"أحــــــداث علــــى مشــــاجـــــب الذاكـــــرة"

[سوباوي]

فجر التاسع من سبتمبر يفرك جبين السماء في خمول لتشرق شمسه فاترة مرهقة التفاصيل .. وكأنها

آتية من رحم غيب سحيق.. "هـــــــــاهـ .. توبــــــــــــاه" أول صوت فجراوي تكاد أن تفلت أطرافه من

مسامعنا لولاء الهدوء الذي يسود المكان وقلة عمرانه وانعدام الحيوان فندرك أنه طابور العساكر لرفع

تمام الصباح .. المكان قصي جداً والرياح لا تحمل سوى أصوات جوفاء تعج بخوائها المتداخل ..

قاتمة هذه الزنزانة التي زججنا فيها كأي تالف متاع، متعفنة رائحة هوائها، رغم متانة بنيانها إلا أن

به الكثير من النشاز وكأن الذي بناها كان في حالة عدم رضا عن الذات .. بؤس ملامح العساكر يدعو

أحياناً للشفقة، ملابسهم رثة باهتة اللون يتثاءبون في فتور أعمق من فتور شروق شمس يومهم ..

((يتـبــــع...))

[سوباوي]

أفصح الفجر عن قدومه بلسان شمس مايو الحارقة .. وبدأت ظلال الأشياء تخرج يحدوها رهاب يتراقص

في حدود رسمها وكأن الظل يشكو الرمضاء ويحتاج إلى ظل من فعل حرارة الطقس .. لم أكن الوحيد

الذي احتمى بالشجرتين المتوسطتي الظل والعمر الواقفتين في صمود أمام "مخبز عرمان" الواقع في

الجهة الغربية لشارع كرري الذي يربط شارع الثورة بالنص من تقاطع شقلبان و شارع الوادي عند محطة

المهداوي ويكاد أسفلت هذا الشارع "كرري" لا يبين بفعل أرض المنطقة المتحركة والتي كادت أن تذهب

بملامحه وهو يفترشها ليفصل بين الحارتين العاشرة والثامنة كفاصل رمزي تتجاوزه أضعف وشائج

التواصل بين ساكني الحارتين وأوهى خيوط الخلاف أيضاً .. ففي الأولى منهما أقطن أنا وفي الأخيرة

يقطن تاج السر المعروف بالتاج ..

((يتبـــع .. ))

[سواااح]

عزيزي سوباوي ..

ها هي الذكري
تؤرق مضاجع الكلمات
اهـ .. يا لها من ايام
عذرا ...
سابقي معك ..
فهذه الرحبة " ام درمان "
لي معها افراح واحزان واشجان
عذرا ...
سابقي معك
وساترك التعليق
في النهاية ..

دمـــــــــــــت ،،

[سوباوي]

الراقي .. سواح ..

لأمدرمان في الذات براحات رحيبة .. ولقدومك البهي على تفاصيل ما علق في

مشاجب ذاكرة أرهقها الترحال .. وقع خاص .. حبابك يا عزيزي ولنثبر أغوار

هذه الذاكرة سوياً.. حياك الخالق يا صديقي وأبقاك ..

معبق تحياتي .. وكن بخير .. بخير أبداً ،،،

[سوباوي]

ثمة حوارات غريبة صامتة إلى حد ما تحدث أو إن شئت قل تمارس عند محطة انتظار المواصلات بين

مرتادي تلك المحطة رغم اختلاف وجهاتهم وطرق قدومهم لهذا الملتقى .. ألقيت تحيتي عليها بعادية

فعل الوجود بالمحطة وبذات فعل التوقيت واختيار نقطة الوقوف فأومأت لي بإضافة ابتسامة تعني

أين أنت بالأمس لم تأتي فابتسمت بدوري بأن المانع خيراً .. وتوقف حوارنا الصامت في ابتسام عند

وقوف حافلة ترحيلها والتي لم أمل من قرأة ما كتب عليها كل صباح عند مرورها من أمامي

"ترحيل – بنك الـ ...." فتوارى جسدها الأنيق داخل الحافلة منتهياً حوارنا عند هذا الحد كالعادة ..

