    عضو برونزي
    Array الصورة الرمزية صلاح سر الختم علي
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    ودمدني سابقا 114 ومايو
    المشاركات
    1,436

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مصطفى هاتريك مشاهدة المشاركة


    الأستاذ

    صلاح سر الختم

    أذكر أن المخرج ( يوسف شاهين ) كتب في نهاية أحد أفلامه ما يلي:

    حاولت أن أقدم فيلما خيالي ولكن ( الطبع يغلب التطبع )

    أستاذي صلاح أنت تكتب كمن يوثق أو كناقل بالصورة حدثا حيا

    وهذا إبداع ليس بعده إبداع ............................
    اخي مصطفي يسعدني دوما مرورك المتألق وقراءتك العميقة وحقا ليس كل ما نكتبه من بنات الخيال
    بل بعضه صور حقيقية منتزعة من الذاكرة التي اختزنتها من الحياة لتخرج يوما ما بالقلم في مخاض عسير
    لذلك تبدو الصورة واقعية كأصلها الواقعي

  10.  
  11. #6
    عضو ذهبي
    Array الصورة الرمزية تغريدا
    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    المشاركات
    4,363

    أستاذى مررت مروراً سريعاً وبالتأكيد لى عودة مرورية أخرى متأنية لك دوماً أحترامى


    اللهم صلى وسلم على النبى الكريم وآله وأصحابه الطاهرين وأجمعنا بهم يوم الدين
    (ماندمت على شئٍ ندمي على يومٍ غربت شمسه, فنقص فيه أجلي, ولم يزد فيه عملي)


    كن فى الحياة كعابر سبيل
    وأترك وراءك كل أثر جميل فما نحن فى الدنيا إلا ضيوف
    وماعلى الضيوف إلا الرحيل



المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
by boussaid