rasheed
29-03-2006, 01:15 AM
الموضوع جميل وعجبني شديد ،، وطبعاً حتعرفوا حبوبة دي منو يا جماعة فإلى مضابط المقال
الكاتب عمنا علي اسماعيل العتباني Email: atabani@rayaam.net
ماذا بقى في ذاكرة ميكافيللي حتي يفتعل معركة جديدة؟ حكاية الشيخ الذي طارت عصافيره... الترابي .. متدين أم صاحب ثقافة دينية ؟ ماذا يقصد الشيخ بنبش الماضي؟ ولماذا لم يحاسب من يتهمهم الآن؟
... لعل تاريخ السودان الحديث مازال يحتفظ بمساحة كبيرة للدكتور حسن عبدالله الترابي.. فقد شغل الدكتور الترابي الرأي العام في الاربعين سنة الاخيرة، لانه ركب أهم مكون للشخصية السودانية وهو المكون الديني. وصدح بشعارات كانت على الدوام تتجاوب مع الايقاع الداخلي للشخصية السودانية مثل شعار الدستور الاسلامي. ومع ان الدكتور الترابي لم يكن هو (ناحت) الشعار فهذا الشعار أُطلق في الساحة السياسية منذ العام 1955م حينما برزت الجبهة القومية للدستور الاسلامي برئاسة عمر بخيت العوض.. الاّ أنه استطاع ان يركب بكفاءة هذه الموجة.. كما أن الظروف بعد أكتوبر 1964م جعلته يبرز مع آخرين نتيجة للفراغ السياسي الذي شغر بانتقال السيد عبد الرحمن المهـــــدي والسيد الصديق المهدي وانتقال السيد علي الميرغني إلى رحمة مولاهم.. فاستطاع الترابي ان يملأ جزءاً من هــذا الفراغ مع عبد الخالق محجـــــــــــوب وبابكر كرار والصادق المهدي ومحمد عثمان الميرغني وآخرين.
ومما زاد بريق الترابي ثقافته الدينية بالاضافة الى تأهيله الغربي بين مدرسة لندن لعلوم القانون وجامعة السوربون بالاضافة إلى وهج الشباب.. فالشباب كذلك يعطي الشخصية لمعاناً وتوهجاً.
ونحن نعلم أن الدكتور الترابي اصبح اميراً للحركة الاسلامية السودانية وعمره ثلاثة وثلاثون عاماً حيث كان مولده في فبراير 1932م. وظل الترابي مساهماً في العطاء السياسي والفكري.. ولعل أحسن حالاته كانت مع النميري في معركة تطبيق الشريعة حينما بايع النميري واصبح مستشاراً. ومن مميزات الترابي قدرته على تحدي الرأى العام.. وأنه لا يكترث له كثيراً ولذلك فان السموم التي نفثها الشيوعيون ونثروها حول النميري لم تحجبه عن المصالحة الوطنية. ولعله بدخوله إلى المصالحة الوطنية عصم السودان من شرور الصراع الى حين.
ولكن بعد الاطاحة بالنميري وبعد مجئ ثورة ابريل تعرض الترابي إلى عواصف هوجاء وكانت الشعارات تتردد (العار.. العار يا مستشار).. وكان المطلوب وقتها رأس الترابي لسبب بسيط هو أنه كان يرمز لحركة الثقافة الاسلامية وحركة الدستور الاسلامي ولحركة الشريعة الاسلامية.. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى فإن اليساريين الذين كانوا يريدون ان يركبوا ظهور الاحزاب ارادوا أن يتخلصوا من الحركة الاسلامية باستئصال رمزها ورموزها.. ولكن فاجأتهم الحركة الاسلامية بمسيرة أمان السودان المليونية.. واستعاد الترابي شيئاً من بريقه رغم هزيمته في دائرة الصحافة التي تكتلت فيها كل القوى السياسية السودانية ضده.
وأدت المسيرة المليونية لأمان السودان ،ومجاهدات الحركة الاسلامية ووقوفها مع القوات المسلحة إلى تحالف غير معلن بين النخب المدنية للحركة الاسلامية ومؤسسات الأمن السودانية، التي شعرت بأن السودان تجتاحه العواصف والأعاصير. وأنه بدون الحركة الاسلامية وتيارها السياسي والثقافي فان هذه المؤسسات سيتم اقتلاعها على غرار ماجرى في الصومال لمصلحة الفوضى ولمصلحة اللا دولة ولمصلحة ما يسمى بالسودان الجديد الذي كانوا يريدون إقامته على اساس الفدرالية العرقية ،والتصفيات العرقية وعلى اسس (مانفستو) الحركة الشعبية، وكتابات الحاقدين والناقمين والرافضين من الفوضويين اليساريين الذين كانوا يريدون اشعالها وهدم المعبد على الجميع، ثم يتسللون لواذاً الى الملاجئ الغربية..!!.
ومن هنا برزت حركة الانقاذ أو ثورة الانقاذ.. ومن هنا برز التحالف بين النخب الاسلامية التي كان يقودها الترابي والنخب العسكرية التي كانت تنضج خبراتها وتتململ على الجمر. وظلت هذه النخب العسكرية تنتظر الخلاص وهي تري البلاد تمتحن امتحاناً عسيراً.. ورأت أنها ستبايع شيخاً وستبايع ديناً وستبايع اماماً.
