aborawan
20-06-2005, 06:22 AM
دَعِ الأَيَّامَ تَفْعَل مَا تَشَاءُ
دَعِ الأَيَّامَ تَفْعَل مَا تَشَاءُ * وَطِبْ نَفْسَاً إِذَا حَكَمَ القَضَاءُ
وَلاَ تَجْزَعْ لِحَادِثَةِ اللَّيَالِي * فَمَا لِحَوادِثِ الدُّنْيَا بَقَاءُ
وََكُنْ رجُلاً عَلَى الأَهْوَالِ جَلْداً * وَشِيمَتُكَ السَّمَاحَةُ وَالوَفَاءُ
وَإِنْ كَثُرَتْ عُيُوبُكَ فِي البَرَايَا * وَسَرَّكَ أَنْ يَكُونَ لَهَا غِطَاءُ
يُغَطّى بِالسَّمَاحَةِ كُلُّ عَيْبٍ * وَكَمْ عَيْبٍ يُغَطِّيهِ السَّخَاءُ
وَلاَ حُزْنٌ يَدُومُ وَلاَ سُرُورٌ * وَلاَ بُؤْسٌ عَلَيْكَ وَلاَ رَخَاءُ
وَلاَ تُرِ لِلأَعادِي قَطٌّ ذُلاًّ * فَإِنَّ شَمَاتَةَ الأَعْدَا بَلاّءٌ
وَلاَ تَرْجُ السَّمَاحَةَ مِنْ بَخِيلٍ * فَمَا فِي النَّارِ لِلظَّمْآنِ مَاءُ
وَرِزْقُكَ لَيْسَ يُنْقِصُهُ التَّأَنِّي * وَلَيْسَ يَزِيدُ فِي الرِّزْقِ العَنَاءُ
إِذَا مَا كُنْتَ ذَا قَلْبٍ قَنُوعٍ * فَأَنْتَ وَمَالِكُ الدُّنْيَا سَواءُ
وَمَنْ نَزَلتْ بِسَاحَتِهِ المَنَايَا * فَلاَ أَرْضٌ تَقِيهِ وَلاَ سَماءُ
وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ وَلكِنْ * إِذَا نَزَلَ القَضَا ضَاقَ الفَضَاءُ
دَعِ الأَيَّامَ تَغْدُرْ كُلَّ حِيْنٍ * وَلاَ يُغْنِي عَنِ المَوْتِ الدَّوَاءُ
التَّغرُّب
مَا فِي المَقَامِ لِذِي عَقْلٍ وَذِي أَدَبِ * مِنْ رَاحَةٍ فَدَعِ الأَوْطَانَ وَاغْتَرِبِ
سَافِرْ تَجِدْ عِوَضاً عَمنْ تُفَارِقُهُ * وَانْصَبْ فَإِنَّ لَذِيذَ العَيْشِ فِي النَّصَبِ
إِنِّي رَأَيْتُ وُقوفَ المَاءِ يُفْسِدُهُ * إِنْ سَاحَ طَابَ وَإِنْ لَمْ يَجْرِ لَمْ يَطِبِ
وَالأُسْدُ لَوْلاَ فِرَاقُ الأَرْضِ مَا افْتَرَسَتْ * وَالسَّهْمُ لَوْلاَ فِرَاقُ القَوْسِ لَمْ يُصِبِ
وَالشَّمْسُ لَوْ وَقَفَتْ فِي الفُلْكِ دَائِمَةً * لَمَلَّهَا النَّاسُ مِنْ عُجْمٍ وَمِنْ عَرَبِ
وَالتِّبْرُ كَالتُّرْبِ مُلْقَى فِي أَمَاكِنِهِ * وَالعُودُ فِي أَرْضِهِ نَوْعٌ مِنَ الحَطَبِ
