فوزيه
29-03-2006, 10:43 PM
كان الشاعر " الناشىء" آنذاك السر قدور قد حمل إذن أولى تجاربه الشعرية وذهب الى قهوة جورج مشرقى فى (سوق المويه) بأمدرمان يعرضها على شيخ الشعراء عمر البنا المشهور ببغضه الشديد للشعر الردىء وما إن نظر فيها ملياً حتى اغتاظ وقام منفعلاً يريد ان ينهال على الفتى القادم من الدامر بعكازٍ أو بسطونة، كانت فى يده لولا أنه فر من أمامه كما تفر الحمر المستنفرة من قسورة.
الفنانة عائشة الفلاتية بنت بلد خفيفة الدم مشبعة بروح أمدرمان والاحياء الشعبية فى العباسية وبانت والموردة وغيرها ولها الكثير من النوادر والقفشات التلقائية، كان السر قدور قد منحها قصيدة(يا حبيبى أنحنا اتلاقينا مرة)فأهملتها مدة بل وأخذت تتواغد عليه مطالبة بإدخال بعض التعديلات هنا أو هناك، حتى أضجرته فقام بتسليمها للمرحوم العاقب محمد حسن الذى لحنها وغناها وتقبلها الناس قبولاً حسناً ملأ قلب الفلاتيه حنقاً وكمداً، عندما قابلت السر قدور فى ردهت الاذاعة قالت له وهى تكاد تميز من الغيظ(ده كله منك داهية تاخدك وتاخد عوض جبريل معاك)، تقصد الشاعر عوض جبريل.وعندها ضحك السر قدور ملء شدقيه وسألها أن ما شأن عوض جبريل؟ أجابت(عشان شين زيك)
للفنانة منى الخير أغنيات حسان جاءت فيها بكل ما تقدر عليه من الاجادة مثل"الحمام الزاجل" و"عيون المها" و"احترت معاك" و" أيام وليالى" و"عشان هواك حبيت قمرية فوق الدوح" ولكن رغم شهرتها وانتشارها كانت قد اختفت زماناً وانقطعت اخبارها عن الوسط الفنى فسعت اليها مجلة الاذاعة وأجرت معها حواراً ختمته بسؤال ممعن فى الظرافة وهو: (لو قالوا لك اختارى زوجاً من الوسط الفني تختاري منو)؟..ولم تكن يومئذ ذات بعل، فقالت على استحياء عبد العزيز محمد داؤد، فقيل لها بأنه متزوج. قالت عثمان الشفيع، فقيل متزوج ..قالت صلاح محمد عيسى ، قيل لها برضو متزوج..قالت (الباقين ما ينفعوا معاي)..
ويقول الفنان عبد العظيم حركة بأنه كان قد دأب عند الزيارات الفنية للاقاليم ان يسارع بالسؤال عن اسماء أشهر الاحياء والحارات فى تلك المدينة وعندما يأتى المساء ويبدأ الحفل يستهل وصلته برمية حرة بمصاحبة الكمنجات يحشر فيها أسماء تلك الاحياء مطريا اياها مما يوجج حماس الجماهير وتدوى اصداء التصفيق والصياح والصفافير وتنفتح شهيتهم للغناء الى ان زار يوماً احدى مدن غرب السودان، فوجم ساعة عندما علم بأن اسماء الحارات مما تنبو الأذن عن سماعه لغرابته ولكنه قبيل الحفل أخذ فى الحداء برميته المعتادة والتى جاءت على النحو التالى:
إن داير الادب
فى "خرطوم بالليل" تلقاهو
وإن داير الغزل
فى "سكر شتت" تلقاهو
وإن داير الجمال
في "خور فطيس"تلقاهو
هل العمل بالسياسية مثل الاشتغال بالتجارة والدلالة والجزارة مثلاً حيث يكثر قول الزور والحلف الكاذب بالطلاق والعتق؟ فان بعض "المتسيسين" من الشعراء والفنانين "سترهم الله" ممن سلقوا النميرى بألأسنة حداد بعد الانتفاضة وجلدوه بكرباج الخطيئة والفرزدق وجرير، كانوا قد تغنوا فيما مضى بمايو وهى فى اوج سلطتها وسطوتها والنميرى هو رئيس الجمهورية والاتحاد الاشتراكى والقائد الاعلى للجيش والكشاف الاعظم ويبرىء الأكمة والأبرص ولم يكن كمثله يومئذ كسرى وهرمز ولا الملك النعمان مثله وقيصر، إلا أن فنان الطنبور النعام آدم عندما سئل: أن لماذا لم تغن بالثورة وقادتها؟ أجاب فى تهكم الشايقية ومساختهم(الحريم قاعدات أغنى للرجال مالى)؟
ومن أسخر قولاً يا هؤلاء من الرباطاب؟ فإن فنان الربوع الشهير أحمد عمر الرباطابى بعد أن فرغ هو وفرقته من تسجيل طائفة من أغانى التراث الشعبى للاذاعة طلب منه الصراف الحضور يوم السبت لاستلام فلوسه:فقال له مستخفاً به: ( يا ود أخوى انحنا ما عندنا غناين يسلفوه)
الحكاية التالية رواها لنا الشاعر والناقد الفني المعتكف سليمان عبد الجليل عن احد الفنانين الأميين ونمسك طبعاً عن ذكر اسمه، فإنهما يوما فى جلسة خاصة وأمامهما المذياع إذ سمعا المذيع وهو يقول: نستمع الآن الى أغنية(عبدة) كلمات عمر بن أبى ربيعة لحن واداء خليل فرح ، فقال الجليس الأمى لسليمان عبد الجليل: إنت يا سليمان عمر بن أبى ربيعة ده من ناس وين)؟
فتعجب عبد الجليل أشد العجب ولكنه أجاب ضاحكاً: من ناس بحرى: فقال: ياخى انت تعرفوا)؟ فقال سليمان: ما بعرفوا كيف؟ فاستحلفه الفنان وألح عليه أن ( عليك تودينى ليهو تكلموا يتعاون معاى).
