المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أعجاز القران في سورة البقره



الزبير محمد عبدالفضيل
03-05-2005, 12:03 AM
الثلاثاء 25-ربيع أول-1426هـ
3-مايو-2005


فقه وفتاوى


المكتبة


الحديث


القرآن


الصفحة الرئيسية



الإعجاز العلمي ترجمة المعاني مفاتيح السور تفسير تلاوة





لماذا تسجل بياناتك في موقع هدي الإسلام ؟ أولاً:تكون واحداً من أسرة الموقع. ثانياً: يتاح لك استقبال الرسائل الدورية التي نرسلها للمشتركين. ثالثاً:يتاح لك الدخول على أبواب الموقع المخصصة للمشتركين فقط. وبالطبع التسجيل مجاني.... مع تحيات موقع هدي الإسلام....
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة الرئيسية الإعجاز العلمي في القرآن مقالات سورة البقرة الآية رقم: 26



عدد القراء: 665
الاشارات الكونيه في القران الكريم ومغزي دلالتها العلميه

إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهَُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الفَاسِقِينَ
[البقرة : 26]
بقلم الدكتور‏:‏ زغلول راغب النجار





هذا النص القراني جاء في العشر الاول من سوره البقره‏,‏ وهي سوره مدنيه‏,‏ وعدد اياتها‏(286)‏ بعد البسمله‏,‏ وهي اطول سور القران الكريم علي الاطلاق‏,‏ وقد سميت بهذا الاسم لورود الاشاره فيها الي تلك المعجزه التي اجراها الله‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ علي يدي نبيه موسي‏(‏ عليه السلام‏)‏ حين تعرض شخص من بني اسرائيل في زمانه للقتل‏,‏ ولم يعرف قاتله‏,‏ فاوحي الله‏(‏ تعالي‏)‏ الي عبده موسي ان يامر قومه بذبح بقره‏,‏ وان يضربوا الميت بجزء منها فيحيا باذن الله‏,‏ ويخبرهم عن قاتله‏,‏ ثم يموت‏,‏ احقاقا للحق‏,‏ وشهاده لله‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ بالقدره علي احياء الموتي‏.‏

ومن مزايا سوره البقره ان رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ قال فيها‏:‏
‏*‏ لاتجعلوا بيوتكم مقابر‏,‏ وان البيت الذي تقرا البقره فيه لايدخله الشيطان‏.‏

‏*‏ من قرا الايتين من اخر سوره البقره في ليله كفتاه‏.‏
‏*‏ ياتي القران‏,‏ واهله الذين يعملون به في الدنيا‏,‏ تقدمه سوره البقره‏,‏ وال عمران‏..‏ ياتيان كانهما غيابتان وبينهما شرق‏,‏ او كانهما غمامتان سوداوان‏,‏ او كانهما ظله من طير صواف تجادلان عن صاحبهما‏.‏

‏*‏ اقراوا سوره البقره‏,‏ فان اخذها بركه‏,‏ وتركها حسره‏,‏ ولا يستطيعها البطله
ويدور المحور الرئيسي لسوره البقره حول قضيه التشريع الاسلامي في العبادات والاخلاق‏,‏ والمعاملات‏,‏ وان لم تغفل قضيه العقيده الاسلاميه لانها صلب الدين‏,‏ كذلك حددت السوره الكريمه صفات كل من المؤمنين والمنافقين والكافرين‏,‏ وسجلت قصه خلق الانسان بدءا بابوينا ادم وحواء‏(‏ عليهما من الله السلام‏).‏

واشارت السوره الي عدد من انبياء الله ورسله منهم ابراهيم‏,‏ وولده اسماعيل‏,‏ وحفيده يعقوب‏,‏ ومن نسله موسي‏,‏ وداود‏,‏ وسليمان‏,‏ وعيسي ابن مريم علي نبينا وعليهم من الله السلام‏.‏
وبتفصيل بلغ اكثر من ثلث السوره تناولت سوره البقره قضيه اهل الكتاب‏,‏ وموقفهم من الرساله الخاتمه‏,‏ ومن النبي والرسول الخاتم‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏),‏ وختمت باقرار حقيقه الايمان‏,‏ وبدعاء يهز القلب والروح والوجدان‏,‏ علي لسان العبد مناجيا ربه‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ بما يجب ان يقول فيقول‏:‏

‏...‏ ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا او اخطانا ربنا ولا تحمل علينا اصرا كما حملته علي الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقه لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا انت مولانا فانصرنا علي القوم الكافرين‏*).‏
‏(‏البقره‏:286).‏