فَإِنْ تَغَرَّبَ هذَا عَزَّ مَطْلَبُهُ * وَإِنْ تَغَرَّبَ هذَا عَزَّ كَالذَّهَبِ
فوائد الأَسفار
قيل للإمام أبي عبد اللّه محمَّد بن إدريس الشافعي: "ما لك تُكثر من إمساك العصا ولست بضعيف". قال: "لأذكُرَ أَنِّي مسافر". وفي الغربة عن الأوطان يقول:
تَغَرَّبْ عَنِ الأَوْطَانِ فَي طَلَبِ العُلَى * وَسَافِرْ فَفِي الأَسْفَارِ خَمْسُ فَوائِدِ
تَفَرُّجُ هَمٍّ، واكْتِسَابُ مَعِيْشَةٍ * وَعِلْمٌ، وَآدَابٌ، وَصْحْبَةُ مَاجِدِ
فَإِنْ قِيلَ فِي الأَسْفَارِ ذُلٌّ وَمِحْنَةٌ * وَقَطْعُ الفَيَافِي وَارْتِكَابُ الشَّدَائِدِ
فَمَوْتُ الفَتَى خَيْرٌ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ * بِدَارِ هَوَانٍ بَيْنَ وَاشٍ وَحَاسِدِ
بلاء الملوك
إِنَّ المُلُوكَ بَلاَءٌ حَيْثُمَا حَلُّوا * فَلاَ يَكُنْ لَكَ فِي أَبْوَابِهِمْ ظِلُّ
مَاذَا تُؤَمِّلُ مِنْ قَوْمٍ إِذَا غَضِبُوا * جَارُوا عَلَيْكَ وَإِنْ أَرْضَيْتَهُمْ مَلُّوا
فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ عَنْ أَبْوابِهِمْ كَرَمَاً * إِنَّ الوُقُوفَ عَلَى أَبْوَابِهِمْ ذُلُّ
الأَشراف واللِّئام
أَرَى حُمُراً تَرْعَى وَتَعْلِفُ مَا تَهْوى * وَأُسْدَاً جِيَاعَاً تَظْمَأُ الدَّهْرَ لاَ تُرْوى
وَأَشْرَافَ قَوْمٍ لاَ يَنَالُونَ قُوتَهُمْ * وَقَوْمَاً لِئَامَاً تَأْكُلُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى
قَضَاءٌ لِدَّيانِ الخَلاَئِقِ سَابِقٌ * وَلَيْسَ عَلَى مُرِّ القَضَا أَحَدٌ يَقْوَى
فَمَنْ عَرَفَ الدَّهْرَ الخَؤُونَ وَصَرْفَهُ * تَصَبَّرَ لِلْبَلْوَى وَلَمْ يُظْهِرِ الشَّكْوَى
الذُّباب والشَّهد
أَكَلَ العُقابُ بِقَوَّةٍ جِيفَ الغَلا * وَجَنَى الذُّبَابُ الشَّهْدَ وَهُوَ ضَعِيفُ
دعاء
سَقَى اللَّهُ أَرْضَ العَامِرِيِّ غَمَامَةً * وَرَدَّ إِلَى الأَوْطَانِ كُلَّ غَرِيبِ
وَأَعْطَى ذَوِي الحَاجَاتِ فَوْقَ مناهم * وَأَمْتَعَ مَحْبُوبَاً بِقُرْبِ حَبِيبِ