فنسقط عن ذاكرة بعضنا بتراجيديا معتادة إلى أن نعاود حضورنا فجر غد .. وثمة حوارات مشابهة

تدور مع وبين بقية مرتادي المحطة .. وتتقاطع في إحداثيات ذاكرات كل الحضور بذات فصول

تراجيديا التساقط ..

((يتبــــع .. ))

[سوباوي]

ها هم العساكر يمارسون ضوضائهم الصباحي المغيت .. تصحبه جلبة مزاح بعضهم السخيف لبعض ..

ويشدون أطراف أحاديث مهترئة التفاصيل فارغة المحتوى ودائبة المعنى .. وإمعان في تسخيفها

يضيفون إليها ما فحش من الألفاظ بين حين وآخر وما تجود به ألسنتهم من سباب بذئ .. كان لا زال

يكتنفني رهق سهر ليلة البارحة بمكاتبهم وسفر هذا المشوار المرهق الذي وعلى حسب تقديري إن

لم يتجاوز الثمانية عشر ساعة لن يقل عنها والتي فارقت فيها كفرات العربة التعيسة الأسفلت منذ

بواكير خروجها من المدينة .. أشعر بألم طفيف في عيني عند جفوني وأسفل الحاجب بسبب تلك

العصابة التي لم يبذل من قام بشدها حول رأسي أي مجهود ليكون عمله متقن وبه بعد فني من

أجل الرأفة ..

((يتبـــع ..))

[معتز تروتسكى]

[سوباوي]

الوريف معتز تروتسكي ..

وها نحن عصيون على كل شيء يا صديقي حين ينزعنا من ذاتنا إلى ذاتنا هذا الجميل من

النغم .. قد أعدتني يا صاحبي بقصد أو دونه إلى أيام لا زال إيقاعها يدغدغ ذاكرتي كلما

أسدل الليل أستاره على نافذتي .. الزميل معتز من أضاء لك الطريق بهذا الوضوح .. لك

الآن أن تحلق يا عزيزي أقصى مدارات المتاح ولك أن تهوم أقصى ما أمكنه التهويم الجناح

.. أنا الآن أستمع يا عزيزي وكلما بيننا هو احتشاد من الرائعين بيني بينك أغنية وأمنية

بلقاء مؤجل .. بالنفس كثير من التوق لك يا صديق ..

تحياتي .. وكن باسم الدهر ضاحكة سنينك،،،

[سوباوي]

صرير باب الزنزانة كفيل بأن يسكن بالرؤوس صداع دائم .. دخل علينا اثنين منهم تكتسي ملامحهما بعبوس

قاسي يتناسب وهذا المكان الكالح البيئة .. أخرجنا وكنت الوحيد الذي لا علم لي بوجهتنا تاركين هذا

المبنى البائس خلفنا .. الرياح لفوح وصفيرها يتخلل أجسامنا التي بدت لي أخف وزناً وأكثر شحوباً ..

مضى على مسيرنا الكسول ما يقارب الخمسة عشر دقيقة .. ثم أمرنا بالتوقف فبدأ من معي بالعمل

مباشرة من غير تلقي أية إشارة أو أوامر ووقفت أنا ساكناً لبرهة .. أتاني صوت الذي كان يحمل بندقية

قد أكل الدهر على أخشابها وشرب على نجادها لا تحوي بما يدل على فتكها سوى ذاك السنوكي المثبت

على مقدمتها وكان أكثر لطفاً أو بمعنى أدق أقل قسوة من رفيقه بأن أبدأ بالعمل مع رفاقي فسيكون

هذا البرنامج يومياً .. فباشرت معهم في خلع لحاء يابسة عن سوق أشجار شوكية غائرة الجذور توحي

ببقايا قوة خائرة و يبدو أن الماء قد فارقها منذ شهور ..

((يتبـــع ..))