ولذلك كانت هذه النخب العسكرية مستعدة لتقديم نفسها فداء للشيخ الترابي، كما فعلت نخب الحركة الاسلامية. فطينة عمر البشير والشهيد الزبير وبكري حسن صالح والشهيد ابراهيم شمس الدين وعبد الرحيم محمد حسين واخوانهم من الضباط لم تكن تختلف عن طينة الشهداء محمود شريف وعبيد ختم ومحمد أحمد عمر والمئات من الشباب الذين اتخذوا الدكتور الترابي اماماً وقدوة، وكان رمزاً لامانيهم وأشواقهم.. وكانوا يظنون انهم تحت رايته سيحققون الخير للسودان وللثقافة العربية وسيحققون التنمية والمجد والرخاء ولذلك فوضوا الدكتور الترابي.. ولذلك كان الدكتور الترابي يحكم من وراء ستار.. قال لهم إنه سيدخل السجن تأميناً وحماية للحركة فدخل السجن تأميناً لنفسه.. وقال لهم إنه يريد ان يحكم من الباطن، فحكم كما اراد ولم تكن هناك شاردة ولا واردة إلاّ تحت امرة اصبعه وتجري تحت بصره.. وقال لهم إنه يريد ان يكون زعيم البرلمان فكان له ذلك.. وقال لهم إنه يريد ان يكون أب الدستور فصاغ الدستور كما يرغب وصاغ قانون الصحافة كما يشتهي..ونحت من المصطلحات السياسية (كالتوالي) وغيرها، وأوجد التبريرات فطاوعوه في كل ذلك .
وحينما هزمت العراق قام بتصنيف الايدولوجية التي قامت عليها مناهضة دول الخليج، وبارك وايد استباحة الكويت.. ثم دشن رسمياً المؤتمر الشعبي العربي والاسلامي الذي دعا له كل الحركات الاسلامية وكل حركات الثورة والمعارضة.. ومع ان ذلك ليس من عمل الدول وليس من طبيعتها.. إلاّ أن الشباب المتحمس دعم الترابي في ذلك ودعمه في المجئ بحركات الرفض والثورة والمعارضة على مستوى العالم العربي والاسلامي فجر على السودان عيون المجتمع الدولي التي بات يتملق ابتساماتها اليوم!!.
ولعل مشاكل السودان واتهامه بالارهاب والحصار الاقتصادي والعسكري الذي ضرب عليه كان مرده للمؤتمر الشعبي العربي والاسلامي الذي كان واجهة لمجئ كل من يتهم الآن بالارهاب في العالم ويطارد ويلاحق.. ولا يزال السودان يعاني من آثار وعقابيل تلك المرحلة.. مرحلة ما بعد 1994م.. التي لايزال يسدد فواتيرها الى اليوم!!.
ومن ناحية اخرى فإن هذا القلم ظل يكتب باستمرار عن وحدة الحركة الاسلامية.. وكان من المفهوم ان تلك الوحدة تتطلب ميثاق شرف في ان لا يكون هناك حديث سالب يعكر اجواء التصالح والتقارب، ذلك ان القاعدة تقول إن الحرب أولها كلام.. ولان الدكتور الترابي هو الذي علم الناس حينما كان يتكلم (لست أبالي حينما أُقتل مسلماً).. والاسلام يعني المصداقية والثقة المتبادلة بين المسلم واخيه.
ولكن.. وبينما كان جمهور المؤمنين والموحدين وجمهور السودانيين والوطنيين ينتظر إلتئام الصف الوطني وينتظر الحوار بين الترابي وتلامذته الذين لم يجدوا بداً سوى الإبتعاد عنه لأنه كان يقودهم الى طريق الانتحار السياسي وطريق مواجهة العالم اجمع. فإذا بالترابي يأتي ويملأ الدنيا صياحاً وضجيجاً .. وينسف المصداقية وينسف معها جذور الثقة. فن المعلوم ان الحياة السياسية تقوم على الثقة.. وان المجالس امانات.. و ان البيوت اسرار.. وان الناس قد يختلفون ولكن يكون بينهم حفظ السر وحفظ العهد.. وحينما ينتفي كل ذلك فان الصاحب لا يكون صاحباً.. والمؤتمن لا يكون أميناً.. وحتى الجمعيات السرية مثل الماسونية واللوتري وجمعيات المافيا تحفظ اسرارها وعهودها وتصون ما في الصدور حفظاً للجماعة.فهل يريد الدكتور الترابي أن يفهمنا أن مثل هذه الحركات العلمانية تتمسك بالأخلاق أكثر من أهل الحركة الاسلامية وحتى الدول لا تفرج عن الوثائق إلا بعد سبعين سنة وبعض الوثائق لا يفرج عنها حتى بعد مضى مئات السنين. والدكتور الترابي رجل دولة وافشاؤه لأسرار الدولة صدقاً أو تلفيقاً يضعه تحت طائلة المساءلة والقانون. ونحن لا نخوض في ذلك فقواعد الاخلاق تقضي بعدم محاكمة الابن لأبيه والتلميذ لمعلمه.