صفة الإِخوان
صُنِ النَّفْسَ وَاحْمِلْهَا عَلَى مَا يَزِينُهَا * تَعِشْ سَالِمَاً وَالقَوْلُ فِيكَ جَمِيْلُ
وَلاَ تُولِينَّ النَّاسَ إِلاَّ تَجمُّلاً * نبَا بِكَ دَهْرٌ أَوُ جَفَاكَ خَلِيلُ
وَإِنْ ضَاقَ رِزْقُ اليَوْمِ فَاصْبِرْ إِلَى غَدٍ * عَسَى نَكَبَاتُ الدَّهْرِ عَنْكَ تَزُولُ
وَلاَ خَيْرَ فِي وُدِّ امْرِىءٍ مُتَلَوِّنٍ * إِذَا الرِّيحُ مَالَتْ، مَالَ حَيْثُ تَمِيلُ
وَمَا أَكْثَرَ الإِخْوَانَ حِينَ تَعُدُّهُمْ * وَلَكِنَّهُمْ فِي النَّائِبَاتِ قَلِيلُ
الخلفاء الراشدون
شَهِدْتُ بِأَنَّ اللَّهَ لاَ شَيْءَ غَيْرُهُ * وَأَشْهَدُ أَنَّ الْبَعْثَ حَقٌّ وَأَخْلَصُ
وَأَنَّ عُرَى الإِيمَانِ قَوْلٌ مُبَيَّنٌ * وَفِعْلٌ زَكِيٌّ قَدُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ
وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ خَلِيفَةُ رَبِّهِ * وَكَانَ أَبُو حَفْصٍ عَلَى الْخَيْرِ يَحْرِصُ
وَأُشْهِدُ رَبَّي أَنَّ عُثْمَانَ فَاضِلٌ * وَأَنَّ عَلَيّاً فَضْلُهُ مُتَخَصِّصُ
أَئِمَّةُ قَوْمٍ يُهْتَدَى بِهُدَاهُمُ * لَحَى اللَّهُ مَنْ إِيَّاهُمُ يَتَنَقَّصُ
فَمَا لِغواةٍ يَشْتُمُونَ سَفَاهَة * وَمَا لِسَفِيهِ لاَ يحيص ويخرُصُ
الجود
إِذَا لَمْ تَجُودُوا وَالأُمُورُ بِكُمْ تُمْضَى * وَقَدْ مَلَكَتْ أَيْدِيكُمُ الْبَسْطَ وَالْقَبْضَا
فَمَاذَا يُرَجَّى مِنْكُمُ إِنْ عُزِلْتُمُ * وَعَضَّتْكُمُ الدُّنْيَا بِأَنْيَابِهَا عَضَّا
وَتَسْتَرْجِعُ الأَيَّامُ مَا وَهَبَتْكُمُ * وَمِنْ عَادَةِ الأَيَّامِ تَسْتَرْجِعُ القَرْضَا
الوَرَع
المَرْءُ إِنْ كَانَ عَاقِلاً وَرِعَاً * أَشغَلَهُ عَنْ عُيوبِ غَيْرِهِ وَرَعُهُ
كَمَا العَلِيلُ السَّقِيمُ أَشْغَلَهُ * عَنْ وَجعِ النَّاسِ كُلِّهِمْ وَجَعُهُ
قال الإمام الشَّافعيُّ رضي اللّه عنه : "لأن يلقى اللَّهَ العبدُ بكلِّ ذنب إِلاَّ الشِّرك خيرٌ من أن يلقاه بشيْءٍ من الأهواء".
