الزبير محمد عبدالفضيل
04-10-2005, 10:39 PM
تحقيقات وتقارير: ازمة السكر من يصنعها... المؤسسات المنتجة والحكومة ام ارتفاع
30-8-1426 هـ
الموضوع: النيلين
معطيات حول السكر:
يعتبر السودان القطر الثاني في العالم العربي من حيث انتاج السكر، فهو ينتج حاليا اكثر من 700 الف طن في العام، ومن المتوقع ان يصل الانتاج الى 1.7 مليون طن في العام بعد قيام مشاريع السكر في النيل الابيض (300 الف طن) وملوط (110 الف طن)، النيل الازرق (250 الف طن).
هناك عوامل تؤثر في تجارة السكر مثل الاستقرار السياسي والحماية الداخلية لتجارة السكر وكفاءة الترحيل الداخلي، والتمويل، وتأهيل الموانئ وتطوير معدات التفريغ لاستقبال كميات السكر المستورد، ومرونة السياسات الجمركية والتسهيلات.
هناك طاقات تشغيلة بمصانع السكر القائمة في السودان (كنانة، عسلاية، حلفا، سنار، الجنيد) يمكن استغلالها للارتفاع بالانتاج الى حوالي 850 الف طن، كما توجد طاقات لتكرير السكر في المصانع ذاتها في فترة التوقف (يوليو- اكتوبر) ويسهم ذلك في ايجاد حل جزئي لتغطية الفجوة. وفي الخطط المستقبلية للارتفاع بالانتاج الى 850 الف طن في العام 2010 بينما سيرتفع الاستهلاك الى اكثر من 950 الف طن و عليه ستظل هناك فجوة في حدود 200 – 300 الف طن، ومن المتوقع ان يرتفع الاستهلاك الى اكثر من 1.2 مليون طن في العام 2015م.
وتلجأ الحكومة لاستيراد سكر من خارج السودان لتغطية الفجوة، فقد تم استيراد حوالي 183 الف طن، واستيراد 25 الف طن خام ليتم تكريرها في المصانع الوطنية (20 الف طن مصنع كنانة، 5 الف طن مصانع شركة السكر السودانية)، ويعتبر السكر السوداني اعلى سعرا مقارنة باسعاره في دول الجوار والعالم حتى بمستوى الاسعار في الدول التي لا تنتج السكر.
هناك مشكلة في ترحيل السكر الوارد من بورتسودان لمناطق الاستهلاك فقد اصبح القطاع الخاص يسيطر بشكل اكبر على قطاع الترحيل بعد تدهور السكة حديد.
فاصحاب الشاحانات باتوا يفضلون العمل في نقل الاغاثة لمناطق النزاعات ونقل المعدات لمواقع الانشاءات الجديدة، كسد مروي، حيث تطرح عروض مغرية تصل لضعف ما قد يعرض لنقل طن من السكر.
اسباب الازمة:
سنضع فرضيات للاجابة على السؤال، ما هي اسباب الازمة في السكر؟
الفرضية الاولى: ان هناك زيادة في الاستهلاك لسلعة السكر نتيجة الزيادة في عدد السكان والتغيير في مستويات وانماط المعيشة. الفرضية الثانية: ان الازمة مفتعلة من قبل المؤسسات المنتجة للسكر والحكومة وبعض التجار، باعتبار العوائد الكبيرة المحققة من تجارة السكر، والجمارك المفروضة على تلك السلعة.
يرجع المسؤولون بشركة السكر السودانية اسباب الازمة بشكل رئيسي لزيادة معدلات الاستهلاك، السيد فاروق محمد عثمان مدير القطاع الفني بالشركة يقول هناك زيادة في عدد السكان وتغيير في نمط الاستهلاك، فاذا كان عدد سكان السودان الان اكثر من 35 مليون نسمة فمن المتوقع ان يصل عددهم 45 مليون نسمة في العام 2015م، وان يصل الطلب على السكر الى مليون و 174 الف طن، وقال : نحن ننتج حوالي 700 الف طن بينما لا يقل الاستهلاك عن 850 الف طن، اي ان الفرق بين المنتج والمستهلك لا يقل عن 150 الف طن، وستزيد الفجوة في العام القادم الى 180 الف طن اي ان الفجوة بين الانتاج والاستهلاك ستزيد بمعدل يتراوح بين 15% الى 20%.