ولكننا نتحدث عن ماذا بقى الآن من ترابي الدستور الاسلامي.. ونتساءل هنا : هل الترابي شخص متدين أم فقط صاحب ثقافة دينية؟
وفرق كبير بين المصطلحين.. فالمتدين هو الذي يقوم على رقابة باطنية وهو الذي يخشى الله وهو الذي يعلم ان الناس يكبون بحصائد ألسنتهم في النار ،وهو الذي لايضمر للآخرين سوءاً.. اما صاحب الثقافة الدينية، فالمستشرقون اصحاب ثقافة دينية.. بل ان التراث الاسلامي حققه الخواجات من المستشرقين والعلماء ولكنهم لم يتبنوا دعوات بتجديد الدين ولم يكونوا اصحاب دعوات وانهم رجال دعوة اسلامية.. ولذلك يجوز لنا في هذا المقال ان نسأل.. ماذا يقصد الدكتور الترابي من نبش الماضي؟.. وماذا بقى في ذاكرتـه حتى يفتعل معركة جديدة؟
هل كان الترابي مجرد رجل متبتل وزاهد في محراب الانقاذ طيلة فترة امساكه بخيوط اللعبة من الداخل منذ العام 1990م إلى العام 1998م.. وهل كان فقط يمارس الطقوس الصوفية ويسبح ويبارك؟.. أم أنه كان سياسي متمرس ومتنفذ ولا تفوت عليه شاردة ولا واردة.
واذا كان الدكتور الترابي حقاً هو الرجل الأول الذي كان يدير دفة الانقاذ من وراء ستار فلماذا لم يحاسب من يتهمهم الآن ليخرج نفسه (كالشعرة من العجين) خصوصاً وأن تلك الحادثة المشئومة وقعت بأديس ابابا العام 1995م.. لماذا لم يتخذ قراراً وقتها بمحاسبة الذين يتهمهم، والكل وقتها كانوا يدينون بالولاء له كما ان كل مؤسسات الدولة كانت تأتمر بأمره؟
ولو كان الدكتور الترابي بهذه الدرجة من السطحية ولم يكن يعرف في العام 1995م ما يدور تحته، وكان زاهداً في السياسة وغافلاً لهذه الدرجة، فلماذا لم يفصل نفسه عن الانقاذ منذ البداية؟!
ولماذا كان مصراً على ان يكون ممسكاً بالدفة يصارع على مقودها. ومن ناحية اخرى نقول للدكتور الترابي الآن وبعد ان استمعنا إلى تصريحاته في قناة (العربية) ما المقصود منها؟
هل هي لتصفية حسابات شخصية.. فاذا كانت هي حقاً كذلك فإن درس الحركة الاسلامية الأول ان مراد النفوس اصغر من ان نتعادى فيه أو نتفانى.. وهذه واحدة.. ومن ناحية اخرى اذا كان يعتقد انه يريد الانفراد بالرئيس البشير دون رفقائه.. واذا صدّق الوساوس بأن هنالك الآن خصومات وصراعات بين الانقاذيين وانه يريد ان يصفي حساباته مع تلاميذه الذين نفروا منه ولم يستطيعوا احتمال (براجميته) السياسية وذرائعيته ولم يستطيعوا ان يهضموا منهجه القائم على الغاية تبرر الوسيلة. فحتى وان نجح في ذلك فلن يكون قد خدم السودان ولن يكون قد خدم الحركة الاسلامية وعليه ان يعلم ان الرئيس البشير خريج المدرسة العسكرية السودانية هو اعلم الناس الآن بالمحركات التي تحرك الدكتور الترابي.. واعلم الناس بمن هو الدكتور حسن الترابي.. كما ان الرئيس البشير يعلم يقيناً وقبل كل شئ ان تلك التدابير التي كان يخطط لها الدكتور الترابي وما سماه بالتعديلات الدستورية كانت تستهدفه شخصياً.. ولو كان الرئيس البشير يمكن ان يُخدع أو يساق في الدهاليز لما وقف وقفته المشهودة امام الترابي، ولما فارقه ذلك الفراق البين ولما كانت الرابع من رمضان.. رغم ان الترابي كان يمدحه ليلاً ونهاراً وكان يصفه بأنه «هبة السماء» لأهل السودان لكن كل ذلك لم يؤثر. فالرئيس البشير يزن الأمور بموازين السودان ويمتحن الرجال ويعرف من خلال السنوات العشر من هم الذين وقفوا معه في الخندق ومن هم الذين كانوا في الخندق المضاد.
ولعل مشكلة الدكتور الترابي انه بعد ان تجاوز الرابعة والسبعين من عمره يعتقد انه لايزال يستطيع ان يصنع المعجزات وقادراً على ركوب موجة القيادة في السودان رغم ان مياهاً كثيرة قد مرت منذ مجئ الانقاذ. وليعلم الدكتور الترابي انه قد اصبح هناك (يتو) محلي في السودان ضده ويتضح له ذلك عند قراءته لنتائج انتخابات الجامعات.. ويتجلى في رؤية الشباب له. فالترابي في العام 1965م ليس هو الترابي 2006م. لأن شباب اليوم يريدون شباباً يحسون بآمالهم وتطلعاتهم ويحسون بقضاياهم ومواجعهم ولا يريدون شيوخاً تمرسوا وتمترسوا في فن الحيل السياسية والدهاء السياسي والمخادعة وركوب كل موجة وهذا من ناحية.