ويمكن ايجاز اهم معطيات سوره البقره فيما يلي‏:‏


صوره بالمجهر الالكتروني لبعوضه تخترق جلد انسان بمقدمات فمها لامتصاص دمه

اولا‏:‏ من التشريعات الاسلاميه في سوره البقره‏:‏
‏(1)‏ فصلت سوره البقره احكام الاسره المسلمه من الخطبه الي الزواج‏,‏ والطلاق‏,‏ والمتعه‏,‏ والرضاعه‏,‏ والعده‏,‏ وغيرها‏,‏ وامرت باعتزال النساء في المحيض‏,‏ ونهت عن نكاح المشركات والمشركين حتي يؤمنوا‏.‏
‏(2)‏ وعددت المحرمات من الطعام من مثل الميته‏,‏ والدم‏,‏ ولحم الخنزير‏,‏ وما اهل لغير الله به‏,‏ فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا اثم عليه‏,‏ كما حرمت كلا من الخمر والميسر‏.‏
‏(3)‏ وشرعت سوره البقره للقصاص في القتلي حمايه للمجتمعات الانسانيه من اجرام المجرمين‏.‏
‏(4)‏ وحضت علي كتابه الوصيه قبل الموت‏,‏ وحرمت وجرمت تبديلها او اخفاءها‏.‏
‏(5)‏ وحرمت اكل اموال الناس بالباطل‏.‏
‏(6)‏ ووضعت ضوابط للتعامل بالدين وكيفيه كتابته‏,‏ والشهاده عليه وطبيعه شهوده‏.‏
‏(7)‏ وحرمت التعامل بالربا تحريما قاطعا‏,‏ وهددت الواقعين فيه بحرب من الله ورسوله‏.‏
‏(8)‏ وحضت علي رعايه اليتيم حتي يبلع اشده‏,‏ وحددت ضوابط الانفاق في سبيل الله‏.‏
‏(9)‏ وحرمت انكار اي معلوم من الدين بالضروره‏.‏

ثانيا‏:‏ من قواعد العباده في سوره البقره‏:‏
‏(1)‏ امر ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ في سوره البقره باقامه الصلاه‏,‏ وايتاء الزكاه‏,‏ وصوم رمضان‏,‏ وحج البيت لمن استطاع اليه سبيلا‏,‏ وحدد اداب كل عباده من تلك العبادات وضوابطها الشرعيه‏,‏ وشرعت الانفاق في سبيل الله‏,‏ والاحسان الي الخلق بصفه عامه‏,‏ واليقين بان ذلك كله كان من قواعد العباده في كل الشرائع السماويه السابقه‏,‏ وكلها كانت اسلاما لله‏(‏ تعالي‏),‏ علمه ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ لابينا ادم‏(‏ عليه السلام‏)‏ وانزله علي فتره من الانبياء والمرسلين‏,‏ واكمله واتمه في بعثه النبي الخاتم والرسول الخاتم سيدنا محمد بن عبدالله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏).‏
‏(2)‏ الدعوه الي الجهاد في سبيل الله‏,‏ ردعا للمعتدين‏,‏ والغاصبين‏,‏ والمتجبرين في الارض‏,‏ ودفعا للمعتدين علي اراضي المسلمين‏,‏ وعلي دمائهم‏,‏ واموالهم‏,‏ واعراضهم‏,‏ ومقدساتهم‏,‏ علي غيرهم من المستضعفين في الارض من غير المسلمين‏,‏ وذلك صونا لكرامه الانسان‏,‏ واقامه لعدل الله في الارض‏.‏
‏(3)‏ الدعوه الي التوجه بالدعاء لله‏(‏ تعالي‏)‏ وحده دون سواه وتحديد الاوقات المفضله لذلك‏,‏ وادابه‏,‏ والتزام تقوي الله في كل حال‏.‏
‏(4)‏ مراعاه الاشهر الحرم وتوقيرها‏,‏ واقامه السنن التي سنها لنا رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ فيها‏.‏
‏(5)‏ اكرام الوالدين والاحسان اليهما‏,‏ والي كل من ذوي القربي واليتامي والمساكين‏,‏ والي الناس جميعا دون من او اذي‏.‏