الأَحمق
إِذَا الْمَرْءُ أَفْشَى سِرِّهُ بِلِسَانِهِ * وَلاَمَ عَلَيْهِ غَيْرَهُ فَهُوَ أَحْمَقُ
إِذَا ضَاقَ صَدْرُ المَرْءِ عَنْ سِرِّ نَفْسِهِ * فَصَدْرُ الَّذِي يُسْتَودْعُ السِّرَّ أَضْيَقُ
الفتنة العظيمة
فَسَادٌ كَبِيرٌ عَالِمٌ مُتَهَتِّكٌ * وَأَكْبَرُ مِنْهُ جَاهِلٌ مُتَنَسِّكُ
هُمَا فِتْنَةٌ فِي العَالَمِيْنَ عَظِيْمَةٌ * لِمَنْ بِهِمَا في دِينِهِ يَتَمَسَّكُ
بيني وبين اللّه
أَجُودُ بِمَوْجُودٍ وَلَوْ بِتُّ طَاوِيَاً * عَلَى الجُوعِ كَشْحَاً وَالْحَشَا يَتَأَلَّمُ
وَأُظْهِرُ أَسْبَابَ الغِنَى بَيْنَ رِفْقَتِي * لِيَخْفَاهُمُ حَالِي وَإِنِّي لَمُعْدَمُ
وَبَيْنِي وَبَيْنَ اللّهِ أَشْكُو فَاقَتِي * حَقِيْقَاً فَإِنَّ اللّهَ بِالحَالِ أَعْلَمُ
الطَّمع
أَمَتُّ مَطَامِعِي فَأَرَحْتُ نَفْسِي * فَإِنَّ النَّفْسَ مَا طَمِعَتْ تَهُونُ
وَأَحْيَيْتُ القُنُوعَ وَكَانَ مَيْتَاً * فَفِي إِحْيَائِهِ عِرْضٌ مَصُونُ
إِذَا طَمَعٌ يَحِلُّ بِقَلْبِ عَبْدٍ * عَلَتْهُ مَهَانَةٌ وَعَلاهُ هُونُ
خلاَّق البرايا
أَنِلْنِي بِالَّذِي اسْتَقْرَضْتَ خطّاً * وَأَشْهِدْ مَعْشَراً قَدْ شَاهَدُوهُ
فَإِنَّ اللّه خَلاقُ البَرَايَا * عَنَتْ لِجَلالِ هَيْبَتِهِ الوُجُوهُ
يَقُولُ: {إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ * إِلَى أَجَلٍ مُسَمَّى فَاكْتُبُوهُ}
دع ما هويت
إِذَا حَارَ ذِهْنُكَ فِي مَعْنَيَيْنِ * وَأَعْيَاكَ حَيْثُ الهَوَى والصَّوَابُ
فَدَعْ مَا هَوَيْتَ فَإِنَّ الهَوَى * يَقُودُ النُّفُّوسَ إِلَى مَا يُعَابُ
السكوت جواب السَّفيه
إِذَا نَطَقَ السَّفِيهُ فَلاَ تُجِبْهُ * فَخَيْرٌ مَنْ إِجَابَتِهِ السُّكُوتُ
فَإِنْ كَلَّمْتَهُ فَرَّجْتَ عَنْهُ * وَإِنْ خَلَّيْتَهُ كَمْداً يَمُوتُ
سَكَتُّ عَنِ السَّفَيِهِ فَظَنَّ أَنِّي * عَيِيتُ عَنِ الجَوَابِ وَمَا عَيِيتُ
قال الإمام الشافعي رضي اللّه عنه: "إياك ومخالطة السفهاء ومن لا ينصفك"
الوحدة
إِذا لمْ أَجِدْ خِلاًّ تَقِيَّا فَوِحْدَتِي * ألَذُّ وَأَشْهَى مِنْ غَوِيٍّ أُعَاشِرُهْ
