elfatih
30-10-2015, 05:29 AM
ودمدني كانت أيام جميلة
مشروع الجزيرة البداية كانت هكذا ( 1 )
===========================
منطقة الجزيرة عبارة عن مثلث راسه في منطقة المقرن عند التقاء النيل الازرق مع النيل الابيض وفاعدته عند خط السكة حديد والذي يمتد بين مدينة سنار علي النيل الازرق ومدينة كوستي علي النيل الابيض بمساحة اجمالية قدرها خمسة ملايين فدان يمكن ري حوالي ثلاثة ملاين فدان ري طبيعي انسيابي.
كانت زراعة القطن تتم في اواسط السودان للاستهلاك المحلي وخاصة صناعة الدمور وكانت الزراعة بمساحات بسيطة في منطقة الدندر والتصدير من هنالك الي الحبشة .
في التركية السابقة تركزت زراعة القطن في دلتا القاش وطوكر وكان يروي طبيعيا عن طريق الغمر والذي يكون في موسم الفيضان .
اهتم محمد علي باشا بزراعة القطن في السودان وتم استجلاب بذور جديدة من مصر ساعدت في زيادة الانتاجية وتحسين النوعية.
في عهد الدولة المهدية تم اهمال الزراعة وخاصة زراعة القطن والاهتمام بالمحاصيل الغذائية واغلب السكان نزحوا الي العاصمة الوطنية ام درمان وكان جلهم من القبائل الرعوية والتي لا تهتم بالزراعة وكانت فكرة الدولة المهدية هي نشر الفكر الديني والترويج الي المهدي المنتظر وكان اقتصاد الدولة هو اقتصاد حرب وتم اهمال الزراعة ونتج عن ذلك مجاعة سنة 1306هـ الشهيرة .
أهتم المستعمر البريطاني بزراعة القطن في السودان وخاصة منطقة الجزيرة وذلك لسد الفجوة في كمية الاقطان والتي تحتاجها مصانع لانكشير وخاصة انها كانت تعتمد علي القطن الامريكي والذي صار يستهلك محليا في امريكا نتيجة تطور مصانع الغزل والنسيج بها .
لابد من قطن الي مصانع لانكشير البريطانية اتجهت الانظار صوب منطقة الجزيرة الخصبة والمنبسطة والتي يمكن ري حوالي ثلاثة ملايين فدان منها بالري الانسيابي.
بدأت التجارب الزراعية في منطقة شندي وتبعتها تجارب في منطقة الزيداب أثبتت امكانية زراعة القطن بالسودان.
واجهت قيام مشروع الجزيرة الكثير من العقبات ومن أهمها اعتراض الشريك المصري في الحكم الثنائي لاعتقاده ان قيام المشروع سوف يسحب الكثير من المياه والتي تحتاجها مصر في الزراعة ثانيا ضغط الاقطاعيين في مصر والذين يهيمنون علي زراعة القطن في مصر بظهور منافس جديد لهم في السوق العالمية متمثل في اقطان السودان لذلك احجمت البنوك المصرية في عملية تمويل قيام المشروع وبنياته الاساسية المتمثلة في خزان سنار بضغط من هولاء الاقطاعيين.
بدأت التجارب الزراعية بزراعة القطن في مكتب طيبة وكان يروي عن طريق الطلمبات وشجعت التجربة المستعمر علي السير في ايجاد تمويل للمشروع ونجح في ذلك وبدأ في سنة 1914م في تشييد خزان سنار وفي عام 1918م تم أنشاء مصلحة التجارب الزراعية للمساعدة في استنباط العينات الملائمة للزراعة في هذه المنطقة .
نتيجة للحرب العالمية الاولي توقف العمل في تشييد الخزان ولم يكتمل العمل الا في عام 1925م .
بعد اكتمال بناء الخزان تم شق الترعة الرئيسية والتي تتجه من الجنوب الي الشمال وتوجد بها قناطر او تفريعات مشهورة ومن اهمها قنطرة 57 وقنطرة 88 وقنطرة 99 ودالنعيم وقنطرة بيكه وقنطرة 114 مساعد وتمثل الارقام هذه المسافة من بداية الترعة الرئيسية عند خزان سنار وحتى القنطرة المعنية .
