الزبير محمد عبدالفضيل
26-04-2005, 11:41 PM
الكون يشهد لله بصفاته وأسمائه
القدوس السلام
إعداد : هالة أحمد فؤاد
10/11/2001
الله عز و جل اتصف بصفات الكمال و تقدس عن كل عيب و محال ، ... و تعالى عن الأشباه و الأمثال فهو تعالى ( ليس كمثله شىء و هو السميع البصير ) الشورى: 11
فالقدوس كالسلام ينفيان كل نقص ... و اذا انتفى النقص ثبت الكمال .
فكل اسماء الله عز و جل و صفاته تتصف بالكمال المطلق .. فهو الرزاق ... الفتاح .. العليم ... الكبير ... المتعال ... العظيم .......
و يقر الله عز و جل حقيقة تسبيح جميع خلقه لذاته العليا بقوله تعالى ( تسبح له السموات السبع و الأرض و من فيهن و إن من شىء إلا يسبح بحمده و لكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا ) الاسراء:44 .
و التسبيح لغة هو الذكر بالتمجيد و التقديس مع التنزيه عن كل نقص و وصف لا يليق بجلال ربوبيته و ألوهيته تعالى و وحدانيته ، و الإقرار بتفرده سبحانه بالسلطان فى ملكه بغير شريك و لا شبيه و لامنازع .
فعن طلحة بن عبيد الله أنه قال : سألت رسول الله صلى لله عليه وسلم عن تفسير سبحان الله فقال : هو تنزيه الله عز و جل عن كل سوء .
و التسبيح نوعان : (1) فطريا
(2) إراديا أو إختيارى
أما التسبيح الفطرى فيقوم به الملائكة المطهرون ] و ان كان بعض العلماء يرون أن تسبيحهم اختياريا لثناء الله تعالى عليهم بقوله ( بل عباد مكرمون ) الأنبياء:26 [ ، كذلك يقوم به غير المكلفين من كافة صور الأحياء و الجمادات و الظواهر و كل أجزاء الكون من ذرات متناهية فى الصغر إلى التجمعات المجرية و ما بها من نجوم و كواكب و نيازك و سدوم و ثقوب سود و أجرام سماوية و ما بداخلها من مختلف صور المادة و الطاقة ( الصخور و المعادن و العناصر ) و ما يصاحب ذلك من ظواهر كونية و كذلك ما يحيا فى السموات و كذلك الأرض وما يشكلها من مختلف صور المادة و الطاقة وما يصاحب ذلك من ظواهر ، و ما يعلو سطحها من الجبال و التلال و الهضاب و السهول ، وما يملأ منخفضاتها من البحار و البحيرات ، وما يكون غلافها الصخرى من مختلف الأحجار و ما يغطيها من تربة و رمال ، و ما يحيط بالأرض من هواء و دورة الماء بين السماء و الأرض و ما ينتج عن كل ذلك من ظواهر ، وكل السحب والعواصف و الثورانات البركانية و الهزات الأرضية والرعد و البرق ...وكذلك انفتاح المحيطات و انغلاقها ... و تباعد للقارات و تصادمها و ارتفاع الجبال و اندثارها ..، و شروق الشمس و غروبها و بزوغها و كسوفها ، وطلوع القمر و خسوفه و تدفق الأنهار و انقطاعها و حتى أيضا ما بأجساد الكائنات من خلايا و أنسجة و أجهزة و ما يصاحبها من تفاعلات و يحكمها من قوانين و سنن... و حتى فى رفات الأموات وما يتحلل عنها من عناصر و مركبات ... كل ذلك قانت عابد .. مسـبح لله ، خاشع لجلال عظمته !