ثالثا‏:‏ من ركائز العقيده في سوره البقره‏:‏
‏(1)‏ الايمان بالله‏(‏ تعالي‏)‏ ربا واحدا احدا‏,‏ فردا صمدا بغير شريك ولا شبيه ولا منازع‏,‏ ولا صاحبه ولا ولد‏,‏ والايمان بملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر‏.‏
‏(2)‏ الايمان بالقران الكريم‏,‏ اخر‏,‏ واتم‏,‏ واكمل الكتب السماويه التي انزلها الله‏(‏ تعالي‏)‏ بالحق علي فتره من الرسل‏,‏ ثم جمعها في هذا الكتاب الخاتم الذي انزله علي خاتم انبيائه ورسله‏,‏ وابقاه محفوظا بحفظه في نفس لغه وحيه‏,‏ هدي للمتقين الي يوم الدين‏.‏
‏(3)‏ الايمان بالغيب الذي انزله ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ في محكم كتابه‏,‏ وفي سنه خاتم انبيائه ورسله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏),‏ انطلاقا من الايمان بالله الواحد الاحد‏,‏ الفرد الصمد‏,‏ الذي لم يلد ولم يولد‏,‏ ولم يكن له كفوا احد‏,‏ وانطلاقا من الايمان بملائكته‏,‏ وبجميع كتبه‏,‏ وانبيائه‏,‏ ورسله‏,‏ بغير تمييز ولا تفريق‏,‏ ومن الايمان باليوم الاخر الذي ترجع فيه كل الخلائق الي الله خالقها‏,‏ ثم ترد الي الخلود في الحياه الاخره اما في الجنه ابدا او في النار ابدا‏,‏ وهذه كلها من الغيوب التي يطالبنا الله‏(‏ تعالي‏)‏ بالايمان بها‏,‏ ويصف المؤمنين بها بوصف المتقين‏,‏ الذين يؤمنون بجميع رسالات الله دون ادني تفريق‏,‏ وبالاخره بيقين لا يتزعزع‏.‏
‏(4)‏ الايمان بان الله‏(‏ تعالي‏)‏ هو خالق كل شيء‏,‏ وانه علي كل شيء قدير‏,‏ وان من خلقه السماوات السبع والارضين السبع ومن فيهن‏,‏ وانه‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ قد خلق الخلق من العدم‏,‏ وانه سوف يميتهم فردا فردا‏,‏ ثم يحييهم بعثا واحدا ليعودوا الي بارئهم الذي يعلم غيب السماوات والارض‏,‏ ويعلم ما تكسب كل نفس فيحاسبهم ويجازيهم‏,‏ وهو الرحمن الرحيم‏,‏ وهو شديد العقاب‏,‏ وهو‏(‏ تعالي‏)‏ سريع الحساب‏,‏ وقد وصف ذاته العليه بقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏
الله لا اله الا هو الحي القيوم لاتاخذه سنه ولانوم له مافي السماوات وما في الارض من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه يعلم مابين ايديهم وما خلفهم ولايحيطون بشيء من علمه الا بما شاء وسع كرسيه السماوات والارض ولا يئوده حفظهما وهو العلي العظيم‏*‏
‏(‏البقره‏:255).‏
‏(5)‏ الايمان بوحده الجنس البشري‏,‏ وبانتهاء نسبه الي ابوينا ادم وحواء‏(‏ عليهما السلام‏),‏ وانطلاقا من ذلك لابد من نبذ جميع اشكال العصبيات العرقيه‏,‏ والاجتماعيه‏,‏ والدينيه‏,‏ وغيرها من اشكال التمييز بين الناس علي اي اساس غير تقوي الله‏.‏
‏(6)‏ الايمان بان الله‏(‏ تعالي‏)‏ قد علم ادم الاسماء كلها‏,‏ وبذلك يكون الانسان قد بدا وجوده عالما‏,‏ عابدا‏,‏ وليس جاهلا‏,‏ كافرا كما يدعي اصحاب الدراسات الوضعيه في علم الانسان‏(‏ الانثروبولوجيا‏).‏
‏(7)‏ الايمان بوحده رساله السماء‏,‏ وباخوه جميع الانبياء والمرسلين الذين ارسلهم الله‏(‏ تعالي‏)‏ بالاسلام الصافي‏,‏ والتوحيد الخالص لله‏(‏ سبحانه‏),‏ وقد تكاملت رسالاتهم جميعا في الرساله الخاتمه التي بعث بها النبي الخاتم والرسول الخاتم‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ بشيرا ونذيرا للعالمين الي يوم الدين‏.‏
‏(8)‏ تنزيه الله‏(‏ تعالي‏)‏ عن كل وصف لايليق بجلاله من امثال الشريك‏,‏ والشبيه‏,‏ والمنازع‏,‏ والصاحبه‏,‏ والولد‏,‏ لان هذه كلها من صفات المخلوقين‏,‏ والله‏(‏ تعالي‏)‏ منزه عن جميع صفات خلقه‏,‏ والايمان بان الشرك من ابشع صور الاعتقاد‏,‏ وابغضها الي الله‏,‏ وهو من صور الكفر بالله‏,‏ وان من هذا الكفر منع مساجد الله‏(‏ تعالي‏)‏ ان يذكر فيها اسمه‏,‏ او السعي في خرابها وكلها من الاعمال التي لايرضاها ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏).‏
‏(9)‏ الايمان بان الشيطان للانسان عدو مبين‏,‏ وانه يامر بالسوء والفحشاء‏,‏ ويغري الضالين من العباد بان يقولوا علي الله ما لايعلمون‏,‏ ومن هنا فان مخالفته واجبه علي كل مسلم ومسلمه‏,‏ وللنجاه من حبائل هذا اللعين‏,‏ لابد من الاعتصام بحبل الله المتين‏.‏ وتاكيدا علي هذه الحقيقه عرضت السوره الكريمه لقصه الشيطان الرجيم مع ابوينا ادم وحواء‏(‏ عليهما السلام‏)‏ حتي تم اخراجهما من الجنه بوسوسته‏,‏ وغوايته‏,‏ ثم كانت توبتهما وقبول الله‏(‏ تعالي‏)‏ منهما تلك التوبه‏,‏ وبذلك لايمكن ان يطول احدا من ذريتهما اثر من معصيتهما‏,‏ انطلاقا من عدل الله القائل‏:‏
‏...‏ ولاتكسب كل نفس الا عليها ولاتزر وازره وزر اخري‏..‏
‏(‏ الانعام‏:164)‏
وفي ذلك يقول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
فتلقي ادم من ربه كلمات فتاب عليه انه هو التواب الرحيم‏*‏
‏(‏البقره‏:37)‏
‏(10)‏ الايمان بان دين الله‏(‏ وهو الاسلام‏)‏ قائم علي السماحه واليسر‏,‏ وعلي رفع الحرج عن الخلق‏,‏ وان من اصوله الثابته انه لااكراه في الدين‏...*‏
‏(‏ البقره‏:256).‏
‏(11)‏ الايمان بحتميه الاخره‏,‏ وبضرورتها‏,‏ وبالخوف من فجائيتها واهوالها‏,‏ وفي ذلك يقول ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
واتقوا يوما ترجعون فيه الي الله ثم توفي كل نفس ماكسبت وهم لايظلمون‏*‏
‏(‏البقره‏:281).‏