ومن ناحية اخرى ذكر الدكتور الترابي انه لن يدلي بشهادته إلاّ أمام المحكمة كأنه لم يبق من الحكمة السياسية لديه إلاّ المحكمة.. ونتساءل أية محكمة هذه؟.. هل هي المحاكم الاوربية التي قضى الترابي عمره كلها يدينها ويصفها بأنها تقوم على اشراكيات أم انها المحاكم السودانية أم ماذا؟.. ثم ان الدكتور الترابي الذي يتكلم الآن عن التزوير وغيره اين كان حينما طلب من الناس ان يباركوا دستوره في 1998م ألم تكن الأصوات وقتها تجذب إلى المساجد وتحشى في الصناديق حشواً.. وأين دستور اللجنة القومية لصياغة الدستور برئاسة مولانا خلف الله الرشيد.. ومن الذي اختطف مسودته التي وجدت مباركة من الشعب السوداني وذهب بها إلى ود مدني وهناك تم تعديل كل بنودها؟!
ولعل الدكتور بحديثه هذا يحاكم نفسه ويحاكم فترته ويحاكم فتاويه.. فنحن نعلم أن الانتخابات داخل مجلس الشورى الذي كان يرأسه في الحركة الاسلامية لم تكن انتخابات تجري على صدق ولم تكن تحمل أية مصداقية.. ولكن الناس كانوا يظنون أن (الشيخ) يبصر مالا يبصرون.. ويري مالا يرون.. ولذلك كانوا يتشفعون ويشفعون له فيما يفعل.
واذا جاز لنا الآن أن نقول للشيخ اذا كان في العام 1998م وما بعده إلى رمضان، قد فقد البشير وفقد تلاميذه وفقد العصافير التي طارت حوله فإنه الآن يفقد جيلاً آخر من الاسلاميين من الذين صبروا عليه وانحازوا إليه لأنهم رأوه رمزاً ولكنهم يرون الآن بأعينهم ان الانحياز الى الشيخ لا يعني إلاّ الانحياز إلى (الخرف) السياسي ولا يعني إلاّ الانحياز إلى عدم المصداقية.. وهم يرونه الآن يخرب حتى في اصول الحوار ومرتكزاته ومطلوباته .
ولذلك فلو يعلم الدكتور الترابي أن مجموعة كبيرة من الذين حوله قد يفاجئونه بالانسلاخ إما بترك السياسة جملة وتفصيلاً وإما بالانضمام إلى اخوانهم في المؤتمر الوطني.. لأنهم باتوا لا يصدقون أن الدكتور الترابي الذي كان يتجاوز رؤساء الاجهزة الأمنية في ايامه ليتصل بالقواعد ليحرك تلك الاجهزة يمنة ويسرى وكان هو الفاعل لا مدير جهاز الأمن.. لا يصدقون الآن أنه لم يكن ملماً بالخيوط ولم يكن ملماً بالتفاصيل.. وكل الذين عملوا مع الترابي يعرفون أنه كان يحرك الأمور بعيونه خصوصاً الأمور الخطيرة.
ومن المؤكد ان كل ما حدث في تلك الفترة كان هو الذي يحرك خيوطه وهذا من ناحية.
ومن ناحية اخرى فاننا نتعجب من دخوله الخجول على مسألة الحوار مع إسرائيل.. يجوز الحوار مع النصراني واليهودي في حين انها ليست القضية. فالقضية هل يريد هو الحوار مع إسرائيل.. ونحن نعلم انه دخل في حوار مباشر مع (الحاخامات) ومع نواب في الكنيست الإسرائيلي.. ولكن يبدو أن الدكتور الترابي لا يملك شجاعة الرئيس السادات.. الذي قد تختلف أو تتفق معه ولكنك تعجب بشجاعته حينما ذهب الى إسرائيل وإلى كامب دييد. وقد دفع السادات حياته ثمناً لذلك.. وقد نختلف في هل أدت كامب دييد إلى رفعة مصر بين الأمم.. أم أن ما يحدث في العالم العربي من تشرذم وصراع وهجمة امريكية وصهيونية نتاج لكامب دييد.
ونختم لنقول ماذا بقى من الثقة بين الترابي وتلامذته.. وبين الترابي والمؤتمر الوطني.
وهل يمكن ان ينشأ حوار يؤسس لمشتركات ونقاط تلاق والترابي يحاول ان يقوض من مقام شركائه.. والشراكة تقوم ابتداء على الثقة المتبادلة والمجالس امانات.. والحوار يقوم على حفظ الاسرار واذا كان الترابي وهو في سن الشيخوخة يتجاوز باستمرار منطق الصفح والعقل ويرفض توديع تفاهات الحياة وخصوماتها والاقبال إلى الله.. فهل يمكن التعويل عليه في مد جسور الثقة وفي اقامة شراكة حقيقية بين المؤتمرين الوطني والشعبي.
ولعل هذه الاسئلة نطرحها على اخواننا واحبابنا في الله داخل ماعون المؤتمر الشعبي. وربما نعود إلى هذا الموضوع بتركيز أكبر مرة أخرى.