المساحة المقدرة للمشروع في بدايته هي 350 الف فدان قسمت هذه المساحة الي جواشة والحواشة هي مقدار عشرة فدان تم تمليك كل مزارع حواشة او حواشتين بحد اقصى .
هذه الحواشات مجمعة في وحدة تسمى النمرة والنمرة عبارة عن عدد تسعة حواشات تروى بجدول كبير يخرج من الترعة يسمى ابوعشرين ويخرج منه جدول اصغر منه يسمى ابوستة .
حيازة المزارع الواحد تكون كالاتي عشرة فدان تزرع قطن ومثلها تترك بور أي بدون زراعة وفدانين ونصف تزرع ذرة ومثلهم يزرع لوبيا وتم ادخال الفول السوداني فيما بعد مع اللوبيا وهاذين النباتين يعملان علي تركيز الناتروجين في التربة.
كما يمنح المزارع حق زراعة الخضروات والبصل في فصل الشتاء .
في فترات لاحقة وبعد التجارب التي اجريت في هيئة البحوث الزراعية تم ادخال زراعة القمح في المشروع بعد ذهاب الاستعمار والذي كان يركز علي زراعة القطن ويتم زراعة القمح في العروة الشتوية .
تم تقسيم المشروع وفق خطة ادارية محكمة الي اقسام مثل القسم الشمالي والقسم الشمالي الغربي وقسم وادي شعير وقسم المسلمية والقسم الوسط والقسم الجنوبي وكل قسم يحتوي علي عدد من التفاتيش كمثال لذلك القسم الوسط من التفاتيش والتي يحتويها مكتب بركات تفتيش ومكتب السيد فارم ومكتب درويش ومكتب ودالبر ومكتب عبدالحكم ومكتب طيبة ومكتب المدينة عرب ومكتب التبوب .
هذه المكاتب تنقسم الي مكاتب كبيرة ومكاتب صغيرة المكاتب الكبيرة يكون فيها عدد ثلاثة من المفتشين لكل مفتش مساحة من الحواشات يشرف عليها يساعده في ذلك ويكون حلقة الوصل بينه والمزارعين واحد من المزارعين يكون قد تلقى قدر من التعليم يسمى ( الصمد ) .
المكاتب الصغيرة يشرف عليها عدد اثنان من المفتشين وقد تم بناء منازل المفتشين في وسط المنطقة المخصصة له والتي يشرف عليها وسميت منازل المفتشين بالسرايات.
كل عدد من المكاتب له مكتب من وزارة الري يشرف علي عملية الري بهذه المكاتب ويوجد بكل قسم من اقسام الري هذه مهندس من وزارة الري يشرف علي هذه العملية وكمثال لاقسام الري بالجزيرة مايعرف بقسم ري البساتنا .
تم انشاء اقسام فنية او بنية تحتية اساسية للمساعدة في العمليات الكلية للمشروع.
تم عمل سكة حديد مشروع الجزيرة والتي يطلق عليها سكة حديد الجزيرة الضيقة وتم أنشاء رئاستها في منطقة ودالشافع المجاورة لقرية ودالنعيم مهمة هذه السكة حديد هي نقل الاقطان من مناطق تجميع بالمكاتب الي المحالج في مارنجان ونقل جوالات الخيش والاسمدة والمبيدات من مخازن رئاسة المشروع الي تلك المكاتب المنتشرة في كل المشروع .
يصرف لكل مزارع عدد معين من جوالات الخيش يكتب فيه رقم المكتب واسم المزارع ويتم فيه كبس القطن وترحليه من الحواشة والي نقطة التجمع بالمكتب عن طريق الجمال وعربات الكارو واللواري حتي يأخذه القطار من نقطة التجمع الي المحالج.
بداية العمليات الفلاحية في المشروع تبدأ في شهر مايو بالحرث العميق والذي تقوم به الكراكات الضخمة والتابعة لقسم الهندسة الزراعية ثم يتبعه بعد فترة الحرث العادي بالتراكتورات وتقسيم الحواشات وحفر جداول ابوعشرين وابوستة وبعد ذلك تقسيم الحواشة الي انقايات عن طريق مايعرف بالتقنت .
يستعمل في الرية الاولي مبيد الحشائش وهذا ظهر في فترة لاحقة .
تتم الزراعة عن طريق البزور المحسنة والتي توفرها مصلحة اكثار البزور في بركات بعد معالجتها او كما يطلق عليها بالتعفير ويتم توزيعها الي المكاتب المختلفة عن طريق سكك حديد الجزيرة .
