المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المرض المشؤوم الملاريا



سمل الحلفاوى
03-02-2006, 04:19 PM
وهي تحت عنوان

هذيان

أظنه منتصف الليل..وما زلت أناضل من أجل الوصول إلي
مرحلة النوم. لامست يدي عنقي بحركة لا إرادية.و..آآآآآآآآآه !!إنها الحمي اللعينة, ما زالت تعبث بي و......أخذت تحلق فوق أذني علي إرتفاع منخفض, مصدرة صوتها المزعج, ولكن وبما أنني قد حطمت الرقم القياسي في استضافة ( طفيل البلازموديوم ) –مرة شهريا- فلم أكترث لها كثيرا, بل خاطبتها بصوت مرتفع ساخرا:- ابحثي عن شخص آخر, فأنا لست بالشخص المناسب. وبعوضة بمثل حجمك أظنها ستبدد وقتها لا أكثر.
لم أنتظر منها ردا, ولكنني أصبت بالدهشة حينما تحول طنينها إلي صوت هامسا في أذني بحذر:-
إنني أحمل لك رسالة هامة..من جلالة الملكة شخصيا.
أصبت بالدهشة وترددت كثيرا قبل أن أسألها في محاولة مني للتأكد من أن الصوت الصادر هو صوتها هي وليس ذو مصدر آخر, سائلا: وهل لدينا ملكة في هذه البلاد؟
أجابت بسرعة:- إنها ملكة البعوض, أنت إنسان محظوظ لأنها تود مقابلتك, هل تذهب معي؟
وقبل أن تستمع إلي أمرتني بأن أغمض عيناي, وما أن فعلت حتى وجدت نفسي بالقرب من بركة عظيمة جدا ينتصب في وسطها علي الماء الراكد عرش عظيم تجلس فوقه أكبر وأجمل بعوضة رأيتها في حياتي ومن حولها تحلق الآلاف من البعوض في أشكال منتظمة, همست مرافقتي في أذني: أنحن أمام جلالة الملكة, وبسرعة البرق نفذت مطلبها وما أن رفعت رأسي حتى رأيت الملكة علي كرسي العرش مقتربة مني حتى أصبحت علي بعد خطوتين, ثم مدت يدها مصافحة,لحظتها شعرت بدمائي تتجمد , وتصبب عرقي كأغزر ما يكون, فأنا طيلة حياتي لم يصافحني وزير أو والي أو حتى مدير, واليوم تصافحني ( ملكة )!!
قابلتني بإبتسامة رائعة وهي تقول ممسكة بيدي:- مرحبا بك , لقد كنت في إنتظارك, ماذا يشرب ضيفنا؟؟
- آآآ..آ ,أي شراب ..أي شراب شكرا
اشارت بأصبعها إلي حوالي ألف بعوضة إشارة فهمت إنها تدل علي إحضار الشراب.
ثم طلبت مني الجلوس علي الكرسي الفخم , وأحضر الشراب ذو اللون الأحمر , ترددت كثيرا وأنا أمسك بالكأس فسألتها قائلا:- ما نوع هذا الشراب يا مولاتي؟
أجابتني بفخر:- إنه أجود مشروباتنا ...دم ..دم سوداني , مشروبنا المفضل, حينها أفلتت الكأس من يدي وسقطت علي السجاد الفخم ولم أحس إلا وأنا أثور في وجهها صارخا بغضب :- لقد دمرتم شعبنا ,قتلتم الآلاف منا ,أوقفتم حياتنا تماما, إرحمونا يا مولاتي .
قرأت في عينيها حيرة ودهشة سرعان ما أخفتهماوهي تسألني : - من أي شعب أنت؟
أجبتها بنفس الغضب:- من شعب الملاريا .
-أممم ..أمم أنت سوداني إذن؟
- نعم يا مولاتي.
- ولكننا كنا نظن أنكم تحبوننا !!فلماذا توفرون لنا كل ما نحتاجه لحياة شعبنا؟,لماذا توجد لديكم أجمل المياه الراكدة؟ لماذا لا تقتلوننا؟أظن أن الأمر بيدكم وليس لنا فيه قول.
قاطعتها:- نعم يا مولاتي , ولكن ينبغي أن ترحلوا عنا , نحن لم نستطع إجباركم علي الرحيل.
إنحدرت الدموع من عينيها بعد ما عرفت الحقيقة ثم قالت :- إننا ممتنون لكم كثيرا وسنرحل بعد إتمام المراسيم .
فوجئت بكلمة ( المراسيم ) هذه لذا سألتها بقلق :- وماهي هذه المراسيم؟
أجابت:- حضور ملككم لوداع شعبنا.قاطعتها متسائلا:-و..وهل ستخبرونه بنفس الطريقة التي إتبعتمونها معي؟
لا. .المراسيم تقتضي تحميلها لإنسان بشري من نفس النوع, وأظن أنه ليس هناك أحدا غيرك هنا و وقاطعتها قائلا:- ولكن- يا مولا...قاطعتني هي الأخرى بحزم :- هذا أمر , ثم أشارت بيدها لإحدي تجمعات البعوض الهائلة , ثم بعد فترة ليست بالقصيرة وصمت رهيب أمرت من جلالة الملكة بإغماض عينيي وما أن فعلت ذلك حتي وجدت نفسي ممددا علي سريري وبجانبي أفراد أسرتي , إلتفت ناحية أبي آمرا إياه :- قل لرئيس الجمهورية أن يذهب حالا لوداع شعب البعوض.
لم يكترث والدي لحديثي , بل إلتفت ناحية أمي وأخوتي وهو يهمس لهم:- الأفضل أن ننقله حالا إلي المستشفي,ولحظتها إنفجرت أمي باكية
__________________