منقول من جريدة الرأي العام اليوم: 29مارس2006م ،،
رأيكم شنو يا جماعة بالله نحن نستحق اللي أتعمل فينا ،، وبالله حبوبة دي ما تشوفوا ليها قنقوليز وتسالي ودوم ولالوب وتبش بالشطة 00 كان تقعد تبيعم وتخلي نضميها الكتير والأشتر ده ،، مع إعتذاري الشديد لحبوباتنا الببيعن الحاجات الحلوة دة واللي إتربينا من ضهرهم بشرف وكرامة وكبرياء ،،
الكاتب عمنا علي اسماعيل العتباني Email: atabani@rayaam.net
ماذا بقى في ذاكرة ميكافيللي حتي يفتعل معركة جديدة؟ حكاية الشيخ الذي طارت عصافيره... الترابي .. متدين أم صاحب ثقافة دينية ؟ ماذا يقصد الشيخ بنبش الماضي؟ ولماذا لم يحاسب من يتهمهم الآن؟
... لعل تاريخ السودان الحديث مازال يحتفظ بمساحة كبيرة للدكتور حسن عبدالله الترابي.. فقد شغل الدكتور الترابي الرأي العام في الاربعين سنة الاخيرة، لانه ركب أهم مكون للشخصية السودانية وهو المكون الديني. وصدح بشعارات كانت على الدوام تتجاوب مع الايقاع الداخلي للشخصية السودانية مثل شعار الدستور الاسلامي. ومع ان الدكتور الترابي لم يكن هو (ناحت) الشعار فهذا الشعار أُطلق في الساحة السياسية منذ العام 1955م حينما برزت الجبهة القومية للدستور الاسلامي برئاسة عمر بخيت العوض.. الاّ أنه استطاع ان يركب بكفاءة هذه الموجة.. كما أن الظروف بعد أكتوبر 1964م جعلته يبرز مع آخرين نتيجة للفراغ السياسي الذي شغر بانتقال السيد عبد الرحمن المهـــــدي والسيد الصديق المهدي وانتقال السيد علي الميرغني إلى رحمة مولاهم.. فاستطاع الترابي ان يملأ جزءاً من هــذا الفراغ مع عبد الخالق محجـــــــــــوب وبابكر كرار والصادق المهدي ومحمد عثمان الميرغني وآخرين.
ومما زاد بريق الترابي ثقافته الدينية بالاضافة الى تأهيله الغربي بين مدرسة لندن لعلوم القانون وجامعة السوربون بالاضافة إلى وهج الشباب.. فالشباب كذلك يعطي الشخصية لمعاناً وتوهجاً.
ونحن نعلم أن الدكتور الترابي اصبح اميراً للحركة الاسلامية السودانية وعمره ثلاثة وثلاثون عاماً حيث كان مولده في فبراير 1932م. وظل الترابي مساهماً في العطاء السياسي والفكري.. ولعل أحسن حالاته كانت مع النميري في معركة تطبيق الشريعة حينما بايع النميري واصبح مستشاراً. ومن مميزات الترابي قدرته على تحدي الرأى العام.. وأنه لا يكترث له كثيراً ولذلك فان السموم التي نفثها الشيوعيون ونثروها حول النميري لم تحجبه عن المصالحة الوطنية. ولعله بدخوله إلى المصالحة الوطنية عصم السودان من شرور الصراع الى حين.
ولكن بعد الاطاحة بالنميري وبعد مجئ ثورة ابريل تعرض الترابي إلى عواصف هوجاء وكانت الشعارات تتردد (العار.. العار يا مستشار).. وكان المطلوب وقتها رأس الترابي لسبب بسيط هو أنه كان يرمز لحركة الثقافة الاسلامية وحركة الدستور الاسلامي ولحركة الشريعة الاسلامية.. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى فإن اليساريين الذين كانوا يريدون ان يركبوا ظهور الاحزاب ارادوا أن يتخلصوا من الحركة الاسلامية باستئصال رمزها ورموزها.. ولكن فاجأتهم الحركة الاسلامية بمسيرة أمان السودان المليونية.. واستعاد الترابي شيئاً من بريقه رغم هزيمته في دائرة الصحافة التي تكتلت فيها كل القوى السياسية السودانية ضده.
وأدت المسيرة المليونية لأمان السودان ،ومجاهدات الحركة الاسلامية ووقوفها مع القوات المسلحة إلى تحالف غير معلن بين النخب المدنية للحركة الاسلامية ومؤسسات الأمن السودانية، التي شعرت بأن السودان تجتاحه العواصف والأعاصير. وأنه بدون الحركة الاسلامية وتيارها السياسي والثقافي فان هذه المؤسسات سيتم اقتلاعها على غرار ماجرى في الصومال لمصلحة الفوضى ولمصلحة اللا دولة ولمصلحة ما يسمى بالسودان الجديد الذي كانوا يريدون إقامته على اساس الفدرالية العرقية ،والتصفيات العرقية وعلى اسس (مانفستو) الحركة الشعبية، وكتابات الحاقدين والناقمين والرافضين من الفوضويين اليساريين الذين كانوا يريدون اشعالها وهدم المعبد على الجميع، ثم يتسللون لواذاً الى الملاجئ الغربية..!!.
ومن هنا برزت حركة الانقاذ أو ثورة الانقاذ.. ومن هنا برز التحالف بين النخب الاسلامية التي كان يقودها الترابي والنخب العسكرية التي كانت تنضج خبراتها وتتململ على الجمر. وظلت هذه النخب العسكرية تنتظر الخلاص وهي تري البلاد تمتحن امتحاناً عسيراً.. ورأت أنها ستبايع شيخاً وستبايع ديناً وستبايع اماماً.