تتم زراعة القطن وتحدد منطقة زمنية قصوي من التاريخ لايجوز تجاوزها وذلك حتي يعطي القطن انتاج وفير وتجنب الاصابة بالافات ومن اخطرها دودة لوز القطن .
بعد انبات القطن تتم عملية مايسمى بالشلخ وهي ترك عدد معين من النبات في الحفرة الواحدة وذلك حتى يقوى عوده .
بعد عملية الشلخ ندخل في العملية الثانية وهي التي تسمى بالطراد وهي عملية احياء السرابات بمحراث صغير وذلك حتي نوفر للنبات الغذاء الجيد .
تتواصل عملية نظافة الحواشة من الحشائش الضارة او ماتعرف بعملية ( الكديب ) حتي يتم توفير بئة صالحة وخالية من الحشائش الضارة لكي ينبت القطن سليما معافي من الامراض .
في رئاسة كل قسم من اقسام المشروع يوجد اخصائي حشري يتم استدعائه الي المكاتب المختلفة في القسم اذا ظهرت أي حالة مرضية او افات اصابت القطن لتحديد نوع الافة ومدي انتشارها والتوصية بعدد الرشات بالمبيدات وتوعها والواجب استعمالها بالتنسيق مع الادارة الزراعية في رئاسة المشروع في بركات والتي قد اتفقت مع شركات الرش في وقت سابق لتغطية عملية المكافحة للافات عن طريق طرح عطاء يغطي عملية المكافحة طوال الموسم .
توفر شركات الرش او المكافحة الطائرات والمبيدات والموصى بها من وقاية النباتات بالمشروع ووزارة الزراعة المركزية وهيئة البحوث الزراعية .
عندما يظهر نوار زهرة القطن وظهور اللوز يمنح المزارعين اعانة لاحضار عمال لقيط القطن فيسافر المزارعون الي مناطق غرب السودان لاحضار العمالة الخاصة ويتم احضار الاسرة كاملة ويتم توفير المسكن والمأكل لهم ويتم بناء منازل خاصة بهم عبارة عن قطاطي في منطقة تسمى ( الكنابي ) والكثير من هذه الكنابي توسعت واصبحت قرى كبيرة في المشروع استوطن بها عمال اللقيط وفضلوا عدم الرجوع الي مناطقهم .
يوفر المزارع لعمال اللقيط الدقيق الفتريتة والزيت والبصل والسمك الناشف ( الكجيك ) والسكر والشاي ويحصل المزارع بدوره علي اعانة من المكتب او صرفية تسمي صرفية اللقيط كسلفة من حسابه عند ادارة مشروع الجزيرة .
يتم محاسبة عمال اللقيط بالقنطار للقطن والذي تم جنيه من جانبهم وتوجد موازين خاصة تشبك في القفة وترفع الي اعلي وتعطيك قراءة الوزن علي الميزان .
ويتم تسجيل الكمية لكل عامل او اسرة من يقومون بعملية اللقيط ومحاسبتهم في نهاية الموسم من قبل المزارع .
يتم كبس القطن في الجوالات وترحيله من الحواشة الي نقطة تجمع تكون بمثابة المحطة للقطار والذي ينقله بدورة الي المحالج او كما كانت تسمى ( الفبارك ).
كانت تصرف للمزارعين سلفيات علي دفعات تتماشي مع العمليات الزراعي والتي تتم في الحقل مثل سلفية الكديب وسلفية اللقيط وسلفية القليع وهكذا وكل هذه السلفيات تخصم من حساب المزارع في نهاية الموسم .
العمل الاداري والمحاسبي في المكتب الباشمفتش هو رئيس المكتب وهو من يصدر قرارات تنظيم العمل في مباني المكتب يساعده الباشكاتب في العمليات الحسابية للمزارعين وهو المسئول عن الخزنة في المكتب ومسئول عن صرف الرواتب واستحقاقات المزارعين في موعدها المحدد وكانت المبالغ المالية تاتي الي المكاتب المختلفة في المشروع بي عربة خاصة من نوع اللاندروفر تسمي عربة الخزنة برفقة صراف وفرد من الشرطة ويتم تسليم استحقاقات المكتب من المبالغ المالية الي الباشكاتب وبحضور وتوقيع الباشمفتش.
