في الغياب بعض من الذي لا يألفه القلب .. في الغياب دفء يتسرب الى اوصالك .. دفء كاذب .. رغبة تأخذك من حيث نويت الى كمين القلق .. الى المدن التي حفظت تقاسيم وجهك البائس وأدرجتك في بطاقات تموينها في خانة الذي لا خبز له لانه غائب .. وفي الغياب محبوس انت في ذات لن تغيرها المحطات ولا مواكب المسافرين دوما .. حسبك من كل ذلك الانفلات ناقلة ركاب متخمة بمن هم مثلك ومن فرط تخمتها دائما ما تلفظهم في غير محطاتهم .. حسبك من كل هذا الضيق هذا البرد .. هذا الطريق ذياك المنحدر .. وعتمة دخرتها لمثل هذه الامسيات
حظك من الغياب هذا القحط .. ندرة في التسامح مع كل ما هو موجود .. الوجود في الغياب ان تشغل حيزا غير موجود .. وأن تركض وانت متوضئا للسير .. وأن تجلس وبينك وبين الوقوف خيط عنكبوت ونصف زفرة دائما ما تموت عندما تسند ساعديك على موضع صلب لتنهض .. ندرة في الحديث ستعاودك كداء دواءه أن ترحلا معا انت والداء .. ندرة في الحديث ستعاودك حينما تزكم ذاكرتك رائحة الاصدقاء والحبيبات اللائي نسين ان يسجلن اسماءهن في دفتر الغياب ورغم ذلك رحلن .. ندرة في الحديث ستفتح لك طريقا سهلا في الغياب
في الغياب بسطة من الحزن .. لن تحوجك الى اختلاق ما يحزن كمعظم البشر .. لن تجد نفسك مضطرا الى أن تفعل شيئا لتحزن .. احجز مقعدك .. ليس شرطا ان يكون بقرب النافذة .. ضع حقيبتك تحت المقعد فقد تحتاجها ولا تثرثر الى جارك فهو ايضا يشكو ندرة الحديث وامتح من هذا الحزن فليس هنالك ما يفرح في هذا الغياب
في الغياب متسع من الغياب .. سطوة للاحزان لا يكسر عنفوانها الذكرى ولا اضاءة للحنين في دياجر هذه الوحشة اللامنتهية .. سطوة للاحزان تصادر حتى عبق الذي مضى مما علق بالروح .. مساورة لا تنتهي لجراح التأمت فقط بعامل الزمن .. محاورة لكل ماهو فاجع في وقت يصلح حتى للموت ولكنه لا يصلح البتة لمثل هذه المحاورات .. وشئ كانما نبت في اعلى القلب ونفق في أسفل الروح .. ملمح من تراجيديا المضي قدما في الغياب
لماذا كل هذا الضجر ؟ كيف تحسب العمر ؟ بالايام ؟ بالجلوس عاطلا عن كل شئ ؟ بالالم ؟ اذن كم كان عمرك قبل ألمين ؟ وكم سيصير بعد ثلاثين ألما ؟
لماذا كل هذه الفوضى ؟ ليس هنالك فوضى في الغياب .. هناك عمر يمضي كعمر .. يمضي كرغبتك في الجلوس حينما ينتهي ما دعاك لذلك .. يمضي كحلم حلمت فيه انك تحلم فلم تشدك تفاصيله أو كيف انتهى .. ليس هنالك نهاية في الغياب .. الغياب لا ينتهي ليس لعدم رغبتك في مشاهدة ذلك ولكن لانه فعلا لا ينتهي .. اذا لم تكن مصدقا .. أجبني .. أين انت الان ؟
للغياب دورة كدورة الفصول .. دورة تصيبك بالدوار لكون هذه الدورة بلا نهاية محددة .. تبدأ منك ولا تنتهي فيك .. تنتهي دونما ان تحس ..لا تنتهي هذي فيك لتبدأ التي تليها منك .. وانت بين هذي وتلك أقرب الى الغياب منك الى اي شئ اخر .. ترى اين انت الان ؟
المفضلات