وَأَجْلِسُ وَحْدِي لِلْعِبَادَةِ آمِناً * أَقَرُّ لِعَيْنِي مِنْ جَلِيسٍ أُحَاذِرُهْ
الصَّديق
صَدِيقٌ لَيْسَ يَنْفَعُ يَوْمَ بُؤْسٍ * قَرِيبٌ مِنْ عَدْوٍّ فِي القِيَاسِ
وَمَا يَبْقَى الصَّدِيقُ بِكُلِّ عَصْرٍ * وَلاَ الإِخْوَانُ إِلاَّ لِلتَّآسِي
عَبَرْتُ الدَّهْرَ مُلْتَمِسَاً بِجُهْدِي * أَخَا ثِقَةٍ فَأَلْهَانِي التِمَاسِي
تَنَكَّرَتِ البِلاَدُ وَمَنْ عَلَيْهَا * كَأَنَّ أُنَاسَهَا لَيْسُوا بِنَاسِ
قال الإمام الشَّافعيُّ رضي اللّه عنه: "ليس بأخيك من احتجت إلى مداراته"
دَعِ الأَيَّامَ تَفْعَل مَا تَشَاءُ * وَطِبْ نَفْسَاً إِذَا حَكَمَ القَضَاءُ
وَلاَ تَجْزَعْ لِحَادِثَةِ اللَّيَالِي * فَمَا لِحَوادِثِ الدُّنْيَا بَقَاءُ
وََكُنْ رجُلاً عَلَى الأَهْوَالِ جَلْداً * وَشِيمَتُكَ السَّمَاحَةُ وَالوَفَاءُ
وَإِنْ كَثُرَتْ عُيُوبُكَ فِي البَرَايَا * وَسَرَّكَ أَنْ يَكُونَ لَهَا غِطَاءُ
يُغَطّى بِالسَّمَاحَةِ كُلُّ عَيْبٍ * وَكَمْ عَيْبٍ يُغَطِّيهِ السَّخَاءُ
وَلاَ حُزْنٌ يَدُومُ وَلاَ سُرُورٌ * وَلاَ بُؤْسٌ عَلَيْكَ وَلاَ رَخَاءُ
وَلاَ تُرِ لِلأَعادِي قَطٌّ ذُلاًّ * فَإِنَّ شَمَاتَةَ الأَعْدَا بَلاّءٌ
وَلاَ تَرْجُ السَّمَاحَةَ مِنْ بَخِيلٍ * فَمَا فِي النَّارِ لِلظَّمْآنِ مَاءُ
وَرِزْقُكَ لَيْسَ يُنْقِصُهُ التَّأَنِّي * وَلَيْسَ يَزِيدُ فِي الرِّزْقِ العَنَاءُ
إِذَا مَا كُنْتَ ذَا قَلْبٍ قَنُوعٍ * فَأَنْتَ وَمَالِكُ الدُّنْيَا سَواءُ
وَمَنْ نَزَلتْ بِسَاحَتِهِ المَنَايَا * فَلاَ أَرْضٌ تَقِيهِ وَلاَ سَماءُ
وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ وَلكِنْ * إِذَا نَزَلَ القَضَا ضَاقَ الفَضَاءُ
دَعِ الأَيَّامَ تَغْدُرْ كُلَّ حِيْنٍ * وَلاَ يُغْنِي عَنِ المَوْتِ الدَّوَاءُ
التَّغرُّب
مَا فِي المَقَامِ لِذِي عَقْلٍ وَذِي أَدَبِ * مِنْ رَاحَةٍ فَدَعِ الأَوْطَانَ وَاغْتَرِبِ
سَافِرْ تَجِدْ عِوَضاً عَمنْ تُفَارِقُهُ * وَانْصَبْ فَإِنَّ لَذِيذَ العَيْشِ فِي النَّصَبِ
إِنِّي رَأَيْتُ وُقوفَ المَاءِ يُفْسِدُهُ * إِنْ سَاحَ طَابَ وَإِنْ لَمْ يَجْرِ لَمْ يَطِبِ