رابعا‏:‏ من مكارم الاخلاق التي دعت اليها سوره البقره‏:‏
‏(1)‏ الصبر في الباساء والضراء وحين الباس‏.‏
‏(2)‏ الوفاء بالعهود والمواثيق‏.‏
‏(3)‏ الشجاعه والاقدام وحب الاستشهاد في سبيل الله‏.‏
‏(4)‏ الجراه في مناصره الحق‏,‏ واعلان الراي‏,‏ وعدم كتمان الشهاده‏.‏
‏(5)‏ الجود والكرم والانفاق في سبيل الله‏.‏
‏(6)‏ الحرص علي قول المعروف‏,‏ والعمل الصالح‏,‏ والعفو عن الناس‏.‏
‏(7)‏ بر الوالدين الذي امر به الله‏(‏ تعالي‏)‏ بعد الامر للناس جميعا بالا يعبدوا الا اياه‏.‏
‏(8)‏ الاحسان الي ذوي القربي واليتامي والمساكين والي الناس كافه دون من او اذي‏.‏
‏(9)‏ تجنب المال الحرام بكافه صوره واشكاله‏,‏ ومن ابرزها الربا‏,‏ والرشوه‏,‏ والسرقه‏,‏ والغش وغير ذلك من صور التحايل الباطل علي الكسب الحرام‏.‏

خامسا‏:‏ من القصص القراني في سوره البقره
جاء في سوره البقره ذكر عدد من انبياء الله ورسله‏,‏ وذكر عدد من الحوادث التي تمت في حياتهم‏,‏ او حدثت لعدد من الصالحين من بعدهم‏,‏ وذلك للاعتبار بها‏,‏ واخذ الدروس منها‏,‏ وهذه يمكن ايجازها فيما يلي‏:‏
‏(1)‏ قصه ابوينا ادم وحواء‏(‏ عليهما السلام‏).‏
‏(2)‏ قصه نبي الله موسي‏(‏ عليه السلام‏)‏ وقومه مع فرعون مصر‏,‏ وخروجهم منها‏,‏ وعبور موسي بهم البحر بمعجزه من الله‏(‏ تعالي‏),‏ ثم تفجير الارض لهم بالماء الزلال بعد العبور‏(‏ عيون موسي‏),‏ وعصيانهم لله‏(‏ تعالي‏)‏ بعد كل هذه المعجزات التي راوها راي العين‏,‏ وارتدادهم عن التوحيد الي الشرك‏,‏ والي عباده العجل‏,‏ وصعقهم عقابا علي ذلك‏,‏ ثم احيائهم ورفع الطور فوقهم‏,‏ وقصتهم مع القتيل وامر الله لهم ان يذبحوا بقره ويضربوا القتيل ببعضها فيبعثه الله تعالي من موته حتي يخبر عن قاتله ثم يموت‏.‏ ومسخ الذين اعتدوا منهم في السبت الي قرده وخنازير‏.‏ وتلا ذلك كفرهم بايات الله‏,‏ وتحريفهم للتوراه‏,‏ وقتلهم للانبياء من بعد موسي بغير الحق‏,‏ وعصيانهم لاوامر الله‏,‏ وتعديهم لحدوده‏,‏ وقصتهم مع كل من طالوت ملكهم من جهه‏,‏ ومع كل من جالوت وداود‏(‏ عليه السلام‏)‏ ومن امن معهما من جهه اخري‏.‏
‏(3)‏ قصص بعض انبياء بني اسرائيل الذين جاءوا من بعد موسي‏(‏ عليه السلام‏)‏ وذلك من امثال كل من داود وسليمان‏(‏ عليهما السلام‏).‏
‏(4)‏ قصه نبي الله ابراهيم وولده اسماعيل‏(‏ عليهما السلام‏),‏ وتعاونهما في رفع قواعد الكعبه المشرفه واعاده بنائها‏,‏ ودعوتهما الي الله‏(‏ تعالي‏)‏ ان يبعث خاتم الانبياء والمرسلين‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ في مكه المكرمه‏,‏ وكذلك الاشاره الي حوار ابراهيم‏(‏ عليه السلام‏)‏ مع نمرود بن كنعان‏(‏ اول من ادعي الالوهيه كذبا وبهتانا‏).‏
‏(5)‏ قصه نبي الله يعقوب‏(‏ عليه السلام‏)‏ مع بنيه اذ حضره الموت‏,‏ وفي ذلك يقول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
ام كنتم شهداء اذ حضر يعقوب الموت اذ قال لبنيه ماتعبدون من بعدي قالوا نعبد الهك واله ابائك ابراهيم واسماعيل واسحاق الها واحدا ونحن له مسلمون‏*‏
‏(‏ البقره‏:133).‏
‏(6)‏ قصه الرجل الصالح عزير‏..‏ الذي مر علي بيت المقدس بعد ان خربها بختنصر‏,‏ وفي ذلك تقول سوره البقره‏:‏
او كالذي مر علي قريه وهي خاويه علي عروشها قال اني يحيي هذه الله بعد موتها فاماته الله مائه عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما او بعض يوم قال بل لبثت مائه عام فانظر الي طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر الي حمارك ولنجعلك ايه للناس وانظر الي العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما فلما تبين له قال اعلم ان الله علي كل شئ قدير‏*.‏
‏(7)‏ قصه نبي الله عيسي ابن مريم‏(‏ عليهما السلام‏).‏
‏(8)‏ حادثه تحويل القبله‏,‏ بعد حوالي سبعه عشر شهرا من مقدم النبي‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ الي المدينه‏,‏ وانكار كل من اليهود والمشركين والكافرين ذلك علي المسلمين‏,‏ لجهلهم بانه امر من الله‏(‏ تعالي‏)‏ الذي يهدي من يشاء الي صراطه المستقيم‏.‏