ويصف بعض العلماء المفسرون التسبيح هنا بأنه تسبيح بلسان الحال بمعنى أن دقة البناء و انتظام الأداء و انضباط الحركة فى كل منها يدل دلالة قاطعة على كمال القدرة الالهية و على تنزيه الخالق عن كل نقص و إن كان العلماء لا ينفون أيضا إمكانية أن يكون ذلك التسبيح بلسان المقال ( أى النطق ) و لكن بصورة لا يستطيع كل انسان استيعابها و يتأكد لنا ذلك من قول الحق تبارك :( و إن من شىء إلا يسبح بحمده و لكن لا تفقهون تسبيحهم ) الاسراء:44
ولنستعرض الآن بعض اللمحات من ذلك التسبيح الفطرى فى القرآن الكريم :-
يقول تعالى فى مطلع سورتى الحشر و الصف ( سبح لله ما فى السموات و ما فى الأرض )
ويقول عز و جل ( و يسبح الرعد بحمده و الملائكة من خيفته ) الرعد:13
وفى سورة الأنبياء آية 97 يقول تعالى ( و سخرنا مع داود الجبال يسبحن و الطير وكنا فاعلين )
كما يقر القرآن لكريم بأن كلا من الطيور و النمل و النحل كغيرها من سائر الحيوانات أمم كأمثال الأمم الإنسية لها منطق (لغة) تتفاهم بها فيما بينها يقول تعالى : ( وما من دابة فى الأرض و لا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا فى الكتاب من شىء ثم إلى ربهم يحشرون ) الأنعام :38
و ان هذه الكائنات التى تحيا حياه جماعية كالأمم مثل ممالك النحل و النمل وغيرها تنظم حياتها المشتركة تنظيما دقيقا تتنوع فيه الوظائف و الأعمال و المسؤليات و هى بذلك تكون مسبحة لخالقها عز و جل حيث روى عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال : " قرصت نملة نبيا من الأنبياء فأمر بقرية النمل فأحرقت فأوحى الله إليه أن قرصتك نملة أحرقت أمة من الأمم تسبح الله " رواه البخارى
أما بالنسبة لتسبيح الجمادات التى يظن البعض أنها جامدة لا تتحرك و لكنها فى حقيقة الأمر هى أيضا مسبحة لربها عز و جل ;
لنتحدث عن تسبيح الجبال مثلا فلقد ورد وصف الجبال فى القرآن الكريم بأنها رواسى للأرض ثم أثبتت الدراسات الحديثة ذلك باكتشاف أن الجبال تثبت كلا من الأرض ككوكب و ألواح غلافها الصخرى } التى تكون مادة القارات كما تكون قيعان البحار و المحيطات { فى الطبقة الموجودة تحت الغلاف الصخرى للأرض مباشرة كذلك جاء وصف الجبال فى القرآن الكريم بأنها أوتاد ، و الوتد يكون أغلبه مدفون تحت سطح الأرض و أقله ظاهر فوق سطحها ووظيفته التثبيت ، فجاءت الدراسات الحديثة لتؤكد تلك الحقيقة فكل ارتفاع على سطح الأرض يكون له امتداد فى داخلها يتراوح طوله بين عشرة أضعاف و خمسة عشر ضعفا لارتفاعه فوق سطح الأرض ، و هذا الجزء المدفون من الجبل يخترق الغلاف الصخرى للأرض بالكامل ليطفو فى أعلى نطاق من نطق وشاح الأرض الداخلية يعرف باسم " نطاق الضعف الأرضى " الذى تكون المادة فيه لدنة ، شبه منصهرة ، عالية الكثافة و اللزوجة تدفع كتلة الجبل الى أعلى حسب قوانين الطفو فتؤدى الى انتصاب الجبال فوق سطح الأرض ، و بالتالى فان الجبال ليست كتلا هامدة و لكنها دائمة الحركة فكلما أخذت عوامل التعرية من قممها ارتفعت إلى أعلى حسب قوانين الطفو، و يستمر هذا الإرتفاع إلى أعلى حتى يتم خروج الجبل بالكامل من نطاق الضعف الأرضى و حينئذ يتوقف إرتفاعه، و تأخذ عوامل التعرية فى تآكله تدريجيا حتى تظهر أجزاؤه المدفونة، و الجبال تتحرك رأسيا بالتصدع و كذلك بالدفع من أسفل الى أعلى بواسطة عدة قوى داخلية للأرض و كذلك تتحرك الجبال مع الأرض فى دورانها حول محورها و فى مدارها حول الشمس ، و مع المجموعة الشمسية حول مركز مجرتنا و مع المجرة حول مركز التجمع المجرى و مع الأخير حول مركز التجمع المجرى الأعظم ثم حول مركز الجزء المرئى لنا من الكون ، يقول تعالى ( و ترى الجبال تحسبها جامدة و هى تمر مر السحاب صنع الله الذى أتقن كل شىء إنه خبير بما تفعلون ) النمل:88