اذا كانت الارقام تكشف الفجوة بين الانتاج والاستهلاك لماذا ظهرت الازمة فجأة العام الماضي مع اقتراب شهر رمضان وهذا العام منذ شهر يونيو رغم وجود خطة وزارية لتوزيع السكر؟ هل يوجد تهريب او تخزين؟
قال: لا يوجد تهريب ولا تخزين ولا يحزنون! السكر من اصعب السلع من ناحية التخزين لانه مكلف ويبدأ تشغيل مصانع السكر في الفترة من شهر نوفمبر وحتى مايو من كل عام، ويتوقف انتاج السكر من شهر مايو وحتى نوفمبر، ورغم ذلك فان تخزين 100 الف طن من السكر مثلا يكلف ما لا يقل عن مليار جنيه.
وقال: يتم توزيع السكر من شركات الانتاج السودانية وفق خطة توضع من قبل لجنة وزارية (وزارة المالية ووزارة الصناعة) لتوزيع السكر لكل ولايات السودان حسب الاستهلاك ومن المفترض ان تغطي الخطة الاستهلاك خلال عام، وكان من المفترض عند تنفيذ هذه الخطة بدءا من شهر ديسمبر ان تؤشر لحدوث فجوة او ازمة في السكر المنتج حسب الضخ الشهري للسكر، وكان من المفترض ان تقرع الحكومة اجراس الخطر من شهر نوفمبر الماضي وتحتاط للامر بضخ سكر لتغطية الفجوة دون ان يشعر المواطن بذلك.
الخطأ ان الحكومة عملت على ردم الفجوة من ذات الماعون من مخزون سبتمبر (غطى الوجه وكشف القدمين) وعندما زادت الفجوة، عملت على استيراد سكر خام وعندما اتسعت الفجوة قامت باستيراد 150 الف طن من السكر، واضاف انني اقول منذ الان ان الازمة ستستمر وستزيد الفجوة عاما بعد اخر ولا حل سوى زيادة الانتاج بتشغيل المصانع الجديدة.
وزارة الصناعة ممثلة في وكيل الوزارة سيف الدين داؤد، قالت ان مسؤولية وزارة الصناعة هى العمل على تهيئة مناخ الانتاج، وان شركات السكر اصبحت تقوم بعملية التوزيع مثلها مثل اي مصنع، والوزارة تضطلع بدورها في وضع الخطة الوزارية لتوزيع السكر وهي معنية في هذا الجانب بسكر الصناعات، فالصناعة مهتمة بوصول السكر للمصانع العاملة والمنتجة بسعر تشجيعي حوالي 72 الف جنيه ونصف للجوال، واشار الى زيادة المعدل في الانتاج الصناعي في صناعة المياه الغازية والبسكويت والمربى وقال: ان حصة الصناعات زادت بنسبة 50% ولكن الكمية المخصصة للصناعة لا تكفي حاجة المصانع، ورد وكيل الصناعة الازمة في السكر لممارسات لا تتسق وسياسة التحرير الاقتصادي التي ادت لضخ اموال كثيرة لتوفير مدخلات انتاج لتحقيق وفرة في السلع واضاف: هناك عدم فهم لمعنى سياسة التحرير الاقتصادي التي تشجع المنافسة وتمنع الاحتكار، ولكن اعتقد ان هناك من يلجأ للتخزين في سلعة السكر رغم عدم جدوى ذلك من ناحية اقتصادية نسبة لارتفاع تكلفة التخزين ولان الانتاج الجديد من السكر سيطرح في الاسواق في نوفمبر اضافة لوجود سكر مستورد! واعتقد ان هناك خلل في قنوات توزيع السكر، فلا بد من الاشراف عليها، لا اقول رقابة لان ذلك يتناقض مع سياسة السوق الحر، ولكن ارى ضرورة الاشراف على قنوات التوزيع عن طريق سياسة التجارة الداخلية بالولايات فعبر اتباع سياسة معينة يمكن الكشف مبكرا عن بوادر الازمة بالوقوف على سير انسياب السلع ومعرفة الكمية المتوفرة والانتباه لاي نقص في اي سلعة منذ البداية.