يساعد في العمل الاداري داخل المكتب عدد من الكتبة بحسب حجم عدد المزارعين في المكتب في المكاتب الكبيرة عدد اثنان من الكتبة وفي المكاتب الصغيرة عدد واحد كاتب مهمتهم هي طباعة التقارير والخطابات علي الالة الكاتبة والتنزيل في الدفاتر المحاسبية حسابات كل مزارع علي حدة .
كما يوجد في المكتب مخزنجي مسئول عن مخزن المكتب والمحتوي علي بنزين سيارات المفتشين وجوالات الخيش والسماد والمبيدات الحشرية والات قلع سيقان القطن كما يوجد في المكتب ايضا الباشغفير وهو مسئول عن غفراء الترع والذين يلبسون عمة حمراء تميزهم عن غيرهم وبالتالي تسهل مراقبتهم هل هم موجودون في مواقع عملهم علي الترع الرئيسية والفرعية في المكتب وهم المسئولون بفتح المياه في الترع وغلقها حسب الحوجة .
يوجد عدد اثنان مراسلة في المكتب واحد مهمته هي تنظيف المكتب وترتيبه واحضار الشاي والقهوة اما منزل الباشكاتب او منزل الباشمفتش اما المراسلة الثاني فهو الذي يذهب الي اقرب سوق للمكتب واحضار طلبات عوائل المفتش والباشكاتب والكتبة مثل الرغيف والخضار واللحمة وذلك تسهيلا من ادارة المشروع لموظفيها وتفرغهم للعمل فقط ويستخدم المراسلة هذا الحمار ذو الصندوق لجلب هذه السلع من اقرب قرية ويعطى هذا المراسلة مايسمي بي بدل عليقة وهو مبلغ شهري لاكل الحمار .
يوجد في كل قسم من اقسام المشروع مراجع حسابات مهمته هو مراجعة حسابات المكاتب بصفة دورية وهو يسكن في واحدة من السرايات في القسم المعني تخصص له مع عربة للتجول بها داخل مكاتب القسم المعني وهو يتبع مباشرة لقسم المراجعة الداخلية برئاسة المشروع في بركات لضمان الحيدة والنزاهة وهو غالبا يكون من الباشكتبة الذين امضوا سنين عديدة في الخدمة ويتم ترقيتهم لهذه الوظيفة .
عند بداية المشروع كان الجهاز الاداري والزراعي والحسابي جله من الانجليز وتم تدريجيا ادخال الكادر السوداني المتعلم في ذلك الزمان من خريجي كلية غردون التزكارية وفي اوائل الخمسينات تم ادخال الكثير من السودانيين في وظائف الزراعة والحسابات وفي الورش المختلفة .
الادارة العليا للمشروع في بركات يجلس عليها محافظ مشروع الجزيرة وهو قمة الهرم في المشروع يساعده مدراء لكل الادارات المختلفة في المشروع مثل الادارة الزراعية والتي يتبع لها مدراء الاقسام بالغيط والادارة المالية ويتبع لها الحسابات المختلفة مثل قسم الميزانية والمراجعة الداخلية وقسم المرتبات الادارة الهندسية يتبع لها الهندسة المدنية والهندسة الميكنيكية والخدمات الاجتماعية وقسم الترحيلات وقسم شئون الافراد وقسم السلك الكتابي وقسم الامدادات والمحالج وسكك حديد الجزيرة كل هذه الادارات تعمل بتناغم تام مكونة مايعرف بي سودان جزيرة بورد.
في بداية المشروع كانت وسيلة النقل لدي المفتشين في المشروع هي الحصان وشاهدت في فترة تالية جانب من هذه الاثار متمثلة في اصطبلات هذه الخيول في المكاتب .
ارتبط مشروع الجزيرة بالعربة الموريس والتي خدمت سنين طويلة في المشروع وذلك لقوتها ومناسبتها للطرق في المشروع وسهولة صيانتها فعمرت طويلا في المشروع ومن العربات والتي عمرت واستحملت ظروف العمل في المشروع هي العربة اللاندروفر وهي عربة قوية لا يوقفها الوحل والطين .
الموظفين الكبار في رئاسة المشروع في بركات ومدراء الاقسام في الغيط يمنحون عربة مارسيدس ويمنح مدراء الاقسام عربة لاندروفر في موسم الامطار او في الخريف.