وبالتالى فإن كل شىء فى الكون من حولنا يتحرك حتى و إن لم نستطع ببصرنا المحدود أن نرى حركته نجد مثلا جميع أشكال المادة صلبة كانت أو سائلة أو حتى غازية فإنها تتكون من جزيئات و كل جزىء يتكون من عدة ذرات و الذرة تتكون من نواة يدور حولها الألكترونات و كل الكترون يدور حول نفسه فى حركة مغزلية و يدور أيضا حول النواه و الذرات جميعها تتحرك داخل الجزىء و الجزىء نفسه يتحرك داخل العنصر إذا" فالذرات ليست جامدة تماما لأن الرابطة بين الذرات تشبه الزنبرك و لذلك تهتز الذرات حول موضع إتزانها ،
كذلك الأجسام الصلبة المتبلورة تترتب الذرات و الجزيئات فيها فى أشكال هندسية محددة لكل عنصر من العناصر أو مركب من المركبات تعرف باسم البلورات حيث تتوزع و تترتب الجزيئات و الذرات فى داخل البلورات بانتظام غاية فى الدقة، و تقوم هذه الوحدات البنائية باهتزازات مستمرة داخل البلورة ينتج عنها موجات صوتية ذات ترددات مختلفة ، و هذه الموجات لا تتوقف أو تنقطع أبدا مهما اختلفت الظرف المحيطة بها !!
قال تعالى ( أنطقنا الله الذى أنطق كل شىء وهو خلقكم أول مرة و إليه ترجعون ) فصلت
فسبحان الذى أنطق كل شىء يسبح بحمده و يشهد له بالكمال
أما الإنسان فيظل يسبح الله تعالى تسبيحا فطريا منذ أن كان فى صلب أبيه آدم عليه السلام و فى أجداده من بعد آدم ، يقول تعالى : ( و إذ أخذ ربك من بنى آدم من ظهورهم ذريتهم و أشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين ) الأعراف ،
وظل كل انسان منا يسبح بنفس الطريقة الفطرية و هو فى بطن أمه و حتى ميلاده حتى يصل الى سن التكليف فيبدأ حينئذ بالتسبيح الإختيارى ولكن يظل التسبيح الفطرى لخلايا جسده و ذراته وجميع عناصره و مركباته وما يتعايش معه من كائنات مثل الفطريات و الفيروسات و غيرها ، ثم بعد وفاته تظل ذرات جسده المتحلل تسبح الله تعالى و تقد سه الى قيام الساعة حين تدعى الى التجمع من جديد لحظة البعث ،.. ولكن كيف تسبح هذه الذرات بعد الوفاة ؟
فلقد اكتشف العلم الحديث أن الأحماض الأمينية التى تعتبر اللبنات الأساسية لتكوين الجزىء البروتينى و التى لها القدرة على ترتيب ذراتها ترتيبا يساريا فى أجساد جميع الكائنات الحية ] و هى بذلك النظام الدقيق تكون مسبحة لله تعالى اثناء حياة الكائن الحى [ هذه الأحماض تعاود ترتيب تلك الذرات ترتيبا يمينيا بمعدلات ثابتة بمجرد وفاة الكائن الحى !! وبحساب نسبة الترتيب اليمينى إلى اليسارى فى أية فضلة عضوية من قطعة خشب أو جلد مثلا بها أية آثار من الأحماض الأمينية يمكن تحديد زمن وفاة ذلك الكائن ، و لا يستطيع أحد من العلماء أن يفسر كيف يحدث هذا .... ولكنها القدرة الألهية المنزهة عن كل نقص فإن دل هذا على شىء فإنما يدل على أن كل شىء فى هذا الوجود يسبح بحمد الله و يسجد له و ينطق بعظمته .