سادسا‏:‏ من الاشارات الكونيه في سوره البقره‏:‏
‏(1)‏ التفرقه الدقيقه بين كل من الضياء‏,‏ والنور‏,‏ والظلمات‏,‏ وهي من الحقائق العلميه التي لم تدرك الا مؤخرا جدا‏.‏
‏(2)‏ تقديم حاسه السمع علي حاسه البصر في هذه السوره الكريمه وفي كثير غيرها من سور القران الكريم‏,‏ وقد ثبت علميا ان حاسه السمع تتطور جنينيا قبل حاسه البصر‏,‏ وتتكامل وتنضج في الشهر الخامس من حياه الجنين‏,‏ بينما لا يتكامل نضج حاسه البصر الا عند السنه العاشره في عمر الطفل‏.‏
‏(3)‏ وصف التلازم الدقيق بين الظلمات‏,‏ والرعد‏,‏ والبرق‏,‏ والصواعق‏,‏ وهطول الامطار الغزيره‏,‏ والاشاره الي امكانيه خطف البصر بواسطه البرق‏.‏
‏(4)‏ الاشاره الي المراحل المتتاليه في اعداد الارض لعمارتها بالانسان‏,‏ وذلك من قبيل تمهيد سطحها‏,‏ وانزال الماء عليها واحياء الارض بعد موتها‏,‏ وبث فيها من كل دابه‏,‏ واخراج الثمرات رزقا للعباد‏.‏
‏(5)‏ ذكر معجزات فلق البحر لنبي الله موسي‏(‏ عليه السلام‏),‏ ونجاته ومن كان معه من مطارده فرعون وجنوده لهم‏,‏ وهلاك فرعون وجنده‏,‏ وكذلك تفجر اثنتي عشره عينا بالماء بضربه من عصا موسي‏,‏ ولا تزال هذه العيون المائيه موجوده حتي اليوم بالمنطقه الشرقيه من خليج السويس وهي معروفه باسم‏(‏ عيون موسي‏).‏
‏(6)‏ الاشاره الي امراض القلوب ومنها الخوف‏,‏ والوسوسه‏,‏ والشك‏,‏ وقد اثبتت الدراسات النفسيه انها حقائق علميه لم تكن معروفه وقت تنزل القران الكريم‏.‏
وتشبيه قسوه قلوب اليهود بانها اشد من قسوه الحجاره‏,‏ لان من الحجاره ما يلين عند تفجرها بالانهار‏,‏ او عند تشققها وخروج الماء منها‏,‏ او عند هبوطها من خشيه الله‏(‏ تعالي‏),‏ وقسوه قلوب اليهود لا تلين ابدا حسب ما اثبت التاريخ من جرائمهم التي جاوزت كل حدود الرحمه‏,‏ وكل حقوق الانسان اذا كانت بايديهم الغلبه‏,‏ وما الذي يحدث علي ارض فلسطين اليوم من جرائمهم الوحشيه الا صوره من تلك القسوه البالغه التي وصفهم القران الكريم بها من قبل اربعه عشر قرنا او يزيد‏.‏
‏(7)‏ الاشاره الي خلق السماوات والارض‏,‏ واختلاف الليل والنهار‏,‏ والي الفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس‏,‏ والي المشرق والمغرب وان ذلك كله لله‏.‏
‏(8)‏ الاشاره الي تصريف الرياح‏,‏ والي السحاب المسخر بين السماء والارض‏,‏ وهي حقائق لم تكن معروفه في زمن الوحي‏,‏ ولا لقرون متطاوله من بعده‏.‏
‏(9)‏ الاشاره الي اذي المحيض‏,‏ والنصيحه باعتزال النساء فيه‏,‏ وقد اثبتت الدراسات الطبيه صحه ذلك‏.‏
‏(10)‏ التاكيد علي ما في كل من الخمر والميسر من اثام تفوق ايه منافع يمكن ان تجتني من وراء الخوض في اي منهما والتجارب الانسانيه تثبت صحه ذلك‏,‏ وعلي الرغم من ذلك تقرهما غالبيه الدول المسلمه وتسمح بهما‏.‏
‏(11)‏ الاشاره الي ان الاشجار تزكو وتزدهر‏,‏ وتجود بعطائها من الثمار في الربي المرتفعه سواء كثر عليها المطر او قل وهو مما اثبتته الدراسات العلميه مؤخرا‏.‏
‏(12)‏ الاشاره الي البعوضه وما فوقها من الخلق‏,‏ وهي من ابسط الحشرات‏.‏ ولكنها تبلغ في روعه بنائها‏,‏ ودقه خلقها ما تعجز البشريه كلها عن الاتيان بشئ من مثلها‏,‏ كما تبلغ في خطرها علي حياه الانسان انها تعد اليوم واحده من اخطر الافات الحشريه علي الاطلاق‏.‏
وكل قضيه من هذه القضايا تحتاج الي معالجه خاصه بها‏,‏ ولذا فانني سوف اقصر حديثي هنا علي النقطه الاخيره من القائمه السابقه والتي جاءت الاشاره اليها في الايه السادسه والعشرين من سوره البقره‏,‏ ولكن قبل الدخول الي ذلك لابد من استعراض سريع لاقوال المفسرين في شرح هذه الايه الكريمه‏.‏