مشروع الجزيرة البداية كانت هكذا ( 1 )
===========================
منطقة الجزيرة عبارة عن مثلث راسه في منطقة المقرن عند التقاء النيل الازرق مع النيل الابيض وفاعدته عند خط السكة حديد والذي يمتد بين مدينة سنار علي النيل الازرق ومدينة كوستي علي النيل الابيض بمساحة اجمالية قدرها خمسة ملايين فدان يمكن ري حوالي ثلاثة ملاين فدان ري طبيعي انسيابي.
كانت زراعة القطن تتم في اواسط السودان للاستهلاك المحلي وخاصة صناعة الدمور وكانت الزراعة بمساحات بسيطة في منطقة الدندر والتصدير من هنالك الي الحبشة .
في التركية السابقة تركزت زراعة القطن في دلتا القاش وطوكر وكان يروي طبيعيا عن طريق الغمر والذي يكون في موسم الفيضان .
اهتم محمد علي باشا بزراعة القطن في السودان وتم استجلاب بذور جديدة من مصر ساعدت في زيادة الانتاجية وتحسين النوعية.
في عهد الدولة المهدية تم اهمال الزراعة وخاصة زراعة القطن والاهتمام بالمحاصيل الغذائية واغلب السكان نزحوا الي العاصمة الوطنية ام درمان وكان جلهم من القبائل الرعوية والتي لا تهتم بالزراعة وكانت فكرة الدولة المهدية هي نشر الفكر الديني والترويج الي المهدي المنتظر وكان اقتصاد الدولة هو اقتصاد حرب وتم اهمال الزراعة ونتج عن ذلك مجاعة سنة 1306هـ الشهيرة .
أهتم المستعمر البريطاني بزراعة القطن في السودان وخاصة منطقة الجزيرة وذلك لسد الفجوة في كمية الاقطان والتي تحتاجها مصانع لانكشير وخاصة انها كانت تعتمد علي القطن الامريكي والذي صار يستهلك محليا في امريكا نتيجة تطور مصانع الغزل والنسيج بها .
لابد من قطن الي مصانع لانكشير البريطانية اتجهت الانظار صوب منطقة الجزيرة الخصبة والمنبسطة والتي يمكن ري حوالي ثلاثة ملايين فدان منها بالري الانسيابي.
بدأت التجارب الزراعية في منطقة شندي وتبعتها تجارب في منطقة الزيداب أثبتت امكانية زراعة القطن بالسودان.
واجهت قيام مشروع الجزيرة الكثير من العقبات ومن أهمها اعتراض الشريك المصري في الحكم الثنائي لاعتقاده ان قيام المشروع سوف يسحب الكثير من المياه والتي تحتاجها مصر في الزراعة ثانيا ضغط الاقطاعيين في مصر والذين يهيمنون علي زراعة القطن في مصر بظهور منافس جديد لهم في السوق العالمية متمثل في اقطان السودان لذلك احجمت البنوك المصرية في عملية تمويل قيام المشروع وبنياته الاساسية المتمثلة في خزان سنار بضغط من هولاء الاقطاعيين.
بدأت التجارب الزراعية بزراعة القطن في مكتب طيبة وكان يروي عن طريق الطلمبات وشجعت التجربة المستعمر علي السير في ايجاد تمويل للمشروع ونجح في ذلك وبدأ في سنة 1914م في تشييد خزان سنار وفي عام 1918م تم أنشاء مصلحة التجارب الزراعية للمساعدة في استنباط العينات الملائمة للزراعة في هذه المنطقة .
نتيجة للحرب العالمية الاولي توقف العمل في تشييد الخزان ولم يكتمل العمل الا في عام 1925م .
بعد اكتمال بناء الخزان تم شق الترعة الرئيسية والتي تتجه من الجنوب الي الشمال وتوجد بها قناطر او تفريعات مشهورة ومن اهمها قنطرة 57 وقنطرة 88 وقنطرة 99 ودالنعيم وقنطرة بيكه وقنطرة 114 مساعد وتمثل الارقام هذه المسافة من بداية الترعة الرئيسية عند خزان سنار وحتى القنطرة المعنية .
المساحة المقدرة للمشروع في بدايته هي 350 الف فدان قسمت هذه المساحة الي جواشة والحواشة هي مقدار عشرة فدان تم تمليك كل مزارع حواشة او حواشتين بحد اقصى .