وَالأُسْدُ لَوْلاَ فِرَاقُ الأَرْضِ مَا افْتَرَسَتْ * وَالسَّهْمُ لَوْلاَ فِرَاقُ القَوْسِ لَمْ يُصِبِ
وَالشَّمْسُ لَوْ وَقَفَتْ فِي الفُلْكِ دَائِمَةً * لَمَلَّهَا النَّاسُ مِنْ عُجْمٍ وَمِنْ عَرَبِ
وَالتِّبْرُ كَالتُّرْبِ مُلْقَى فِي أَمَاكِنِهِ * وَالعُودُ فِي أَرْضِهِ نَوْعٌ مِنَ الحَطَبِ
فَإِنْ تَغَرَّبَ هذَا عَزَّ مَطْلَبُهُ * وَإِنْ تَغَرَّبَ هذَا عَزَّ كَالذَّهَبِ
فوائد الأَسفار
قيل للإمام أبي عبد اللّه محمَّد بن إدريس الشافعي: "ما لك تُكثر من إمساك العصا ولست بضعيف". قال: "لأذكُرَ أَنِّي مسافر". وفي الغربة عن الأوطان يقول:
تَغَرَّبْ عَنِ الأَوْطَانِ فَي طَلَبِ العُلَى * وَسَافِرْ فَفِي الأَسْفَارِ خَمْسُ فَوائِدِ
تَفَرُّجُ هَمٍّ، واكْتِسَابُ مَعِيْشَةٍ * وَعِلْمٌ، وَآدَابٌ، وَصْحْبَةُ مَاجِدِ
فَإِنْ قِيلَ فِي الأَسْفَارِ ذُلٌّ وَمِحْنَةٌ * وَقَطْعُ الفَيَافِي وَارْتِكَابُ الشَّدَائِدِ
فَمَوْتُ الفَتَى خَيْرٌ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ * بِدَارِ هَوَانٍ بَيْنَ وَاشٍ وَحَاسِدِ
بلاء الملوك
إِنَّ المُلُوكَ بَلاَءٌ حَيْثُمَا حَلُّوا * فَلاَ يَكُنْ لَكَ فِي أَبْوَابِهِمْ ظِلُّ
مَاذَا تُؤَمِّلُ مِنْ قَوْمٍ إِذَا غَضِبُوا * جَارُوا عَلَيْكَ وَإِنْ أَرْضَيْتَهُمْ مَلُّوا
فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ عَنْ أَبْوابِهِمْ كَرَمَاً * إِنَّ الوُقُوفَ عَلَى أَبْوَابِهِمْ ذُلُّ
الأَشراف واللِّئام
أَرَى حُمُراً تَرْعَى وَتَعْلِفُ مَا تَهْوى * وَأُسْدَاً جِيَاعَاً تَظْمَأُ الدَّهْرَ لاَ تُرْوى
وَأَشْرَافَ قَوْمٍ لاَ يَنَالُونَ قُوتَهُمْ * وَقَوْمَاً لِئَامَاً تَأْكُلُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى
قَضَاءٌ لِدَّيانِ الخَلاَئِقِ سَابِقٌ * وَلَيْسَ عَلَى مُرِّ القَضَا أَحَدٌ يَقْوَى
فَمَنْ عَرَفَ الدَّهْرَ الخَؤُونَ وَصَرْفَهُ * تَصَبَّرَ لِلْبَلْوَى وَلَمْ يُظْهِرِ الشَّكْوَى
الذُّباب والشَّهد
أَكَلَ العُقابُ بِقَوَّةٍ جِيفَ الغَلا * وَجَنَى الذُّبَابُ الشَّهْدَ وَهُوَ ضَعِيفُ
دعاء