أما التسبيح الإرادى فيكون للعقلاء المكلفين من الإتس و الجن ، فالله تعالى خلق الجن و الإنس لعبادته قال تعالى ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) ، و يكون التسبيح هنا بلسان المقال أى النطق الذى يشمل ذكره تعالى على كل حال بأسمائه الحسنى ، وصفاته العلا التى تثبت له من صفات الكمال المطلق ما أثبته تعالى لنفسه .
و هذا التسبيح الإختيار يجعل المخلوق المكلف متناغما ، منسجما مع بقية أفراد الكون المسبحة لله تسبيحا فطريا متواصلا ، وهذا التناغم مع كافة أجزاء الكون له مردوداته المادية و المعنوية و الجسدية و النفسية و الروحية ، ومن هنا طالبنا الله تعالى بضرورة الإكثار من الذكر و التسبيح قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا * و سبحوه بكرة و أصيلا ) الأحزاب:41،42
و يخص كلا من البكرة و الأصيل بذكر الله و تسبيحه لأن فيهما من الأحداث الكونية ما يستجيش القلب إلى ذكر الله الذى يولج الليل فى النهار و يولج النهار فى الليل ، و يغير الأحوال ، و يبدل الأمور ، و هو الباق مما يؤكد على حاجة الخلق الدائمة فى كل وقت إلى رحمته وعنايته
ومن هنا أيضا وصانا نبينا الكريم عليه الصلاة و السلام بالمداومة على ذكر الله و تسبيحه و تأكيده على فضل ذلك عند رب العالمين بقوله صلى الله عليه وسلم " كلمتان خفيفتان على اللسان ، ثقيلتان فى الميزان ، حبيبتان إلى الرحمن : سبحان الله و بحمده ، سبحان الله العظيم "
و قوله أيضا " مثل الذى يذكر ربه و الذى لا يذكره مثل الحى و الميت " رواه البخارى
نسأل الله تعالى أن نكون من الذاكرين المسبحبن بحمده الشاكرين لأنعمه .
القدوس السلام
إعداد : هالة أحمد فؤاد
10/11/2001
الله عز و جل اتصف بصفات الكمال و تقدس عن كل عيب و محال ، ... و تعالى عن الأشباه و الأمثال فهو تعالى ( ليس كمثله شىء و هو السميع البصير ) الشورى: 11
فالقدوس كالسلام ينفيان كل نقص ... و اذا انتفى النقص ثبت الكمال .
فكل اسماء الله عز و جل و صفاته تتصف بالكمال المطلق .. فهو الرزاق ... الفتاح .. العليم ... الكبير ... المتعال ... العظيم .......
و يقر الله عز و جل حقيقة تسبيح جميع خلقه لذاته العليا بقوله تعالى ( تسبح له السموات السبع و الأرض و من فيهن و إن من شىء إلا يسبح بحمده و لكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا ) الاسراء:44 .
و التسبيح لغة هو الذكر بالتمجيد و التقديس مع التنزيه عن كل نقص و وصف لا يليق بجلال ربوبيته و ألوهيته تعالى و وحدانيته ، و الإقرار بتفرده سبحانه بالسلطان فى ملكه بغير شريك و لا شبيه و لامنازع .
فعن طلحة بن عبيد الله أنه قال : سألت رسول الله صلى لله عليه وسلم عن تفسير سبحان الله فقال : هو تنزيه الله عز و جل عن كل سوء .