هذه الحواشات مجمعة في وحدة تسمى النمرة والنمرة عبارة عن عدد تسعة حواشات تروى بجدول كبير يخرج من الترعة يسمى ابوعشرين ويخرج منه جدول اصغر منه يسمى ابوستة .
حيازة المزارع الواحد تكون كالاتي عشرة فدان تزرع قطن ومثلها تترك بور أي بدون زراعة وفدانين ونصف تزرع ذرة ومثلهم يزرع لوبيا وتم ادخال الفول السوداني فيما بعد مع اللوبيا وهاذين النباتين يعملان علي تركيز الناتروجين في التربة.
كما يمنح المزارع حق زراعة الخضروات والبصل في فصل الشتاء .
في فترات لاحقة وبعد التجارب التي اجريت في هيئة البحوث الزراعية تم ادخال زراعة القمح في المشروع بعد ذهاب الاستعمار والذي كان يركز علي زراعة القطن ويتم زراعة القمح في العروة الشتوية .
تم تقسيم المشروع وفق خطة ادارية محكمة الي اقسام مثل القسم الشمالي والقسم الشمالي الغربي وقسم وادي شعير وقسم المسلمية والقسم الوسط والقسم الجنوبي وكل قسم يحتوي علي عدد من التفاتيش كمثال لذلك القسم الوسط من التفاتيش والتي يحتويها مكتب بركات تفتيش ومكتب السيد فارم ومكتب درويش ومكتب ودالبر ومكتب عبدالحكم ومكتب طيبة ومكتب المدينة عرب ومكتب التبوب .
هذه المكاتب تنقسم الي مكاتب كبيرة ومكاتب صغيرة المكاتب الكبيرة يكون فيها عدد ثلاثة من المفتشين لكل مفتش مساحة من الحواشات يشرف عليها يساعده في ذلك ويكون حلقة الوصل بينه والمزارعين واحد من المزارعين يكون قد تلقى قدر من التعليم يسمى ( الصمد ) .
المكاتب الصغيرة يشرف عليها عدد اثنان من المفتشين وقد تم بناء منازل المفتشين في وسط المنطقة المخصصة له والتي يشرف عليها وسميت منازل المفتشين بالسرايات.
كل عدد من المكاتب له مكتب من وزارة الري يشرف علي عملية الري بهذه المكاتب ويوجد بكل قسم من اقسام الري هذه مهندس من وزارة الري يشرف علي هذه العملية وكمثال لاقسام الري بالجزيرة مايعرف بقسم ري البساتنا .
تم انشاء اقسام فنية او بنية تحتية اساسية للمساعدة في العمليات الكلية للمشروع.
تم عمل سكة حديد مشروع الجزيرة والتي يطلق عليها سكة حديد الجزيرة الضيقة وتم أنشاء رئاستها في منطقة ودالشافع المجاورة لقرية ودالنعيم مهمة هذه السكة حديد هي نقل الاقطان من مناطق تجميع بالمكاتب الي المحالج في مارنجان ونقل جوالات الخيش والاسمدة والمبيدات من مخازن رئاسة المشروع الي تلك المكاتب المنتشرة في كل المشروع .
يصرف لكل مزارع عدد معين من جوالات الخيش يكتب فيه رقم المكتب واسم المزارع ويتم فيه كبس القطن وترحليه من الحواشة والي نقطة التجمع بالمكتب عن طريق الجمال وعربات الكارو واللواري حتي يأخذه القطار من نقطة التجمع الي المحالج.
بداية العمليات الفلاحية في المشروع تبدأ في شهر مايو بالحرث العميق والذي تقوم به الكراكات الضخمة والتابعة لقسم الهندسة الزراعية ثم يتبعه بعد فترة الحرث العادي بالتراكتورات وتقسيم الحواشات وحفر جداول ابوعشرين وابوستة وبعد ذلك تقسيم الحواشة الي انقايات عن طريق مايعرف بالتقنت .
يستعمل في الرية الاولي مبيد الحشائش وهذا ظهر في فترة لاحقة .
تتم الزراعة عن طريق البزور المحسنة والتي توفرها مصلحة اكثار البزور في بركات بعد معالجتها او كما يطلق عليها بالتعفير ويتم توزيعها الي المكاتب المختلفة عن طريق سكك حديد الجزيرة .