[سوباوي]

كان الصمت والحذر جبة ارتدتها كامل أيام الأسبوع الأول .. وكنت متخم بتفاصيل وحوارات واحتمالات

تعتلج في داخلي واجترار ذكريات ومواقف لم يمضي عليها كثيراً ولكني كنت أستعيدها من أقصى

ما يكون في الذاكرة وكأن بيني وحدوثها سنيناً عددا .. وبدأ لي كأنني أعيش كابوس رهيب كلما

ساورتني غفوة أتمنى أن استيقظ على غيره .. وأصبحت تدريجياً أتأقلم مع وضعي الجديد والذي

كان مشحون فراغه بالتوتر من غير موترات سوى هذا الصمت المطبق والبيئة السادرة في فقرها

وصفير الرياح الذي لا ينقطع إلا في بعض أوقات الظهيرة فيسود السكون المكان .. فيطلق كل منا

لدواخله النحيب فالكل يومئ برأسه إلى أسفل يمعن النظر إلى لا شيء ثم نرفع الرؤوس محدقين

في الفراغ .

((يتبـــع..))

[كاظم]

سوباوي الجميل ..
اتابع بشغف الذي أحب هذا القلم الرقيق .. وباحساس الذي اشتم في هذه الاحرف عبق أيام غابرات لها في الروح رغم قصي التواجد مساحة لن تزحمها هذه الفوضى
اشتاقك كثيرا .. أين انت يا رجل؟

[zoolfrda]

جميلة هذه النفحات كجمال روحك

شامخة كشموخ أسمك

قريبة إلى قلبي كقربك إلينا

عميقة بعمق انتمائك لنا

أدمنتها كإدماني لقلمك الرقيق

كن دائماً بخير يا وجه الخير

[سوباوي]

الأليف كاظم ...

وأشتاقك أنا أيضا يا صديقي وأشتهيك .. وأشتهي أن أتئد عند حروفك

الغارفة في بواطن معانيها .. أعلم أني أنفض فيك ذاكرة قد طغى عليها هجير

الغربة وأنهكها غبار الاغتراب .. فها أنا أعاود لأغزل فيك ماضٍ أنيق

علي ارتق به ما تاورك من جراح ..

مرونق تحياتي وكن بخير .. بخير أبداً ...

[سوباوي]

الرافل في بهائه عبد المنعم "الزول الفردة"

يكفي السلام ألفي القلوب أن يبتدئ هذا الفرح .. والشوق معربد لا يمل لك يا

عزيزي في الخاطر ميقات أأتزر فيه ثم أرفع الكف ملوحاً نحوك راسماً إشارات

الوصول .. يا زول يا فردة لك في القلب متسع .. ولك مني كقول أهلنا الغرقانين

في الذكر المحبة من الله وفي الله .. ولك مني الرحيق الرذاذ والندى .. ولك البهاء .

وحياك الخالق وأبقاك ..

سامق تحياتي وكن متعافي وبخير ،،،

[سوباوي]

لم يكن تاج السر "التاج" في سنتنا الرابعة بالجامعة بكلية الحقوق هو ذات الشاب البشوش المتزن الذي

تعرفنا إليه في السنة الثانية وأصبح ولفترة وجيزة يهوم حول مجموعتنا وتعرف إلينا، وكنا نحن أربعة

غير متفرغين تماماً للدراسة نعمل وندرس معاً وكان تفرغنا للعمل أكثر منه للدراسة .. وكان التاج شاباً

تغمره الحيوية ويملؤه المرح .. صبوحاً وكثير الحركة في أروقة الجامعة .. ولكنه في السنة الرابعة

والأخيرة وبعد أن عاد من أرض العمليات .. أو الجهاد كما يقول والتي ذهب إليها بعد مرحلة انقطاع

طويل من مجموعتنا وكنا مذهولين وتعقد الدهشة حواجبنا أمام سيرته كل ما جاء الحديث عنه وبعد

أن عاد أصبح يلف حول رأسه شريط أحمر بصورة دائمة .. وأصبح غريب الأطوار .. لم يعد يخالطنا ولم

نعد أصدقائه ولم يعد صديقنا كما كنا .. أضحت تنتابه نوبات من الصراخ والتشنج بين وقت وآخر يتمتم

فيها بعبارات غريبة ويختمها بتهليل وتكبير .. ثم ينفجر ضاحكاً ثم يردد باكياً كذابين .. كذابين .. كذابين ..