ولذلك كانت هذه النخب العسكرية مستعدة لتقديم نفسها فداء للشيخ الترابي، كما فعلت نخب الحركة الاسلامية. فطينة عمر البشير والشهيد الزبير وبكري حسن صالح والشهيد ابراهيم شمس الدين وعبد الرحيم محمد حسين واخوانهم من الضباط لم تكن تختلف عن طينة الشهداء محمود شريف وعبيد ختم ومحمد أحمد عمر والمئات من الشباب الذين اتخذوا الدكتور الترابي اماماً وقدوة، وكان رمزاً لامانيهم وأشواقهم.. وكانوا يظنون انهم تحت رايته سيحققون الخير للسودان وللثقافة العربية وسيحققون التنمية والمجد والرخاء ولذلك فوضوا الدكتور الترابي.. ولذلك كان الدكتور الترابي يحكم من وراء ستار.. قال لهم إنه سيدخل السجن تأميناً وحماية للحركة فدخل السجن تأميناً لنفسه.. وقال لهم إنه يريد ان يحكم من الباطن، فحكم كما اراد ولم تكن هناك شاردة ولا واردة إلاّ تحت امرة اصبعه وتجري تحت بصره.. وقال لهم إنه يريد ان يكون زعيم البرلمان فكان له ذلك.. وقال لهم إنه يريد ان يكون أب الدستور فصاغ الدستور كما يرغب وصاغ قانون الصحافة كما يشتهي..ونحت من المصطلحات السياسية (كالتوالي) وغيرها، وأوجد التبريرات فطاوعوه في كل ذلك .
وحينما هزمت العراق قام بتصنيف الايدولوجية التي قامت عليها مناهضة دول الخليج، وبارك وايد استباحة الكويت.. ثم دشن رسمياً المؤتمر الشعبي العربي والاسلامي الذي دعا له كل الحركات الاسلامية وكل حركات الثورة والمعارضة.. ومع ان ذلك ليس من عمل الدول وليس من طبيعتها.. إلاّ أن الشباب المتحمس دعم الترابي في ذلك ودعمه في المجئ بحركات الرفض والثورة والمعارضة على مستوى العالم العربي والاسلامي فجر على السودان عيون المجتمع الدولي التي بات يتملق ابتساماتها اليوم!!.
ولعل مشاكل السودان واتهامه بالارهاب والحصار الاقتصادي والعسكري الذي ضرب عليه كان مرده للمؤتمر الشعبي العربي والاسلامي الذي كان واجهة لمجئ كل من يتهم الآن بالارهاب في العالم ويطارد ويلاحق.. ولا يزال السودان يعاني من آثار وعقابيل تلك المرحلة.. مرحلة ما بعد 1994م.. التي لايزال يسدد فواتيرها الى اليوم!!.
ومن ناحية اخرى فإن هذا القلم ظل يكتب باستمرار عن وحدة الحركة الاسلامية.. وكان من المفهوم ان تلك الوحدة تتطلب ميثاق شرف في ان لا يكون هناك حديث سالب يعكر اجواء التصالح والتقارب، ذلك ان القاعدة تقول إن الحرب أولها كلام.. ولان الدكتور الترابي هو الذي علم الناس حينما كان يتكلم (لست أبالي حينما أُقتل مسلماً).. والاسلام يعني المصداقية والثقة المتبادلة بين المسلم واخيه.
ولكن.. وبينما كان جمهور المؤمنين والموحدين وجمهور السودانيين والوطنيين ينتظر إلتئام الصف الوطني وينتظر الحوار بين الترابي وتلامذته الذين لم يجدوا بداً سوى الإبتعاد عنه لأنه كان يقودهم الى طريق الانتحار السياسي وطريق مواجهة العالم اجمع. فإذا بالترابي يأتي ويملأ الدنيا صياحاً وضجيجاً .. وينسف المصداقية وينسف معها جذور الثقة. فن المعلوم ان الحياة السياسية تقوم على الثقة.. وان المجالس امانات.. و ان البيوت اسرار.. وان الناس قد يختلفون ولكن يكون بينهم حفظ السر وحفظ العهد.. وحينما ينتفي كل ذلك فان الصاحب لا يكون صاحباً.. والمؤتمن لا يكون أميناً.. وحتى الجمعيات السرية مثل الماسونية واللوتري وجمعيات المافيا تحفظ اسرارها وعهودها وتصون ما في الصدور حفظاً للجماعة.فهل يريد الدكتور الترابي أن يفهمنا أن مثل هذه الحركات العلمانية تتمسك بالأخلاق أكثر من أهل الحركة الاسلامية وحتى الدول لا تفرج عن الوثائق إلا بعد سبعين سنة وبعض الوثائق لا يفرج عنها حتى بعد مضى مئات السنين. والدكتور الترابي رجل دولة وافشاؤه لأسرار الدولة صدقاً أو تلفيقاً يضعه تحت طائلة المساءلة والقانون. ونحن لا نخوض في ذلك فقواعد الاخلاق تقضي بعدم محاكمة الابن لأبيه والتلميذ لمعلمه.