تتم زراعة القطن وتحدد منطقة زمنية قصوي من التاريخ لايجوز تجاوزها وذلك حتي يعطي القطن انتاج وفير وتجنب الاصابة بالافات ومن اخطرها دودة لوز القطن .
بعد انبات القطن تتم عملية مايسمى بالشلخ وهي ترك عدد معين من النبات في الحفرة الواحدة وذلك حتى يقوى عوده .
بعد عملية الشلخ ندخل في العملية الثانية وهي التي تسمى بالطراد وهي عملية احياء السرابات بمحراث صغير وذلك حتي نوفر للنبات الغذاء الجيد .
تتواصل عملية نظافة الحواشة من الحشائش الضارة او ماتعرف بعملية ( الكديب ) حتي يتم توفير بئة صالحة وخالية من الحشائش الضارة لكي ينبت القطن سليما معافي من الامراض .
في رئاسة كل قسم من اقسام المشروع يوجد اخصائي حشري يتم استدعائه الي المكاتب المختلفة في القسم اذا ظهرت أي حالة مرضية او افات اصابت القطن لتحديد نوع الافة ومدي انتشارها والتوصية بعدد الرشات بالمبيدات وتوعها والواجب استعمالها بالتنسيق مع الادارة الزراعية في رئاسة المشروع في بركات والتي قد اتفقت مع شركات الرش في وقت سابق لتغطية عملية المكافحة للافات عن طريق طرح عطاء يغطي عملية المكافحة طوال الموسم .
توفر شركات الرش او المكافحة الطائرات والمبيدات والموصى بها من وقاية النباتات بالمشروع ووزارة الزراعة المركزية وهيئة البحوث الزراعية .
عندما يظهر نوار زهرة القطن وظهور اللوز يمنح المزارعين اعانة لاحضار عمال لقيط القطن فيسافر المزارعون الي مناطق غرب السودان لاحضار العمالة الخاصة ويتم احضار الاسرة كاملة ويتم توفير المسكن والمأكل لهم ويتم بناء منازل خاصة بهم عبارة عن قطاطي في منطقة تسمى ( الكنابي ) والكثير من هذه الكنابي توسعت واصبحت قرى كبيرة في المشروع استوطن بها عمال اللقيط وفضلوا عدم الرجوع الي مناطقهم .
يوفر المزارع لعمال اللقيط الدقيق الفتريتة والزيت والبصل والسمك الناشف ( الكجيك ) والسكر والشاي ويحصل المزارع بدوره علي اعانة من المكتب او صرفية تسمي صرفية اللقيط كسلفة من حسابه عند ادارة مشروع الجزيرة .
يتم محاسبة عمال اللقيط بالقنطار للقطن والذي تم جنيه من جانبهم وتوجد موازين خاصة تشبك في القفة وترفع الي اعلي وتعطيك قراءة الوزن علي الميزان .
ويتم تسجيل الكمية لكل عامل او اسرة من يقومون بعملية اللقيط ومحاسبتهم في نهاية الموسم من قبل المزارع .
يتم كبس القطن في الجوالات وترحيله من الحواشة الي نقطة تجمع تكون بمثابة المحطة للقطار والذي ينقله بدورة الي المحالج او كما كانت تسمى ( الفبارك ).
كانت تصرف للمزارعين سلفيات علي دفعات تتماشي مع العمليات الزراعي والتي تتم في الحقل مثل سلفية الكديب وسلفية اللقيط وسلفية القليع وهكذا وكل هذه السلفيات تخصم من حساب المزارع في نهاية الموسم .
العمل الاداري والمحاسبي في المكتب الباشمفتش هو رئيس المكتب وهو من يصدر قرارات تنظيم العمل في مباني المكتب يساعده الباشكاتب في العمليات الحسابية للمزارعين وهو المسئول عن الخزنة في المكتب ومسئول عن صرف الرواتب واستحقاقات المزارعين في موعدها المحدد وكانت المبالغ المالية تاتي الي المكاتب المختلفة في المشروع بي عربة خاصة من نوع اللاندروفر تسمي عربة الخزنة برفقة صراف وفرد من الشرطة ويتم تسليم استحقاقات المكتب من المبالغ المالية الي الباشكاتب وبحضور وتوقيع الباشمفتش.