و التسبيح نوعان : (1) فطريا
(2) إراديا أو إختيارى
أما التسبيح الفطرى فيقوم به الملائكة المطهرون ] و ان كان بعض العلماء يرون أن تسبيحهم اختياريا لثناء الله تعالى عليهم بقوله ( بل عباد مكرمون ) الأنبياء:26 [ ، كذلك يقوم به غير المكلفين من كافة صور الأحياء و الجمادات و الظواهر و كل أجزاء الكون من ذرات متناهية فى الصغر إلى التجمعات المجرية و ما بها من نجوم و كواكب و نيازك و سدوم و ثقوب سود و أجرام سماوية و ما بداخلها من مختلف صور المادة و الطاقة ( الصخور و المعادن و العناصر ) و ما يصاحب ذلك من ظواهر كونية و كذلك ما يحيا فى السموات و كذلك الأرض وما يشكلها من مختلف صور المادة و الطاقة وما يصاحب ذلك من ظواهر ، و ما يعلو سطحها من الجبال و التلال و الهضاب و السهول ، وما يملأ منخفضاتها من البحار و البحيرات ، وما يكون غلافها الصخرى من مختلف الأحجار و ما يغطيها من تربة و رمال ، و ما يحيط بالأرض من هواء و دورة الماء بين السماء و الأرض و ما ينتج عن كل ذلك من ظواهر ، وكل السحب والعواصف و الثورانات البركانية و الهزات الأرضية والرعد و البرق ...وكذلك انفتاح المحيطات و انغلاقها ... و تباعد للقارات و تصادمها و ارتفاع الجبال و اندثارها ..، و شروق الشمس و غروبها و بزوغها و كسوفها ، وطلوع القمر و خسوفه و تدفق الأنهار و انقطاعها و حتى أيضا ما بأجساد الكائنات من خلايا و أنسجة و أجهزة و ما يصاحبها من تفاعلات و يحكمها من قوانين و سنن... و حتى فى رفات الأموات وما يتحلل عنها من عناصر و مركبات ... كل ذلك قانت عابد .. مسـبح لله ، خاشع لجلال عظمته !
ويصف بعض العلماء المفسرون التسبيح هنا بأنه تسبيح بلسان الحال بمعنى أن دقة البناء و انتظام الأداء و انضباط الحركة فى كل منها يدل دلالة قاطعة على كمال القدرة الالهية و على تنزيه الخالق عن كل نقص و إن كان العلماء لا ينفون أيضا إمكانية أن يكون ذلك التسبيح بلسان المقال ( أى النطق ) و لكن بصورة لا يستطيع كل انسان استيعابها و يتأكد لنا ذلك من قول الحق تبارك :( و إن من شىء إلا يسبح بحمده و لكن لا تفقهون تسبيحهم ) الاسراء:44
ولنستعرض الآن بعض اللمحات من ذلك التسبيح الفطرى فى القرآن الكريم :-
يقول تعالى فى مطلع سورتى الحشر و الصف ( سبح لله ما فى السموات و ما فى الأرض )
ويقول عز و جل ( و يسبح الرعد بحمده و الملائكة من خيفته ) الرعد:13
وفى سورة الأنبياء آية 97 يقول تعالى ( و سخرنا مع داود الجبال يسبحن و الطير وكنا فاعلين )
كما يقر القرآن لكريم بأن كلا من الطيور و النمل و النحل كغيرها من سائر الحيوانات أمم كأمثال الأمم الإنسية لها منطق (لغة) تتفاهم بها فيما بينها يقول تعالى : ( وما من دابة فى الأرض و لا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا فى الكتاب من شىء ثم إلى ربهم يحشرون ) الأنعام :38
و ان هذه الكائنات التى تحيا حياه جماعية كالأمم مثل ممالك النحل و النمل وغيرها تنظم حياتها المشتركة تنظيما دقيقا تتنوع فيه الوظائف و الأعمال و المسؤليات و هى بذلك تكون مسبحة لخالقها عز و جل حيث روى عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال : " قرصت نملة نبيا من الأنبياء فأمر بقرية النمل فأحرقت فأوحى الله إليه أن قرصتك نملة أحرقت أمة من الأمم تسبح الله " رواه البخارى