وسرعان ما يلتف حوله مجموعة من هؤلاء المحاربين .. أو المجاهدين ويحملوه إلى ما يسمى بـ"الدار" ..

صارت الشقة تتسع بيننا وبينه وكان ارتباطنا بالعمل لا يتيح لنا فرصة حضور منتظم للكلية .. فسمعنا من

بعض الطلاب أنه مصاب بحالة نفسية حادة وقد أنقطع عن الكلية .. وأول ما لاحظه الجميع أن مكان

"التاج" كان شاغراً عند جلوسنا لامتحانات التخرج .

((يتبـــــع..))

[سوباوي]

لا علم لي أي رتبة يحملها هذا المدعو "سيد أحمد" لم أره يرتدي الزي العسكري إطلاقاً فهو ثمل منـــــذ

أن رأيته وإلى أن فارقت المكان .. وكان الجميع يتهيبه ويبدو أن له مكانة رفيعة بين هؤلاء العساكر ..

فيصمتون عند حضوره ولا أحد غيره يرمي بالتعليمات جزافاً ويلقي الأوامر على عواهنها .. والكل يناديه

بـ"كمندان" ولم يكن يجيد كمدانهم هذا سوى السكر .. وكان مهمل الهندام .. كثيف الشعر .. مطلقاً العنان

لشاربه الذي يتزايد كيفما ما أتفق .. ما كان يؤذينا سوى حضور هذا الـ"سيد أحمد" فكان أشد ما يدخل

السرور إلى نفسه حين يتفنن في تعذيبنا .. فتارة يطلب منا الوقوف في الشمس حفاة لساعات طويلة ..

وتارة يطلب منا التمرغ بالأرض .. في شمس يحتمي الظل بالظل من حرارتها .. ومن أسبوع إلى آخر يأتون

بكبش أو كبشين فيأمرنا بخدمتها إبتداء بتجهيز النار والتي نعاني في جمع حطبها إلى أن نخرجها

طعاماً طيباً .. وللحق فكان الرجل برغم قساوته كريماً تجاهنا .. يلعن الجميع إن قصور في إطعامنا

أو شرابنا .. وكان يأتي في بعض الأيام مساءً ويكون صافياً هادي البال وفي إحدى هذه الأمسيات

كان ثملاً تماماً إلى حد أنه وصل لمرحلة الوداعة .. فجاء إلينا وأمر بإخراجنا من الزنزانة قائلاً أن

بالخارج السماء جميلة والبدر اليوم تمام كماله فليسمر الجميع .. ثم أضاف.. السمر للجميع والسكر لي

أنا فقط وكان ممسكاً بزجاجته مترنحاً بل كاد أن يقف ..

((يتبــــع..))

[أبو الزيك]

الرائع سوبابوي :
لقد أشعل هذا السرد الرائع فينا ذكريات مضت لها في الداوخل خطوط عميقة شكلت كوامن حياة عشناها ومازلنا نتجرع حلوها و مرها . وها انت تنثرها أماماأعيننا وتنزلها إلى أرض واقعنا فأصبحنا ننتظر البوست بشغف لمعرفة النهاية هل هي نفس المعاناة أم هناك جديد ونحن في انتظار ك على أحر من الجمر ولك صادق الود .

[سوباوي]

رصين الحرف .. أبو الزيك ..

تلك الخطوط العميقة في الذاكرة .. هي ذات الخطوط التي أضافتها الشمس لسحنة أبناء

ماريل الحبيبة حين كانوا يحدقون نحوها ليضيف للون سحنتهم خطاً للتمترس ضد

الطاغية .. أنها حقيقة معطيات واقع مرير سمج التفاصيل ..

معطر تحياتي .. وكن بألف بألف خير ،،،

[سوباوي]

اجتاحتني موجة غضب عارمة ضد بنات حواء فانفجرت بصوت عال ومن

هي الأنثى التي تستحق وأي أنثى هذه التي تخلف في الإنسان دماراً مثل

هذا .. وبأي قلب عشقتها أيها المعتوه .. يراودني إحساس لا أظنه يخذلني

بأن بك بقايا إرث ينم عن انحدارك من أسرة راقية .. أو إن شئت قل متمدنة

وكان هذا الشيء يبدو واضحاً في تعامله مع الأشياء ومع الآدميين لحظة صفائه ..