سَقَى اللَّهُ أَرْضَ العَامِرِيِّ غَمَامَةً * وَرَدَّ إِلَى الأَوْطَانِ كُلَّ غَرِيبِ
وَأَعْطَى ذَوِي الحَاجَاتِ فَوْقَ مناهم * وَأَمْتَعَ مَحْبُوبَاً بِقُرْبِ حَبِيبِ
صفة الإِخوان
صُنِ النَّفْسَ وَاحْمِلْهَا عَلَى مَا يَزِينُهَا * تَعِشْ سَالِمَاً وَالقَوْلُ فِيكَ جَمِيْلُ
وَلاَ تُولِينَّ النَّاسَ إِلاَّ تَجمُّلاً * نبَا بِكَ دَهْرٌ أَوُ جَفَاكَ خَلِيلُ
وَإِنْ ضَاقَ رِزْقُ اليَوْمِ فَاصْبِرْ إِلَى غَدٍ * عَسَى نَكَبَاتُ الدَّهْرِ عَنْكَ تَزُولُ
وَلاَ خَيْرَ فِي وُدِّ امْرِىءٍ مُتَلَوِّنٍ * إِذَا الرِّيحُ مَالَتْ، مَالَ حَيْثُ تَمِيلُ
وَمَا أَكْثَرَ الإِخْوَانَ حِينَ تَعُدُّهُمْ * وَلَكِنَّهُمْ فِي النَّائِبَاتِ قَلِيلُ
الخلفاء الراشدون
شَهِدْتُ بِأَنَّ اللَّهَ لاَ شَيْءَ غَيْرُهُ * وَأَشْهَدُ أَنَّ الْبَعْثَ حَقٌّ وَأَخْلَصُ
وَأَنَّ عُرَى الإِيمَانِ قَوْلٌ مُبَيَّنٌ * وَفِعْلٌ زَكِيٌّ قَدُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ
وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ خَلِيفَةُ رَبِّهِ * وَكَانَ أَبُو حَفْصٍ عَلَى الْخَيْرِ يَحْرِصُ
وَأُشْهِدُ رَبَّي أَنَّ عُثْمَانَ فَاضِلٌ * وَأَنَّ عَلَيّاً فَضْلُهُ مُتَخَصِّصُ
أَئِمَّةُ قَوْمٍ يُهْتَدَى بِهُدَاهُمُ * لَحَى اللَّهُ مَنْ إِيَّاهُمُ يَتَنَقَّصُ
فَمَا لِغواةٍ يَشْتُمُونَ سَفَاهَة * وَمَا لِسَفِيهِ لاَ يحيص ويخرُصُ
الجود
إِذَا لَمْ تَجُودُوا وَالأُمُورُ بِكُمْ تُمْضَى * وَقَدْ مَلَكَتْ أَيْدِيكُمُ الْبَسْطَ وَالْقَبْضَا
فَمَاذَا يُرَجَّى مِنْكُمُ إِنْ عُزِلْتُمُ * وَعَضَّتْكُمُ الدُّنْيَا بِأَنْيَابِهَا عَضَّا
وَتَسْتَرْجِعُ الأَيَّامُ مَا وَهَبَتْكُمُ * وَمِنْ عَادَةِ الأَيَّامِ تَسْتَرْجِعُ القَرْضَا
الوَرَع
المَرْءُ إِنْ كَانَ عَاقِلاً وَرِعَاً * أَشغَلَهُ عَنْ عُيوبِ غَيْرِهِ وَرَعُهُ
كَمَا العَلِيلُ السَّقِيمُ أَشْغَلَهُ * عَنْ وَجعِ النَّاسِ كُلِّهِمْ وَجَعُهُ
قال الإمام الشَّافعيُّ رضي اللّه عنه : "لأن يلقى اللَّهَ العبدُ بكلِّ ذنب إِلاَّ الشِّرك خيرٌ من أن يلقاه بشيْءٍ من الأهواء".