من اقوال المفسرين
في تفسير قوله‏(‏ تعالي‏):‏
ان الله لا يستحيي ان يضرب مثلا ما بعوضه فما فوقها فاما الذين امنوا فيعلمون انه الحق من ربهم واما الذين كفروا فيقولون ماذا اراد الله بهذا مثلا يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به الا الفاسقين‏*.‏
‏(‏البقره‏26).‏
‏*‏ ذكر صاحب صفوه البيان لمعاني القران‏(‏ رحمه الله‏)‏ ما نصه‏:(‏ ان الله لا يستحيي ان يضرب مثلا ما‏)‏ اي ليس الحياء بمانع لله تعالي من ضرب الامثال بهذه المخلوقات الحقيره والصغيره في نظركم‏,‏ كالبعوض والذباب والعنكبوت‏,‏ فان فيها من دلائل القدره وبدائع الصنعه ما تحار فيه العقول‏,‏ ويشهد بحكمه الخالق‏.‏ وقد جعلوا ضرب المثل بها ذريعه الي انكار كون القران من عند الله تعالي‏.‏ وفي الايه اشعار بصحه نسبه الحياء اليه تعالي‏.‏ ومذهب السلف‏.‏ امرار هذا وامثاله علي ما ورد‏,‏ وتفويض علم كنهه وكيفيته الي الله تعالي‏,‏ مع وجوب تنزيهه عما لا يليق بجلاله من صفات المحدثات‏,‏ واختاره الالوسي‏.‏ وذهب جمع من المفسرين الي تاويله لاراده لازمه‏,‏ وهو ترك ضرب الامثال بها‏,‏ لان الاستحياء من الحياء‏,‏ وهو تغير وانكسار يعتري الانسان من تخوف ما يعاب ويذم به‏.‏ او هو انقباض النفس عن القبائح‏.‏ وهذا المعني محال في حقه تعالي‏,‏ فيصرف اللفظ الي لازم معناه وهو الترك‏.(‏ بعوضه فما فوقها‏)‏ البعوض‏:‏ ضرب من الذباب‏,‏ ويطلق علي البق المعروف وعلي الناموس‏.(‏ فما فوقها‏)‏ اي في الحجم‏.‏ او في المعني الذي وقع التمثيل فيه‏,‏ وهو الصغر والحقاره‏.(‏ وما يضل به الا الفاسقين‏)‏ الفسق‏:‏ الخروج عن الطاعه‏..‏ ويقع بالقليل والكثير من الذنوب‏,‏ ولكن تعورف فيما كان كثيرا‏,‏ وهو اعم من الكفر‏....‏
ولم يخرج كلام بقيه المفسرين عن ذلك فنكتفي به‏.‏

من الدلالات العلميه للنص الكريم
اولا‏:‏ النص الكريم يشمل ما فوق البعوضه حجما وما هو اقل منها‏,‏ وما هو اشد منها خطرا وما هو اهون منها‏:‏
من معاني هذا النص الكريم ان قدره الله المبدعه في الخلق تتجلي في ادق المخلوقات حجما كما تظهر في اضخمها بناء‏,‏ وتجليها في الكائنات المتناهيه الضاله في الحجم قد يكون ابلغ من وضوحها في الكائنات العملاقه‏,‏ وكان الجهل باخطار البعوض‏,‏ وبوجود كائنات ادق منه بكثير من وراء استنكار كل من الكفار والمشركين والمنافقين ضرب المثل في القران الكريم ببعض الحشرات من مثل البعوض‏,‏ والذباب‏,‏ والنحل‏,‏ والنمل‏,‏ والنمل الابيض‏,‏ والفراش‏,‏ والجراد‏,‏ والقمل‏,‏ والمن‏.‏ وببعض العناكب الصغيره مثل العنكبوت‏.‏
ولما لم يكن في زمن الوحي من يدرك من الكائنات الحيه ما هو ادق من البعوضه‏(‏ وذلك من مثل‏:‏ الفيروسات‏,‏ البكتريا‏,‏ الطحالب وغيرها من البدائيات‏,‏ والاوليات‏(‏ الطلائعيات‏),‏ والفطريات او الفطور‏,‏ وغير ذلك من الكائنات الدقيقه ومنها المتطفل وغير المتطفل‏,‏ فقد جاءت الصياغه القرانيه المعجزه بقول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
ان الله لا يستحيي ان يضرب مثلا ما بعوضه فما فوقها‏...*.‏
‏(‏البقره‏:26)‏
وتعبير‏(‏ ما فوقها‏)‏ يشمل المعنيين المتضادين معا اي ما يفوقها ضاله في الحجم حتي لا يري بالعين المجرده‏,‏ وما يفوقها ضخامه في البنيان‏,‏ وكذلك يشمل هذا التعبير القراني اخطار البعوضه كما يشمل اخطار غيرها من كل من الكائنات الدقيقه التي لم تكن معروفه في زمن الوحي بالقران الكريم‏,‏ والكائنات التي تفوقها حجما‏,‏ لان الفوقيه في اللغه تعني الزياده والعلو في صفه يوضحها السياق‏.‏
وقد استهان الناس في القديم بالبعوضه لضاله حجمها‏,‏ فاستنكر القران الكريم عليهم ذلك‏,‏ واتخذها مثلا يتحدي به الكفار والمشركين قبل ان يعرف دورها في نقل العديد من الامراض الفتاكه بكل من الانسان وبغيره من انواع الحيوان‏,‏ بل من قبل ان يعرف الانسان من ناقلات الامراض ماهو دونها حجما بما يزيد علي اثني عشر قرنا من الزمن‏.‏