هكذا انفجرت ألقي شظايا الحديث على وجه هذا الثمل بعد أن روى لنا بحزن عميق

عن تلك التي أحبها فخانت عهده .. ومن ثم ترك تعليمه العالي لينخرط بالجيش ليصبح

أحد أفراد الاستخبارات .. وروى لنا "سيد أحمد" عن مغامراته في أرض العمليات وكيف

تم أسره وكيف تم تحريره بعد سبع سنوات ومن بعدها تم إلحاقه بشعبة الأمن العام .

حقاً سأني ما وصل إليه هذا الشاب سيد أحمد ولسبب ما أحسست أن بملامحه شيء

أعرفه وحاولت بذاكرتي المعطوبة جاهداً ولكني لم أفلح .. ولم أشعر بنفسي ألا وأنا

أفرغ فيه شحنات من الغضب العارم والجميع يبحلقون تجاهي في دهشة مطلقة .

((يتبـــــع..))

[سوباوي]

مضى عام على وجودنا في هذا المكان البائس .. لفح هجيره منا الجتت وغسلت أمطاره من

الذاكرة كل ما هو جميل واندس شتاءه في عظامنا فكان بداية مشجعة لاستيطان أمراض

كثيرة شاركتنا ما تبقى لنا من عمر .. توطدت علاقتنا بحراسنا ونمت بيننا وبين بعضهم مودة

وإلفة وكان منهم ذاك الشاب اليافع "شريف" وكان به ما يميزه من حسنات عن زملائه وكان

بهم ما يكفي من السيئات التي تميزهم عنه، كان يلمع بعينيه بريق ذكاء حاد وتفيض لهفته

لحب المعرفة والإطلاع بصورة ملحوظة فعملنا على إقناعه جاهدين بأن يعود لمواصلة تعليمه

الذي قطعه وهو على أعتاب الجامعة .. ونجحنا .. هذا وأذكر أنه بعد سنوات عديدة قادتني

الصدف لإحدى المختبرات الطبية لعمل بعض الفحوصات فكانت المفاجأة أن شريف هو من يعمل

بالمختبر .. أحداث تشابه الأحلام .. وأناس لهم في خارطة العمر مساحة من إلفة دوماً تحين مواسم

قطافها بهذه اللقاءات غير المرتبة .

((يتبــــع..))

[سوباوي]

مضى عام ونصف العام .. آتيت إلى المحطة مبكراً ومتجاذبة مني النفس بين عدة أحاسيس أهو

شوق لرفقاء المحطة واللهفة لممارسة تلك العلاقة الصامتة معهم أم أنه الخوف من عدم القدرة على

الاندماج في مجتمع جعل المعتقل مساحة كبيرة بيننا وبين ممارساتنا العفوية فيه .. حضرت رفيقة

المحطة وبعينيها الكثير من الأسئلة والترحيب والشوق .. ولكن سرعان ما أتتها "حافلة" الترحيل وأنا

أحدق في عينيها .. بينما الذاكرة متشبثة بتلك الفترة السخيفة وصوت الكمندان السكير "سيد أحمد"

يرن في أذني وتداخل ملامحه في ذاكرتي البصرية ودون وعي مني سألتها وهي بنصف جسد خارج

"حافلة الترحيل"

هل لك علاقة بـ"سيد أحمد"؟؟؟؟

أجابت بدهشة كاملة ونصف ابتسامة "سيد أحمد" الضابط نعم أنه أخي ..

هل تعمل معه في الجهاز ؟؟؟!!! .