الأَحمق
إِذَا الْمَرْءُ أَفْشَى سِرِّهُ بِلِسَانِهِ * وَلاَمَ عَلَيْهِ غَيْرَهُ فَهُوَ أَحْمَقُ
إِذَا ضَاقَ صَدْرُ المَرْءِ عَنْ سِرِّ نَفْسِهِ * فَصَدْرُ الَّذِي يُسْتَودْعُ السِّرَّ أَضْيَقُ
الفتنة العظيمة
فَسَادٌ كَبِيرٌ عَالِمٌ مُتَهَتِّكٌ * وَأَكْبَرُ مِنْهُ جَاهِلٌ مُتَنَسِّكُ
هُمَا فِتْنَةٌ فِي العَالَمِيْنَ عَظِيْمَةٌ * لِمَنْ بِهِمَا في دِينِهِ يَتَمَسَّكُ
بيني وبين اللّه
أَجُودُ بِمَوْجُودٍ وَلَوْ بِتُّ طَاوِيَاً * عَلَى الجُوعِ كَشْحَاً وَالْحَشَا يَتَأَلَّمُ
وَأُظْهِرُ أَسْبَابَ الغِنَى بَيْنَ رِفْقَتِي * لِيَخْفَاهُمُ حَالِي وَإِنِّي لَمُعْدَمُ
وَبَيْنِي وَبَيْنَ اللّهِ أَشْكُو فَاقَتِي * حَقِيْقَاً فَإِنَّ اللّهَ بِالحَالِ أَعْلَمُ
الطَّمع
أَمَتُّ مَطَامِعِي فَأَرَحْتُ نَفْسِي * فَإِنَّ النَّفْسَ مَا طَمِعَتْ تَهُونُ
وَأَحْيَيْتُ القُنُوعَ وَكَانَ مَيْتَاً * فَفِي إِحْيَائِهِ عِرْضٌ مَصُونُ
إِذَا طَمَعٌ يَحِلُّ بِقَلْبِ عَبْدٍ * عَلَتْهُ مَهَانَةٌ وَعَلاهُ هُونُ
خلاَّق البرايا
أَنِلْنِي بِالَّذِي اسْتَقْرَضْتَ خطّاً * وَأَشْهِدْ مَعْشَراً قَدْ شَاهَدُوهُ
فَإِنَّ اللّه خَلاقُ البَرَايَا * عَنَتْ لِجَلالِ هَيْبَتِهِ الوُجُوهُ
يَقُولُ: {إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ * إِلَى أَجَلٍ مُسَمَّى فَاكْتُبُوهُ}
دع ما هويت
إِذَا حَارَ ذِهْنُكَ فِي مَعْنَيَيْنِ * وَأَعْيَاكَ حَيْثُ الهَوَى والصَّوَابُ
فَدَعْ مَا هَوَيْتَ فَإِنَّ الهَوَى * يَقُودُ النُّفُّوسَ إِلَى مَا يُعَابُ
السكوت جواب السَّفيه
إِذَا نَطَقَ السَّفِيهُ فَلاَ تُجِبْهُ * فَخَيْرٌ مَنْ إِجَابَتِهِ السُّكُوتُ
فَإِنْ كَلَّمْتَهُ فَرَّجْتَ عَنْهُ * وَإِنْ خَلَّيْتَهُ كَمْداً يَمُوتُ
سَكَتُّ عَنِ السَّفَيِهِ فَظَنَّ أَنِّي * عَيِيتُ عَنِ الجَوَابِ وَمَا عَيِيتُ
قال الإمام الشافعي رضي اللّه عنه: "إياك ومخالطة السفهاء ومن لا ينصفك"
الوحدة
إِذا لمْ أَجِدْ خِلاًّ تَقِيَّا فَوِحْدَتِي * ألَذُّ وَأَشْهَى مِنْ غَوِيٍّ أُعَاشِرُهْ
وَأَجْلِسُ وَحْدِي لِلْعِبَادَةِ آمِناً * أَقَرُّ لِعَيْنِي مِنْ جَلِيسٍ أُحَاذِرُهْ
الصَّديق
صَدِيقٌ لَيْسَ يَنْفَعُ يَوْمَ بُؤْسٍ * قَرِيبٌ مِنْ عَدْوٍّ فِي القِيَاسِ
وَمَا يَبْقَى الصَّدِيقُ بِكُلِّ عَصْرٍ * وَلاَ الإِخْوَانُ إِلاَّ لِلتَّآسِي
عَبَرْتُ الدَّهْرَ مُلْتَمِسَاً بِجُهْدِي * أَخَا ثِقَةٍ فَأَلْهَانِي التِمَاسِي
تَنَكَّرَتِ البِلاَدُ وَمَنْ عَلَيْهَا * كَأَنَّ أُنَاسَهَا لَيْسُوا بِنَاسِ
قال الإمام الشَّافعيُّ رضي اللّه عنه: "ليس بأخيك من احتجت إلى مداراته"