حكى الفنان صلاح بن البادية قال: بأنه فيما كان يغنى أغنية (كلمة) لمحمد يوسف موسى فى مسرح سينما نيالا، فوجىء برجل البوليس المكلف بحفظ النظام يكف عن محاولات كبح جماح الناس المتطربين ويصعد هو نفسه الى المسرح ويبشر فوقه ثم يحتضنه بشدة ويجهش بالبكاء والنحيب..وفى فترة الاستراحة ذهب الشرطى الى صلاح بن البادية فسلم عليه وانتبذ به مكاناً جانبياً وقال له: بأنه كان متزوجا بابنة عمه فتلاحيا يوما ملاحاة شديدة ونزع الشيطان بينهما فطلقها ولم يلبث إلا يسيراً حتى تاقت نفسه اليهاواشتاقها وحاول مراجعتها فتأبت عليه رغم الوساطات والأجاويد، وكاد ان يموت حسرة عليها، ثم انه وجد يوماً هذه القصيدة منشورة فى مجلة الاذاعة فلم يزد على أن كتبها كامله وأرسلها اليها فقرأت الزوجة المتغضبة فيما قرأت
"كلمتى المست غرورك
وفرقتنا يا حبيبى
مش خلاص
كفرت عنها
بتسهدى وبى نحيبى
بالليالى المرة عشتها
وحدى فى نارى
ولهيبى
برضو ما رضيان
تسامح
يا صباحى
ويا طبيبى"
فرق قلبها وغفرت له وعادت اليه وكان ذلك سبب بكائه وهو بالزى الرسمى
الفنانة عائشة الفلاتية بنت بلد خفيفة الدم مشبعة بروح أمدرمان والاحياء الشعبية فى العباسية وبانت والموردة وغيرها ولها الكثير من النوادر والقفشات التلقائية، كان السر قدور قد منحها قصيدة(يا حبيبى أنحنا اتلاقينا مرة)فأهملتها مدة بل وأخذت تتواغد عليه مطالبة بإدخال بعض التعديلات هنا أو هناك، حتى أضجرته فقام بتسليمها للمرحوم العاقب محمد حسن الذى لحنها وغناها وتقبلها الناس قبولاً حسناً ملأ قلب الفلاتيه حنقاً وكمداً، عندما قابلت السر قدور فى ردهت الاذاعة قالت له وهى تكاد تميز من الغيظ(ده كله منك داهية تاخدك وتاخد عوض جبريل معاك)، تقصد الشاعر عوض جبريل.وعندها ضحك السر قدور ملء شدقيه وسألها أن ما شأن عوض جبريل؟ أجابت(عشان شين زيك)
للفنانة منى الخير أغنيات حسان جاءت فيها بكل ما تقدر عليه من الاجادة مثل"الحمام الزاجل" و"عيون المها" و"احترت معاك" و" أيام وليالى" و"عشان هواك حبيت قمرية فوق الدوح" ولكن رغم شهرتها وانتشارها كانت قد اختفت زماناً وانقطعت اخبارها عن الوسط الفنى فسعت اليها مجلة الاذاعة وأجرت معها حواراً ختمته بسؤال ممعن فى الظرافة وهو: (لو قالوا لك اختارى زوجاً من الوسط الفني تختاري منو)؟..ولم تكن يومئذ ذات بعل، فقالت على استحياء عبد العزيز محمد داؤد، فقيل لها بأنه متزوج. قالت عثمان الشفيع، فقيل متزوج ..قالت صلاح محمد عيسى ، قيل لها برضو متزوج..قالت (الباقين ما ينفعوا معاي)..