ولكننا نتحدث عن ماذا بقى الآن من ترابي الدستور الاسلامي.. ونتساءل هنا : هل الترابي شخص متدين أم فقط صاحب ثقافة دينية؟
وفرق كبير بين المصطلحين.. فالمتدين هو الذي يقوم على رقابة باطنية وهو الذي يخشى الله وهو الذي يعلم ان الناس يكبون بحصائد ألسنتهم في النار ،وهو الذي لايضمر للآخرين سوءاً.. اما صاحب الثقافة الدينية، فالمستشرقون اصحاب ثقافة دينية.. بل ان التراث الاسلامي حققه الخواجات من المستشرقين والعلماء ولكنهم لم يتبنوا دعوات بتجديد الدين ولم يكونوا اصحاب دعوات وانهم رجال دعوة اسلامية.. ولذلك يجوز لنا في هذا المقال ان نسأل.. ماذا يقصد الدكتور الترابي من نبش الماضي؟.. وماذا بقى في ذاكرتـه حتى يفتعل معركة جديدة؟
هل كان الترابي مجرد رجل متبتل وزاهد في محراب الانقاذ طيلة فترة امساكه بخيوط اللعبة من الداخل منذ العام 1990م إلى العام 1998م.. وهل كان فقط يمارس الطقوس الصوفية ويسبح ويبارك؟.. أم أنه كان سياسي متمرس ومتنفذ ولا تفوت عليه شاردة ولا واردة.
واذا كان الدكتور الترابي حقاً هو الرجل الأول الذي كان يدير دفة الانقاذ من وراء ستار فلماذا لم يحاسب من يتهمهم الآن ليخرج نفسه (كالشعرة من العجين) خصوصاً وأن تلك الحادثة المشئومة وقعت بأديس ابابا العام 1995م.. لماذا لم يتخذ قراراً وقتها بمحاسبة الذين يتهمهم، والكل وقتها كانوا يدينون بالولاء له كما ان كل مؤسسات الدولة كانت تأتمر بأمره؟
ولو كان الدكتور الترابي بهذه الدرجة من السطحية ولم يكن يعرف في العام 1995م ما يدور تحته، وكان زاهداً في السياسة وغافلاً لهذه الدرجة، فلماذا لم يفصل نفسه عن الانقاذ منذ البداية؟!
ولماذا كان مصراً على ان يكون ممسكاً بالدفة يصارع على مقودها. ومن ناحية اخرى نقول للدكتور الترابي الآن وبعد ان استمعنا إلى تصريحاته في قناة (العربية) ما المقصود منها؟
هل هي لتصفية حسابات شخصية.. فاذا كانت هي حقاً كذلك فإن درس الحركة الاسلامية الأول ان مراد النفوس اصغر من ان نتعادى فيه أو نتفانى.. وهذه واحدة.. ومن ناحية اخرى اذا كان يعتقد انه يريد الانفراد بالرئيس البشير دون رفقائه.. واذا صدّق الوساوس بأن هنالك الآن خصومات وصراعات بين الانقاذيين وانه يريد ان يصفي حساباته مع تلاميذه الذين نفروا منه ولم يستطيعوا احتمال (براجميته) السياسية وذرائعيته ولم يستطيعوا ان يهضموا منهجه القائم على الغاية تبرر الوسيلة. فحتى وان نجح في ذلك فلن يكون قد خدم السودان ولن يكون قد خدم الحركة الاسلامية وعليه ان يعلم ان الرئيس البشير خريج المدرسة العسكرية السودانية هو اعلم الناس الآن بالمحركات التي تحرك الدكتور الترابي.. واعلم الناس بمن هو الدكتور حسن الترابي.. كما ان الرئيس البشير يعلم يقيناً وقبل كل شئ ان تلك التدابير التي كان يخطط لها الدكتور الترابي وما سماه بالتعديلات الدستورية كانت تستهدفه شخصياً.. ولو كان الرئيس البشير يمكن ان يُخدع أو يساق في الدهاليز لما وقف وقفته المشهودة امام الترابي، ولما فارقه ذلك الفراق البين ولما كانت الرابع من رمضان.. رغم ان الترابي كان يمدحه ليلاً ونهاراً وكان يصفه بأنه «هبة السماء» لأهل السودان لكن كل ذلك لم يؤثر. فالرئيس البشير يزن الأمور بموازين السودان ويمتحن الرجال ويعرف من خلال السنوات العشر من هم الذين وقفوا معه في الخندق ومن هم الذين كانوا في الخندق المضاد.
ولعل مشكلة الدكتور الترابي انه بعد ان تجاوز الرابعة والسبعين من عمره يعتقد انه لايزال يستطيع ان يصنع المعجزات وقادراً على ركوب موجة القيادة في السودان رغم ان مياهاً كثيرة قد مرت منذ مجئ الانقاذ. وليعلم الدكتور الترابي انه قد اصبح هناك (يتو) محلي في السودان ضده ويتضح له ذلك عند قراءته لنتائج انتخابات الجامعات.. ويتجلى في رؤية الشباب له. فالترابي في العام 1965م ليس هو الترابي 2006م. لأن شباب اليوم يريدون شباباً يحسون بآمالهم وتطلعاتهم ويحسون بقضاياهم ومواجعهم ولا يريدون شيوخاً تمرسوا وتمترسوا في فن الحيل السياسية والدهاء السياسي والمخادعة وركوب كل موجة وهذا من ناحية.