ثانيا‏:‏ النص القراني يشير الي خطر البعوضه‏:‏
والبعوضه هي حشره ضئيله الحجم من ثنائيات الاجنحه‏(Diptera),‏ تتبع مجموعه ضخمه من الحشرات تعرف باسم‏(FamilyCulicdae),‏ وتضم مابين الالفين والثلاثه الاف نوع من البعوض‏.‏ وتاتي في المرتبه الثانيه تعدادا بعد النمل‏.‏
ويتراوح طول البعوضه بين الثلاثه والتسعه ملليمترات‏,‏ وهي مع ضاله حجمها فان جسمها يتكون كما تتكون اجساد غيرها من الحشرات من راس‏,‏ وصدر‏,‏ وبطن‏,‏ ولها ثلاثه ازواج من الارجل الطويله النحيله‏,‏ وزوج من الاجنحه الدقيقه القويه والقادره علي الخفق المتواصل السريع الذي يصل الي ستمائه خفقه في الثانيه الواحده‏,‏ ولها قرنا استشعار في قمه الحساسيه والكفاءه‏,‏ وعين البعوضه عين مركبه تتالف من مئات العيينات المستقله تشريحيا والمتكامله وظيفيا مما يعطيها قدره هائله للرؤيه بالليل وبالنهار في كل اطياف الضوء‏,‏ ولها جميع الاجهزه الحيوانيه كامله علي الرغم من ضاله حجمها‏.‏
وانثي البعوض تتغذي علي دماء ذوي الدماء الحاره ولذلك فان لها فما ثاقبا ماصا تستخدمه في امتصاص الدم من الانسان ومن كل حيوان ذي دم حار‏,‏ وعندما تغرس مثقابها في جلد الانسان او الحيوان فانها تفرز لعابها الذي يحمل مركبات عضويه تؤدي الي احتقان الجلد‏,‏ واخري تمنع الدم من التجلط حتي يسهل امتصاصه‏,‏ بينما يتغذي ذكر البعوض علي رحائق الازهار فقط‏.‏ وتضع انثي البعوض البالغه مابين المائه والاربعمائه بيضه في المره الواحده‏,‏ والذي ينجو من افتراس الحيوانات الاخري من بيض البعوضه قد يفقس بعد يوم او يومين‏,‏ او يبقي في فتره كمون قد تمتد الي الاسبوعين‏,‏ ويعتمد ذلك علي عوامل كثيره‏,‏ منها وفره الماء لانه ضروري لفقس البيض ولحياه كل من اليرقات والعذاري‏.‏
ومع ضاله حجم البعوضه فانها تمثل خطرا لايستهان به علي صحه كل من الانسان والحيوان‏,‏ فالبعوض الانثي التي تتغذي علي دماء كل من الانسان وعلي دماء غيره من الحيوانات ذوات الدم الحار تصبح وسيله خطيره لنقل العديد من مسببات الامراض من مثل الفيروسات‏,‏ البكتيريا‏,‏ الطحالب‏,‏ وغيرها من البدائيات والاوليات‏(‏ الطلائعيات‏),‏ ومن مثل الفطريات‏,‏ وغير ذلك من الكائنات الدقيقه التي تصيب كلا من الانسان والحيوان‏.‏
ومن الامراض التي تنقلها البعوضه‏:‏ الملاريا‏,‏ الملاريا الخبيثه‏,‏ داء الفيل‏,‏ الحمي الصفراء‏,‏ الحمي الدماغيه‏,‏ الحمي الشوكيه‏,‏ الحمي النازفه‏,‏ مرض حمي ابي الركب‏(‏ او حمي تكسير العظام او حمي الركب النازفه‏),‏ حمي الوادي المتصدع‏,‏ مرض دوده القلب‏,‏ الالتهاب السحائي‏,‏ الالتهاب المخي‏,‏ الالتهاب المخي الشوكي‏,‏ وامراض ضعف المناعه ومنها الايدز‏.‏ ومن اخطر ماتحمله البعوضه فيروسات تغزو الجهاز العصبي للانسان مما قد يصيبه بعدد من الامراض فائقه الخطوره من مثل مرض التهاب الدماغ والسحايا‏(Encephalomeningitis),‏ ومرض التهاب الدماغ والنخاع‏(Encephalomyelitis).‏
والامراض التي تنقلها البعوضه قد ادت الي هلاك الملايين من البشر منذ بدء الخليقه والي يومنا الراهن حيث لاتزال تصيب الملايين في كل عام الي ان يشاء الله‏,‏ ولذلك تعد هذه الحشره الضئيله الحجم واحده من اخطر الافات الحشريه المعروفه‏.‏ ومن هنا كان ضرب المثل بها في القران الكريم علي شده خطرها مع ضاله حجمها‏,‏ وعلي وجود ماهو اخطر وادق منها وماهو اعظم منها حجما وخطرا من مخلوقات الله الاخري‏.‏
ومن هنا ايضا كان تحدي الله‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ كل الكافرين والمنافقين والمشركين من اهل الجزيره العربيه‏,‏ وغيرهم من اهل الارض الي قيام الساعه بهذه الحشره المتناهيه الصغر في الحجم‏,‏ وفي زمن الوحي لم يكن احد من الناس يدرك حقيقه خطر البعوضه فكانوا يستهينون بها‏,‏ وفي زماننا زمن التقدم العلمي والتقني الذي نعيشه تقف البشريه عاجزه امام اخطار هذه الحشره الصغيره علي الرغم من كل مستويات التقدم التي حققها انسان هذا العصر‏.‏