ويقول الفنان عبد العظيم حركة بأنه كان قد دأب عند الزيارات الفنية للاقاليم ان يسارع بالسؤال عن اسماء أشهر الاحياء والحارات فى تلك المدينة وعندما يأتى المساء ويبدأ الحفل يستهل وصلته برمية حرة بمصاحبة الكمنجات يحشر فيها أسماء تلك الاحياء مطريا اياها مما يوجج حماس الجماهير وتدوى اصداء التصفيق والصياح والصفافير وتنفتح شهيتهم للغناء الى ان زار يوماً احدى مدن غرب السودان، فوجم ساعة عندما علم بأن اسماء الحارات مما تنبو الأذن عن سماعه لغرابته ولكنه قبيل الحفل أخذ فى الحداء برميته المعتادة والتى جاءت على النحو التالى:
إن داير الادب
فى "خرطوم بالليل" تلقاهو
وإن داير الغزل
فى "سكر شتت" تلقاهو
وإن داير الجمال
في "خور فطيس"تلقاهو
هل العمل بالسياسية مثل الاشتغال بالتجارة والدلالة والجزارة مثلاً حيث يكثر قول الزور والحلف الكاذب بالطلاق والعتق؟ فان بعض "المتسيسين" من الشعراء والفنانين "سترهم الله" ممن سلقوا النميرى بألأسنة حداد بعد الانتفاضة وجلدوه بكرباج الخطيئة والفرزدق وجرير، كانوا قد تغنوا فيما مضى بمايو وهى فى اوج سلطتها وسطوتها والنميرى هو رئيس الجمهورية والاتحاد الاشتراكى والقائد الاعلى للجيش والكشاف الاعظم ويبرىء الأكمة والأبرص ولم يكن كمثله يومئذ كسرى وهرمز ولا الملك النعمان مثله وقيصر، إلا أن فنان الطنبور النعام آدم عندما سئل: أن لماذا لم تغن بالثورة وقادتها؟ أجاب فى تهكم الشايقية ومساختهم(الحريم قاعدات أغنى للرجال مالى)؟
ومن أسخر قولاً يا هؤلاء من الرباطاب؟ فإن فنان الربوع الشهير أحمد عمر الرباطابى بعد أن فرغ هو وفرقته من تسجيل طائفة من أغانى التراث الشعبى للاذاعة طلب منه الصراف الحضور يوم السبت لاستلام فلوسه:فقال له مستخفاً به: ( يا ود أخوى انحنا ما عندنا غناين يسلفوه)
الحكاية التالية رواها لنا الشاعر والناقد الفني المعتكف سليمان عبد الجليل عن احد الفنانين الأميين ونمسك طبعاً عن ذكر اسمه، فإنهما يوما فى جلسة خاصة وأمامهما المذياع إذ سمعا المذيع وهو يقول: نستمع الآن الى أغنية(عبدة) كلمات عمر بن أبى ربيعة لحن واداء خليل فرح ، فقال الجليس الأمى لسليمان عبد الجليل: إنت يا سليمان عمر بن أبى ربيعة ده من ناس وين)؟
فتعجب عبد الجليل أشد العجب ولكنه أجاب ضاحكاً: من ناس بحرى: فقال: ياخى انت تعرفوا)؟ فقال سليمان: ما بعرفوا كيف؟ فاستحلفه الفنان وألح عليه أن ( عليك تودينى ليهو تكلموا يتعاون معاى).
حكى الفنان صلاح بن البادية قال: بأنه فيما كان يغنى أغنية (كلمة) لمحمد يوسف موسى فى مسرح سينما نيالا، فوجىء برجل البوليس المكلف بحفظ النظام يكف عن محاولات كبح جماح الناس المتطربين ويصعد هو نفسه الى المسرح ويبشر فوقه ثم يحتضنه بشدة ويجهش بالبكاء والنحيب..وفى فترة الاستراحة ذهب الشرطى الى صلاح بن البادية فسلم عليه وانتبذ به مكاناً جانبياً وقال له: بأنه كان متزوجا بابنة عمه فتلاحيا يوما ملاحاة شديدة ونزع الشيطان بينهما فطلقها ولم يلبث إلا يسيراً حتى تاقت نفسه اليهاواشتاقها وحاول مراجعتها فتأبت عليه رغم الوساطات والأجاويد، وكاد ان يموت حسرة عليها، ثم انه وجد يوماً هذه القصيدة منشورة فى مجلة الاذاعة فلم يزد على أن كتبها كامله وأرسلها اليها فقرأت الزوجة المتغضبة فيما قرأت
"كلمتى المست غرورك
وفرقتنا يا حبيبى
مش خلاص
كفرت عنها
بتسهدى وبى نحيبى
بالليالى المرة عشتها
وحدى فى نارى
ولهيبى
برضو ما رضيان
تسامح
يا صباحى
ويا طبيبى"
فرق قلبها وغفرت له وعادت اليه وكان ذلك سبب بكائه وهو بالزى الرسمى