"يتبع"

[سوباوي]

وبينما أنا أحاول أن أتقيأ الكثير من التفاصيل إذ بصوت أحد رفاق المحطة يصيح وبصوت خائف

هيا لنغادر ذلك المجنون جاء مرة أخرى فهم الجميع بإخلاء المحطة وشرح لي الذي كان يصيح على

عجل بأن المجنون القادم من داخل الحارة يفلع كل من يجده أمامه بما يحمل من حجارة .. أنصرف الجميع

وأصبحت وحدي في المحطة ماذا أصاب العالم ويا لهذا الفجر الغريب .. وظهر المجنون يحمل في يديه

حجارة كبيرة ويصرخ .. اقترب مني ولم أحرك ساكناً دنا مني كثيراً وفجأة أنفجر ضاحكاً .. وانفجرت

أنا باكياً .. تراخت قبضة كفيه وأسقط كل ما يحمل من حجارة كنقاط الماء من عل واحد تلو الآخر فرد

ذراعيه وفردت ذراعي له وأخذنا بعضنا في أحضان عميقة نتبادل السلام بين الضحك والبكاء .. وينقلب

ضحكه إلى بكاء ويردد كلهم ينادوني بالمجنون من زمن بعيد ولم أسمع أحد يناديني بـ"التاج" إلا زلت

تذكر اسمي ((ياخ الدنيا دي لسة فيها ناس سمحين بعدين إنعل ..... أنت كنت وين ياخ الفترة الفاتت دي كلها))

ثم فجأة بدأ يكبر ويهلل ثم يبكي بحرقة يردد.. كذابين .. كذابين .. كذابين .. ويعود خطاه من حيث أتى

ليغيب عن أنظاري داخل الحارة .. ارفع رأسي أجد كل الشارع يتطلع نحوي ورفاق المحطة ينظرون لي

في شفقة ثم يهمسون لبعضهم البعض .. وأنا أصرخ أعلم أني أصرخ ولكن لا أسمع صوتي ..

مغيّبه جواك يا وطن

كل الحقائق ...

تايهة منك

ولا دسوها الدراويش

والعساكر ...

يا مساخرك

أديني أخرك يا بلد

الزول ضلالي ومستبد

شايلّو سلطه ومستجد...

**** ** ***

من حدد التاريخ طوقاً للنجاة

سيقترح فقه التوازي سلماً

يفضي بنا للقاع ..

والنضال معطيً لن يزول

ونحن أحقر من يسير

على الرصيف ...

نشتم رائحة الشواء

ونمتلئ حين رؤيتنا الرغيف

عذراً ..

يا شعباً نبيل ..

الخوف..

أرهقنا ..تماماً يا رفاق

وأرهق الأرض النزيف

الوطن أنثي هيأها العساكر

للدعارة ...

والمهووسين ديناً

وأشباه الرجال ..

يستبيحون إزالة البكارة

ونحن .. نحن ..

كما هيأتنا يا أبي

للنضال وارتقاب الإشارة

أو..

الرحيل مع الثائرين

ضد من تمردوا على الحق

والأرض والوطن الجميل ...

ضد من يعلنون الزيف عنوان للقضية

ضد من يحرقون كل عام

إحدى أطرافك يا وطن ..

ناراً شبّت ..

حرباً نشبت ..

عذراً ..

يا وطناً عفيف...

عذراً ... يا

عذراً ...

يا شعباً مسالم

يقاوم

التسمم

وأنميا

العساكر ....

يقاوم التسمم

وأنميا العساكر ... التسمم وأنميا العساكر ...

"انتهى"

[سواااح]

الانيق سوباوي ..
الان عرفت معني
ان نحيا لنعيش
وكذلك ادركت
ان الصمت في
حرم الجمال .. جمال
احيانا يكون الخوف
ان يكون ما نكتبه نشازا
فعذرا فاني اكتفي بذلك
ولك دوما عاطر مودتي
وكن جميل الدهر ناضر السنين

[عماد السائح]

سوباوى انا معك وقد فتحت فينا الجراح بعد اندمالها وقلبت المواجع والمضاجع والحزن القديم ولكن ؟؟؟؟
بعد نهاية السرد لنا وقفة
تحياتي يا انيق واترد الون تو مع سواااح لين العودة.

علي جدار الهم
وقفت علي الجدار ادير صمتي
علي ما كانت عليه ولم تزل.
أنشودة الحلم الرقيق مدينتي
تبدلت.
عنبر وعلقم وازورار
تبعثرت
خليط شوق وافتقار
تغيرت