شكوك حول فرضية الاستهلاك:
اثار الخبير الاقتصادي احمد شريف عدة نقاط فيما يتعلق بانتاج واستهلاك السكر في السودان، فذكر ان مستويات الدخل في السودان قد انخفضت خلال الخمسة وعشرين عاما الاخيرة لتصل الى ثلثي الدخل قبل ربع قرن من الزمان، وعندما كانت القوى الشرائية عالية فان اعلى متوسط لمعدلات الاستهلاك للفرد في السودان من السكر كان (13 كيلو جرام) في العام لكافة الاغراض، وحسب الاحصائيات فان نسبة سكان السودان تقدر بحوالي 36 مليون نسمة وعلى ذلك فان جملة استهلاكهم للسكر لا تتجاوز 468 الف طن من السكر في العام، وطرح سؤالا فيما يتعلق بانتاج عام 2004م، فاشار الى ان انتاج ذلك العام من السكر قد بلغ 744 الف طن، ويعني ذلك ان الانتاج المحلي يفوق تقديرات الاستهلاك المحلي بحوالي 276 الف طن، فهل ذهبت للصادر؟ وقال: ان الاستيراد بلغ هذا العام 183 الف طن، فاين ذهب انتاج السودان من السكر لهذا الموسم 2004م – 2005م، والبالغ قدره 744 الف طن؟.
ملاحظات حول السياسة التسويقية والاستيراد:
ولمناقشة فرضية ان الازمة تنشأ بسبب احتكار الحكومة لاستيراد اسكر واحتكار المؤسسات المنتجة لمنافذ التوزيع، نشير الى حقيقة ارتفاع سعر السكر في السودان مقارنة باسعاره في الاسواق العالمية (سعر طن السكر العالمي يساوي ثلثي سعره في السودان) وعموما فالسكر سلعة ذات ربح بسيط، الا انه يحقق ربحا سريعا لتجار الجملة الذين يبيعونه نقدا، فربح 2 الف جوال سكر قد لا يتجاوز 250 الف جنيه، ويمثل ايضا ميزة لتجار التجزئة او القطاعي فالسكر يملك خاصية جذب الزبائن للمتجر.
ان ذات الازمة في السكر التي نشهدها حاليا حدثت منذ عامين ولكن لم يحدث ارتفاع في الاسعار بالوتيرة الحالية اذ لم يشعر المستهلكون بارتفاع الاسعار رغم ان الجمارك كانت على السكر المستورد بنسبة 100%. وذلك لسببين استيراد السكر اتيح لمجموعة من التجار والشركات ولم يحدث احتكار لقنوات التوزيع لذلك تحكم قانون العرض والطلب في اسعار السكر ووفرته، وبميزات السكر المشار اليها مما حدا بالتجار لتحمل تبعات زيادة السعر.
ولكن حدث تغيير في الموقف منذ ان برزالاتجاه لاحتكار استيراد السكر واحتكار قنوات توزيعه، فالسكر المستورد يخضع للضرائب بنسبة 100% والحكومة تحقق من قطاع السكر ما لا يقل عن 300 مليار جنيه( وفقا لحديث مصدر رسمي )لذلك فليس من مصلحة الحكومة العمل على خفض الاسعار كما قال، فسعر السكر المستورد اقل كثيرا من سعر المنتج محليا (رغم الجمارك) ففي العام الماضي تم استيراد سكر من البرازيل ودبي، ولم تتجاوز تكلفة الجوال (39 الف جنيه )، بينما بيع في الاسواق باقصى سعر ،80 الف جنيه لجوال السكر الخشن، و 81 الف جنيه تقريبا للسكر الناعم!.
واذا كانت التساؤلات تطرح بشأن موقف الحكومة من ازمة السكر فالتساؤلات تطرح ايضا بشأن السياسات التسويقية للمؤسسات المنتجة للسكر وقنوات توزيعها المنتشرة الان.