وانواع البعوض التي يتراوح عددها بين الالفين والثلاثه الاف نوع نختار منها الانواع الثلاثه التاليه‏:‏
‏(1)‏ بعوضه الانفيل‏Anopheles‏ التي تنقل طفيل مرض الملاريا‏(‏ مرض البرداء‏)‏ وهذا الطفيل معروف باسم‏Plasmodium,‏ كما تنقل طفيليات العديد من الامراض الاخري مثل طفيل مرض الفيلاريا‏(Filaria)‏ الذي يسبب داء الفيل‏Elephantiasis.‏ وتنقل فيروس حمي التهاب الدماغ المعروف باسم الحمي الدماغيه‏Encephalitis‏
‏(2)‏ بعوضه الكيولكس‏(Culex)‏ التي تنقل كلا من طفيل مرض الفيلاريا‏,‏ وفيروس الحمي الدماغيه‏.‏
‏(3)‏ البعوضه الزاعجه‏Aedes‏ التي تنقل فيروسات الحمي الصفراء‏(YellowFever)‏ والحمي الدماغيه وحمي الضنك‏(DengueFever)‏ المعروفه باسم حمي ابي الركب او حمي الركب النازفه او حمي تكسير العظام‏.‏
وتتم دوره طفيل مرض الملاريا‏(‏ البرداء‏)‏ بين بعوضه الانفيل والانسان حيث تنفذ البعوضه مسببات المرض الي مجري دم الانسان عند قرصه‏,‏ فتحملها مجاري الدم الي الكبد حيث يبدا الطفيل في التكاثر لاجنسيا وفي مهاجمه خلايا الدم الحمراء التي تنفجر لتملا مجري الدم بجراثيم المرض التي تبدا في التكاثر جنسيا بعد عدد من الاجيال فتؤدي الي الحمي والي تضخم الطحال‏,‏ واذا تعرض هذا المريض لقرصه اخري من ناموسه الانفيل فان هذا الطور الجنسي من الطفيليات ينتقل الي معده البعوضه حيث يتم تكاثره لاجنسيا وانتقاله الي غددها اللعابيه فيصبح جاهزا لاصابه انسان اخر تعضه هذه البعوضه‏,‏ وبذلك يصاب اكثر من‏270‏ مليون انسان بالملاريا سنويا في كل انحاء الارض‏,‏ ويتوفي منهم قرابه المليونين من الافراد مما يجعل الملاريا من اكثر الامراض انتشارا في كوكبنا الارضي‏,‏ وقد عجزت اكثر دول العالم تقدما في مجال العلوم البحته والتطبيقيه عن مقاومه اخطار البعوضه‏,‏ ففي اغسطس من سنه‏1995‏ م انتشرت في مدينه نيوجيرسي‏(‏ في شرق الولايات المتحده الامريكيه‏)‏ اسراب من البعوضه الزاعجه‏(Aedesalbopictus),‏ وكانت تهاجم الناس بشراسه بقرصاتها المؤلمه حتي في وضح النهار وقد عرفت باسم النمر الاسيوي‏(TheAsianTiger)‏ لاصولها الاسيويه‏,‏ ولشراستها في الهجوم‏,‏ وكانت هذه الحشره قد ظهرت في الولايات المتحده الامريكيه في سنه‏1985‏ م بعد ان غزت كلا من جزر هاواي ومناطق من المحيط الهادي عقب الحرب العالميه الثانيه‏(1945‏ م‏),‏ ولاتزال هذه الحشره الصغيره تجتاح الاف الانفس من ابناء القوه العسكريه الكبري في العالم دون ان تنفعها اسلحتها في الدفاع عنهم‏,‏ ولله جنود السماوات والارض‏.‏

ثالثا‏:‏ النص القراني يفيد ان انثي البعوض وحدها هي الناقله للامراض ومن ثم كانت مناط التحدي‏:‏
ان افراد لفظ‏(‏ بعوضه‏),‏ وتانيثه في هذا النص القراني المعجز يشير الي تمايز الانثي عن الذكر في هذه الحشره الخطيره‏,‏ والي تفرد الانثي وحدها دون الذكر بهذا الخطر الداهم‏,‏ وهي حقيقه لم يعرفها الانسان الا في اواخر القرن التاسع عشر واوائل القرن العشرين‏(1897‏ م ‏1900‏ م‏).‏
كذلك فان تنكير لفظ‏(‏ بعوضه‏),‏ وايراد اسم الموصول‏(‏ ما‏)‏ ايضا منكرا مرتين يشير الي تعدد انواع البعوض‏,‏ فضلا عن شمول كل مما هو دونها حجما‏,‏ وما اكثر منها ضخامه‏,‏ وكل ماهو دونها او اكثر منها ضررا من مخلوقات الله الاخري‏.‏
وهذه حقائق لم تصل الي علم الانسان الا بعد مجاهده استغرقت جهود الاف من العلماء منذ نهايه القرن التاسع عشر واوائل القرن العشرين ولاتزال مستمره الي اليوم‏,‏ مستغرقه جهود الالاف منهم الي ان يشاء الله‏,‏ وورودها بهذه الصياغه العلميه الشامله والدقيقه في كتاب الله الذي انزل من قبل الف واربعمائه سنه علي نبي امي‏(‏ عليه من الله افضل الصلاه وازكي التسليم‏)‏ وفي امه كانت غالبيتها الساحقه من الاميين لمما يشهد للقران الكريم بانه لايمكن ان يكون صناعه بشريه‏,‏ بل هو كلام الله الخالق‏,‏ ويشهد للنبي الخاتم والرسول الخاتم الذي تلقاه بالنبوه وبالرساله‏,‏ فصلي الله وسلم وبارك عليه وعلي اله وصحبه ومن تبع هداه ودعا بدعوته الي يوم الدين‏,‏ واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين‏.‏