يساعد في العمل الاداري داخل المكتب عدد من الكتبة بحسب حجم عدد المزارعين في المكتب في المكاتب الكبيرة عدد اثنان من الكتبة وفي المكاتب الصغيرة عدد واحد كاتب مهمتهم هي طباعة التقارير والخطابات علي الالة الكاتبة والتنزيل في الدفاتر المحاسبية حسابات كل مزارع علي حدة .
كما يوجد في المكتب مخزنجي مسئول عن مخزن المكتب والمحتوي علي بنزين سيارات المفتشين وجوالات الخيش والسماد والمبيدات الحشرية والات قلع سيقان القطن كما يوجد في المكتب ايضا الباشغفير وهو مسئول عن غفراء الترع والذين يلبسون عمة حمراء تميزهم عن غيرهم وبالتالي تسهل مراقبتهم هل هم موجودون في مواقع عملهم علي الترع الرئيسية والفرعية في المكتب وهم المسئولون بفتح المياه في الترع وغلقها حسب الحوجة .
يوجد عدد اثنان مراسلة في المكتب واحد مهمته هي تنظيف المكتب وترتيبه واحضار الشاي والقهوة اما منزل الباشكاتب او منزل الباشمفتش اما المراسلة الثاني فهو الذي يذهب الي اقرب سوق للمكتب واحضار طلبات عوائل المفتش والباشكاتب والكتبة مثل الرغيف والخضار واللحمة وذلك تسهيلا من ادارة المشروع لموظفيها وتفرغهم للعمل فقط ويستخدم المراسلة هذا الحمار ذو الصندوق لجلب هذه السلع من اقرب قرية ويعطى هذا المراسلة مايسمي بي بدل عليقة وهو مبلغ شهري لاكل الحمار .
يوجد في كل قسم من اقسام المشروع مراجع حسابات مهمته هو مراجعة حسابات المكاتب بصفة دورية وهو يسكن في واحدة من السرايات في القسم المعني تخصص له مع عربة للتجول بها داخل مكاتب القسم المعني وهو يتبع مباشرة لقسم المراجعة الداخلية برئاسة المشروع في بركات لضمان الحيدة والنزاهة وهو غالبا يكون من الباشكتبة الذين امضوا سنين عديدة في الخدمة ويتم ترقيتهم لهذه الوظيفة .
عند بداية المشروع كان الجهاز الاداري والزراعي والحسابي جله من الانجليز وتم تدريجيا ادخال الكادر السوداني المتعلم في ذلك الزمان من خريجي كلية غردون التزكارية وفي اوائل الخمسينات تم ادخال الكثير من السودانيين في وظائف الزراعة والحسابات وفي الورش المختلفة .
الادارة العليا للمشروع في بركات يجلس عليها محافظ مشروع الجزيرة وهو قمة الهرم في المشروع يساعده مدراء لكل الادارات المختلفة في المشروع مثل الادارة الزراعية والتي يتبع لها مدراء الاقسام بالغيط والادارة المالية ويتبع لها الحسابات المختلفة مثل قسم الميزانية والمراجعة الداخلية وقسم المرتبات الادارة الهندسية يتبع لها الهندسة المدنية والهندسة الميكنيكية والخدمات الاجتماعية وقسم الترحيلات وقسم شئون الافراد وقسم السلك الكتابي وقسم الامدادات والمحالج وسكك حديد الجزيرة كل هذه الادارات تعمل بتناغم تام مكونة مايعرف بي سودان جزيرة بورد.
في بداية المشروع كانت وسيلة النقل لدي المفتشين في المشروع هي الحصان وشاهدت في فترة تالية جانب من هذه الاثار متمثلة في اصطبلات هذه الخيول في المكاتب .
ارتبط مشروع الجزيرة بالعربة الموريس والتي خدمت سنين طويلة في المشروع وذلك لقوتها ومناسبتها للطرق في المشروع وسهولة صيانتها فعمرت طويلا في المشروع ومن العربات والتي عمرت واستحملت ظروف العمل في المشروع هي العربة اللاندروفر وهي عربة قوية لا يوقفها الوحل والطين .
الموظفين الكبار في رئاسة المشروع في بركات ومدراء الاقسام في الغيط يمنحون عربة مارسيدس ويمنح مدراء الاقسام عربة لاندروفر في موسم الامطار او في الخريف.