30-8-1426 هـ
الموضوع: النيلين
معطيات حول السكر:
يعتبر السودان القطر الثاني في العالم العربي من حيث انتاج السكر، فهو ينتج حاليا اكثر من 700 الف طن في العام، ومن المتوقع ان يصل الانتاج الى 1.7 مليون طن في العام بعد قيام مشاريع السكر في النيل الابيض (300 الف طن) وملوط (110 الف طن)، النيل الازرق (250 الف طن).
هناك عوامل تؤثر في تجارة السكر مثل الاستقرار السياسي والحماية الداخلية لتجارة السكر وكفاءة الترحيل الداخلي، والتمويل، وتأهيل الموانئ وتطوير معدات التفريغ لاستقبال كميات السكر المستورد، ومرونة السياسات الجمركية والتسهيلات.
هناك طاقات تشغيلة بمصانع السكر القائمة في السودان (كنانة، عسلاية، حلفا، سنار، الجنيد) يمكن استغلالها للارتفاع بالانتاج الى حوالي 850 الف طن، كما توجد طاقات لتكرير السكر في المصانع ذاتها في فترة التوقف (يوليو- اكتوبر) ويسهم ذلك في ايجاد حل جزئي لتغطية الفجوة. وفي الخطط المستقبلية للارتفاع بالانتاج الى 850 الف طن في العام 2010 بينما سيرتفع الاستهلاك الى اكثر من 950 الف طن و عليه ستظل هناك فجوة في حدود 200 – 300 الف طن، ومن المتوقع ان يرتفع الاستهلاك الى اكثر من 1.2 مليون طن في العام 2015م.
وتلجأ الحكومة لاستيراد سكر من خارج السودان لتغطية الفجوة، فقد تم استيراد حوالي 183 الف طن، واستيراد 25 الف طن خام ليتم تكريرها في المصانع الوطنية (20 الف طن مصنع كنانة، 5 الف طن مصانع شركة السكر السودانية)، ويعتبر السكر السوداني اعلى سعرا مقارنة باسعاره في دول الجوار والعالم حتى بمستوى الاسعار في الدول التي لا تنتج السكر.
هناك مشكلة في ترحيل السكر الوارد من بورتسودان لمناطق الاستهلاك فقد اصبح القطاع الخاص يسيطر بشكل اكبر على قطاع الترحيل بعد تدهور السكة حديد.
فاصحاب الشاحانات باتوا يفضلون العمل في نقل الاغاثة لمناطق النزاعات ونقل المعدات لمواقع الانشاءات الجديدة، كسد مروي، حيث تطرح عروض مغرية تصل لضعف ما قد يعرض لنقل طن من السكر.
اسباب الازمة:
سنضع فرضيات للاجابة على السؤال، ما هي اسباب الازمة في السكر؟
الفرضية الاولى: ان هناك زيادة في الاستهلاك لسلعة السكر نتيجة الزيادة في عدد السكان والتغيير في مستويات وانماط المعيشة. الفرضية الثانية: ان الازمة مفتعلة من قبل المؤسسات المنتجة للسكر والحكومة وبعض التجار، باعتبار العوائد الكبيرة المحققة من تجارة السكر، والجمارك المفروضة على تلك السلعة.
يرجع المسؤولون بشركة السكر السودانية اسباب الازمة بشكل رئيسي لزيادة معدلات الاستهلاك، السيد فاروق محمد عثمان مدير القطاع الفني بالشركة يقول هناك زيادة في عدد السكان وتغيير في نمط الاستهلاك، فاذا كان عدد سكان السودان الان اكثر من 35 مليون نسمة فمن المتوقع ان يصل عددهم 45 مليون نسمة في العام 2015م، وان يصل الطلب على السكر الى مليون و 174 الف طن، وقال : نحن ننتج حوالي 700 الف طن بينما لا يقل الاستهلاك عن 850 الف طن، اي ان الفرق بين المنتج والمستهلك لا يقل عن 150 الف طن، وستزيد الفجوة في العام القادم الى 180 الف طن اي ان الفجوة بين الانتاج والاستهلاك ستزيد بمعدل يتراوح بين 15% الى 20%.