أما بالنسبة لتسبيح الجمادات التى يظن البعض أنها جامدة لا تتحرك و لكنها فى حقيقة الأمر هى أيضا مسبحة لربها عز و جل ;
لنتحدث عن تسبيح الجبال مثلا فلقد ورد وصف الجبال فى القرآن الكريم بأنها رواسى للأرض ثم أثبتت الدراسات الحديثة ذلك باكتشاف أن الجبال تثبت كلا من الأرض ككوكب و ألواح غلافها الصخرى } التى تكون مادة القارات كما تكون قيعان البحار و المحيطات { فى الطبقة الموجودة تحت الغلاف الصخرى للأرض مباشرة كذلك جاء وصف الجبال فى القرآن الكريم بأنها أوتاد ، و الوتد يكون أغلبه مدفون تحت سطح الأرض و أقله ظاهر فوق سطحها ووظيفته التثبيت ، فجاءت الدراسات الحديثة لتؤكد تلك الحقيقة فكل ارتفاع على سطح الأرض يكون له امتداد فى داخلها يتراوح طوله بين عشرة أضعاف و خمسة عشر ضعفا لارتفاعه فوق سطح الأرض ، و هذا الجزء المدفون من الجبل يخترق الغلاف الصخرى للأرض بالكامل ليطفو فى أعلى نطاق من نطق وشاح الأرض الداخلية يعرف باسم " نطاق الضعف الأرضى " الذى تكون المادة فيه لدنة ، شبه منصهرة ، عالية الكثافة و اللزوجة تدفع كتلة الجبل الى أعلى حسب قوانين الطفو فتؤدى الى انتصاب الجبال فوق سطح الأرض ، و بالتالى فان الجبال ليست كتلا هامدة و لكنها دائمة الحركة فكلما أخذت عوامل التعرية من قممها ارتفعت إلى أعلى حسب قوانين الطفو، و يستمر هذا الإرتفاع إلى أعلى حتى يتم خروج الجبل بالكامل من نطاق الضعف الأرضى و حينئذ يتوقف إرتفاعه، و تأخذ عوامل التعرية فى تآكله تدريجيا حتى تظهر أجزاؤه المدفونة، و الجبال تتحرك رأسيا بالتصدع و كذلك بالدفع من أسفل الى أعلى بواسطة عدة قوى داخلية للأرض و كذلك تتحرك الجبال مع الأرض فى دورانها حول محورها و فى مدارها حول الشمس ، و مع المجموعة الشمسية حول مركز مجرتنا و مع المجرة حول مركز التجمع المجرى و مع الأخير حول مركز التجمع المجرى الأعظم ثم حول مركز الجزء المرئى لنا من الكون ، يقول تعالى ( و ترى الجبال تحسبها جامدة و هى تمر مر السحاب صنع الله الذى أتقن كل شىء إنه خبير بما تفعلون ) النمل:88
وبالتالى فإن كل شىء فى الكون من حولنا يتحرك حتى و إن لم نستطع ببصرنا المحدود أن نرى حركته نجد مثلا جميع أشكال المادة صلبة كانت أو سائلة أو حتى غازية فإنها تتكون من جزيئات و كل جزىء يتكون من عدة ذرات و الذرة تتكون من نواة يدور حولها الألكترونات و كل الكترون يدور حول نفسه فى حركة مغزلية و يدور أيضا حول النواه و الذرات جميعها تتحرك داخل الجزىء و الجزىء نفسه يتحرك داخل العنصر إذا" فالذرات ليست جامدة تماما لأن الرابطة بين الذرات تشبه الزنبرك و لذلك تهتز الذرات حول موضع إتزانها ،
كذلك الأجسام الصلبة المتبلورة تترتب الذرات و الجزيئات فيها فى أشكال هندسية محددة لكل عنصر من العناصر أو مركب من المركبات تعرف باسم البلورات حيث تتوزع و تترتب الجزيئات و الذرات فى داخل البلورات بانتظام غاية فى الدقة، و تقوم هذه الوحدات البنائية باهتزازات مستمرة داخل البلورة ينتج عنها موجات صوتية ذات ترددات مختلفة ، و هذه الموجات لا تتوقف أو تنقطع أبدا مهما اختلفت الظرف المحيطة بها !!