ومن ناحية اخرى ذكر الدكتور الترابي انه لن يدلي بشهادته إلاّ أمام المحكمة كأنه لم يبق من الحكمة السياسية لديه إلاّ المحكمة.. ونتساءل أية محكمة هذه؟.. هل هي المحاكم الاوربية التي قضى الترابي عمره كلها يدينها ويصفها بأنها تقوم على اشراكيات أم انها المحاكم السودانية أم ماذا؟.. ثم ان الدكتور الترابي الذي يتكلم الآن عن التزوير وغيره اين كان حينما طلب من الناس ان يباركوا دستوره في 1998م ألم تكن الأصوات وقتها تجذب إلى المساجد وتحشى في الصناديق حشواً.. وأين دستور اللجنة القومية لصياغة الدستور برئاسة مولانا خلف الله الرشيد.. ومن الذي اختطف مسودته التي وجدت مباركة من الشعب السوداني وذهب بها إلى ود مدني وهناك تم تعديل كل بنودها؟!
ولعل الدكتور بحديثه هذا يحاكم نفسه ويحاكم فترته ويحاكم فتاويه.. فنحن نعلم أن الانتخابات داخل مجلس الشورى الذي كان يرأسه في الحركة الاسلامية لم تكن انتخابات تجري على صدق ولم تكن تحمل أية مصداقية.. ولكن الناس كانوا يظنون أن (الشيخ) يبصر مالا يبصرون.. ويري مالا يرون.. ولذلك كانوا يتشفعون ويشفعون له فيما يفعل.
واذا جاز لنا الآن أن نقول للشيخ اذا كان في العام 1998م وما بعده إلى رمضان، قد فقد البشير وفقد تلاميذه وفقد العصافير التي طارت حوله فإنه الآن يفقد جيلاً آخر من الاسلاميين من الذين صبروا عليه وانحازوا إليه لأنهم رأوه رمزاً ولكنهم يرون الآن بأعينهم ان الانحياز الى الشيخ لا يعني إلاّ الانحياز إلى (الخرف) السياسي ولا يعني إلاّ الانحياز إلى عدم المصداقية.. وهم يرونه الآن يخرب حتى في اصول الحوار ومرتكزاته ومطلوباته .
ولذلك فلو يعلم الدكتور الترابي أن مجموعة كبيرة من الذين حوله قد يفاجئونه بالانسلاخ إما بترك السياسة جملة وتفصيلاً وإما بالانضمام إلى اخوانهم في المؤتمر الوطني.. لأنهم باتوا لا يصدقون أن الدكتور الترابي الذي كان يتجاوز رؤساء الاجهزة الأمنية في ايامه ليتصل بالقواعد ليحرك تلك الاجهزة يمنة ويسرى وكان هو الفاعل لا مدير جهاز الأمن.. لا يصدقون الآن أنه لم يكن ملماً بالخيوط ولم يكن ملماً بالتفاصيل.. وكل الذين عملوا مع الترابي يعرفون أنه كان يحرك الأمور بعيونه خصوصاً الأمور الخطيرة.
ومن المؤكد ان كل ما حدث في تلك الفترة كان هو الذي يحرك خيوطه وهذا من ناحية.
ومن ناحية اخرى فاننا نتعجب من دخوله الخجول على مسألة الحوار مع إسرائيل.. يجوز الحوار مع النصراني واليهودي في حين انها ليست القضية. فالقضية هل يريد هو الحوار مع إسرائيل.. ونحن نعلم انه دخل في حوار مباشر مع (الحاخامات) ومع نواب في الكنيست الإسرائيلي.. ولكن يبدو أن الدكتور الترابي لا يملك شجاعة الرئيس السادات.. الذي قد تختلف أو تتفق معه ولكنك تعجب بشجاعته حينما ذهب الى إسرائيل وإلى كامب دييد. وقد دفع السادات حياته ثمناً لذلك.. وقد نختلف في هل أدت كامب دييد إلى رفعة مصر بين الأمم.. أم أن ما يحدث في العالم العربي من تشرذم وصراع وهجمة امريكية وصهيونية نتاج لكامب دييد.
ونختم لنقول ماذا بقى من الثقة بين الترابي وتلامذته.. وبين الترابي والمؤتمر الوطني.
وهل يمكن ان ينشأ حوار يؤسس لمشتركات ونقاط تلاق والترابي يحاول ان يقوض من مقام شركائه.. والشراكة تقوم ابتداء على الثقة المتبادلة والمجالس امانات.. والحوار يقوم على حفظ الاسرار واذا كان الترابي وهو في سن الشيخوخة يتجاوز باستمرار منطق الصفح والعقل ويرفض توديع تفاهات الحياة وخصوماتها والاقبال إلى الله.. فهل يمكن التعويل عليه في مد جسور الثقة وفي اقامة شراكة حقيقية بين المؤتمرين الوطني والشعبي.
ولعل هذه الاسئلة نطرحها على اخواننا واحبابنا في الله داخل ماعون المؤتمر الشعبي. وربما نعود إلى هذا الموضوع بتركيز أكبر مرة أخرى.
منقول من جريدة الرأي العام اليوم: 29مارس2006م ،،
رأيكم شنو يا جماعة بالله نحن نستحق اللي أتعمل فينا ،، وبالله حبوبة دي ما تشوفوا ليها قنقوليز وتسالي ودوم ولالوب وتبش بالشطة 00 كان تقعد تبيعم وتخلي نضميها الكتير والأشتر ده ،، مع إعتذاري الشديد لحبوباتنا الببيعن الحاجات الحلوة دة واللي إتربينا من ضهرهم بشرف وكرامة وكبرياء ،،