اذا كانت الارقام تكشف الفجوة بين الانتاج والاستهلاك لماذا ظهرت الازمة فجأة العام الماضي مع اقتراب شهر رمضان وهذا العام منذ شهر يونيو رغم وجود خطة وزارية لتوزيع السكر؟ هل يوجد تهريب او تخزين؟
قال: لا يوجد تهريب ولا تخزين ولا يحزنون! السكر من اصعب السلع من ناحية التخزين لانه مكلف ويبدأ تشغيل مصانع السكر في الفترة من شهر نوفمبر وحتى مايو من كل عام، ويتوقف انتاج السكر من شهر مايو وحتى نوفمبر، ورغم ذلك فان تخزين 100 الف طن من السكر مثلا يكلف ما لا يقل عن مليار جنيه.
وقال: يتم توزيع السكر من شركات الانتاج السودانية وفق خطة توضع من قبل لجنة وزارية (وزارة المالية ووزارة الصناعة) لتوزيع السكر لكل ولايات السودان حسب الاستهلاك ومن المفترض ان تغطي الخطة الاستهلاك خلال عام، وكان من المفترض عند تنفيذ هذه الخطة بدءا من شهر ديسمبر ان تؤشر لحدوث فجوة او ازمة في السكر المنتج حسب الضخ الشهري للسكر، وكان من المفترض ان تقرع الحكومة اجراس الخطر من شهر نوفمبر الماضي وتحتاط للامر بضخ سكر لتغطية الفجوة دون ان يشعر المواطن بذلك.
الخطأ ان الحكومة عملت على ردم الفجوة من ذات الماعون من مخزون سبتمبر (غطى الوجه وكشف القدمين) وعندما زادت الفجوة، عملت على استيراد سكر خام وعندما اتسعت الفجوة قامت باستيراد 150 الف طن من السكر، واضاف انني اقول منذ الان ان الازمة ستستمر وستزيد الفجوة عاما بعد اخر ولا حل سوى زيادة الانتاج بتشغيل المصانع الجديدة.
وزارة الصناعة ممثلة في وكيل الوزارة سيف الدين داؤد، قالت ان مسؤولية وزارة الصناعة هى العمل على تهيئة مناخ الانتاج، وان شركات السكر اصبحت تقوم بعملية التوزيع مثلها مثل اي مصنع، والوزارة تضطلع بدورها في وضع الخطة الوزارية لتوزيع السكر وهي معنية في هذا الجانب بسكر الصناعات، فالصناعة مهتمة بوصول السكر للمصانع العاملة والمنتجة بسعر تشجيعي حوالي 72 الف جنيه ونصف للجوال، واشار الى زيادة المعدل في الانتاج الصناعي في صناعة المياه الغازية والبسكويت والمربى وقال: ان حصة الصناعات زادت بنسبة 50% ولكن الكمية المخصصة للصناعة لا تكفي حاجة المصانع، ورد وكيل الصناعة الازمة في السكر لممارسات لا تتسق وسياسة التحرير الاقتصادي التي ادت لضخ اموال كثيرة لتوفير مدخلات انتاج لتحقيق وفرة في السلع واضاف: هناك عدم فهم لمعنى سياسة التحرير الاقتصادي التي تشجع المنافسة وتمنع الاحتكار، ولكن اعتقد ان هناك من يلجأ للتخزين في سلعة السكر رغم عدم جدوى ذلك من ناحية اقتصادية نسبة لارتفاع تكلفة التخزين ولان الانتاج الجديد من السكر سيطرح في الاسواق في نوفمبر اضافة لوجود سكر مستورد! واعتقد ان هناك خلل في قنوات توزيع السكر، فلا بد من الاشراف عليها، لا اقول رقابة لان ذلك يتناقض مع سياسة السوق الحر، ولكن ارى ضرورة الاشراف على قنوات التوزيع عن طريق سياسة التجارة الداخلية بالولايات فعبر اتباع سياسة معينة يمكن الكشف مبكرا عن بوادر الازمة بالوقوف على سير انسياب السلع ومعرفة الكمية المتوفرة والانتباه لاي نقص في اي سلعة منذ البداية.