قال تعالى ( أنطقنا الله الذى أنطق كل شىء وهو خلقكم أول مرة و إليه ترجعون ) فصلت
فسبحان الذى أنطق كل شىء يسبح بحمده و يشهد له بالكمال
أما الإنسان فيظل يسبح الله تعالى تسبيحا فطريا منذ أن كان فى صلب أبيه آدم عليه السلام و فى أجداده من بعد آدم ، يقول تعالى : ( و إذ أخذ ربك من بنى آدم من ظهورهم ذريتهم و أشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين ) الأعراف ،
وظل كل انسان منا يسبح بنفس الطريقة الفطرية و هو فى بطن أمه و حتى ميلاده حتى يصل الى سن التكليف فيبدأ حينئذ بالتسبيح الإختيارى ولكن يظل التسبيح الفطرى لخلايا جسده و ذراته وجميع عناصره و مركباته وما يتعايش معه من كائنات مثل الفطريات و الفيروسات و غيرها ، ثم بعد وفاته تظل ذرات جسده المتحلل تسبح الله تعالى و تقد سه الى قيام الساعة حين تدعى الى التجمع من جديد لحظة البعث ،.. ولكن كيف تسبح هذه الذرات بعد الوفاة ؟
فلقد اكتشف العلم الحديث أن الأحماض الأمينية التى تعتبر اللبنات الأساسية لتكوين الجزىء البروتينى و التى لها القدرة على ترتيب ذراتها ترتيبا يساريا فى أجساد جميع الكائنات الحية ] و هى بذلك النظام الدقيق تكون مسبحة لله تعالى اثناء حياة الكائن الحى [ هذه الأحماض تعاود ترتيب تلك الذرات ترتيبا يمينيا بمعدلات ثابتة بمجرد وفاة الكائن الحى !! وبحساب نسبة الترتيب اليمينى إلى اليسارى فى أية فضلة عضوية من قطعة خشب أو جلد مثلا بها أية آثار من الأحماض الأمينية يمكن تحديد زمن وفاة ذلك الكائن ، و لا يستطيع أحد من العلماء أن يفسر كيف يحدث هذا .... ولكنها القدرة الألهية المنزهة عن كل نقص فإن دل هذا على شىء فإنما يدل على أن كل شىء فى هذا الوجود يسبح بحمد الله و يسجد له و ينطق بعظمته .
أما التسبيح الإرادى فيكون للعقلاء المكلفين من الإتس و الجن ، فالله تعالى خلق الجن و الإنس لعبادته قال تعالى ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) ، و يكون التسبيح هنا بلسان المقال أى النطق الذى يشمل ذكره تعالى على كل حال بأسمائه الحسنى ، وصفاته العلا التى تثبت له من صفات الكمال المطلق ما أثبته تعالى لنفسه .
و هذا التسبيح الإختيار يجعل المخلوق المكلف متناغما ، منسجما مع بقية أفراد الكون المسبحة لله تسبيحا فطريا متواصلا ، وهذا التناغم مع كافة أجزاء الكون له مردوداته المادية و المعنوية و الجسدية و النفسية و الروحية ، ومن هنا طالبنا الله تعالى بضرورة الإكثار من الذكر و التسبيح قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا * و سبحوه بكرة و أصيلا ) الأحزاب:41،42
و يخص كلا من البكرة و الأصيل بذكر الله و تسبيحه لأن فيهما من الأحداث الكونية ما يستجيش القلب إلى ذكر الله الذى يولج الليل فى النهار و يولج النهار فى الليل ، و يغير الأحوال ، و يبدل الأمور ، و هو الباق مما يؤكد على حاجة الخلق الدائمة فى كل وقت إلى رحمته وعنايته
ومن هنا أيضا وصانا نبينا الكريم عليه الصلاة و السلام بالمداومة على ذكر الله و تسبيحه و تأكيده على فضل ذلك عند رب العالمين بقوله صلى الله عليه وسلم " كلمتان خفيفتان على اللسان ، ثقيلتان فى الميزان ، حبيبتان إلى الرحمن : سبحان الله و بحمده ، سبحان الله العظيم "
و قوله أيضا " مثل الذى يذكر ربه و الذى لا يذكره مثل الحى و الميت " رواه البخارى
نسأل الله تعالى أن نكون من الذاكرين المسبحبن بحمده الشاكرين لأنعمه .