شكوك حول فرضية الاستهلاك:
اثار الخبير الاقتصادي احمد شريف عدة نقاط فيما يتعلق بانتاج واستهلاك السكر في السودان، فذكر ان مستويات الدخل في السودان قد انخفضت خلال الخمسة وعشرين عاما الاخيرة لتصل الى ثلثي الدخل قبل ربع قرن من الزمان، وعندما كانت القوى الشرائية عالية فان اعلى متوسط لمعدلات الاستهلاك للفرد في السودان من السكر كان (13 كيلو جرام) في العام لكافة الاغراض، وحسب الاحصائيات فان نسبة سكان السودان تقدر بحوالي 36 مليون نسمة وعلى ذلك فان جملة استهلاكهم للسكر لا تتجاوز 468 الف طن من السكر في العام، وطرح سؤالا فيما يتعلق بانتاج عام 2004م، فاشار الى ان انتاج ذلك العام من السكر قد بلغ 744 الف طن، ويعني ذلك ان الانتاج المحلي يفوق تقديرات الاستهلاك المحلي بحوالي 276 الف طن، فهل ذهبت للصادر؟ وقال: ان الاستيراد بلغ هذا العام 183 الف طن، فاين ذهب انتاج السودان من السكر لهذا الموسم 2004م – 2005م، والبالغ قدره 744 الف طن؟.
ملاحظات حول السياسة التسويقية والاستيراد:
ولمناقشة فرضية ان الازمة تنشأ بسبب احتكار الحكومة لاستيراد اسكر واحتكار المؤسسات المنتجة لمنافذ التوزيع، نشير الى حقيقة ارتفاع سعر السكر في السودان مقارنة باسعاره في الاسواق العالمية (سعر طن السكر العالمي يساوي ثلثي سعره في السودان) وعموما فالسكر سلعة ذات ربح بسيط، الا انه يحقق ربحا سريعا لتجار الجملة الذين يبيعونه نقدا، فربح 2 الف جوال سكر قد لا يتجاوز 250 الف جنيه، ويمثل ايضا ميزة لتجار التجزئة او القطاعي فالسكر يملك خاصية جذب الزبائن للمتجر.
ان ذات الازمة في السكر التي نشهدها حاليا حدثت منذ عامين ولكن لم يحدث ارتفاع في الاسعار بالوتيرة الحالية اذ لم يشعر المستهلكون بارتفاع الاسعار رغم ان الجمارك كانت على السكر المستورد بنسبة 100%. وذلك لسببين استيراد السكر اتيح لمجموعة من التجار والشركات ولم يحدث احتكار لقنوات التوزيع لذلك تحكم قانون العرض والطلب في اسعار السكر ووفرته، وبميزات السكر المشار اليها مما حدا بالتجار لتحمل تبعات زيادة السعر.
ولكن حدث تغيير في الموقف منذ ان برزالاتجاه لاحتكار استيراد السكر واحتكار قنوات توزيعه، فالسكر المستورد يخضع للضرائب بنسبة 100% والحكومة تحقق من قطاع السكر ما لا يقل عن 300 مليار جنيه( وفقا لحديث مصدر رسمي )لذلك فليس من مصلحة الحكومة العمل على خفض الاسعار كما قال، فسعر السكر المستورد اقل كثيرا من سعر المنتج محليا (رغم الجمارك) ففي العام الماضي تم استيراد سكر من البرازيل ودبي، ولم تتجاوز تكلفة الجوال (39 الف جنيه )، بينما بيع في الاسواق باقصى سعر ،80 الف جنيه لجوال السكر الخشن، و 81 الف جنيه تقريبا للسكر الناعم!.
واذا كانت التساؤلات تطرح بشأن موقف الحكومة من ازمة السكر فالتساؤلات تطرح ايضا بشأن السياسات التسويقية للمؤسسات المنتجة للسكر وقنوات توزيعها المنتشرة الان.